الأحد، 19 يناير 2020

الصحابي الجليل ذو النور الطفيل/بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع/ د. صالح العطوان الحيالي

الصحابي الجليل ذو النور الطفيل بن عمرو الدوسي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 2-1-2020
الطفيل بن عمرو بن طريف بن العاص بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن نصر بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.كان شاعرًا لبيبًا، كثير الترحال والسفر، وكان لمكة من ترحاله نصيب، وقد قدمها مرة بعدما بعث رسول الله (، فحذره أهل مكة من أن يسمع له أو يجالسه.
صحابي جليل من أوائل السابقين إلى إسلام وأسلم قبل الهجرة النبوية بمكة في السنة السابعة من البعثه النبوية (617 م - 6 ق.هـ). ثم لحق بالرسول بالمدينة بعد معركة أحد وأقام فيها
كان سيدًا من سادة العرب وسيد قبيلة دوس في الجاهلية وشريف من أشراف العرب المرموقين وواحدًا من أصحاب المروءات المعدودين، يطعم الجائع ويؤمن الخائف و يُجير المستجير، وهو إلى ذلك أديب أريب لبيب وشاعر مرهف الحس رقيق الشعور، بصير بحلو البيان ومره حيث تفعل فيه الكلمة فعل الساحر.
وقد قدم إلى مكة للحج قبل الهجرة فاستقبلتة قريش ولقي الرسول فأسلم على يده ثم رجع لدوس ولبث عندهم يدعوهم إلى الإسلام والتحق بعدها بالرسول بالمدينة بعد معركة أحد ومعه 80 بيتا من دوس فشهد مع الرسول معركة الخندق وفتح مكة
حينما قدم إلى مكة للحج نهاية السنة السادسة من البعثة(617 م) استقبلته قريش وقالوا له:
يا طفيل، إنك قدمت بلادنا، وهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بنا، وقد فرق جماعتنا، وشتت أمرنا، وإنما قوله كالسحر يفرق بين الرجل وأبيه، وبين الرجل وأخيه، وبين الرجل وزوجته، وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا، فلا تكلمنَّه ولا تسمعنّ منه شيئا فما زالوا به حتى حشي إذنيه كرسفا فَرقا من أن يبلغه شيء منه فلما ذهب الكعبة فإذا رسول الله يصلي عند الكعبة فقام منه قريبا فلما رجع النبي إلى بيته لحقه وقال: يا محمد إن قومك قد قالوا لي كذا وكذا فوالله ما برحوا يخوفونني أمرك حتى سددت أذني بكرسف لئلا أسمع قولك، ثم أبى الله إلا أن يُسمعني قولك، فسمعته قولا حسنا، فاعرض علي أمرك
فتلا عليه النبي شيئا من القرأن فقال: والله ما سمعت قولا قط أحسن منه، ولا أمرا أعدل منه، فأسلم ورجع إلى دوس يدعوهم إلى الإسلام فأسلموا كلهم, وهاجر معه منهم 80 بيتا.ودعا له الرسول فأصبح على سوطه ضوء
أبناؤه
الصحابي الجليل الحارث بن الطفيل بن عمرو الدوسي
الصحابي الجليل ذابل بن الطفيل بن عمرو الدوسي
الصحابي الجليل عمرو بن الطفيل بن عمرو الدوسي
اسلامه
قال ابن إسحاق : وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ما يرى من قومه يبذل لهم النصيحة ويدعوهم إلى النجاة مما هم فيه وجعلت قريش حين منعه الله منهم يحذرونه الناس ومن قدم عليهم من العرب.
وممن حذرته قريش صاحبنا -رضي الله عنه- فها هو يروي لنا كيف أسلم فيقول : كنت رجلاً شاعراً سيداً في قومي فقدمت مكة فمشيت إلى رجالات قريش فقالوا : يا طفيل إنك امرؤ شاعر سيد مطاع في قومك وإنا قد خشينا أن يلقاك هذا الرجل فيصيبك ببعض حديثه فإنما حديثه كالسحر فاحذره أن يُدخل عليك وعلى قومك ما أدخل علينا وعلى قومنا فإنه يفرق بين المرء وابنه وبين المرء وزوجه وبين المرء وأبيه فوالله ما زالوا يحدثونني في شأنه وينهونني أن أسمع منه حتى قلت والله لا أدخل المسجد إلا وأنا ساد أذني .
قال : فعمدت إلى أذني فحشوتهما كرسفاً ثم غدوت إلى المسجد فإذا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائماً في المسجد قال : فقمت منه قريباً وأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله . قال : فقلت في نفسي : والله إن هذا للعجز والله إني امرؤ ثبت ما يخفى علي من الأمور حسنها ولا قبيحها والله لأستمعن منه فإن كان أمره رشداً أخذت منه وإن كان غير ذلك اجتنبته فقلت بالكرسفة فنزعتها من أذني فألقيتها ثم استمعت له فلم أسمع كلاماً قط أحسن من كلام يتكلم به. قال: قلت في نفسي يا سبحان الله ؟ ما سمعت كاليوم لفظاً أحسن منه ولا أجمل . قال : ثم انتظرت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى انصرف فاتبعته فدخلت معه بيته فقلت له : يا محمد إن قومك جاؤوني فقالوا كذا وكذا فأخبرته بالذي قالوا وقد أبى الله إلا أن أسمعني منك ما تقول وقد وقع في نفسي أنه حق وإني شاعر فاسمع ما أقول. فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- : هات.فأنشدته. فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: وأنا أقول فاسمع. ثم قرأ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) (الإخلاص: ) إلى آخرها
و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) (الفلق: ) إلى آخرها و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) (الناس: ) إلى آخرها وعرض علي الإسلام فلا والله ما سمعت قولا قط أحسن منه ولا أمرا أعدل منه فأسلمت .
بعد إسلامه بلغ ذلك قريشا فهددوه وتوعدوه وذكَّرهم بأنه سيد دوس وأنهم لو تعرضوا له فلن تتركهم دوس فهابوه فقال -رضي الله عنه- :
ألا أبلغ لديك بني لؤي ..... على الشنآن والعضب المرد
بأن الله رب الناس فرد .... تعالى جده عن كل ند
وأن محمدا عبد رسول ... دليلُ هدى ومُوضحُ كلِّ رشد
رأيت له دلائل أنبأتني ..... بأن سبيله يهدي لقصد
وأن الله جلله بهاء ... وأعلى جده في كل جد
وقالت لي قريش عد عنه .... فإن مقاله كالغر يعدي
فلما أن أملت إليه سمعي ... سمعت مقالة كمشور شهد
وألهمني هدايا الله عنه .... ومبدل طالعي نحسي بسعدي
ففزت بما حباه الله قلبي ....وفاز محمد بصفاء ودي
سبب تلقيبه بذي النور:
روى الطبري من طريق بن الكلبي قال: "سبب تسمية الطفيل بذي النور، أنه لما وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعا لقومه، قال له: ابعثني إليهم واجعل لي آية؟ فقال: (اللهم نور له). فسطع نور بين عينيه، فقال: يا رب أخاف أن يقولوا مُثْلة، فتحول إلى طرف سوطه، فكان يضيء له في الليلة المظلمة.
سرية الطفيل لهدم ذي الكفين
وقعت في شوال لعام ثمانية (8) هـ، وذلك عند مدينة الطائف حيث تقطن قبيلة دوس في الجاهلية.
قادها الصحابي الطفيل بن عمرو الدوسي، رضي الله عنه،
(كان الطفيل سيدا في قومه دوس، ومن أشراف العرب في الجاهلية، وأصحاب المروءة والنصرة، وكان أديبا مفوها وقد أسلم قبل الهجرة )
أسباب سرية هدم ذي الكفين : تطهير الجزيرة العربية من الأوثان التي عبدها العرب في الجاهلية، وقد تتابعت البعوث النبوية لهدم الأصنام بعد فتح مكة.
أحداث سرية هدم ذي الكفين
لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم المسير إلى الطائف بعث الطفيل رضي الله تعالى عنه لهدم ذي الكفين، وأمره أن يستمد قومه ويوافيه في غزوته بالطائف.
وذو الكفين، هو أحد أصنام الآلهة العربية في قبيلة دوس وقيل أن خزاعة عبدته أيضا, وهو صنم من خشب كان لكبير دوس وأحد حكماء العرب المعمرين وهو عمرو بن حممة الدوسي، والذي كان تضرب له كبد الإبل لأخذ مشورته.
وقد خرج الطفيل بن عمرو سريعا إلى قومه، فهدم ذا الكفين، وجعل يحثي النار في وجهه، وانحدر معه من قومه أربعمائة سراعا، فوافوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطائف بعد مقدمه بأربعة أيام، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الأزد من يحمل رايتكم؟";فقال الطفيل: من كان يحملها في الجاهلية النعمان بن الراوية، قال: ""أصبتم".
وكان الطفيل رضي الله عنه إذ يحرق الصنم ويهدمه ينشد:
يا ذا الكفين لست من عُبَّادكا.
ميلادنا أقدم من ميلادكا.
إني حشوتُ النار في فؤادكا.
نتائج سرية هدم ذي الكفين
احتراق وهدم صنم قبيلة دوس وخزاعة وخروج قوم دوس مسلمين لغزوة الطائف.
الدروس المستفادة من سرية هدم ذي الكفين
-تحقق الوعد الإلهي للمؤمنين ونصرهم بالرعب، وقد تتابعت البعوث لهدم أصنام الجزيرة .
حكمة القيادة النبوية وقد كان يختار لهدم الأصنام دوما رجل من بني القبيلة ذاتها ليكون فعله أوقع أثرا.
وفاته
استشهد في حروب الردة بمعركة اليمامة. بعثه أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى مسيلمة الكذاب، يقول : خرجت ومعي ابني مع المسلمين -عمرو بن الطفيل- حتى إذا كنا ببعض الطريق رأيت رؤيا فقلت لأصحابي: إني رأيت رؤيا عبروها قالوا: وما رأيت قلت: رأيت رأسي حلق وأنه خرج من فمي طائر, وأن امرأة لقيتني وأدخلتني في فرجها, وكان ابني يطلبني طلبًا حثيثًا فحيل بيني وبينه. قالوا: خيرًا, فقال: أما أنا والله فقد أولتها. أما حلق رأسي فقطعه, وأما الطائر فروحي, وأما المرأة التي أدخلتني في فرجها فالأرض تحفر لي وأدفن فيها, فقد رجوت أن أقتل شهيدًا, وأما طلب ابني إياي فلا أراه إلا سيغدو في طلب الشهادة ولا أراه يلحق بسفرنا هذا. فقتل الطفيل شهيدًا يوم اليمامة وجرح ابنه ثم قتل باليرموك بعد ذلك في زمن عمر بن الخطاب شهيدًا.
المصادر
ــــــــ
1- الإصابة في تمييز الصحابة ابن حجر العسقلاني.
2- صفة الصفوة ابن الجوزي.
3- الاستيعاب ابن عبد البر.
4- سيرة ابن هشام
5- سير اعلام النبلاء
6- الطبقات لابن سعد
7- دلائل النبوة للبيهقي
8- البداية والنهاية
9- سبل الهدى والرشاد
10- تاريخ دمشق -ابن عساكر
11- الأصنام - الكلبي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق