الأحد، 23 فبراير 2020

الصحابي محمد بن مسلمة/بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع/د صالح العطوان الحيالي - العراق- 29-1-2020

الصحابي محمد بن مسلمة
ـــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 11-1-2020
محمد بن مسلمة بن سلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن غسان بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان أمه: أم سهم، واسمها: خليدة بنت أبي عبيد بن وهب بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة بن كعب، وكان يُكنَّى أبا عبد الله
أحد الصحابة، ولد قبل البعثة باثنتين وعشرين سنة،ويقال وُلد في يثرب قبل الهجرة بواحدٍ وثلاثين سنةً، وهو من ضمن عددٍ قليلٍ من المواليد الذين أُطلق عليهم اسم محمد في الجاهلية وتوفي سنة 43 هـ، وعمره 77 سنة، وكان له من الولد عشرة ذكور وست بنات. شهد بدرا وما بعدها من الغزوات. واستخلفه النبي على المدينة في بعض غزواته، وأمَّره على نحو إحدى وخمسين سرية، وكان يرسله ليأتي بالصدقات من الإمارات الإسلامية.
اسلم على يد مصعب بن عمير حينما كان في المدينة، وآخى الرسول بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح، وكان أحد الذين قتلوا كعب بن الأشرف الشاعر اليهودي.
وقد روى بعض الأحاديث عن الرسول، وقاتل مع المسلمين بعد وفاة النبي مع أبي بكر وعمر، وعثمان.
كان “محمد بن مَسلمة” أسمر شديد السُمرة، طويل القامة، أصلع الرأس، ضخم الجسم، وقورًا ، أسلم بالمدينة على يد مصعب بن عمير، وآخَى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح، وشهد بدرا، وأُحُدا، وكان فيمن ثبت مع رسول الله يومئذٍ حين ولّى الناس، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما عدا غزوة تبوك التي استخلفه فيها رسول الله على المدينة. خلف محمد بن مسلمة من الولد عشرة بنين وست بنات، عبد الرحمن وأم عيسى وأم الحارث أمهم أم عمرو بنت سلامة بن وقش من بني عبد الأشهل، وعبد الله وأم أحمد أمهما عمرة بنت مسعود بن أوس الظفرية الأوسية، وسعد وجعفر وأم زيد أمهم قتيلة بنت الحصين بن ضمضم من بني مرة بن عوف من قيس عيلان، وعمر أمه زهراء بنت عمار بن معمر من بني مرة من بني خصيلة من قيس عيلان أيضًا، وأنس وعمرة أمهما من بطن من بطون قبيلة كلب، وقيس وزيد ومحمد ومحمود وحفصة أمهاتهم أمهات أولاد.
محمد بن مسلمة بن سلمة هو رجل المهام الصعبة،‮ ‬وقائد سرايا العمليات الخاصة في‮ ‬عهد النبي‮ ‬صلى الله عليه وسلم، ‮لن تفقده عند كل مهمة صعبة،‮ ‬كان دائماً في‮ ‬مقدمة الصفوف المقاتلة في‮ ‬سبيل الله،‮ ‬فقد بعثه صلى الله عليه وسلم على رأس خمس عشرة سرية،‮ كما شهد بدر وأحد والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا غزوة تبوك حيث استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة يومئذ،وفي غزوة بني قينقاع تولى محمد بن مسلمة رضي الله عنه إخراج اليهود من المدينة وجمع الغنائم والأموال والأسلحة التي خلّفوها وراءهم
‬وكان ابن مسلمة‮ ‬يفخر بذلك ويقول‮: «‬يا بني‮ ‬سلوني‮ ‬عن مشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني‮ ‬لم أتخلف عنه في‮ ‬غزوة قط،‮ ‬إلا واحدة في‮ ‬تبوك خلّفني‮ ‬على المدينة،‮ ‬وسلوني‮ ‬عن سراياه صلى الله عليه وسلم فإنه ليس منها سرية تخفى علي،‮ ‬إما أن أكون فيها،‮ ‬أو أن أعلمها حين خرجت‮».‬
استعمل النبي صلى الله عليه وسلم، محمد بن مسلمة، في ليلة غزوة أُحُد، على الحرس فِي 50 رجلا يطوفون بالعسكر، وفي صباح اليوم التالي شارك في المعركة ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يفارقه، وظل معه حين اضطرب حال المسلمين، يقاتل ويدافع عن النبي، وعندما جُرح النبي صلى الله عليه وسلم، خرج محمد بن مسلمة يطلب من النساء ماءً فلم يجد عندهن ماء، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عطش عطشًا شديدًا، فاخترق محمد بن مسلمة رضي الله عنه الصفوف، بين السيوف والحراب واضطراب حال المسلمين، حتى وصل إلى قناة ماء، واستقى، وأتى النبي بماءٍ عذب، فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعا له بخير.
قبيل توقيع صلح الحديبية بين المسلمين ومشركي‮ ‬مكة في‮ ‬العام السادس للهجرة،‮ ‬كانت قريش قد بدأت تفكر جدياً‮ ‬في‮ ‬الصلح،‮ ‬فأرادت مجموعة من شباب قريش أن‮ ‬يقطعوا كل طريق للصلح،‮ ‬وعملوا على فرض القتال بين المسلمين ومشركي مكة،‮ ‬فتسللت هذه المجموعة وهم حوالي‮ ‬خمسين من المشركين،‮ ‬إلى معسكر المسلمين ليلاً،‮ ‬وكان محمد بن مسلمة رضي‮ ‬الله عنه على رأس مجموعة من المجاهدين في‮ ‬انتظارهم،‮ ‬فاعتقلهم،‮ ‬وساق ذلك الصيد الثمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن مكنه الله منهم،‮ ‬فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإطلاقهم تأكيداً‮ ‬على نيته في‮ ‬الصلح،‮ ‬ونزل في‮ ‬ذلك قوله تعالى‮: «‬وَهُوَ‮ ‬الَّذِي‮ ‬كَفَّ‮ ‬أَيْدِيَهُمْ‮ ‬عَنْكُمْ‮ ‬وَأَيْدِيَكُمْ‮‬عَنْهُمْ‮ ‬بِبَطْنِ‮ ‬مَكَّةَ‮ ‬مِنْ‮ ‬بَعْدِ‮ ‬أَنْ‮ ‬أَظْفَرَكُمْ‮ ‬عَلَيْهِمْ‮ ‬وَكَانَ‮ ‬اللهُ‮ ‬بِمَا تَعْمَلُونَ‮ ‬بَصِيراً »، (‬الفتح‮:‬ 24).
أوكل الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى محمّد بن مسلمة قيادة عددٍ من السرايا لتأديب المشركين والمتربصين بالإسلام ومنها سرية محمد بن مسلمة إلى القرطاء ضد أحد بطون بني بكر بن كلاب المشاركين في غزوةِ الخندق، كما قاد سرايا أخرى أو كان على علمٍ بها كما قال هو عن نفسه:" سلوني عن سراياه صلى الله عليه وسلم فإنه ليس منها سريةٌ تخفى علي، إما أن أكون فيها أو أن أعلمها حين خرجت".
لكن أعظم سريةٍ قادها محمد بن مسلمة هي السرية التي بعثه فيها الرسول مع عددٍ من الصحابة لقتل كعب بن الأشرف من يهود بني قينقاع الذي آذى النبي -عليه السلام- وسبه وخالف بنود الاتفاق الذي أبرمه الرسول مع القبائل اليهودية الموجودة في المدينة حتى قال: " من لي بكعب بن الأشرف فإنه آذى الله ورسوله"؛ فخرج لهذه المهمة رجل المهمات الصعبة مع عددٍ من الصحابة ونُفّذتْ على أكمل وجهٍ
أطلق عليه لقب الهارب من الفتن لأنه لما قامت الفتنة الكبرى بعد مقتل عثمان بن عفان، كسَّر سيفه، واتخذ لنفسه سيفًا من خشب، وبنى لنفسه بيتًا صغيرًا اعتزل فيه، فقال له أصحابه: لماذا فعلت ذلك؟ فأجابهم قائلا: «أعطاني رسول الله سيفًا، وقال لي: " يا محمد بن مسلمة، جاهد بهذا السيف في سبيل الله، حتى إذا رأيت أمتي يضرب بعضهم بعضًا، فأت به أحدًا (أي: جبل أحد) فاضرب به حتى ينكسر، ثم اجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية (يعنى الموت)، وقد فعلت ما أمرني به رسول الله
كان عمل “محمد بن مسلمة” يعادل في أيامنا هذه وظيفتي: الشرطة العسكرية والاستطلاع، يحرس الجيش في الميدان ليلا، ويكشف الطريق ويفتحها أمام الجيش أثناء انتقاله، يُلقي القبض على المجرمين، ويعاقب القتلة، كما كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم رسائله إلى القبائل.. وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم كُتُبًا إلى القبائل ويكتب في آخرها: كتب محمد بن مسلمة الأنصاري.
وفي فتح مكة، حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم السلاح، والدروع، والرماح، وقاد 100 فرسا عليها “محمد بن مسلمة” رضي الله عنه، فلما انتهى إلى ذي الحليفة قدّم الخيل أمامه، واستعمل على السلاح “بشير بن سعد” ، ومضى مُحمد بن مسلمة، رضي الله عنه بالخيل إلى مر الظهران فوجد بها نفرًا من قريش فسألوه ، فقال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصبح هذا المنزل غدًا إن شاء الله.
اول رئيس مخابرات في عهد الدولة الإسلامية.. وقائد العمليات الخاصة في عهد النبي، ثم عهديّ: الصدّيق والفاروق عمر..
إنه حارس النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي كان لا يفارقه، حتى قالوا عنه: أينما تجد ناقة النبي؛ تجد “محمد بن مَسلمة”.. فقد كان لا يترك مِقْوَد دابة النبي…
ولما دخل النبي – صلى الله عليه وسلم – مكة، وطاف بالكعبة، كان “مُحمّد بن مَسْلَمة” رضي الله عنه، هو الذي يمسك بزمام ناقة النبي.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يترك مهمة تأديب الخونة لحارسه ورئيس مخابراته “محمد بن مسلمة” الذي كان يجيد التعامل ويُحسن تصريف الأمور، وكانت “هَيبة” محمد بن مسلمة، وجسده الضخم، ترعبان أعداء الله من اليهود، وعندما خان يهود بني قريظة العهد مع المسلمين خلال غزوة الأحزاب (الخندق) حاصر المسلمون بني قريظة إلى أن استسلموا، وأَمرَ رَسُول اللَّهِ – صلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ – مُحمد بن مسلمة، بالتعامل مع الخونة، فكتِّف “ابن مسلمة” الرجال، وأخرج النساء والأطفال فكانوا في ناحيةٍ أخرى
وفاته
ــــــــــ
قُتل محمد بن مسلمة في صفر 46 هـ بالمدينة، وقيل سنة 43 هـ، وعمره يومها 77 سنة، وصلى عليه مروان بن الحكم. وكان الذي قتله رجل من أهل الأردن تغيّظ اعتزاله للفتنة، فاقتحم عليه منزله، وقتله
المصادر
ــــــــ
1- أسد الغابة في معرفة الصحابة
2- الإصابة في تمييز الصحابة .
3- تهذيب الكمال للمزي
4- الطبقات الكبرى
5- سير اعلام النبلاء
6- البداية والنهاية – ابن كثير
7– سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد – الصالحي الشامي.
8– رجال حول الرسول – خالد محمد خالد
9– تاريخ الرسل والملوك – الطبري
10– معرفة الصحابة – أبو نعيم الأصبهاني .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق