الأحد، 23 فبراير 2020

الصحابي الضرير البصير عبدالله//بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع/د.صالح العطوان الحيالي

الصحابي الضرير البصير عبدالله بن ام مكتوم
ــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 6-2-2020
عبدالله بن قيس بن زائدة بن الأصم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة. وقيل اسمه عمرو
عبد الله بن أم مكتوم القرشي العامري هو صحابي من صحابة رسول الله ،وهو ابن خال خديجة أم المؤمنين أولى زوجات النبي محمد ،وقد كان عبد الله ضريراً أعمى ، وأم مكتوم هي: عاتكة بنت عبد الله، نزلت فيه بداية سورة عبس حيث كان النبي مشغولاً بدعوة كبار وأسياد قريش فجاء إليه عبد الله يسأله فانشغل عنه رسول الله فلما أكثر عبد الله عليه انصرف عنه النبي عابساً
هو الصحابي الجليل المعروف باسم (ابـن أم مكتـوم) الأعمـى في المدينة اسمه عمرو بن قيس بن زائدة القرشي العامري وفي العراق اسمه عبدالله وفي النهاية اجتمعوا على أنه ابن قيس بن زائدة بن الأصم بن رواحة.
هو عبدالله بن قيس بن زائدة ابن خال السيدة خديجة -رضي الله عنها- أمُّ المؤمنين، واسم أمِّه عاتكة بنت عبدالله بنت عنكثة، ويُقال كان اسمه الحُصين فسمَّاه النبيِّ عبدالله، أسلم في مكة وكان من السابقين الأولين إلى الإسلام، كما أنَّه كان أوَّل من هاجر إلى المدينة وكان يتسابق هو ومصعب بن عمير على أهل المدينة ليقرآنهم القرآن ويفقهوهم بالدَّين، وكان ابن أمَّ مكتوم ضريرًا فقد ذهب بصره وهو غلام؛ لذلك كان النبيُّ يستخلفه في المدينة في عامَّة غزواته، وقد استخلفه النبيُّ ثلاث عشرة مرَّة، كما أنَّه كان يؤذن للصلاة تارةً ويقيم لها تارةً أخرى وقد نزلت به السورة الكريمة سورة عبس فهو الصحابيِّ المقصود بالآية الكريمة {عَبَسَ وَتَوَلَّى*أَن جاءَهُ الأَعمَى} واستُشهد في القادسية في السنة الرابعة للهجرة حيث أنَّه ندب نفسه لحمل راية المسلمين أو الموت دونها.
عبد الله بن أم مكتوم·· سبق غيره الى الإسلام، وتحمل المشاق في سبيل إعلان دينه والإيمان بربه، فهاجر مع المهاجرين من مكة الى المدينة، ولم يقف فقده لبصره عائقاً دون المشاركة في الدعوة الاسلامية، فحفظ القرآن الكريم، وكان قوي الحافظة، وروى الكثير من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم·
وكان ابن أم مكتوم ثاقب الرأي، كريم الخلق، وكان يجلس في المسجد يعظ المسلمين ويعلمهم أمور دينهم ودنياهم، كما كان في فترة بقائه في المدينة اثناء الغزوات يجمع الأطفال ويعلمهم القرآن الكريم·
وكان ابن ام مكتوم قبل كل ذلك جميل الصوت، حلو النبرات، ولهذا جعله الرسول صلى الله عليه وسلم مؤذناً للصلاة مع بلال بن رباح
نسبه
ــــــــــ أمه أم مكتوم اسمها عاتكة بنت عبدالله بن عنكثة بن عامر بن مخزوم، وهو ابن خال السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، فأم خديجة هي فاطمة بنت زائدة الأصم وهي أخت قيس.
إسلامه
ــــــــــ أسلم بمكة قديماً وكان ضرير البصر، هاجر إلى المدينة المنورة بعد مصعب بن عمير، قبل أن يهاجر الرسول -صلى الله عليه وسلم- إليها وقبل بدر قال البراء: (أوّل من قدم علينا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُصعب بن عمير وابن أم مكتوم، فجعلا يُقْرِئان النّاس القرآن).
عبس وتولى
ـــــــــ كان النبـي -صلى الله عليه وسلم- جالساً مع رجال من قريش فيهم عُتبة بن ربيعة وناس من وجوه قريش وهو يقول لهم: (أليس حسناً أن جئتُ بكذا وكذا؟). فيقولون: (بلى والدماء!!). فجاء ابن أم مكتوم وهو مشتغل بهم فسأله عن شيء فأعرض عنه، وعبس بوجهه، فأنزل الله تعإلى مُعاتباُ رسوله الكريم.
قال تعإلى: {عَبَـسَ وَتَولّـى ** أَن جآءَ هُ الأَعْمَـى ** وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّـى ** أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْـرى ** أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى ** فأنْتَ لَهُ تَصَـدَّى ** وَمَا عَلَيْكَ ألا يَزَّكّـَى ** وَأمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى ** وَهُوَ يَخْشَـى ** فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهّـَى}. سورة عبس (آيات 1-10). فلمّا نزلت الآية دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابن أم مكتوم فأكرمه.
الآذان
ـــــــــ كان ابن أم كلثوم يُؤذَّن للنبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة مع بلال، فقد كان بلال يُؤذّن ويُقيم ابن أم مكتوم، وربما أذن ابن أم مكتوم وأقام بلال، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ بلالاً يُنادي بليل، فكلوا واشربوا حتى يُنادي ابن أم مكتوم). وبما أن ابن أم مكتوم أعمى كان لا يُؤذن حتى يُقال له: (أصبحت أصبحت).
البصر
ــــــــ أتى جبريل -عليه السلام- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعنده ابن أم مكتوم فقال: (متى ذهب بصرُك؟). قال: (وأنا غلام). فقال: (قال الله تبارك وتعإلى: (إذا ما أخذتُ كريمة عبدي لم أجِدْ له بها جزاءً إلا الجنة)).
اليهودية
ــــــــ نزل ابن أم مكتوم -رضي الله عنه- على يهودية بالمدينة (عمّة رجل من الأنصار) فكانت تخدمه وتؤذيه في الله ورسوله، فتناولها فضربها فقتلها، فرُفِعَ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (أمّا والله يا رسول الله إن كانت لّتُرْفِقُني -تخدمني- ولكنها آذتني في الله ورسوله، فضربتها فقتلتها). فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أبعدها الله تعإلى، فقد أبطلتْ دَمَها).
المدينة
ـــــــــ استخلفه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المدينة ثلاث عشرة مرة، في غزواته منها: غزوة الأبواء وبواط، وذو العسيرة، وخروجه إلى جهينة في طلب كرز بن جابر، وفي غزوة السويق، وغطفان وأحد وحمراء الأسد، ونجران وذات الرقاع، واستخلفه حين سار إلى بدر، ثم في مسيره إلى حجة الوداع، وشهد فتح القادسية ومعه اللواء. وكان ابن أم مكتوم يُصلّي بالناس في عامّة غزوات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
القاعدون والمجاهدون
ــــــــ عندما نزل قوله تعإلى: {لا يَسْتوي القَاعِدونَ مِنَ المؤمنينَ والمجاهدونَ في سَبيلِ الله}. سورة النساء (آية 95). قال عبد الله بن أم مكتوم: (أيْ ربِّ أَنْزِل عُذري). فأنزل الله {غَيْرُ أولِي الضَّرَرِ}. فجُعِلَتْ بينهما وكان بعد ذلك يغزو فيقول: (ادفعوا إليّ اللواء، فإنّي أعمى لا أستطيع أن أفرّ، و أقيموني بين الصّفَّين).
يقول الإمام الشافعي (رحمه الله):
من سمعَ بأذنه صارَ حاكياً...
ومن أصغى بقلبه كانَ واعياً...
ومن وعظَ بفعله كانَ هادياً...
لقد استخلفه الرسول الكريم على المدينة المنورة ثلاث عشرة مرة اثناء الغزوات· كما استخلفه كذلك في حجة الوداع، وهذا تشريف كبير لابن أم مكتوم من النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكتف ابن أم مكتوم بقعوده في المدينة فقد طال به العمر ليحضر كثيرا من الفتوحات بعد موت الرسول الكريم، وقد اشتاقت نفسه شوقا الى المشاركة في الجهاد والقيام بدور فاعل في ساحة الغزوات غير عابئ كونه فاقدا للبصر وتتهيأ امامه الفرصة حينما اسرع الى معركة القادسية والتي كانت واحدة من المعارك الفاصلة التي قادها سعد بن أبي وقاص بين المسلمين وأعدائهم واستشهد كثير من المسلمين في هذه المعركة وكادوا ينسحبون من الميدان لولا ايمانهم بنصر الله تعالى·
يوم القادسية
ــــــــ
في السنة الرابعة عشرة للهجرة عقد عمر بن الخطاب العزم على أن يخوض مع الفرس معركة فاصلة تديل دولتهم، وتزيل ملكهم، وتفتح الطريق أمام جيوش المسلمين، فكتب إلى عماله يقول: لا تدعوا أحدًا له سلاح، أو فرس، أو نجدة، أو رأي، إلا انتخبتموه ثم وجهتموه إلي... والعجل العجل - السرعة - .
وطفقت جموع المسلمين تلبي نداء الفاروق، وتنهال على المدينة من كل حدب وصوب ، وكان في جملة هؤلاء المجاهد المكفوف البصر عبد الله بن أم مكتوم ,فأمر الفاروق على الجيش الكبير سعد بن أبي وقاص وأوصاه وودعه .
ولما بلغ الجيش القادسية برز عبد الله بن أم مكتوم لابسًا درعه، مستكملاً عدته، وندب نفسه لحمل راية المسلمين والحفاظ عليها، أو الموت دونها .
والتقى الجمعان في أيام ثلاثة قاسية عابسة... واحترب الفريقان حربا لم يشهد لها تاريخ الفتوح مثيلا حتى أنجلى اليوم الثالث عن نصر مؤزر للمسلمين فدالت دولة من أعظم الدول... وزال عرش من أعرق عروش الدنيا.. ورفعت راية التوحيد في أرض الوثنية، وكان ثمن هذا النصر المبين مئات الشهداء... وكان بين هؤلاء الشهداء عبد الله بن أم مكتوم، فقد وجد صريعًا مضرجًا بدمائه وهو يعانق راية المسلمين
وعن أنس أن عبد الله بن زائدة وهو ابن أم مكتوم كان يقاتل يوم القادسية وعليه درع حصينة سابغة
وقال الذهبي : قلت : ويقال استشهد يوم القادسية
شهد ابن أم مكتوم فتح القادسية ومعه اللواء، فقد كانت معه رايةٌ له سَوْداء، وعليه دِرْعٌ له سابغة ثم رجع ابن أم مكتوم إلى المدينة فمات بها.
المصادر
ـــــــــ
1- صور من حياة الصحابة -د. عبد الرحمن رافت باشا
2- الذهبي سير اعلام النبلاء
3- الطبقات لابن سعد
4- صحيح البخاري
5- الإصابة في تمييز الصحابة - لابن حجر العسقلاني.
6- · أسد الغابة - لابن الأثير
7- الواقدي - المغازي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق