الأربعاء، 23 أكتوبر 2019

ذو الكلاع الحميري//بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع/ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 13-10-2019

ذو الكلاع الحميري واستجابته لدعوة ابو بكر الصديق
ــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 13-10-2019
لما توفي رسول االله صلى االله عليه وسلم واستخلف بعده أبو بكر الصديق رضي االله عنه قتل في خلافته مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة، وقاتل بني حنيفة، وأهل الردة وأطاعته العرب، فعزم أن يبعث جيشه إلى الشام وصرف وجهه لقتال الروم فجمع أصحاب رسول االله صلى االله عليه وسلم في المسجد وقام فيهم خطيباً
فحمد االله عز وجل، وقال: يا أيها الناس رحمكم االله تعالى اعلموا أن االله فضلكم بالإسلام وجعلكم من أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وزادكم إيماناً ويقيناً ونصركم نصراً مبيناً، وقال فيكم "اليوم كملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" المائدة: 3، واعلموا أن رسول االله صلى االله عليه وسلم كان عول أن يصرف همته إلى الشام فقبضه االله إليه واختار له ما لديه، ألا وإني عازم أن أوجه
أبطال المسلمين إلى الشام بأهليهم ومالهم فإن رسول االله صلى االله عليه وسلم أنبأني بذلك قبل موته، وقال: "زويت لي الأرض فرأيت مشارقها ومغارا وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها"، فما قولكم في ذلك. فقالوا: يا خليفة رسول االله مرنا بأمرك ووجهنا حيث شئت، فإن االله تعالى فرض علينا طاعتك. فقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا االله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" النساء: 59، ففرح أبو
بكر رضي االله عنه. ونزل عن المنبر وكتب الكتب إلى ملوك اليمن وأهل مكة وكانت الكتب فيها نسخة واحدة. وهي: بسم االله الرحمن الرحيم سلام عليكم أما بعد: فإني أحمد االله الذي لا إله إلا هو، وأصلي على نبيه محمد صلى االله عليه وسلم وقد عزمت أن أوجهكم إلى بلاد الشام لتأخذوها من أيدي الكفار والطغاة فمن عول منكم على الجهاد والصدام، فليبادر إلى طاعة الملك العلام، ثم كتب "انفروا خفافا
وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل االله" التوبة: 41، الآية، ثم بعث الكتب إليهم وأقام ينتظر جوابكمم وقدومهم، وكان الذي بعثه بالكتب إلى اليمن أنس بن مالك خادم رسول االله صلى االله عليه وسلم قال: فما مرت الأيام حتى قدم أنس رضي االله عنه يبشره بقدوم أهل اليمن وقال: يا خليفة رسول االله وحقك على االله ما قرأت كتابك على أحد إلا وبادر إلى طاعة االله ورسوله، وأجاب دعوتك وقد
تجهزوا في العدد والعديد والزرد النضيد، وقد أقبلت إليك يا خليفة رسول االله مبشراً بقدوم الرجال، وأي رجال، وقد أجابوك شعثاً غبراً وهم أبطال اليمن وشجعاا، وقد ساروا إليك بالفراري والأموال والنساء والأطفال، وكأنك م وقد أشرفوا عليك ووصلوا إليك فتأهب إلى لقائهم. قال: فسر أبو بكر رضي االله عنه بقوله سروراً عظيماً، وأقام يومه ذلك حتى إذا كان من الغد أقبلوا إلى الصديق رضي االله عنه وقد لاحت غبرة القوم لأهل المدينة. قال: فأخبروه فركب المسلمون من أهل المدينة وغيرهم وأظهروا زينتهم وعلاهم ونشروا الأعلام الإسلامية ورفعوا الألوية المحمدية فما كان إلا قليل حتى أشرفت الكتائب والمواكب يتلو بعضها بعضاً، قوم في أثر قوم وقبيلة في أثر قبيلة، فكان أول قبيلة ظهرت من قبائل اليمن
حمير وهم بالدروع الداودية والبيض العادية والسيوف الهندية وأمامهم ذو الكلاع الحميري رضي االله عنه. فلما قرب من الصديق رضي االله عنه أحب أن يعرفه بمكانه وقومه وأشار بالسلام وجعل ينشد ويقول:
أتتك حمير بالأهلين والولد أهل السوابق والعالون بالرتب
أسد غطارفة شوس عمالقة يردوا الكماة غداً في الحرب بالقضب
الحرب عادتنا والضرب همتنا وذو الكلاع دعا في الأهل والنسب
دمشق لي دون كل الناس أجمعهم وساكنيها سأهويهم إلى العطب
قال: فتبسم أبو بكر الصديق رضي االله عنه من قوله، ثم قال لعلي بن أبي طالب رضي االله عنه: يا أبا الحسن أما سمعت رسول االله صلى االله عليه وسلم يقول: "إذا أقبلت حمير ومعها نساؤها تحمل أولادها فأبشر بنصر االله على أهل الشرك أجمعين". فقال الإمام علي: صدقت وأنا سمعته من رسول االله صلى االله
عليه وسلم قال أنس رضي االله عنه: وسارت حمير بكتائبها وأموالها وأقبلت من بعدها كتائب مذحج أهل الخيل العتاق والرماح الدقاق، وأمامهم سيدهم قيس بن هبيرة المرادي رضي االله عنه، فلما وصل إلى
الصديق رضي االله جعل يقول: صلوا على طه الرسول:
أتتك كتائب منا سراعاً ذوو التيجان أعني من مراد
فقدمنا أمامك كي ترانا نبيد القوم بالسيف النجادي
واليوم نتكلم عن ذو الكلاع الحميري
ذو الكلاع الحِمْيري، واسمه أسْمَيْفَع بن ناكور، وقيل أيفع، وقيل سُمَيْفِع (بدون همزة)، ويكنى بأبي شرحبيل، أو أبو شراحيل. صحابي مختلف في صحبته، وإن كان من المتفق أن أسلم أيام نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم
كان رئيساً في قومه، وكتب إليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم في التعاون على قتل الأسود العنسي
لنا وقفة مع موقف ذي الكلاع الحميري رحمه الله , وهو من التابعين وأسلم في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام , لكنه لم يرى الرسول عليه الصلاة والسلام .
والصحابي لكي يكون صحابيا , لا بد أن يكون قد رأى الرسول عليه الصلاة والسلام أو اجتمع به في حياته .
لكن هذا لم يحدث مع ذي الكلاع , فهو من التابعين , وهو من كرام التابعين .
رضي الله عنه ورحمه الله , فذي الكلاع ماذا فعل عندما استمع لكلمات أنس ابن مالك , انظروا .دعا من ساعته بفرسه , وسلاحه وقال أنا حديث في سبيل الله , يعني منذ أن سمع الكلمة وهو سيد من سادة القوم , وشريف من أشراف القوم وثري من أثرياء القوم .له التجارة وله أعمال , ترك كل ذلك وقال أنا خارج في سبيل الله من هذه الساعة .دعا نفسه وأهله وقبيلته , ودعا أهل اليمن جميعا للخروج في سبيل الله وخطب فيهم خطبة جميلة .
قال فيها أيها الناس , ان من رحمة الله إياكم ونعمته عليكم أن بعث فيكم رسولا صلى الله عليه وسلم .وأنزل عليكم كتابا فأحسن عنه لإبلاغ و صلى الله عليه وسلم , فعلمكم ما يرشدكم , ونهاكم عن ما يفسدكم .حتى علمكم ما لم تكونوا تعلمون , ورغبكم في الخير في ما لم تكونوا ترغبون .يعني هذه منة وفضل من الله عز وجل أن أنعم عليكم بالإسلام , ومن عليكم بالقرآن , ومن عليكم بالرسول صلى الله عليه وسلم .في النهاية يقول ثم دعاكم , انتبه لهذه الكلمة , ثم دعاكم إخوانكم , لا يقول أمرائكم , ولا يقول ان هذا فرض على الناس وإجبار على الناس .
بل يقول ان هذا أخ لك وأخ صالح يدعوك الى الخير , ثم دعاكم إخوانكم الصالحون الى جهاد المشركين واكتساب الأجر العظيم .
فلينفر من أراد النفير معي الساعة , انظروا الى الكلمات , الحقيقة لم نجد أكثر من معنى جميل أقف على معنيين مهمين جدا .
المعنى الأول هو عدم التسويف في رؤية ذي الكلاع الحمري الساعة
, يعني لا بد أن تخرج الآن أو سميها الجاهزية .
ما شاء الله لا قوة الا بالله , من أروع درجات الجاهزية أن قام في لحظته الساعة للخروج في سبيل الله .
الكثير والكثير يا أخواني منا يرغب في عمل الخير , ويطمع في الأعمال التي تؤدي الى ثواب كبير .
لكنه يؤجل هذه الأعمال يوما أو يومين أو شهرا أو شهرين , أو لعله يؤجل هذا الأمر عدة أعوام .
هو يريد أن يفعل الخير , وينوي أن يفعل الخير , لكن لا يفعل الساعة , هذا التسويف يدفع الشيطان الى تأجيل العمل وال منع العمل .
لعلنا نذكر قصة كعب ابن مالك رضي الله عنه وأرضاه والمخلفين الثلاثة في غزوة تبوك .كانوا من كرام الصحابة , وكان الخير في داخلهم , وكانوا يريدون فعلا أن يخرجوا لكن الأزمة الكبيرة التي تعرضوا لها أنهم أجلوا ساعة .
أجلوا وقتا قليلا , فعندما تأجل اليوم وتأجل الى اليوم الثاني ضاعت الفرصة وانطلقت الجيوش وتخلف الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم .
وتبعات ذلك كانت خطيرة كما نعلم جميعا , ذي القلاع الحميري استطاع أن يهزم الشيطان وأن يخرج من ساعته .
انتبه ذي الكلاع عنده أسرة , مثلما نحن عندنا , عنده عمل مثلما نحن عندنا , عنده وضع اجتماعي مثلما نحن عندنا , عنده كل المعوقات التي يمكن أن تكون عند أي إنسان .لكنه خرج في سبيل الله , يا ترى ما هو المعوق الرئيسي يا أخواننا الذي يمكن أن يمنع واحد من الخروج في سبيل الله .
ذكر ذلك ربنا سبحانه وتعالى عند آية الاستنفار , قال :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ } .
الدنيا يا إخواني إذا كبرت الدنيا في أعيننا , وكبرت في قلوبنا , فإننا لا ننفر في سبيل الله عند طلب النفرة وعند طلب النصرة وعند طلب الجهاد في سبيل الله .
ليس معنى هذا أننا ندعو الناس الى الفقر , أو ندعو الناس الى عدم اكتساب المال , ولكن أن تكون الدنيا في أيدينا وليست في قلوبنا .
إذا طلب الله عز وجل منا أن نعطيها أعطيناها , ببساطة كما أعطاها ذي القلاع الحميري رضي الله عنه وأرضاه ورحمه الله ورحم جميع من خرج الى هذه الفتوح المباركة .
إذا هذه أول لقطة نأخذها من قصة ذي الكلاع الحميري انه نفر الساعة لم يؤخر ساعة .
الامر الثاني المهم جدا , قال فلينفر معي الساعة , يعني القدوة هو سيد القوم لو جلس في مكانه يحفز الناس ويخرج الناس للخروج الى الجهاد في سبيل الله ما لامه أحد .يقولون هو زعيم ووجوده في هذا المكان مهم ويحفز الناس للخروج , لكنه خرج بنفسه ليكون قدوة للمسلمين .
والدال على الخير كفاعله , وهذه الكلمة سنسعها كثيرا في هذه الفتوح .
لأنه بحركة رجل واحد قد تتحرك الجموع الكثيرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق