الاثنين، 28 أكتوبر 2019

مدينة الخليل الفلسطينية//بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع/د.صالح العطوان الحيالي الحيالي


مدينة الخليل الفلسطينية " المدينة التي لا يجوع فيها احد"التكية الابراهيمية ملاذ امن للفقراء ومعلم اثري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 18-10-2019
بين أزقة البلدة القديمة في مدينة الخليل ,داخل مبنى أثري عريق تقع تكية سيدنا إبراهيم لتغدو ملاذا للفقراء والمحتاجين تحميهم من ذل السؤال والهوان ، من داخلها تنبعث أزكى وأشهى روائح الطعام الذي يوزع لاحقا على آلاف العائلات المحتاجة من مختلف أنحاء المدينة ، « التكية» كانت سببا في أن تلقب مدينة الخليل ب « المدينة التي لا يجوع فيها أحد "
على بعد أمتار من المسجد الإبراهيمي في الخليل؛ تنبعث روائح الأطعمة الطيبة، وتعلو أصوات مئات الغلمان والأطفال الذين ينتظرون في الطابور حتى تملأ أوعيتهم بالشوربة المباركة كما يعتقد الخليليون منذ نحو ألف عام.
أسست "تكية" سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام في العهد الفاطمي، وقال بعض المؤرخين إنها أسست عام 1187، وقام بتأسيسها السلطان صلاح الدين الأيوبي، حيث أوقف لها أموالًا وأراضي وعقارات، وقد ذكر الدكتور عدنان أبو تبانة المتخصص في التاريخ الإسلامي وتاريخ الخليل في حديث خاص لـ "المركز الفلسطيني للإعلام": "إن تكية سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام هي من المآثر الحسنة التي خلفها صلاح الدين الأيوبي والتي كان يقصد منها الاهتمام بالفقراء وإطعام الضيوف القادمين إلى مدينة خليل الرحمن وكذلك إطعام الجند، وقد تكونت من مطبخ ومستودعات الحبوب والمواد الغذائية وفرن وَمَدرس، وقد رصدت لذلك الأموال والوقفيات
التكية الإبراهيمية، أو تكية إبراهيم، وهي جمعية خيرية تقع بالقرب من المسجد الإبراهيمي تقدم الطعام المجاني للفقراء والأسر المحتاجة على مدار العام وخصوصًا في شهر رمضان، ما جعل مدينة الخليل تكتسب شهرة واسعة بأنها «المدينة التي لا تعرف الجوع أبدًا». أنشأها السلطان قالون الصالحي في زمن صلاح الدين الأيوبي. ويقول أهالي الخليل إن تاريخ التكية (الزاوية) يعود إلى عهد النبي إبراهيم الذي وُصف بأنه "أبو الضيفان" حيث كان لا يأكل إلا مع ضيف كما كان يقدم الطعام لعابري السبيل من ذات المكان الذي توزع فيه التكية الطعام في هذه الأيام
تاريخ التكية
ــــــــــــــ
يقول أهل الخليل أن التكية يعود تاريخها لعهد النبي إبراهيم، وتأسست في العام 1187م على يد السلطان قالون الصالحي في زمن صلاح الدين الأيوبي مطلقًا عليها اسم "الرباط"، وبعد ذلك أطلق عليها السكان اسم "الطبلانية" لأن العاملين فيها كانوا يدقون الطبول إيذانًا ببدء تقديم الطعام صباحًا ومساءً. وقد أنشئت لتقديم الطعام إلى فقراء المدينة وأهل العلم فيها وضيوفها، إكراما للنبي إبراهيم الذي كان معروفًا بكرمه، والذي يوجد قبره في المسجد الإبراهيمي. وقد اهتمت الدولة الإسلامية في مختلف العصور بالتكية؛ حيث اعتنى الأيوبيون بها وزادوا في خيراتها والاهتمام بها، وعندما جاء صلاح الدين الأيوبي أوقف الوقفيات الكبيرة على المسجد الإبراهيمي والتكية الإبراهيمية التي كانت تطعم الوافدين إليها ويصرف لخيولهم الشعير حتى يبقوا في رباط دائم إلى يوم القيامة.
وعندما كانت التكية الإبراهيمية بجوار المسجد الجاولي من الجهة الجنوبية للحرم الإبراهيمي كان يوضع بها الدشيشة «الحساء» للوافدين على المدينة، ولأهلها، وتوزع 3 مرات في الصباح وبعد الظهر وبعد العصر، ويدق الطبل عند التوزيع في المرة الثالثة بعد العصر في كل يوم. وكان يصنع خبز السماط من الأفران والطواحين في مكان متسع يشتمل على 3 أفران، و9 أحجار للطحن، وكان يعلو هذا المكان الحواصل (المخازن) التي يوضع بها القمح والشعير، فلا يدخل القمح في الحواصل إلا وقد خرج خبزًا ومقدار ما كان يعمل فيه من الخبز كل يوم 14 ألف رغيف، وكان يبلغ 15 ألف رغيف في بعض الأحيان.
أما في عهد الفاطميين، فقد رصدت الأموال والمخصصات السنوية اللازمة لاستمرار عمل التكية، فوقف الملوك والسلاطين وقادة الجيش القرى والعقارات الكثيرة على المسجد الإبراهيمي والتكية الإبراهيمية، وقد حررت هذه الوقوف وحفظت في صندوق العمل المحفوظ حتى الآن في مقام النبي يوسف، وكان ريع هذا الوقف يصل من مصادره المتعددة من مصر والشام وشرق الأردن ومن جميع أنحاء فلسطين؛ كمرج ابن عامر في الشمال ومدن وقرى نابلس والقدس وبئر السبع، ووقف خليل الرحمن في مدينة الخليل، وكذلك ضريبة الأراضي العشرية، وضريبة الحكر من الأراضي التي تعود لوقف خليل الرحمن، بالإضافة إلى ما يرد التكية من صدقات ونذور وهدايا من الأهالي على فترات متقطعة. وقد ذكر هذه التكية الرحالة والسياح الذين زاروا الخليل منذ أقدم العصور، ومنهم السائح الفارسي ناصر خسرو الذي زار الخليل قبل الحروب الصليبية وتحدث عن التكية. وكذلك ابن الفضل العمري الذي زار الخليل سنة 745 هـ، وابن بطوطة الذي زارها سنة 725 هـ.
التكية ملاذ الفقراء
ــــــــــــــــــ
منذ أكثر من ألف عام، لا تزال تكية سيدنا ابراهيم الخليل عليه السلام، التي أنشئت عام 1187م بجوار المسجد الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، ملاذاً للفقراء والجياع والمساكين، ليس فقط في المدينة وحدها، بل لزوارها الذين يتوافدون اليها من مختلف الاراضي الفلسطينية خاصة خلال شهر رمضان المبارك حيث يبلغ اعدادهم بالآلاف، وتتكون التكية التي تأسست في عهد القائد التاريخي الاسلامي صلاح الدين الايوبي، إكراماً لأبي الضيفان سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام، من مطبخ ومستودعات للحبوب والمواد الغذائية، وفرن، ومدرَس، وتصل مساحتها نحو 300 متر مربع، ويعمل فيها اليوم تسعة موظفين .
اضافة الى عدد من المتطوعين الذين تتزايد اعدادهم خلال شهر رمضان ليساعدوا في تقديم وتوفير وجبات الطعام للفقراء والمحتاجين. دولة الامارات العربية المتحدة تمول بشكل رئيسي الاحتياجات المادية "للتكية"، اضافة الى الدعم الذي تتلقاه من السلطة الفلسطينية ووزارة الاوقاف ورجال الخير.
التكية يعتمد عليها عدد كبير من الفقراء والمحتاجين، وحاجاتها المادية في تزايد نظراً لغلاء أسعار السلع، والفقر والبطالة التي يعيشها المواطنون خاصة في مناطق الجدار العازل وعند مباني الاستيطان التي تقيمها دولة الكيان الصهيوني في المحافظة وقراها ومخيماتها. بين بيوت وأزقة البلدة القديمة في الخليل، وداخل مبنى أثري تاريخي عاصرت حجارته تاريخاً وعصوراً إسلامية وما قبلها، تقع تكية سيدنا ابراهيم، حيث تنبع منها رائحة الطعام الشهي وترتفع أصوات الأطفال والرجال الذين يتدافعون للحصول على وجبات الطعام، حيث توجد أشكال متنوعة من الطعام والشراب توزع بشكل يومي على مئات بل آلاف العائلات من مختلف أنحاء محافظة الخليل، وتزداد وفرتها ونوعيتها في شهر رمضان المبارك.
التكية تحتاج بشكل متواصل إلى مضاعفة الكميات التي تحتويها الوجبة اليومية، حيث يقدر المبلغ المطلوب لإتمام وجبة يومية من اللحم والدجاج بنحو عشرة آلاف دولار أميركي اثناء ايام رمضان، الذي يكلف الشهر وحده نحو ثلاثمئة ألف دولار أميركي. ولا يقتصر عمل التكية على شهر رمضان فقط بل يمتد إلى باقي أيام السنة، حيث تقدم وجبة "الجريشة" المصنوعة من أجود أنواع القمح طوال الايام في السنة، ما عدا الاثنين والجمعة.
حيث تقدم وجبات غذائية كاملة من اللحم والدجاج، ويقدر عدد المستفيدين من التكية في اليوم العادي بالمئات فيما يتجاوز العدد الآلاف خلال الشهر الفضيل.
المصادر
ـــــــ
1- جريدة الغد2013 مارس
2- الجزيرة نت 2012 اكتوبر
3- صحيفة الدار
4- لقاء مع الشيخ روبين الجعبري للبيان
5- حوار المركز الاعلامي الفلسطيني مع الدكتور عدنان ابو تبانة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق