الثلاثاء، 31 ديسمبر 2019

السرايا النبوية //بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع/د. صالح العطوان الحيالي -

السرايا النبوية ذات المهمات الخاصة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 21- 12- 2019 الجزء الاول
نظم الفرق بينهما بعضهم فقال :
بين"البعوث"و"السرايا"فرق ُ ..... عِرفانُه على الورى يَحِقُ
فـ"البعث"ما بعث طه الهادي ...... في الدين مرشدا بلا عنادِ
وبعثَه رهطا إلى البريهْ ........ مقاتلا يدعونه السَّريهْ
يعني أن البعث ما أرسل مرشدا ومعلما كما في بعث الرجيع وبئر معونة ولم يكن هدفهم القتال رأسا ولو حصل منهم القتال فإنما للدفاع عن أنفسهم مثلا
أما السرية فهي ما أرسل للقتال وقال بعضهم إنهما مترادفان
بعد نزول آية الإذن بالقتال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإعداد التربوي والنفسي للصحابة حتى أصبح الصف الإسلامي جاهزًا للصدام المروع مع قريش. وهنا بدأت الدوريات العسكرية الإسلامية تجوب المنطقة بحثًا عن قوافل قريش المتجهة إلى الشام. وهنا نلاحظ شيئًا مهمًّا، وهو اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم أن تكون هذه الدوريات مكوَّنة من المهاجرين فقط، وذلك لعدة أسباب:
1- أنهم هم الذين وقع عليهم الظلم من قريش، وستكون حربهم مع قريش حربًا مفهومة لكل أهل الجزيرة العربية، وسيعذرونهم فيها تمامًا، وبذلك لا تفهم صورة الإسلام بطريقة خاطئة، وخاصة في أيام الإسلام الأولى حيث لم يسمع عنه بعدُ كل العرب.
2- أن المهاجرين سيكونون أكثر حمية وأشد قوة لكونهم يستردون حقًّا شخصيًّا لهم سلبته قريش منهم قبل ذلك، ففرصة النصر في جيش المهاجرين أكبر من فرصة الجيش المختلط من المهاجرين والأنصار.
3- معرفة المهاجرين بأهل قريش وطرق حربهم وقتالهم، فقد عاشوا بين أظهرهم ردحًا طويلاً من الزمن.
4- رفع الروح المعنوية للمهاجرين الذين تركوا ديارهم وأموالهم وذكرياتهم بإعطائهم الفرصة لتعويض ما خسروه ماديًّا ومعنويًّا.
5- وهو السبب الرئيسي، حيث لم يُرِد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يُحرِج الأنصار بالخروج في قتال ضد قريش خارج المدينة؛ لأنه قد بايعهم على نصرته داخل المدينة إذا قدم إليهم مهاجرًا، ولم يذكر في البيعة -بيعة العقبة الثانية- أمر القتال خارج المدينة، فهو بذلك لا يريد أن يحمِّلهم عبئًا لم يتفق معهم عليه، وسيظهر هذا واضحًا جليًّا في غزوة بدر، حيث كان متردِّدًا في القتال حتى يسمع رأي الأنصار في القتال خارج المدينة، مع العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أمر الأنصار أمرًا مباشرًا فإنهم -ولا شك- سيطيعونه، ولكنه كان وفيًّا صلى الله عليه وسلم في عهوده، لا يأخذ الناس بسيف الحياء، ولا يحمِّلهم ما لم يتفق معهم على حمله.
الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن محبًا للقتال ولا راغبًا فيه، وإنما اضطر إليه بعد أن فقد كل الوسائل للتفاهم مع أعدائه من اليهود والمنافقين وعبدة الأصنام للدفاع عن النفس وعن العقيدة وتأمين حدود المدينة وإشعار القبائل المتربصة والمحيطة بها بقوة المسلمين ومقدرتهم على الدفاع عن عقيدتهم ووطنهم الجديد، وأنهم تخلصوا من ضعفهم القديم، ذلك الضعف الذي مكن قريشًا في مكة من مصادرة عقائدهم وحرياتهم واغتصاب دورهم وأموالهم، ولذلك لما استقر أمر المسلمين أخذوا يرسلون سرايا مسلحة تجوس خلال الصحراء المجاورة ويرصدون طرق القوافل الذاهبة والقادمة بين مكة والشام, وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يترصد قوافل قريش كنوع من الحرب الاقتصادية؛ إذ أن عماد الحياة في قريش هو قوافلها التجارية، فإذا ما أصيبت قريش في تجارتها فإنها ستعمل للقوة الجديدة ألف حساب، ثم إن ذلك نوع من التعويض للمسلمين
1 - سرية سالم بن عمير الأنصاري لقتل أبي عفك
ــــــــــــــــــــــــــ
تُكَذِّبُ دينَ الله والمرءَ أحمَدا ... لَعَمْرُ الذي أَمْناك أنْ بئس ما يُمنيِ
حَبَاكَ حنيفٌ آخرَ الليلِ طعنةً ... أبا عفكٍ خُذها على كِبَرِ السِّنَّ
في شوال من السنة الثانية للهجرة في فناء بيت أبي عفك اليهودي
قادها سالم بن عمير، وقد ذهب بأمر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لقتل أبي عفك الشيخ الطاعن اليهودي والذي عُرف بهجائه الشديد للمسلمين.
:أسباب السرية ..تحريض اليهودي أبي عفك على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين
أبو عفك اليهودي شيخ طاعن في السن، عُرف بهجائه الشديد للمسلمين.نذر سالم بن عمير -رضي الله عنه- وهو أحد الصحابة ممن شهدوا بدرًا، وكان معروفا ببكائه أثناء قراءة القرآن، على أن يقتل أبا عفك أو يموت دونه، وكان شيخًا قد جاوز المائة والعشرين، لكنه خبيث يحرِّض على المسلمين ورسولهم الحبيب صلى الله عليه وسلم، حتى كانت ليلة صيف فداهمه وهو نائم بالفناء، فوضع السيف في كبده وقتله، ولما صاح الرجل اجتمع الناس ودفنوه بمنزله
2- سريةعمير بن عدي لقتل عصماء بنت مروان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هي أحد بعوث الرسول، المرسل هو الصحابي عمير بن عدي الخطمي، لقتل الشاعرة عصماء بنت مروان وهي من بني أمية بن زيد ...كانت عصماء بنت مروان تحت رجل من بني خطمة ويقال له يزيد بن زيد، وكانت تعيب الإسلام وأهله، وكان يرد عليها شاعر الرسول حسان بن ثابت، فقال رسول الله حين بلغه ذلك، ألا آخذ لي من ابنة مروان، فسمع ذلك من قول رسول الله عمير بن عدي الخطمي، وهو عنده، فلما أمسى من تلك الليلة سرى عليها في بيتها فقتلها، ثم أصبح مع رسول الله فقال : يا رسول الله إني قد قتلتها، فقال نصرت الله ورسوله يا عمير، فقال هل علي شيء من شأنها يا رسول الله، فقال لا ينتطح فيها عنزان
3- سرية محمد بن مسلمة وأصحابه لقتل كعب بن الأشرف
ــــــــــــــــــــــــــــــ
"من لكعب بن الأشرف؟ فإنه قد آذى الله ورسوله"
رسول الله صلى الله عليه وسلم
ان كعب بن الأشرف رجلا من طيء ثم أحد بني نبهان ، وأمه من بني النضير , وأنه لما بلغه الخبر عن مقتل أهل بدر حين قدم زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة قال والله لئن كان محمد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خير من ظهرها ، فلما تيقن عدو الله الخبر ، خرج إلى مكة فنزل على المطلب بن أبي وداعة بن ضبيرة السهمي ، وعنده عاتكة بنت أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف فأنزلته وأكرمته , وجعل يحرض على قتال رسول الله وينشد الأشعار ، ويندب من قتل من المشركين في غزوة بدر ، ثم عاد إلى المدينة ، فجعل يشبب بنساء المسلمين ، ويهجو النبي وأصحابه .....أن رسول الله قال من لكعب بن الأشرف فإنه قد أذى الله ورسوله , فقام محمد بن مسلمة فقال يا رسول الله أتحب أن أقتله , قال نعم , قال فأذن لي أن أقول شيئا ، قال قل فأتاه محمد بن مسلمة فقال إن هذا الرجل قد سألنا صدقة وإنه قد عنانا وإني قد أتيتك أستسلفك , قال وأيضا والله لتملنه , قال أنا قد اتبعناه فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه وقد أردنا أن تسلفنا , قال نعم ارهنوني , قلت أي شيء تريد , قال ارهنوني نساءكم , فقالوا كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب , قال فارهنوني أبناءكم , قالوا كيف نرهنك أبناءنا فيسب أحدهم فيقال رهن بوسق أو وسقين هذا عار علينا ولكن نرهنك اللأمة - يعني السلاح - ، فواعده أن يأتيه ليلا فجاءه ليلا ومعه أبو نائلة وهو أخو كعب من الرضاعة فدعاهم إلى الحصن فنزل إليهم فقالت له امرأته أين تخرج هذه الساعة , وقال غير عمرو , قالت أسمع صوتا كأنه يقطر منه الدم , قال إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة ، إن الكريم لو دعى إلى طعنة بليل لأجاب
ثم دخل محمد بن مسلمة معه رجلين، فقال إذا ما جاء فإني مائل بشعره فأشمه ، فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه ، وقال مرة ثم أشمكم ، فنزل إليهم متوشحا وهو ينفح منه ريح الطيب ، فقال ما رأيت كاليوم ريحا أي أطيب , فقال أتأذن لي أن أشم رأسك , قال نعم ، فشمه ثم أشم أصحابه ، ثم قال أتأذن لي , قال نعم ، فلما استمكن منه قال دونكم، فقتلوه ثم أتوا النبي فأخبروه.
4- سرية عبد الله بن أنيس إلى خالد بن سفيان الهذلي
ــــــــــــــــــــــــ
وكُنْتُ إذا هَمَّ النبيُّ بكافر ...
سَبَقْتُ إليه باللسانِ وباليَدِ
"عبد الله بن أنيس"
بلغ رسول الله أن خالد بن سفيان الهذلي ، وكان ينزل بعرنة، قد جمع الجموع لرسول الله ، فبعث الرسول عبد الله بن أنيس ليقتله ، فقال أنيس للرسول: يا رسول الله، انعته لي حتى أعرفه، فقال: «إذا رأيته وجدت له قشعريرة».
قال: فخرجت متوشحاً سيفي حتى وقعتُ عليه وهو بعرنة مع ظعنٍ يرتادُ لهنّ منزلاً، وحين كان وقتُ العصر، فلمّا رأيتُهُ وجدتُ ما وصف لي رسول اللّه من القشعريرة، فأقبلتُ نحوَهُ وخشيتُ أن يكون بيني وبينه مجاولة تشغلني عن الصّلاة، فصلّيت وأنا أمشي نحوه أُومِئُ برأسي للركوع والسجود.
فلما انتهيت إليه قال: من الرجل؟
قلت: رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل، فجاءك لذلك. (أي جئت لأناصرك على الرسول)
قال: أجل أنا في ذلك.
قال: فمشيت معه شيئاً، حتى إذا أمكنني حملتُ عليه السيف حتى قتلته، ثم خرجتُ وتركتُ ظعائنه مُكبّاتٍ عليه، فلما قدمت إلى رسول اللّه فرآني قال: «أفلح الوجه».
قال: قلت: قتلته يا رسول اللّه.
قال: «صدقت».
قال: ثم قام معي رسول اللّه فدخل في بيته، فأعطاني عصا فقال: «أمسك هذه عندك يا عبد الله بن أنيس».
قال: فخرجت بها على الناس فقالوا: ما هذه العصا؟
قال: قلت أعطانيها رسول اللّه وأمرني أن أُمسكها، قالوا: أَوَلا ترجِع إلى رسول اللّه فتسأله عن ذلك.
قال: فرجعت إلى رسول الله فقلت: يا رسول الله لم أعطيتني هذه العصا؟
قال: «آيةٌ بيني وبينك يوم القيامة إنّ أقل الناس المتخصرون يومئذٍ».
قال: فقَرَنَها عبد الله بسيفه فلم تزل معه، حتى إذا مات أمر بها فضُمَّت في كفنه، ثم دفنا جميعاً.
قول ابن أنيس في الحادثة
قال عبدالله ابن أنيس في قتله لخالد بن سفيان بن نبيح الهذلي :
تركت ابن ثورٍ كالحوار وحوله نوائِحُ تفري كلَّ جيبٍ مقدَّد
تناولْتُه والظعنُ خلفي وخلفه بأبيض من ماء الحديد مهنّد
عجومُ لهامِ الدّارعين كأنّه شهابٌ غضى من ملهب متوقد
أقول له والسيف يعجم رأسه أنا ابن أنيس فارساً غير قعدد
أنا ابن الذي لم ينزل الدهر قدره رحيب فناء الدار غير مزنّد
وقلت له خذها بضربة ماجدٍ حنيف على دين النبيّ محمّد
وكنت إذا همَّ النبيّ بكافرٍ سبقت إليه باللّسان وباليد
5-سرية عبد الله بن عتيك وأصحابه لقتل أبي رافع سلام بن أبي الحقيق
ـــــــــــــــــــــــــــ
لله دُرُّ عِصابةٍ لاقَيتَهم ... يا بنَ الحقيقيِ وأنت يا بن الأشرف
يَسْرُونَ بالبِيض الخِفافِ لكم ... مرحًا كأُسدٍ في عَرينِ مغرف
حتى أَتَوْكُم في مَحِلِّ بلادِكم ... فَسَقَوْكُم حتفًا ببَيض ذفف
مستبصرين لنصرِ دينِ نبيِّهم ... مستَضْعِفِين لكلِّ أمرٍ مجحف
حسان بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان هدف السرية قتل سلام بن أبي الحقيق الذي فر إلى يهود خيبر بعد أن حرض مع حيي بن أخطب قريش والأحزاب على المسلمين في غزوة الخندق، فأمر الرسول عبد الله بن عتيك وأبو قتادة وعبد الله بن أنيس والأسود الخزاعي ومسعود بن سنان، لقتل سلام بن أبي الحقيق، فذهبوا إلى خبير وكمنوا له، ونزلوا منزلة، ففتحت امرأته التي خاطبها عبد الله بن عتيك باليهودية، وأخبرها بانه يحمل لزوجها هدية، غير أنها ارتابت من كونهم مسلحين، فهمت بالصياح غير أنهم لوحوا لها بالسيوف أن اصمتي، ودخلوا البيت وقتلوه، وصاحت امرأته فتجمع ثلاثة آلاف من رجال خيبر يقودهم الحارث أبو زينب، غير أنهم لم يلحقوا بهم، وعاد عبد الله بن عتيك وأصحابه إلى المدينة، وأخبروا الرسول بقتل ابن أبي الحقيق، وادعى كل واحد منهم قتله، فأخذ النبي أسيافهم فنظر إليها فوجد أثر الطعام في ذباب سيف عبد الله بن أنيس وقال هذا قتله
6-سرية إلى اليسير بن رزام
ــــــــــــــــــــــــ بعد أن نجحت سرية المغاوير الخزرجية باغتيال أبي رافع زعيم يهود خيبر بعد حُيي بن أخطب اختارت اليهود رجلا شجاعًا منهم ليكون أميرا عليهم.
اختلفت المصادر التاريخية في اسمه واسم أبيه، فمنها ما سماه أُسير بن زارم وقيل: ابن رزام ، ويقال: ابن رقرام ، ولكن الأكثر على أنه اليُسير بن رزام .
وما أن تقلد اليسير مهام منصبه كزعيم اختير تقديرًا لشجاعته حتى أصرَّ على أن يثبت لهم أنه أهل لهذا الاختيار فقرر إكمال مهمة سلفه والقيام بمحاولة جديدة لحشد اليهود وحلفائهم غطفان وتوجيه طاقاتهم لمباغتة المسلمين في عقر دارهم
ولكن عين رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنام عن أعداء الإسلام المتربصين ولا تغفل عن تحركاتهم العدوانية ضد قاعدته الحصينة.
حيث وصلته الأخبار من أحد عيونه في خيبر بنوايا اليُسير ونشاطاته المشبوهة ضد المسلمين كما يذكر الواقدي .
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يستوثق من تلك الأخبار، أنه أرسل (دورية استطلاع منطقة) صغيرة إلى خيبر قوتها ثلاثة أفراد بإمرة قائد خيبر بمنطقة خيبر وأهلها هو عبد الله بن رواحة رضي الله عنه .
انطلقت الدورية في رمضان ووصلت خيبر سرًّا وهناك وزع القائد أفرادها على حصونها الرئيسية-الشق، والنطاة، والكتيبة.
فدخلوا مع الناس يسمعون منهم ويرون بأعينهم حال أهل خيبر وما يتكلمون به، خلال أيام رجعوا بعدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتقرير مفصل يؤكد المعلومات السابقة، فقرر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن رواحة رضي الله عنه ثانية إلى خيبر، ولكن هذه المرة على رأس فرقة مغاوير تطوعية قوتها ثلاثون رجلا من بينهم عبد الله بن أنيس رضي الله عنه للإفادة من شجاعته وخبرته في هذا المجال.
و"في شوال سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم" كما أرخها
الواقدي وكاتبه ابن سعد، بينما ذكرها خليفة ضمن السرايا التي كانت خمس
انطلقت السرية إلى هدفها في خيبر بعد الاتفاق على خطة استدراجية مغايرة تماما لخطة الفرقة الخزرجية التي قتلت أبا رافع، ومشابهة لخطة الأوسية التي قتلت كعب بن الأشرف، وكانت ترتكز أساسا على تقرير الدورية الاستطلاعية الذي ورد فيه معلومات دقيقة عن اليُسير وشخصيته فوضعت الخطة بناء على ذلك "فأتوه فقالوا: إنا أرسلنا إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستعملك على خيبر"
تردد اليُسير في البداية، ولكنهم ما زالوا به يغرونه ويمنُّونه حتى طمع فيما قالوا، وشاور اليهود فخالفوه في الخروج، ولكنه أصرَّ عليه فخرج في رفقة ثلاثين يهوديًّا لحراسته ركب كل منهم مع رديف من المسلمين أفراد السرية، وحمل عبد الله بن أنيس اليُسير على بعيره.
"فلما بلغوا قرقرة ثبار وهي من خيبر على ستة أميال ندم اليُسير فأهوى بيده إلى سيف عبد الله بن أنيس، ففطن له عبد الله، فزجر بعيره، ثم اقتحم يسوق بالقوم، حتى إذا استمكن من اليُسير ضرب رجله فقطعها، واقتحم اليُسير وفي يده مخرش من شوحط فضرب به وجه عبد الله فشجه شجة مأمومة ، وانفكأ كل رجل من المسلمين على رديفه فقتله، غير رجل واحد من اليهود أعجزهم شدًّا، ولم يصب من المسلمين أحد وقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبصق في شجة عبد الله بن أنيس فلم تقح، ولم تؤذه حتى مات
7- سرية عمرو بن امية الضمري
ــــــــــــــــــــ سبب السرية أن أبو سفيان قال لنفر من قريش ألا أحد يغتال لنا محمدا فإنه يمشي في الأسواق وحده ، فأتاه رجل من الأعراب وقال قد وجدت أجمع الرجال قلبا وأشدهم بطشا وأسرعهم عدوا ، فإذا أنت فديتني خرجت إليه حتى أغتاله فإن معي خنجرا كجناح النسر ، وإني عارف بالطريق ، فقال له أنت صاحبنا ، فأعطاه بعيرا ونفقة ، وقال له اطو أمرك ، وخرج ليلا إلى أن قدم المدينة ، ثم أقبل يسأل عن رسول الله فدل عليه ، وكان في مسجد بني عبد الأشهل ، فعقل راحلته وأقبل على رسول الله ، فلما رآه قال إن هذا يريد غدرا ، والله حائل بينه وبين ما يريد ، فجاء ليجني على رسول الله ، فجذبه أسيد بن حضير بداخلة إزاره فإذا بالخنجر فأخذ أسيد يخنقه خنقا شديدا ، فقال له رسول الله أصدقني ، قال وأنا آمن ، قال نعم ، فأخبره بأمره فخلى عنه رسول الله فأسلم ، وقال يا رسول الله ما كنت أخاف الرجال ، فلما رأيتك ذهب عقلي وضعفت نفسي ، ثم اطلعت على ما هممت به ، فعلمت أنك على الحق ، فجعل رسول الله يبتسم.
عند ذلك بعث رسول الله عمرو بن أمية الضمري وسلمة بن أسلم بن حريس إلى أبو سفيان بمكة ، وذلك بعد قتل خبيب بن عدي وصلبه على الخشبة ، ومضى عمرو بن أمية يطوف بالبيت ليلا ، فرآه معاوية بن أبي سفيان فعرفه ، فأخبر قريش بمكانه ، فخافوه لأنه كان فاتكا في الجاهلية ، وقالوا لم يأت عمرو بخير ، واشتدوا في طلبه ، وفي رواية لما قدما مكة حبسا جمليهما ببعض الشعاب ثم دخلا ليلا ، فقال له صاحبه يا عمرو لو طفنا بالبيت وصلينا ركعتين ثم طلبنا أبو سفيان ، فقال له عمرو إني أعرف بمكة من الفرس الأبلق ، فقال كلا إن شاء الله ، قال عمرو فطفنا بالبيت وصلينا ، ثم خرجنا لطلب أبي سفيان ، فلقيني رجل من قريش فعرفني ، وقال عمرو بن أمية فأخبر قريشا بي ، فهربت أنا وصاحبي وصعدنا الجبل ، وخرجوا في طلبنا فدخلنا كهفا في الجبل ، ولقي عمرو رجلا من قريش فقتله ، فلما أصبحنا ، غدا رجل من قريش يقود فرسا ونحن في الغار ، فقلت لصاحبي إن رآنا صاح بنا ، فخرجت إليه ومعي خنجر أعددته لأبي سفيان فضربته على يده فصاح صيحة أسمع أهل مكة ، فجاء الناس يشتدون فوجدوه بآخر رمق ، فقالوا من ضربك ، قال عمرو بن أمية ، وغلبه الموت فاحتملوه ، فقلت لصاحبي لما أمسينا النجاة ، فخرجنا ليلا من مكة نريد المدينة ، فمررنا بالحرس الذين يحرسون خشبة خبيب بن عدي ، فقال أحدهم لولا أن عمرو بن أمية بالمدينة لقلت إنه هذا الماشي ، فلما حاذيت الخشبة شددت عليها ، فحملتها واشتديت أنا وصاحبي فخرجوا وراءنا، فألقيت الخشبة فغيبه الله عنهم
8- سرية أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
سرية أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي هي أحد سرايا الرسول , حيث أرسل الرسول الصحابي أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد إلى بني أسد .
كان سبب إرسال السرية أنه بلغ الرسول أن طليحة وسلمة ابني خويلد قد سارا في قومهما ومن أطاعهما إلى حرب الرسول , وقد أخبره بذلك رجل من طيء قدم المدينة المنورة لزيارة بنت أخيه , فدعا الرسول بعد أن سمع بحربه أبا سلمة عبد الله بن عبد الأسد , وعقد له لواء وبعث معه مائة وخمسين رجلا من المهاجرين والأنصار ، وخرج الرجل المخبر له دليلا لهم ، وقال الرسول لأبو سلمه سر حتى تنزل أرض بني أسد فأغر عليهم قبل أن يتلاقى عليك جموعهم ، فأغذ السير ، وسار أبو سلمه بالجيش ليلا ونهارا ليستبق الأخبار ، فانتهى إلى ماء من مياههم فأغاروا على سرح لهم ، وأسروا ثلاثة من الرعاة وأفلت سائرهم ، ففرق أبو سلمة أصحابه ثلاث فرق فرقة بقيت معه ، وفرقتان أغارتا في طلب النعم والشاء والرجال ، فأصابوا إبلا وشاء ولم يلقوا أحد ، فانحدر أبو سلمة بذلك كله إلى المدينة المنورة
9- سرية طلحة لبيت سويلم
ـــــــــــــــــــــــــــ
وقعت في رجب من عام تسعة (9) هـ، وذلك ببيت سويلم اليهودي، عند منطقة بالمدينة كان يقال لها "جاسوم" وعاش فيها اليهود.
قائد سرية حرق بيت سويلم
قادها الصحابي طلحة بن عبيد الله، رضي الله عنه، في جماعة من أصحابه.
(كان طلحة رضي الله عنه أحد كبار المجاهدين والمبادرين للإسلام، وقد شهد غزوات الرسول وأسماه طلحة الخير والفياض، لبلائه الحسن في الغزوات وبخاصة أحد وتبوك، وجاء أن من سره رؤية شهيد يمشي على الأرض فلينظر إليه)
أسباب سرية حرق بيت سُويلم
اجتماع رؤوس الفتنة من يهود المدينة لتثبيط المؤمنين عن المشاركة في غزوة تبوك التي جهز الرسول للخروج إليها وصولا لحدود الشام، بسبب تهديدات الروم المتزايدة بعد فتح مكة.
بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ناسا من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودي ، يثبطون الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك.
وهنا بعث إليهم النبي طلحة بن عبيد الله في نفر من أصحابه ، وأمره أن يحرق عليهم بيت سويلم ، ففعل طلحة . [ابن هشام، غزوة تبوك ، ذكر المثبطين]
(يلاحظ أن النبي لم يأمر بإحراق اليهود أنفسهم، وإنما البيت الذي يجتمعون فيه، فمن المعلوم أن عقوبة حرق الأحياء منهي عنها في الإسلام لقول النبي: "لا تُعذِّبوا بعذابِ اللهِ "[رواه البخاري]
هروب اليهود وتوبة الضحاك
وكان الضحّاك بن خليفة أحد حضور هذا الاجتماع اليهودي في بيت سويلم، ويروي أنه لما شاهد النيران قفز فوق ظهر البيت، ومنه إلى الأرض، فانكسرت رجله، وأفلت أصحابه مذعورين، وأنشد في ذلك يقول تائبا عن فعلته
كادت وبيت الله نـار محمـد...... يشيط بها الضحاك وابن أبيـرق
وظَلتُ وقد طبقت كبس سويلم ...... أنوء على رجلي كسيرا ومرفقي
سلام عليكم لا أعود لمثلهـا ......أخاف ومن تشمل به النار يحرق
نار جهنم أشد حرًا
وكان المنافقون قد قالوا لبعضهم: لا تنفروا في الحر، لأن الجو كان شديد الحرارة، وكان هناك شح مياه، فاستثقلوا الخروج للجهاد، بل وسعوا لتثبيط عزم المؤمنين عن الخروج، غير آبهين بتهديدات الروم الجسيمة لدولة الإسلام على الحدود، وفيهم نزل قول الله تعالى: {وَقالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ، قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ، فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً، جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ} [التوبة: 81- 82].
ولما اقتربت عودة رسول الله من تبوك، منتصرًا، حاول بعض المنافقين أن يبرروا موقفهم، وكان حكم الله بما في صدورهم: {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}[التوبة:42]، كما أخبر الله بأنهم لو أرادوا الخروج لأعدوا له العدة ولكن { كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ}[التوبة: 46]
المصادر
ــــــــــ
1- تاريخ الطبري ج2/ 11
2- الكامل في التاريخ ج2/ 10
3- البداية والنهاية ج3/ 272
4- سبل الهدى ج6/ 38
5- سيرة ابن هشام ج2/ 619
6- مسند أحمد ج3/ 496
7- زاد المعاد ج3/ 243
8- فقه السرايا ص115
9- الطبقات الكبرى
10- مغازي الذهبي
11- صحيح البخاري
12- صحيح مسلم
13- سيرة ابن هشام
14- السرايا والبعوث النبوية للعمري
15- تاريخ ابن خياط
16- المغازي للواقدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق