الأحد، 1 ديسمبر 2019

في عهد النبي صلى الله عليه وسلم/بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع/د.صالح العطوان الحيالي

العيون والاستخبارات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي- العراق- 28-11-2019
عرف العرب قبل الاسلام النظام التجسسي على الاعداء من خلال جمع المعلومات الاستخبارية عنهم وعبر وسائل عديدة تعتمد في هذا المجال، فكانت هناك هيئات وموظفون هم أما عبارة عن تجار متنقلين بين مناطق مختلفة حيث تجمع المعلومات من خلالهم أو الرحالة او السجناء ويكون هنا المال عاملا ً مهما ً في الأغراء للأشخاص الذين يقومون بهذه المهمة
ولما جاء الاسلام استمرت الوسائل المستخدمة سابقا ً في عملية بث العيون مع الاضافات الجديدة وفق المتطلبات التي رافقت ظهور الأسلام ونشره سواء كان ذلك في الفترة المبكرة في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) في مكة او بعد هجرته (صلى الله عليه وسلم) الى المدينة، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن هذا النظام الاستخباري وفي هذه الفترة بالذات لم يكن يتسم بالتعقيدات بل كان بسيطا ً يلبي متطلبات وطبيعة المرحلة الأسلامية الأولى، فقد كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يحسب حسابا ً لعدوه من خلال الأخبار التي تأتيه عنه فيضع خططه على ضوء المعلومات المتوفرة هذه.
وإذا أردنا الوقوف على بعض الجوانب في المهمات الاستخبارية في هذا العهد تطالعنا فئة تعيين عبد الله بن أبي بكر من قبل الرسول (صلى الله عليه وسلم) ليكون عينا ً على قريش أثناء هجرته (صلى الله عليه وسلم) الى المدينة، فقد تخفى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع رفيقه أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) في غار حراء وكان عبد الله بن أبي بكر يجمع المعلومات والأخبار عن قريش ثم يخبر بها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عندما تتلاشى الأنظار ليلا .لقد برع المسلمون في الاستخبارات وكان القائد المسلم قبل أي معركة من المعارك الحاسمة يحرص على أن تكون لديه حصيلة وافية عن قوات العدو وأرضه، وقيادته وطباعه وعاداته، وكان هذا أحد أسرار الانتصارات الاسلامية الكبرى.
والقرآن الكريم يذكرهم بأهمية الاستخبارات فيقول تعالى:
“ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ” التوبة 122.
“يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم ” النساء 71
“ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة” البقرة 195.
وقد ضرب الرسول نفسه القدوة لكل القادة الذين يأتون من بعده في أهمية الاستخبارات ازدادت حاجة المسلمين إلى الاستخبارات
بعد ان خرج النبي محمد صلي الله عليه وسلم من مكة مهاجراً إلى المدينة يرافقه صاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه ازدادت حاجة المسلمين الى الى الحصول على المعلومة والاستخبار عن تحركات المناوئين للاسلام واعداء الاسلام ليكون الرسول صلى الله عليه وسلم على معرفة تامة بما يحدث ولكي يتخذ الاجراء السليم ليواصل نشر دعوته الربانية وبعدها حدثت عدة عمليات .. منها :
أخبار أيام الهجرة الأولى
ـــــــــــــــــــــــــ : في الطريق إلى المدينة كمنا في غار حراء ثلاثة أيام . وكان عبد الله بن أبي بكر يحمل لهما أخبار أحوال المسلمين والكفار في مكة أولاً بأول .
سرية عبد الله بن جحش
ــــــــــــــــــــــــــــ : في السنة الثانية للهجرة , كلف النبي صلي الله عليه وسلم عبد الله بن جحش , برصد تحركات قريش , ومعرفة أخبارهم إذا يروى أن رسول الله دفع إلى ابن جحش كتاباً أمره ألا يفتحه إلا بعد مسيرة يومين , وينفذ ما فيه .
ولما فتح الكتاب في حينه , قرأ نصه : " إذا نظرت في كتابي هذا , فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف , فترصد بها قريشا , وتعلم لنا من أخبارهم " .نخلة منطقة بين مكة والطائف
أعلن عبد الله بن جحش محتوى الكتاب على رفاقه , وساروا نحو غايتهم السامية في مهمتهم الاستطلاعية لقوات المشركين , والتقوا بثلاثة تخلفوا عن قافلة لقريش حتى يحصلوا على معلومات عن قوات المسلمين , فاشتبك معهم عبد الله بن جحش ورجاله , وقتل أحدهم , واقتاد الآخرين إلى النبي صلي الله عليه وسلم يستجوبهم .
عيون علي أبي سفيان
ـــــــــــــــــــــــــــــ : ففي غزوة بدر أرسل الرسول (صلى الله عليه وسلم) أشخاصا ً من قبله يكشفون له أخبار العدو وهم طلحة بن عبيد الله التيمي وسعيد بن زيد بن تقيل. وكانت مهمتهم جمع المعلومات عن القافلة التي كان يقودها أبو سفيان وهي قادمة من الشام وفي غزوة بدر الكبرى , خرج صلى الله عليه وسلم من المدينة , وسار مع أصحابه حتى اقتربوا من الصفراء , وبعث من يأتيه بأخبار أبي سفيان بن حرب , وأخبرته العيون أن قريشاً سارت إلي أبي سفيان ليمنعوا إبله وتجارته حتى لا تقع في أيدي المسلمين .
وفي غزوة بدر أيضاً , أرسل النبي اثنين من المجاهدين للحصول على معلومات عن قوات المشركين , فوجد أحدهما غلامين لقريش يستقيان من بئر بدر , فأحضرهما إلى الرسول الكريم , وسألهما عن عدد الجمال التي ينحرونها للجيش , فأجابا بأنهم ينحرون يوماً تسعاً ويوماً عشراً .. ومن ذلك أدرك ( عليه الصلاة والسلام ) أن عدد مقاتلي المشركين يتراوح بين 900 - 1000 , لأن عادة العرب أن يخصصوا بعيرا لكل مائة رجل .
علي بن أبي طالب رضي الله عنه في مهمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ : عملية التموية التي قام بها علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - لم تكن عملية المخابرات الأولى ولا هي الأخيرة , إذ أن النبي عليه الصلاة والسلام أمره بعد موقعة أحد , أن يقتفي أثر الكفار ويستطلع نواياهم , فوجد أنهم جنبوا الخيل وامتطوا الإبل , فعرف أنهم عائدون إلى مكة , بعد أن مثلوا بكثير من قتلى المسلمين , جدعت نساؤهم الأنوف , وقطعن الآذان , واتخذن منها قلائد .. وبقرت ( هند ) بنت عتبة بطن ( حمزة ) عم رسول الله .وأمر رسول الله بتغطية جثمان ( حمزة ) ببرده , ثم صلي عليه وعلى القتلى 72 صلاة , وأمر بدفنهم .
حيلة نعيم بن مسعود
ـــــــــــــــــــــــــــــ: علم النبي أن قريشاً عبأت جيوشها و بني غطفان , وانشغلت بمحاولة استمالة قبيلتي بني قريظة و بني أشجع , للتحالف معها والحنث بعهدهما للنبي , توطئة لمهاجمة المسلمين في المدينة .. بادر النبي فأمر بحفر خندق حول يثرب , كان الأول من نوعه , وكان مفاجأه أذهلت الكفار وعوقتهم عن مهاجمة المدينة .كما جعلتهم صيداً سهلاً لسهام المسلمين , وتحقق النصر للمسلمين , خصوصاً وأن أمل قريش في استمالة غطفان و بني اشجع إلى جانبهم قد خاب بفضل نعيم بن مسعود .. فماذا فعل ؟؟ نعيم بن مسعود .. من وجهاء بني غطفان .. أسلم سرا ولم يشهر اسلامه بين قومه .. ذهب إلى النبي محمد وأكد له خبر محاولة قريش وبني غطفان حض بني قريظة و بني اشجع على خيانة المسلمين والنكوص بعهدهم , وقال نعيم إنه طوع أمر رسول الله , فكلفه الرسول بإفساد مؤامرتهم بالحيلة إذا استطاع .ذهب نعيم إلى بني قريظة أعزل من أي سلاح .. إلا سلاح المكر والدهاء , فأوقع بينهم وبين قريش وغطفان , زرع في نفوسهم الشك والارتياب , وحذرهم من أنهم سوف يتخلون عنهم حين تدور الدوائر , بعد أن يكونوا قد خسروا حلف المسلمين وحسن جوارهم , وتأكيداً لصدق رأيه نصحهم بأن يطلبوا من قريش وغطفان رهناً من أشرافهم , يظلون بأيديهم حتى يضمنوا صدقهم واستمرار نصرتهم . تركهم نعيم بعد أن أقنعهم بحيلته , وذهب إلى قريش وغطفان , وأخبرهم أن بني قريظة يضمرون لهم شراً , وأنهم رافضون للحلف المعروض عليهم , راغبون في استمرار تحالفهم مع المسلمين , وقد أرسلوا إلى النبي يؤكدون وفاءهم بالعهد , واستعدادهم لأخذ رجال من أشراف قريش وغطفان وتقديمهم ليضرب المسلمون أعناقهم . أوفدت قريش وغطفان عكرمة بن أبي جهل في رهط منهم إلى بني قريظة يستنفرهم للقتال , فامتنعوا بحجة أنهم لا يقاتلون يوم السبت , واشترطوا إعطاءهم رهناً من رجالهم يحتفظ بهم بنو قريظة ضماناً لعدم التخلي عن العهد إذا اشتدت المحنة .. ورفضت قريش وغطفان شرط الرهن .. واقتنعت كل الأطراف بصدق نعيم بن مسعود , ودب التخاذل في صفوف الأحزاب , ثم كانت مفاجأة الخندق , وتحقق نصر المسلمين .
ومما يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمد في غزواته وغاراته على القوافل المكية على المعلومات التي كان يزوده بها أعوانه في مكة , بينما لم يكن للكفار من يزودهم بأخبار المسلمين والأنصار في المدينة .
وكان النبي صلي الله عليه وسلم يوصي المسلمين بكتمان أسرارهم , لعلهم يصيبون العدو على غير استعداد , وينتصرون دون سفك دماء أو إزهاق أرواح , كما حدث قبيل فتح مكة , إذ صدر عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أمر كريم " أن يحفظ المسلمون أسرارهم , ويضنوا بمخبآت ضمائرهم , لعلهم يصيبون قريشاً على غير استعداد , ويدخلون مكة من غير كيد أو عناد .. فلا يسفك في البلد الحرام دماً , ولا يزهق روحاً , ولا يثير حرباً , ولا يذكى ضرام عداء "
لم تقتصر مهمة الاستخبارات على الرجالات من الصحابة الذين يكلفهم الرسول (صلى الله عليه وسلم) في الحصول وجمع المعلومات عن العدو بل تعدته الى أبتكار وسائل جديدة تعتمد على أناس أخرين هم من سكان المناطق المجاورة للمشركين، فقد قبض المسلحون على رجل يهودي وأمنوه على نفسه مقابل أخبارهم عن بعض الأماكن وممرات الحصون التي كانوا يحاصرونها في غزوة خيبر، فكان للمعلومات المقدمة من قبل هذا اليهودي أثر في أقتحام الحصون والسيطرة عليها سيما وأن خبير فيها أماكن محصنة وممرات تحت الأرض لا يمكن معرفتها الا عن طريق المعلومات الاستخبارية ولرجالات من أهلها.
تقرير بشر الخزاعي
ــــــــــــــــــــــــــ: ومن نماذج تقارير رجال مخابرات جيش النبي صلي الله عليه وسلم قول بشر الخزاعي لرسول الله صلي الله عليه وسلم :
" لقد دلفت إلى قريش أتسقط أسرارها , وأتعرف أخبارها , وما راعني إلا أن خبر مسيرك قد ترامى إليهم , وحديث رؤياك قد هبط عليهم , ولا أدري كيف وقع عليهم الخبر , ولا كيف استنشقوا حديث الرؤيا .. إنهم يا رسول الله خرجوا ومعهم النياق بأولادها , ولبسوا جلود النمور , وعاهدوا أنفسهم ألا تدخل عليهم مكة أبداً .
وهذا ( خالد بن الوليد ) وهو من يعدونه بمهمتهم , وفارس حلبتهم , قد خرج يستقبلك بخيله , ولعله الآن في كراع الغميم .
النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، لم يشارك في أية حروب قبل البعثة كما أنه طيلة 13عاما في مكة بعد البعثة بلا حروب أو قتال لأنه كان يهدف
أولا
ــــــــ لنشر الدعوة، أما بعد الهجرة فقد تطورت أهدافه وكانت هي قيام الدولة لتولد دولة الإسلام ولم تكن تولد هذه الدولة إلا بكثير من الحروب والمعارك·
أن الغزوات في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم، كانت 27 غزوة بينما كانت السرايا 47 سرية ولم يقاتل الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا في 9 غزوات لكنه في كل الغزوات والسرايا كان القائد المخطط صاحب البصيرة التي لا تخيب·
واستطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يبتكر الكثير من فنون الحرب والقتال وأن يبتكر أيضا الكثير من فنون المخابرات والجاسوسية التي لم تُعرف إلا بعد وفاته بعدة قرون في الحربين العالميتين·
الرسول صلى الله عليه وسلم كان منهجه في الحرب والسلام والمخابرات يتلخص في عدة نقاط أهمها الاستعانة بأهل الخبرة حتى لو كانوا من غير المسلمين· فقد استعان في هجرته من مكة إلى المدينة بعبد الله بن أريقط رغم أنه كان مُشركاً لكنه كان خبيرا في الطرق والأودية· كما استعمل في غزواته كلها الخبراء في مسالك الطرق المؤدية إلى أي جهة يريدها من اعتاد زيارتها·
ثانيا
ــــــــ كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يدخل معركة إلا بعد أن يعرف معرفة كاملة حالة العدو ومعسكراته ومواقفه العسكرية وطبيعة الأرض التي ستتم عليها المعركة·
ثالثا
ــــــ: كان النبي صلي الله عليه وسلم يجيد استثمار المواقف وقد وضح ذلك في كيفية استثماره لإسلام نعيم بن مسعود أثناء غزوة الخندق من خلال حيلته الذكية لإفشال الأحزاب بإيقاع الفتنة بين اليهود وقريش·
رابعا
ــــــــ: كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على أن لا تتسرب الأخبار إلى العدو ومن أهم السبل إلى ذلك الكشف عمن يقوم بأعمال التجسس وتعقبهم ومتابعة نشاطهم لإحباط أية محاولة للحصول على الأخبار·
خامسا
ـــــــــ: كان حريصا جدا على السرية التامة ولم يكن يعلن الأخبار إلا ساعة الصفر فعند الهجرة إلى المدينة لم يخبر أبا بكر بموعد الهجرة إلا في ليلتها وعند فتح مكة لم يكن يخبر حتى عائشة عندما كانت تساعده في ارتداء ملابسه·
سادسا
ــــــــ: فإن النبي صلى الله عليه وسلم ابتكر وسائل جديدة لم تكن معروفة في عالم المخابرات من قبله فابتكر ما يسمى بالأوامر المختومة وهي رسائل يحملها المكلف بما فيها ولا يفتحها إلا في مكان معين وزمان معين· ومن ابتكاراته أيضا في عالم الحرب والمخابرات ما يعرف الآن بالشفرة أو الشعار أو كلمة السر فقد كان للجيش الإسلامي نداءاتٌ خاصة يصدرها القائد للجند في الحرب لتنوع الحركات في الحرب والحاجة إلى إخفاء الحركة عن العدو.
وقد استفاد النبي صلى الله عليه وسلم من خبرات البلدان الأخرى في الحرب فأخذ فكرة سلمان الفارسي في إقامة الخندق·
سابعا
ــــــــ: كان للنبي صلى الله عليه وسلم شبكة عيون مبثوثة في كل مكان بالجزيرة العربية·
ثامنا
ــــــــ: انتهج الرسول صلى الله عليه وسلم منهج (اعرف عدوك) ذلك الشعار الذي انتشر في الوطن العربي أواخر الستينيات·
تاسعا
ــــــــ: لا يقاس نجاح أي من عمليات المخابرات في العالم بكمِّ المعلومات التي حصلوا عليها لكن يتوقف ذلك على القدرة على تحليل هذه المعلومات والاستفادة منها، وكان الرسول سباقا إلى ذلك ويتضح ذلك جليا من خلال أحداث غزوة بدر فعندما أرسل للسني كلا من بسبس بن عمرو الجهني حليف بني مساعد وعدي بن الزغاء الجهن حليف بني النجار يستطلعان الأخبار سمعا حوارا لفتاتين على ماء بدر ونقلاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فعلم منه موعد وصول قريش وعندما استجوب الغلام الذي جيء به من جيش قريش علم منه عدد مقاتلي قريش ذلك من خلال معرفته عدد الذبائح التي يذبحونها كل يوم·
عاشرا
ــــــــــ: اختيار من فيه الكفاية لجمع المعلومات فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على أن يختار رجال مخابرات من ذوي المواهب الخاصة تتحقق فيهم القدرة على التعامل مع أصعب المواقف مثلما حدث مع علي بن أبي طالب ليلة الهجرة وحذيفة بن اليمان الذي تسلل في صفوف العدو ليجمع الأخبار في غزوة الخندق والدول الآن تعامل رجل المخابرات على أنه مقاتل له كل حقوق المقاتل·
لا يقاس نجاح أي من عمليات المخابرات في العالم بكمِّ المعلومات التي حصلوا عليها لكن يتوقف ذلك على القدرة على تحليل هذه المعلومات والاستفادة منها، وكان الرسول سباقا إلى ذلك ويتضح ذلك جليا من خلال أحداث غزوة بدر فعندما أرسل للسني كلا من بسبس بن عمرو الجهني حليف بني مساعد وعدي بن الزغاء الجهن حليف بني النجار يستطلعان الأخبار سمعا حوارا لفتاتين على ماء بدر ونقلاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فعلم منه موعد وصول قريش وعندما استجوب الغلام الذي جيء به من جيش قريش علم منه عدد مقاتلي قريش ذلك من خلال معرفته عدد الذبائح التي يذبحونها كل يوم·
صور من المخابرات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ لقد استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم الشفرة السرية لإخفاء مضمون رسائله فكانت له شفرة شفوية وأخرى مكتوبة ،ففي غزوة الخندق أرسل سعد بن معاذ إلى يهود بني قريظة لمعرفة مكائدهم وأمره عند عودته أن لا يفصح عن أخباره لأحد حتى لا يوهن عزم المسلمين، بل يستعمل ( لحن القول) كنوع من الشفرة الشفوية.
وفي إحدى سراياه الاستطلاعية التقى بأعرابي فأخذ يسأله عن قريش حتى عرف منه كل شيء، ثم سأله البدوي بدوره “من أنتم ” فقال : “نحن من ماء” وتركه مسرعا فأخذ البدوي يتعجب لهذا الرد ويقول “فكل الناس من ماء”.
ومن قادة المسلمين الذين نبغوا في الاستخبارات عمرو بن العاص، فكان يتنكر بنفسه في زى التجار ويدخل معسكرات الرومان في مصر، وكانوا إذا أرادوا التفاوض ذهب بنفسه في زي جندي عادي من الوفد وترك غيره يتكلم وهو يستمع ويتطلع ويلاحظ. دون أن يعرفوه، وهكذا لم يكن يعتمد على الجواسيس المحترفين من العرب والقبط وحدهم، بل يستطلع بنفسه، ويدرس عقلية قادة الأعداء وأفكارهم بنفسه.
المصادر
ـــــــــــــ
1- القران الكريم
2- محمد جمال محفوظ - المدخل الى العقيدة والستراتيجية العسكرية الاسلامية
3- ابن منظور - لسان العرب
4- عبد العزيز الحميدي ، التاريخ الاسلامي مواقف وعبر
5- الاعلام - خبر الدين الزركلي
6- ياقوت الحموي - معجم البلدان
7- ابو فراس - غزوة بدر الكبرى
8- ابو الفداء اسماعيل بن علي - المختصر في اخبار البشر
9- ابن هشام السيرة النبوية
10- ابن سعد - الطبقات
11- ابن حزم - جوامع السيرة
12- محمد بن حبان - الثقات
13- ابن كثير - البداية والنهاية
14- الواقدي - المغازي
15- ابن الجرزي - المنتظم في تاريخ الملوك
16- الطبري - تاريخ الرسل والملوك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق