الثلاثاء، 24 ديسمبر 2019

الصحابي حمزة بن عبد المطلب/بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع/د. صالح العطوان الحيالي

الصحابي حمزة بن عبد المطلب
ـــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 10-12-2019
هو «حمزة بن عبد المطلب (واسمه شيبة) بن هاشم (واسمه عمرو) بن عبد مناف (واسمه المغيرة) بن قصي (واسمه زيد) بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر (واسمه قيس) وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة (واسمه عامر) بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان». هذا هو المتفق عليه من نسبه، وهو نسب الرسول محمدٍ صلى الله عليه وسلم نفسه تقريباً، فكلاهما من نسل عبد المطلب بن هاشم.
وهو شقيق صفية بنت عبد المطلب أم الزبير بن العوام، وهو عم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة، أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب، فقد أرضعت حمزة بن عبد المطلب، ثم محمداً، ثم أبا سلمة عبد الله المخزومي القرشي، فكانوا جميعاً إخوة من الرضاعة. وكان حمزةُ أسنَّ من الرسولِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم بسنتين، وقيل: بأربع سنين، والأول أصح وامه: «هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر (واسمه قيس) وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة (واسمه عامر) بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان». وهي ابنة عم آمنة بنت وهب أم الرسول محمد.صللا الله عليه وسلم
وقد كان واحداً من الصحابة رضوان الله عليهم، وواحداً من الوزراء الأربعة عشر في الدولة الإسلامية، أطلقت عليه عدة ألقاب، وهي: سيّد الشهداء، أسد الله، وأسد رسول الله، وكان يكنّى أبو عمارة، وأبو يعلى.
تربّى على يد سيّد بني هاشم، وسيّد قريش، عبد المطلب بن هاشم، وكان يتميّز بالعديد من الخصال الحميدة، كالكرم، والشجاعة، والكرم، وقد ربطته صداقة وثيقة بابن أخيه عبد الله محمد عليه السلام، ويشار إلى أنّه شارك في حرب الفِجار التي دارت ما بين قبيلتي كنانة، وعيلان، وفيها أظهر حمزة شجاعةً وقوّةً كبيرتين في المبارزة والقتال، هذا وقد قام حمزة رضي الله عنه بخطبة خديجة بنت خويلد لرسول الله في فترة الجاهلية.
زوجات حمزة بن عبد المطلب
بنت الملة بن مالك الأنصارية، والتي أنجبت له يعلى، وعامر، وبكر.
خولة بنت قيس الأنصارية، والمعروفة باسم أم محمد، وأم حبيبة، وقد أنجبت له: عمارة.
سلمى بنت عميس الخثعمية، والتي أنجبت له أمامة أو كما تعرف أيضاً باسم فاطمة.
يذكر أن سبب إسلام حمزة رضي الله عنه هو قيام أبو جهل باعتراض طريق رسول الله في جبل الصفا بمكة المكرمة، وأذيته وشتمه، فوصل ذلك الخبر إلى حمزة الذي ذهب وضرب أبا جهل قائلاً له: أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول؟ فرُدَّ ذلك علي إن استطعت، ثم نطق بالشهادتين، وقد كان ذلك في السنة الثانية من البعثة.تأخر إسلامه قليلا، إلا أن إسلامه كان حمية لرسول االله صلى الله عليه وسلم حيث تصدى لأبي جهل الذي كان قد آذى رسول االله صلى الله عليه وسلم عند الصفا وأسمعه مايكره، فلم يتردد حمزة في ضرب أبي جهل بقوسه ضربا شديدا شج به رأسه، وهذا يظهر شدة تعاطف حمزة مع ابن أخيه حتى أنه لم يتردد في مواجهة أحد زعماء قريش وهو بين عشيرته،وقد عرفت قريش أنه بإسلام حمزة عز الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه سيمنعه، فكفوا عن بعض . ماكانوا ينالونه منه
كان لإسلام حمزة رضي الله عنه أثراً إيجابياً كبيراً على قيام الدولة الإسلامية، فقد أسلم عمر بن الخطاب من بعده، وأصبح المسلمون يجاهرون بإسلامهم في كافّة أرجاء مكة المكرمة.
هاجر حمزة رضي الله عنه مع مجموعةٍ من المسلمين إلى المدينة المنورة قبل هجرة الرسول عليه السلام بفترةٍ قصيرة، وقد نزل مع بعض أصحابه عند كلثوم بن هدم، ويقال أيضاً أنّه نزل عند سعد بن خيثمة، ويقال أيضاً أنّه نزل عند أسعد بن زرارة النجاري الخزرجي.
استشهاده
ــــــــــ شهد حمزة بن عبد المطلب غزوة أحد، فقُتل بها يوم السبت في النصف من شوال، وكان قَتَلَ من المشركين قبل أن يُقتل واحداً وثلاثين نفساً، وقاتل حمزةُ حتى قَتَلَ أرطاة بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، وكان أحد النفر الذين يحملون اللواء. وكذلك قتل عثمان بن أبي طلحة وهو حامل اللواء وهو يقول:
إن على أهل اللواء حقاً أن يخضبوا الصعدة أو تندقا
فحمل عليه حمزة فقتله. ثم مر به سباع بن عبد العزى الغبشاني، وكان يُكنى بأبي نيار، فقال حمزة: «هلم إلي يا ابن مقطعة البظور»، وكانت أمُّه أمُّ أنمارٍ مولاةَ شريق بن عمرو بن وهب الثقفي، وكانت ختانة بمكة، فلما التقيا ضربه حمزة فقتله.
وقد رُوي عن ابن الشياب أنه قال: «كان رسولُ الله آخرَ أصحابه يوم الشعب (يعني يوم أحد)، ليس بينه وبين العدو غير حمزة، يقاتل العدو حتى قُتل، وقد قَتَلَ اللهُ بيد حمزة رضيَ الله عنه من الكفار واحداً وثلاثين رجلاً، وكان يدعى أسد الله».
وكان جبير بن مطعم النوفلي القرشي قد دعا غلاماً له حبشياً يُقال له وحشي، يقذف بحربة له قذف الحبشة، قلَّما يخطئ بها، فقال له: «اخرج مع الناس، فإن أنت قتلت حمزة عمَّ محمد بعمي طعيمة بن عدي، فأنت عتيق» وكان وحشي كلما مر بهند بنت عتبة أو مرت به تقول: «ويهاً أبا دسمة، اشف واشتف»، أي تحرضه على قتل حمزة بن عبد المطلب.
وكان حمزة يقاتل يومئذٍ بسيفين، فقال قائل: «أيّ أسد هو حمزة!»، فبينما هو كذلك إذ عثر عثرة وقع منها على ظهره، فانكشف الدرعُ عن بطنه، فزرقه وحشي الحبشي مولى جبير بن مطعم بحربة فقتله. ومثَّل به المشركون، وبجميع قتلى المسلمين إلا حنظلة بن أبي عامر الراهب الأوسي، فإن أباه كان مع المشركين فتركوه لأجله، وجعلت نساء المشركين (هند بنت عتبة وصواحباتها) يجدعن أُنُفَ المسلمين وآذانَهم ويبقرون بطونَهم، وبقرت هند بطن حمزة فأخرجت كبده، فجعلت تلوكها فلم تسغها فلفظتها، فقال الرسولُ محمدٌ: «لو دخل بطنها لم تمسها النار». وذكر موسى بن عقبة: «أن الذي بقر عن كبد حمزة وحشيٌّ، فحملها إلى هند فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها، فالله أعلم».
وكان مقتل حمزة للنصف من شوال من سنة 3هـ، وكان عمره سبعاً وخمسين سنة، على قول من يقول إنه كان أسن من الرسول محمدٍ بسنتين، وقيل: كان عمره تسعاً وخمسين سنة، على قول من يقول إنه كان أسن من الرسولِ محمدٍ بأربع سنين، وقيل: كان عمره أربعاً وخمسين سنة، وهذا يقوله من جعل مقام الرسولِ محمدٍ بمكة بعد الوحي عشر سنين، فيكون للرسول اثنتان وخمسون سنة، ويكون لحمزة أربعٌ وخمسون سنة، فإنهم لا يختلفون في أن حمزة أكبر من الرسول محمد.
وحشي يروي قسة مقتل حمزة
ـــــــــــــــ عن جعفر بن عمرو الضمري قال: "خرجت مع عبيد الله بن عدي بن الخيار إلى الشام، فلما قدمنا حمص، قال لي عبيد الله: هل لك في "وحشى" نسأله عن قتل "حمزة"؟ قلت: نعم. وكان "وحشىٌ" يسكن حمص، قال: فسألنا عنه، فقيل لنا: هو ذاك في ظل قصره كأنه حميتٌ. قال: فجئنا حتى وقفنا عليه فسلمنا، فرد علينا السلام، قال: وعبيد الله -وهو ابن عدي بن الخيار- معتجر بعمامته، ما يرى "وحشيٌ" إلا عينيه ورجليه، فقال عبيد الله: يا "وحشي" أتعرفني؟ قال: فنظر إليه، ثم قال: لا والله، إلا أني أعلم أن عدي بن الخيار، تزوج امرأة، يقال لها: أم قتال ابنة أبى العيص،
-يقول "وحشي" الآن الرجل متغطي أمامه، معتجر لا يرى منه إلا عينيه ورجليه فقط، يقول ل"وحشي": أتعرفني؟- قال: فنظر إليه، ثم قال: لا والله، إلا أني أعلم أن عدي بن الخيار، تزوج امرأة يقال لها: أم قتال ابنة أبى العيص، فولدت له غلاما بمكة، فاسترضعه، فحملت ذلك الغلام مع أمه فناولتها إياه، فلكأني نظرت إلى قدميك. قال: فكشف عبيد الله وجهه، ثم قال: ألا تخبرنا بقتل "حمزة؟".قال: نعم، إن "حمزة" قتل طعيمة بن عدي ببدر، فقال لي مولاي جبير بن مطعم: إن قتلت "حمزة" بعمي فأنت حر. فلما خرج الناس يوم عينين. قال: وعينين: جبيل تحت أحد، وبينه واد. خرجت مع الناس إلى القتال، فلما أن اصطفوا للقتال خرج سباع، يقول -من المشركين-: من مبارز؟ قال: فخرج إليه "حمزة بن عبد المطلب"، فقال: سباع يا ابن أم أنمار، يا ابن مقطعة البظور، أتحاد الله ورسوله؟ ثم شد عليه -"حمزة" شد على سباع المشرك- فكان كأمس الذاهب، وأكمنت ل"حمزة" تحت صخرة،حتى إذا مرّ عليّ، فلما أن دنا مني رميته بحربتي، فأضعها في ثنته حتى خرجت من بين وركيه، قال: فكان ذاك العهد به، فلما رجع الناس رجعت معهم، فأقمت بمكة حتى فشا فيها الإسلام، ثم خرجت إلى الطائف، فأرسل إليّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: وقيل له: إنه لا يهيج للرسل، قال: فخرجت معهم حتى قدمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما رآني، قال: أنت "وحشى؟" قلت: نعم. قال: أنت قتلت "حمزة؟" قلت: قد كان من الأمر ما بلغك يا رسول الله، إذ قال: ما تستطيع أن تغيب عني وجهك قال:فرجعت، فلما توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وخرج مسيلمة الكذاب، قلت: لأخرجن إلى مسيلمة لعلي أقتله فأكافئ به "حمزة". فخرجت مع الناس، فكان من أمرهم ما كان، قال: فإذا رجل قائم في ثلمة جدار، كأنه جمل أورق ثائر، ثائر رأسه. قال: فأرميه بحربتي فأضعها بين ثدييه، حتى خرجت من بين كتفيه، ووثب إليه رجل من الأنصار، فضربه بالسيف على هامته. فقالت جارية على ظهر بيت: واأمير المؤمنين قتله العبد الأسود"
وقد رثاه عبدالله بن رواحة
بـكـت عيني وحُـقَّ لها بكـاها وما يُغني البكاءُ ولا العويلُ
عـلـى أسد الإله غـداة قالوا لحمزة: ذاكم الرجـل القتيلُ
أصـيـب المسلمون به جـميـعاً هـنـاك وقد أصيب به الرسولُ
أبا يـعـلى لك الأركـان هـدَّت وأنـت الماجد البر الوصـولُ
علـيـك سـلامُ ربك فـي جـنـانٍ يـخـالـطـهـا نعـيمٌ لا يزولُ
ألا يـا هاشـمَ الأخـيار صبـراً فـكـل فـعـالـكم حسنٌ جمـيلُ
رسـول اللـه مصـطـبرٌ كـريـمٌ بـأمـر اللـه ينطق إذ يقولُ
ألا مـن مُـبـلِـغ عـنـي لـؤياً فـبـعـدَ اليوم دائـلةٌ تدولُ
وقبل اليوم ما عرفوا وذاقوا وقـائعنا بها يُشـفى الغليلُ
نـسـيـتـم ضربنا بقلـيب بدر غداة أتـاكم الموت العجـيلُ
غـداةَ ثـوى أبو جهل صـريـعاً عليه الطـير حائـمة تـجـولُ
وعـتـبـة وابنه خرا جـميـعاً وشـيـبـة غضَّه السيف الصقيلُ
ألا يا هـنـدُ لا تُبـدي شمـاتاً بـحـمـزة إن عـزكـم ذلـيـلُ
ألا يا هـنـدُ فابكـي لا تملِّـي فأنت الوالهُ العبرى الثكولُ
وقال حسان بن ثابت النجاري الخزرجي يبكي حمزة بن عبد المطلب
أتعرف الدارَ عفا رسمُها بعدَك صوب المسبل الهاطلِ
بين السراديح فأدمانة فمدفع الروحاء في حائلِ
ساءلتُها عن ذاك فاستعجمت لم تَدرِ ما مرجوعة السائلِ؟
دع عنك داراً قد عفا رسمها وابكِ على حمزة ذي النائلِ
المالئِ الشيزى إذا أعصفت غبراء في ذي الشبم الماحلِ
والتارك القرن لدى لبدة يعثر في ذي الخرص الذابلِ
واللابس الخيل إذ أجحمت كالليث في غابته الباسلِ
أبيض في الذروة من هاشم لم يمر دون الحق بالباطلِ
مال شهيداً بين أسيافكم شلت يداً وحشي من قاتلِ
أي امرئ غادر في ألة مطرورة مارنة العاملِ
أظلمت الأرض لفقدانه وأسودَّ نور القمر الناصلِ
صلى عليه الله في جنة عالية مكرمة الداخلِ
كنا نرى حمزة حرزاً لنا في كل أمر نابنا نازلِ
وكان في الإسلام ذا تدرأ يكفيك فقد القاعد الخاذلِ
لا تفرحي يا هندُ واستحلبي دمعاً وأذري عبرة الثاكلِ
وابكي على عتبة إذ قطه بالسيف تحت الرهج الجائلِ
إذا خرَّ في مشيخة منكم من كل عاتٍ قلته جاهلِ
أرداهم حمزة في أسرةٍ يمشون تحت الحلق الفاضلِ
غداة جبريل وزير له نعم وزير الفارس الحاملِ
المصادر
ـــــــــــــ
1- الواقدي، المغازي: ٢/١،
2- ابن هشام، السيرة النبوية: ٤٤٣/٢.
3- بريك أبومايلة، السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة: ٨٢.
4- ابن حزم، جمهرة أنساب العرب: ١٥-١٤.
5- ابن عبدالبر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ١٥٩/١.
6- البيهقي، دلائل النبوة، عـن عقبـة: ٨/٣،
7-الـصالحي، سـبل الهـدى والرشـاد: ١١/١
8- ابن كثير، السيرة النبوية: ٣١٥/٢
9- محمود شيت خطاب، قادة النبي ٥٤ :..
10- الطبري: تاريخ الأمم والملوك: ٤٠٨/٢
11- ابن سعد، الطبقات الكبرى: ٢٩/٢.
12- صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب قتل حمزة بن عبدالمطلب ٥١٩/٧ ،.
13- سـنن ابـن ماجـة: ٢٧٩ ح١٥٩١
14- الحاكم: المستدرك على الصحيحين: ١٩٥/٣،
15-الألباني، السلسلة الصحيحة: ١٠٣/١ ح٣٧٤.
16- ابــن أبي عاصــم، الآحــاد والمثــاني: ٣٦٢-٣٦١/١،
17-الطــبراني، المعجــم الكبــير: ١٤٧/٣-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق