الأربعاء، 1 يناير 2020

قصة قصيرة/ الاخطبوط/بقلم الكاتبة الاديبة/الشاعرة المبدعة/ روعة محمد وليد عبارة

قصة قصيرة
الاخطبوط
حين كنا نعمر الجدار ,حين كنا نحفر في أخدود الأرض لنشيد قصورنا الوادعة ,كان الأخطبوط يداهم صغار أحلامنا في أعشاشها .
كان عجوزا وثق به الجميع ,كنت أخشى وداعته دائما يقلقني ذاك السن الذهبي الذي يلتمع مع ابتسامته الخبيثة .
كانت رفيقتي جميلة ,وثوبها الطفولي أقصر من أثوابنا ,كانت تقفز في أرجاء الحي تضحك ببراءة وكان الأخطبوط كلما مر يداعب خصلات شعرها .....
وزع علينا قطع الحلوى ,كان نصيبها أكبر من الجميع طلب منها أن تقبله ,قبلته فضم خصرها النحيل ورفعها عاليا هناك في الأعلى طار ثوبها ,ظهرت أرجلها طارت عيونه تحسست جسدها بنهم صياد ,صرخت وهي تحاول ستر جسدها الصغير عمو أنزلني ....عمو أنزلني ......
كثيرا ماحاول اصطياد لمسة عابرة من وجنتيها الصغيرتين الواعدتين بخدي أنثى تتفتح كزهرة في حقل ربيعي ....
اتذكر ذاك اليوم الماطر ....أتذكر كيف تفرقنا حين خرجنا من المدرسة بسرعة ,كان يقف بعيدا شاهدته يحاول الاختفاء ,خرجت ريما من المدرسة أسرع نحوها حاملا مظلته السوداء مضيا تحت المطر .....
غابت ريما عن المدرسة بضعة أيام ....
حين بدأنا نسأل عنها بدأت المعلمات بالضجر اولا ثم الصراخ ....
حين شاهدتها ذات مساء كانت تتسول على عتبة جامع في حي متطرف ,ركضت نحوها ريما ....هربت بسرعة لحقتها ....
دعني وشأني ....
مر شابان نادى أحدهما عليها وجدتها تسير بينهما بذل ....
حين أحضروها لتقف أمامي ,كانت قد وجدت مع مجموعة من بنات الليل في شقة ذاك الأخطبوط ....
البناء انهار ......أحلام الطفولة طارت مع عاصفة رملية حجبت عني الرؤية ....وحيدا كنت أنفث بقايا وجع على حافة رصيف في مدينة صماء .
روعة محمد وليد عبارة
سورية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق