الأحد، 23 فبراير 2020

من صغار الصحابة//بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع/د.صالح العطوان الحيالي

الصحابي سمرة بن جندب -- من صغار الصحابة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 12-2-2020
صِغَارُ الصَّحَابَةِ هُمْ الذِينَ كَانُوا صِغَارًا فِي عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتُوُفِّـيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ صِبْيَةٌ مُـمَيِّزُون أَوْ فِتْيَة قَرِيبونَ مِنْ ذَلِكَ، وَهُمْ نَوْعَانِ:
1- مَنْ سَـمِعوا مِنَ النَّبِيِّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ َوسَلَّمَ وَرَوَوْا عَنْهُ، وَهَؤُلاَءِ يُقَارِبونَ التَّابِعينَ فِي كَوْنِ غَالِبِ رِوَايَتِهِمْ عَنِ الصَّحَابَةِ.
2- مَنْ وُلِدوا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَبْلُغُوا أَنْ يَسْمَعوا مِنْهُ فَرِوَايَتُهُمْ مِنْ قَبِيلِ مَرَاسِيلِ كِبارِ التَّابِعينَ، وَلَيْسَتْ مِنْ قَبيلِ مَرَاسيلِ الصَّحَابَةِ. وَصِغَارُ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ مَنْ مَاتَ قَرِيبًا مِنْ عَهْدِ النُّبُوَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأخَرَّتْ وَفَيَاتُـهُمْ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
من بين الفتية الذين تَلَقَّوْا دروسهم الأُولى من مدرسة النبوة: شابٌّ من القادة الشجعان، لم يدركْ الجاهلية، عُرِفَ بخصاله الحسنة، وشمائله الكريمة.. لَاقَى النبي صلى الله عليه وسلم,هو بعد طفل، فاكتسب صحبته، وهو صغير، وكان من حلفاء الأنصار.نه البطل المقدام، والأسد الهمام، الصحابي الجليل: سَمُرَة بن جُنْدُب، ويكنى أبا سليمان، وقيل: أبو سعيد..
سَمُرَةَ بنُ جُنْدب بن هلال بن حَرِيج بن مُرَّة بن حَزْن بن عمرو بن جابر بن عُقَيل بن هلال بن سُمَيّ بن مالك بن فَزَارَة بن ذُبيان بن بَغِيض بن رَيثِ بن غَطفَان بن سَعد بن قيس بن عَيلان بن مُضَر.يُكْنَى أبا عبد الرّحمن. وقيل: أبو عبد الله. وقيل أبو سليمان. وقيل: يُكْنَى أبا سعيد
نشأَ سمرة في ديار الأنصار، فَتَطَبَّعَ بأَخلاقهم الطيبة، وسجاياهم الكريمة، وخصالهم الرفيعة.. ذلكم أَن أُمَّهُ قَدِمَتْ به بعد موت أبيه، فتزوجَها رجل من الأنصار اسمه: مري بن شيبان بن ثعلبة، وكان سمرة في حِجْرِه إلى أن صار غلاماً.
شهد الجميع لِسَمُرَةَ بالكرم والشجاعة، والوقوف بحزم لكل من أخطأ في حَقِّ الإسلام، والكيد له أَو لأَهله.
أمّ سمرة بن جُندب مات عنها زوْجُها، وترك ابنه سمرة، وكانت امرأةً جميلةً فقدمت المدينة فخطبت، فجعلت تقول: إنها لا تتزوّج إلا برجل يكفل لها نفقةَ ابنها سمرة حتى يبلغ، فتزوّجها رجلٌ من الأنصار على ذلك، فكانت معه في الأنصار
حَرِصَ الفتيان والشباب من الصحابة على أن ينالوا شرف الغزوات، لأنهم لم يتربوا على الدلال المفرط، والانطوائية القاتلة، بل شاركوا في بطولاتٍ منقطعة النظير، وأسهموا بكل طاقاتهم في النصر الذي وعد الله به المؤمنين.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعرض غلمان الأنصار كل سنة، فَمَرَّ به غلام فأجازه في البعث، وعُرِضَ عليه سمرةُ بَعْدَهُ فَرَدَّهُ، فقال سمرة: لقد أجزتَ هذا ورددتني، ولو صارعته لصرعته! قال: "فدونكه"، فصارعه فصرعه سمرة، فأجازه. وكان ذلك يوم أُحد... إنها شجاعة نادرة لم يقو عليها كثير من الرجال.
غزا مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم غير غزوة كانت أُمَّ سَمُرَةَ بن جندب تحتَ مُرَيّ بن سنان بن ثعلبة. عم أبي سعيد الخُدْرِيّ ـــ فكان ربيبُهُ، فلما خرج رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى أُحدٍ وعَرَضَ أصحابَهُ فَرَدّ من استصغَر، رَدَّ سَمُرَةَ بن جُنْدب وَأَجَازَ رافع بن خَدِيج. فقال سَمُرَةُ بن جُنْدب لربيبهِ مُرَيّ: يَاأَبَتِ، أجاز رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم رافعَ بن خديج وردَّني. وأنا أَصْرَعُ رَافِعَ بن خَدِيج، فقال مُرَيّ بن سنان: يا رسول الله رددتَ ابني وأجزتَ رافعَ بن خَدِيج، وابني يصرعه، فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم لرافع وسمرة: "تصارعا"! فصرع سَمُرَةُ رافعًا، فأجازهُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في أُحُدٍ فشهدها مع المسلمين
كان ابن سيرين والحسن وفُضلاء أهلِ البصرة يثنون عليه ويجيبون عنه. وقال ابن سيرين: في رسالة سمرة إلى بنيه عِلمٌ كثير
عبد الله بن بريدة. قال: سمعْتُ سمرة بن جندب يقول: لقد كنْتُ على عَهْدِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم غلامًا، فكنْتُ أحفظ عنه، وما يمنعني من القول إلّا أنَّ ها هنا رجالًا هم أسنّ منّي، ولقد صلّيْتُ مع رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم على امرأةٍ ماتت في نِفاسها، فقام عليها للصّلاة وسطها
سكن البصرة. وكان زياد يستخلفه عليها ستة أشهر وعلى الكوفة ستة أشهر، فلما مات زياد استخلفه على البصرة. فأقرّه معاوية عليها عامًا أو نحوه، ثم عزله، وكان شديدًا على الحروريّة، كان إذا أتى بواحد منهم قتله ولم يُقِلْه، ويقول: شر قتلى تحت أديم السماءِ يكفُرون المسلمين ويسفكون الدّماء. فالحروريّة ومَنْ قاربهم في مذهبهم يطعنون عليه وينالَونَ منه.
عن أوس بن خالد، قال: كنتُ إذا قَدِمتُ على أبي مَحْذُورَةَ سألني عن سَمُرة، وإذا قدمت على سَمُرة سألني عن أبي مَحْذُورَةَ، قال: فقلت لأبي محذورةَ: ما شأني إذا قدمتُ عليك سألتني عن سمرة وإذا قدمت على سمرة سألني عنك قال: فقال: إِنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أتى على بيت وأنا فيه وأبو هريرة وسمرة فقام على باب البيت فقال: "آخركم موتًا في النار". فمات أبو هريرةَ ثم مات أبو مَحْذُورَةَ ثم مات سَمُرَةُ
أبا يزيد المدِيني قال: لما مرض سمرة بن جندب مرضه الذي مات فيه، أصابه بردٌ شديدٌ، فأُوقدت له نار، فَجُعلَ كانونٌ بين يديه، وكانونٌ من خلفِهِ، وكانون عن يمينهِ، وكانون عن يساره، قال: فجعل لاينتفعُ بذلك ويقول: كيف أصنع بما في جوفي! فلم يزل كذلك حتى مات.
روى ابن عبد البر عن محمد بن سيرين قال: "كان سمرة عظيم الأمانة، صدوق الحديث، يحب الإسلام وأهله". وَيعرِّفه الذهبي في تاريخه فيقول: له صحبة ورواية وشرف
روايته للحديث النبوي
روى عن: النبي محمد وأبي عبيدة بن الجراح.
روى عنه: ابنه سليمان بن سمرة وأبو قلابة الجرمي وعبد الله بن بريدة وأبو رجاء العطاردي وأبو نضرة العبدي والحسن البصري ومحمد بن سيرين وعامر الشعبي وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعلي بن ربيعة الوالبي ويزيد بن عبد الله بن الشخير وأبو العلاء والأسقع بن الأسلع وثعلبة بن عباد وحصين بن أبي الحر العنبري والربيع بن عميلة الفزاري وزيد بن عقبة الفزاري وابنه سعد بن سمرة بن جندب وسمعان بن مشنج وسوادة بن حنظلة القشيري وعبد الرحمن الجرمي وقدامة بن وبرة وأبو الدهماء قرفة بن بهيس العدوي ومحمد الباقر والمهلب بن أبي صفرة وميمون بن أبي شبيب وهلال بن يساف وهياج بن عمران البرجمي وأبو أيوب يحيى بن مالك المراغي وأبو المهلب الجرمي.
۱. أخرج أبو داود، عن الهياج بن عمران، انّعمران أبق له غلام فجعل للّه عليه لئن قدر عليه ليقطعنّ يده، فأرسلني لاَسأل له: فأتيت سمرة بن جندب فسألته، فقال: كان نبي اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يحثّنا على الصدقة و ينهانا عن المثلة.
۲. أخرج الترمذي عن الحسن، عن سمرة بن جندب: انّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: أيّ امرأة زوّجها وليّان، فهي للاَوّل منهما، و من باع بيعاً من رجلين فهو للاَوّل منهما.
۳. أخرج الاِمام أحمد، عن الحسن، عن سمرة بن جندب انّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: البيّعان بالخيار مالم يفترقا.
۴. أخرج الاِمام أحمد، عن الحسن، عن سمرة انّ رسول اللّهنهى أنْ يخطب الرجل على خطبة أخيه أو يبتاع على بيعه
۵. أخرج الاِمام أحمد، عن الحسن، عن سمرة قال: قال رسول اللّه «صلى الله عليه وآله وسلم» : الرجل أحقّ بعين ماله إذا وجده و يتبع البائع من باعه.
۶. أخرج الاِمام أحمد، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من أحاط حائطاً على أرض فهي له.
۷. أخرج أبو داود، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي قال: على اليد ما أخذت حتّى توَدي.
۸. أخرج مسلم في صحيحه عن عبد الرحمان بن أبي ليلى، عن سمرة بن جندب انّ رسول اللّه قال: من حدّث عني حديثاً يرى أنّه كذب فهو أحد الكاذبين.
۹. أخرج ابن ماجة، عن ابن سمرة بن جندب، عن أبيه،قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : من قتل فله السّلب.
۱۰. أخرج ابن ماجة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : الحسب المال، والكرم التقوى.
هذه جملة من أحاديثه التي يوَيد مضامينها الكتاب والسنة و اتّفاق المسلمين والعقل الحصيف، استعرضناها في مقابل ما نستعرضه من رواياته السقيمة وما أكثرها ونقتصر على قسم منها.
منزلته: قال محمد بن سيرين: «كان سمرة عظيم الأمانة، صدوقًا»، كما كان الحسن وابن سيرين يثنيان عليه، وقد روى له الجماعة.
كانت وفاتُه بالبصرة في خلافة معاوية سنة ثماني وخمسين، سقط في قِدْرٍ مملوءة ماء حارًا كان يتعالج بالقعود عليها، من كُزَاز شديد أصابه، فسقط في القِدْر الحارة فمات، فكان ذلك تصديقًا لقول رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم له ولأبي هريرة ولثالث معهما: "آخِرُكُم مَوْتًا فِي النَّارِ
المصادر
ــــــــــــ
1- الطبقات الكبرى لابن سعد
2- الاستيعاب في معرفة الاصحاب
3- اسد الغابة
4- الاصابة في تمييز الصحابة
5- تهذيب الكمال للمزي
6- سير أعلام النبلاء
7- تح المغيث : 140/2
8-- السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي : (ص: 109) .
9 - تدريب الراوي : 711/2
10- علم الرجال نشأته وتطوره من القرن الأول إلى نهاية القرن التاسع : (ص: 56)
11 - منهج النقد فـي علوم الـحديث : ص148
12- الذهبي: تاريخ الاِسلام
13- تاريخ الطبري
14- ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة
15- سنن ابي داود
16- مسند احمد
17- صحيح البخاري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق