الأحد، 23 فبراير 2020

القلاع والحصون في العالم//بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع/د.صالح العطوان الحيالي

القلاع والحصون في العالم الاسلامي اثار شامخة
ــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 8-2-2020
اهتمت العديد من الحضارات في شتى العصور ببناء الحصون والقلاع، وذلك لأهميتها الدفاعية عن المدن والقرى، حيث أن العمارة العسكرية أخذت حيزًا كبيرًا عند عدد من الأمم والشعوب، وتعد في الحضارة الإسلامية واحدة من أهم فنون العمارة التي عرفها التاريخ الإسلامي، كما أنها واحدة من ثلاث أنظمة عمرانية تفتخر بها الحضارة الإسلامية والتي تتضمن المساجد والمساكن والبيوت
عرفت الحضارات القديمة بناء القلاع، وهناك العديد من الآثار الدالة على وجودها، وقد عُرفت في الإسلام وقبله، وخاصةً في العصور الوسطى، في مثلث العالم القديم والذي يسمى الشرق الأدنى أو دول المتوسط، وقد انتشرت في كلٍ من الشام وإيران، وكان بناؤها على نمطين؛ النمط الأول: كان من أجل الهجوم والدفاع سواءً كان إسلاميّا أو غير إسلاميّ، أما الثاني: فقد كان دفاعيًا لحماية الساكنين، وقد ظهر هذا النمط في دولة الحشاشين، فقلاعها كانت من أجل أهدافٍ أمنية ودفاعية، كما كانت تعد بيوتًا للحرس وتؤمن الدولة والساكنين من عمليات التسلل بين الدول الأخرى، كما كانت مصدر نفوذ وسلطان، وقاعدةً أساسيةً للممالك والإمبراطوريات
قليلة هي الدراسات العلمية التاريخية التي ارتبطت بموضوع الحصون والقلاع في تاريخ الحضارة الإنسانية، بشكل علمي ومنهجي، ولا زالت مكتبة التاريخ العربي الإسلامي تفتقر إلى مثل هذا النوع من الدراسات، وقد يجد الباحث في المكتبة التاريخية دراسات عن القلاع والحصون في محتوى دراسات معنية بموضوع العمارة العسكرية لدى الأمم والشعوب، بوصف ذلك وجهًا من وجوه الحضارة الإنسانية، وقد تكون دراسة المؤرخ الألماني (فولفغانغ مولر فيز) في موضوع (القلاع أيام الحروب الصليبية)؛ من أفضل الدراسات العلمية في هذا الجانب، فقد تناول في دراسته هذه عددًا من القلاع التي ارتبطت تاريخيًا بفترة الحروب الصليبية. ومن هذا القبيل كذلك فإن هناك دراسات تاريخية، ارتبطت تاريخيًا في الحديث بموضوعها عن طائفة الحشاشين الإسماعيلية، وتاريخ نشأتها، ولكون هذه الطائفة ارتبطت في أصول نشأتها بالقلاع والحصون الخاصة بها بشكل مباشر؛ فمن خلال الحديث عن هذه الطائفة، تم الحديث عن القلاع وأهميتها في نشأة هذه الطائفة، وقد أسماها -أي الطائفة- القلقشندي في كتابه (صبح الأعشى في صناعة الإنشا) بـ(دولة القلاع)؛ لأهمية القلاع في تاريخ هذه الطائفة ونشأتها.
فتلك هي الحصون والقلاع في ذاكرة التاريخ الإنساني، أما في الإسلامي فهي تمثل العمارة العسكرية التي عرفها التاريخ الإسلامي، وهي واحدة من ثلاثة أنظمة عمرانية تفخر فيها الحضارة الإسلامية، الدينية ممثلة في المساجد وما رافقها، والمدنية في المساكن والبيوت، والعسكرية
تعريف القلعة
ـــــــــــ عرَّف ابن منظور في كتابه لسان العرب القلعة بأنها: الحصن الممتنع في جبل، جمعها قِلاعٌ وقِلَعٌ وقَلُوعٌ؛ والقلْعة بسكون اللام هي الحصن المشرف، وقد جاء تعريفها في الموسوعة العربية العالمية بأنها: (حصن منيع يشيد في موقع يصعب الوصول إليه، وغالبًا ما يكون مشيدًا على قمة جبل أو مشرفًا على بحر، وقد وجد بعضها قائمًا على أرض منبسطة، وكانت القلاع والحصون عند العرب وغيرهم تؤدي دور البيت، بما تحتوي عليه من غذاء وماء ومستلزمات العيش والدفاع لساكنيها). وفي الموسوعة الإسلامية جاء تعريف القلعة بأنها: الحصن، وهي مشتقة من الكلمة الإسبانية التي أخذها الإسبان من المسلمين، عندما أطلقوا على شبه الجزيرة الأيبرية، التي تضم البرتغال وإسبانيا اسم (القلاع)، فالكلمة الإسبانية Al Cal,a هي في أصلها لفظة عربية، وهنا فالدلالة اللفظية للحصن والقلعة واحدة، ولا يختلف كلاهما عن الغرض الذي من أجله تم بناء القلعة. والقلاع في نظام البناء على ثلاثة أنواع، إما أن تكون على جبل أو هضبة، أو مخندقة وحولها ماء، أو ما يجمع بين الخندقة والارتفاع، مثل قلعة حلب التي كان يحيط بها نهر قويق.
وكانت القلاع عند العرب وغيرهم من الأمم الأخرى تؤدي دور البيت والحصن والسجن ومستودع الأسلحة وبيت المال ومركز الحكومة المحلية. وكثيرًا ما كانت تنشأ القرى حول القلاع. وعندما غدت المدن، في وقت لاحق، ذات أهمية، أصبحت القلاع تشكل جزءًا من شبكة دفاعاتها. واعتمد الدفاع عن أي قلعة من القلاع على موقعها، إذ إن بعض القلاع قد تم بناؤها على قمة تلال شديدة الانحدار، في حين تم بناء بعضها الآخر على سطح أرض منبسطة.
الحصن: هو أكبر عمائر الاستحكامات الحربية، وهو كل بناء يحيط بمساحة من الأرض ليحميها ويحصنها، ضد أي اعتداء من داخل البلاد أو من خارجها، ومن ثم فإن أسوار المدن كانت تعرف في العصور الوسطى باسم (الحصون)، مثل: أسوار بغداد والقيروان والمدينة المنورة ودمشق، والدرعية وغيرها من المدن، وإلى اليوم، فإن الكثير من المدن تحتفظ بأسوارها مثل دمشق والمدن العثمانية والعمانية، والأسوار التي تتحصن المدن بها تتميز عن غيرها بعلوّها ومتانتها، وذلك بهدف الغرض من بنائها. وقد حدثنا القرآن الكريم في سورة الحشر عن خروج بني النضير من ديارهم في المدينة، ثم من حصونهم في خيبر، قال تعالى: ﴿ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ﴾ [الحشر: 2].
القلعة: هي استحكام حربي يبني في منطقة إستراتيجية كالجبل والتل أو الروابي الصخرية أو على سواحل البحار، فهي قاصرة على المراقبة والدفاع ضد أي عدوان خارجي، فمكوناتها هي مكونات الحصن في البناء، وكلا البناءين يخدمان الغرض في مسألة الدفاع وصد أي هجوم خارجي، والقلعة بوصفها بناء حربيًا فإن كل ساكنيها عسكريون، بخلاف الحصن الذي يجلس فيه الحاكم ومن معه من رعيته، ليتحول إلى مدينة صغيرة فيها المسجد وقصر الحكم وغير ذلك من المرافق الخدمية.
تختلف الحصون عن القلاع في أنّها مبانٍ محصنة، عسكرية وليست مساكن، وقد بنيت هذه المباني تحديداً في الحروب بهدف الدفاع عن أقاليم مُحددة، وتعود الحصون إلى آلاف السنين، كما يُعتقد أنّ بناءها قد سبق بناء القلاع، وقد أُقيمت الحصون بشكلٍ دائم، أو بشكلٍ مؤقت في أوقات المعارك فقط، ويضاف إلى ذلك أنّ طرازها المعماري قد تطور مع مجيء المدافع والمتفجرات، و تحسنت قدراتها الدفاعية مع التقدم العسكري الذي حصل في الحرب العالمية الأولى.
أمّا القلاع فهي مساكن ضخمة ومحصنة بجدرانٍ قوية؛ للحماية من الهجمات، بنيت لأول مرة من قبل الملوك الأوروبيين في العصور الوسطى، وغالباً ما كانت تحاط بخنادق بهدف إعاقة الهجمات، كما أنّها تحتوي على فتحاتٍ في أعلى الجدران العالية والأبواب؛ بهدف إطلاق السِهام من خلالها، وغالباً ما كان اللورد وطبقة النبلاء يعيشون فيها، أي أنّ القلاع كانت بمثابة مركزٍ للحماية، ومركز عسكري وإداري، ورمز للثروة والسلطة
خصائص القلاع والحصون
ــــــــــــــــ تعتبر القلاع والحصون من أبرز المعالم التاريخية التي شيدت منذ آلاف السنين, فهي رمز حضاري وتراثي ثمين, تشهد لماضيها العريق وتشير إلى أهمية موقعيتها على صفحات التاريخ, وما أدته من دورحيوي وبارز في خدمة الأمم والشعوب. وهي نتاج تراكمي لعقود طويلة من المعارف الإنسانية إجتمعت فيها الخبرات والتجارب, وإنصهرت فيها القيم الدينية والبيئية والإقتصادية والإنسانية والعسكرية والعادات والتقاليد لتشكل حضارة, فحضارة مجتمع هي حصيلة تجاربه وإنجازاته, وشواهده ومدلولاته التي تشير إلى كل مرحلة من مراحل تطوره, وشواخصه ألأثرية التي إندثر بعضها وبقي البعض الآخر ليدل عليه كما هي اليوم.
وكانت القلاع تمثل بيوتا للحرس, وتؤمن الحماية والحراسة من عمليات التسلل بين دولة وأخرى, وتقوم أحيانا بدور الحدود التي تفصل بين الدول والمواطن المجاورة, لهذا عادة ما يستحكم سور القلعة بشكل مثبت وقوي يضم بين جنباته فتحات إطلاق نار ومخابئ. فكانت القلاع والحصون إلى وقت ليس بعيد مصدر سلطان نفوذ الدولة, وكانت قاعدة أساسية للممالك والدول وإمبراطوريات العصور القديمة التي تأسست في موطن العرب ومهد الحضارات., فالقلعة مكان استقرار الحاكم والحصن يدافع به عن نفسه من مهاجمة الأعداء وأطماع الغير.
أُحيطتْ الجدران الخارجية للقلعة بشرفات مسننة وهي أسوار دفاعية، وكانت هذه الشرفات المسننة تبرز من فوق الجدران. وكان بإمكان المدافعين رمي الأحجار أو صب السوائل المغلية على المهاجمين من خلال ثقوب موجودة في الأدوار. وكان المدافعون يقفون على أفاريز (أماكن ناتئة ومرتفعة) تدعى المتاريس أو الاستحكامات تمتد على كل المحيط الداخلي للشرفات المسننة. وكان الناس يطلقون السهام أو يقذفون الرماح والصخور من خلال حجيرات ضيقة موجودة في الأبراج التي تنتصب بأبعاد محددة على امتداد الجدران. وقد حمت الشَّعريات (وهي بوابات مصفحة) المدخل الرئيسي للقلعة.
إن أقوى أقسام القلعة هو الحصن، أو البرج المحصن، وهو بناء شاهق يشبه البرج وله جدران سميكة، وكان بالإمكان الدفاع عن هذا الحصن بيسر حتى وإن تمَّ الاستيلاء على بقية القلعة أو تدميرها.
القلعة وأبنيتها المساندة
ــــــــــــــــــ
1- المزاغل: فتحات في جدران القلعة لرمي القاذورات والأوساخ.
2 - الساقطات: شرفات تبرز متقدمة في وجه الجدران في الأسوار حصونًا كانت أو قلاعًا ومنها ترمى السهام والنيران وكذلك يصب الزيت الحار على المهاجمين.
3- المقرنصات: فن عربي في بناء الأقواس والزوايا في القلاع والمباني.
4 - المتراس: وسيلة دفاعية يقف خلفها المدافعون عن القلعة أو الحصن.
5 - البربقان: عبارة عن برج كبير، يبنى على مسافة قريبة من الحصن أو القلعة، وبينه وبين الحصن قنطرة أو جسر يوصله في القلعة، وهو وسيلة من وسائل الدفاع عن القلعة.
6 - المشربيات: شرفات خشبية بارزة على جدار البناء تلعب دور النافذة من الطوابق العليا.
6 - الباشورة: عبارة عن مداخل متعرجة، تنعطف يمنة ويسرة عند مدخل القلعة.
النظام الإداري في الحصن أو القلعة
ــــــــــــــــ
تخضع الحصون والقلاع في كل المجتمعات أو الأمم إلى أنظمة إدارية تُحكم فيها القلعة أو الحصن، وقد عَرَفَ المسلمون مثل هذه الأنظمة، فأقاموها على حصونهم وفي قلاعهم، وقد جاء السُّلّم الإداري في القلعة الإسلامية على الشكل التالي:
1- حاكم القلعة: كان يُسمى دزدارًا، وهو حافظ القلعة وصاحبها، ويقوم على مساعدته عدد من العسكريين والإداريين.
2- نيابة القلعة: هي نيابة منفردة عن نيابة السلطة، وتتم ولايتها بموجب أمر سلطاني من ديوان الإنشا الشريف، ونائب القلعة هو المتحدث عنها، وهو الذي يفتح بابها للسلطان، ومن مهماته تعيين قارع الطبل فيها، وضارب الطبل هنا في مهمته في القلعة كضارب بوق صافرة الإنذار اليوم.
ولاة القلعة
ـــــــــــــ
1- والي القلعة المتحدث على باب القلعة، وعليه فتح بابها وإغلاقه، وتحت إمرته عدد من الأفراد.
2- الثاني: والي باب القلعة وهو يتبع الأول ويعمل بإمرته، ومعه من الأعوان عشرة جنود.
3 - نقيب القلعة: هذه الوظيفة والمهمة خاصة بالعسكر، وغالبًا ما ينوب النقيب عن والي القلعة.
4 - أمين القلعة: مهمته الكشف على القلاع، وتفقد أحوالها وما تحتاج إليه.
5 - وكيل القلعة: هو الذي ينوب عن والي القلعة ببعض الأعمال التي يكلفه فيها الوالي.
6 - ناظر العمائر: وهو صاحب الإشراف على أعمال البناء والمهندسين، وغالبًا ما يكون هو نفسه مهندسًا.
أشهر القلاع في التاريخ الإسلامي
ـــــــــــــــــ
عرف العرب القلاع والحصون وتفننوا في هندستها، ونالت شهرة تاريخية واسعة فبعضها ارتبط بمعارك شهيرة. وقد امتدت هذه القلاع من أقصى الركن الشرقي لشبه جزيرة العرب جنوبًا إلى بلاد الشام شمالًا ومن العراق شرقًا حتى بلاد المغرب في الغرب، ومن أشهر تلك القلاع:
1-قلعة صلاح الدين: بناها في القاهرة على جبل المقطم، وذلك قبل خروجه من مصر لتحرير بيت المقدس من أيدي الصليبيين، جاء بناؤها بعد أن أنهى الحكم الفاطمي في مصر، وقد ابتدأ البناء فيها سنة (572هـ - 579هـ/ 1176 - 1183م).
2-قلعة آلموت في إيران: وقد سبق الحديث عن تاريخ نشأتها، على يد طائفة الحشاشين، وأهم الأحداث التي ارتبطت بالقلعة هذه وخاصة ما كان منها ضد المسلمين السنة.
3-قلعة مصياف: وقد سبق الحديث عنها وعن شيخها كقاعدة لطائفة الإسماعيلية في بلاد الشام.
4-حصن إنطاكية: وقد سبق الحديث عنه وكيف استولى عليه الصليبيون.
5 قلعة الجبل: وهي قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتسمى الآن بقلعة محمد علي بالقاهرة، بنيت سنة 572هـ / 1176م، وتعتبر قلعة صلاح الدين الأيوبى بالقاهرة من أفخم القلاع الحربية التي شيدت في العصور الوسطى فموقعها استراتيجي من الدرجة الأولى، بما يوفره هذا الموقع من أهمية دفاعية لأنه يسيطر على مدينتيّ القاهرة والفسطاط، كما أنه يشكل حاجزا طبيعيا مرتفعا بين المدينتين. وهو بهذا الموقع كان يمكن توفير الاتصال بين القلعة والمدينة في حالة الحصار، كما أنها سوف تصبح المعقل الأخير للاعتصام بها في حالة إذا ما سقطت المدينة بيد العدو.
6-قلعة الكرك: بنيت هذه القلعة بأمر من ملك بيت المقدس (فولك Fulk)، والذي بناها هو الإقطاعي الصليبي (لوبوتاييه)، ثم آل أمرها إلى الإقطاعي (رينو دي شاتيون "أرناط")، وذلك سنة 1177م، وكان هذا الرجل مجرمًا قطع طريق حج المسلمين، واعتدى على قافلة فيها شقيقة صلاح الدين، وقد تمكن صلاح الدين الأيوبي من قتله بيده بعد أن تم له أسره.
7- قلعة دمشق: وهي تعد من أقدم الاستحكامات الحربية الإسلامية، فقد بناها الأمويون، وقد لحقها الخراب على يد العباسيين، وقد تعاون الفاطميون مع الصليبيين على تسليمهم دمشق، بعد القضاء على السلاجقة.
8 قلعة حلب: وقد بنيت قبل الإسلام، وتسمى الشهباء، وبداخلها جبلان ينبع منهما الماء، وسورها متداني الأبراج. وجدد بناءها سيف الدولة الحمداني (420هـ / 1029م)، وأصابها على يد المغول ما أصاب غيرها من بلاد الشام.
9-قلعة المصمك بالرياض بالمملكة العربية السعودية: وقد شهدت أحداثًا تاريخية تجعل منها أكثر من كونها مجرد بناء أثري.
10- قلعة نخل: إحدى القلاع التاريخية في سلطنة عمان، تقف شامخة فوق صخرة عالية.
11- قلعة زمرد في طريق خيبر العلا بالسعودية: وكانت تتكون من طابقين على طريق الحج الشامي المصري، ويعود تاريخها إلى العصر العثماني، وكذلك قلعة المعظم في السعودية أيضًا وهي قلعة مربعة أصغر حجمًا من قلعة زمرد لكنها كانت أكثر تحصنًا منها.
وتعد القلاع العمانية من أبرز معالمها، حيث تفننوا في هندسة الحصون والقلاع والأسوار، ودافعوا بهذه الحصون عن الركن الجنوبي الشرقي من الجزيرة العربية. ومن الحصون المهمة فيها حصن نزوي، الذي شيد إبان حكم الإمام الصلت بن مالك الخروصي (حكم عام 347هـ / 958م)، وكذلك قلعة نزوي التي بناها الإمام سلطان بن سيف الذي حكم 1062هـ / 1652م، وهي قلعة دائرية الشكل، قطرها 27م وارتفاعها 34م، ومدعمة بالحجارة، ولها سبع بوابات. وفي عمان أيضًا قلعة صحار (قصر صحار) التي بنيت في عهد الإمام ناصر بن مرشد الذي حكم سنة 1024هـ / 1615م، وهي قلعة مربعة الشكل.
وفي قطر والبحرين توجد قلاع شيدت خلال حقب مختلفة: ففي قطر على سبيل المثال توجد قلعة القلعة، وهي مربعة الشكل، طول ضلعها نحو 26م، ولها مدخل واحد يؤدي إلى دهليز، يؤدي بدوره إلى الساحة التي تحيط بها من الشمال والغرب حجرات مستطيلة. أما في البحرين فتوجد قلاع من أهمها القلعة الإسلامية وقلعة عراد، وقلعة البحرين (قلعة البرتغال) وغيرها.
ومن أشهر القلاع في الشرق العربي: القلاع التي شيدها المماليك على سواحل البحر الأبيض المتوسط، مثل قلعة قايتباي في الإسكندرية. ولعل أشهر قلعة في مصر هي القلعة التي بناها المماليك وحدثت بها ما سمي في التاريخ مذبحة القلعة، التي قضى فيها محمد علي باشا على جميع رؤساء المماليك.
وهناك من القلاع العربية ما شهد معارك حاسمة: مثل قلعة المضيق في سوريا، التي عقدت فيها معاهدة بين أنطيوخس الثالث والرومان عام 188 ق.م. واستولى عليها الصليبيون إلا أن نور الدين زنكي استعادها عام 534هـ / 1139م، وكذلك قلعة الحصن أو حصن الأكراد في حمص بسوريا التي احتلها الصليبيون عام 504هـ / 1110م ثم استعادها الظاهر بيبرس عام 670هـ / 1271م. ومن القلاع التي دارت حولها معارك قلعة الملك، وكانت إحدى القلاع الرومية في صقلية، جرت منها معركة عنيفة انتهت بفتحها على يد المسلمين، وكان ذلك عام 286هـ / 881م.
ومن القلاع المشهورة في المغرب العربي: قلعة بني راشد التي دارت حولها معركة شرسة بين قوات عروج بن يعقوب حاكم دولة الجزائر بقيادة شقيقه إسحاق وقوات سلطان تلمسان الزياني أبو حمو بمساندة فرقة من الجيش الأسباني، وانتهت معركة القلعة بسقوطها بعد اغتيال إسحاق في عام 924هـ / 1518م.
فتلك هي القلاع والحصون في ذاكرة التاريخ الإنساني، في نشأتها وفي تاريخ أحداثها، وخاصة منها ما كان في فترة الحروب الصليبية، في بلاد الشام، ومصر وبلدان المشرق الإسلامي والمغرب العربي.
المصادر
ـــــــ
1- القلقشندي - صبح الاعشا في صناعة الانشا
2- ابن منظور - لسان العرب
3- الموسوعة العربية العالمية
4- الموسوعة الاسلامية
5- د. سعاد ماهر - فن العمارة الاسلامية
6- عبد الكريم سمك: الحصون والقلاع .. عمارتها وأنظمتها ودورها التاريخي،
7 - عالية فريد: القلاع والحصون التاريخية .. حضارة لاتنسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق