الجمعة، 28 سبتمبر 2018

(صهيب الرومي ) )بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع/د.صالح العطوان الحيالي

رجال خلدهم التاريخ صهيب بن سنان المشهور ب (صهيب الرومي )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي 26-9-2018
صهيب الرومي هو الصحابي العربي الجليل صهيب بن سنان بن خالد بن عمرو بن طفيل بن عامر بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد النمري، وليس كما عُرف بالرومي، نمري الأب وتميمي الأم، من ثلة الصحابة الضعفاء الذين طالهم عذاب أهل مكة لهم للتخلي عن دين الأسلام، هاجر مع رسول الله صل الله عليه وسلم إلى يثرب تاركاً أمواله في مكة، شارك إلى جانب الرسول عليه الصلاة والسلام جميع الغزوات والمعارك.
سيرة صهيب الرومي في الجاهلية
ــــــــــــــــــ عمل والده قبل الإسلام عاملاً وولياً عند كسرى على مدينة أبلة القديمة في العراق،وعاش طفولة جميلة وسعيدة في قصر كبير على شاطئ الفرات.
سبب لقبه بالرومي أنه سُبيّ صغيراً عندما هجم الروم على منازل قومه، وأخذوه مع العبيد، فإشتراه رجل من بني كلب، وباعه إلى رجل أعتقه في مكة يدعي عبدالله بن جدعان التيمي الذي لاحظ ذكاء وإخلاص الصغير له فأشركه في تجارته ورفقته حتى أصبح يملك مالاُ وفيراً.
صهيب بن سنان المعروف أيضًا بـ صهيب الرومي صحابي ومولى لبني تيم بن مُرّة، وأحد السابقين إلى الإسلام، ومن المستضعفين في مكة الذين عُذّبوا ليتركوا دين الإسلام. ترك صهيب كل ماله ليهاجر إلى المدينة المنورة ويلحق بالنبي محمد، وقد شارك معه في غزواته كلها. ولما طُعن عمر بن الخطاب، أمر صهيب أن يصلي بالمسلمين إلى أن يختار أهل الشورى الخليفة الجديد. ولما قُتل عثمان، اعتزل صهيب الفتنة إلى أن توفي في المدينة المنورة في شوال سنة 38 هـ.
سيرته
ــــــــــــ ولد صهيب بن سنان بن مالك بن عبد عمرو عام 35 قبل الهجرة في الجزيرة الفراتية بالقرب من نينوى،وهو من بني النمر بن قاسط إحدى قبائل ربيعة بن نزار.كان أبوه أو عمه عاملاً لكسرى على الأبلة،وقد تعرض صهيب للسبي صغيرًا عندما أغار الروم على منازل قومه، وحملوه معهم، فأقام بين الروم فترة، ثم اشتراه رجل من كلب، وباعه في مكة إلى عبد الله بن جدعان التيمي الذي أعتقه، وقيل أن صهيبًا هرب من الروم، فأتى مكة وحالف ابن جدعان. أما أمه فكانت من بني تميم، واسمها سلمى بنت قعيد بن مهيض.
كان صهيب بن سنان صاحبًا للنبي محمد قبل أن يوحى إليه، ولما دعى النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، أسلم صهيب مع عمار بن ياسر في ساعة واحدة بعد أن دخل النبي محمد صلى الله عليه وسلم دار الأرقم ليدعوا فيها، فكان إسلامهم بعد بضعة وثلاثين رجلاً. وكان من أوائل من أظهروا إسلامهم في مكة، ولما كان صهيب من الموالي، استضعفته قريش فعذّبته، فقال مجاهد بن جبر: «أول من أظهر إسلامه سبعة النبي وأبو بكر وبلال وصهيب وخباب وعمار بن ياسر وسمية أم عمار رضي الله عنهم أجمعين، فأما النبي فمنعه الله، وأما أبو بكر فمنعه قومه، وأما الآخرون فأُخذوا وأُلبسوا أدراع الحديد، ثم أصهروا في الشمس». فكان يُعذب ليترك دين الإسلام حتى يغيب عن الوعي، ولا يدري ما يقول،وفيه وفي المستضعفين الذين عُذّبوا من المسلمين نزلت آية: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ . كما روى عبد الله بن مسعود أن جماعة من قريش مرت بالنبي محمد، وعنده خباب بن الأرت وصهيب وبلال بن رباح وعمار بن ياسر، فقالوا: «أرضيت بهؤلاء؟!»، فنزلت آيات وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولواْ أَهَـؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ .
ولما أراد صهيبًا الهجرة إلى يثرب، اعترض أناس من أهل مكة، فنثر كنانته، وكان من الرماة المهرة،وخيّرهم بأن يرميهم بسهامه أو أن يدلهم على ماله أين خبأه على أن يتركوه، فتركوه على أن يخلي بينهم وبين ماله. هاجر صهيب مع علي بن أبي طالب، فكانا آخر من هاجر من مكة، وبلغا يثرب في 15 ربيع الأول سنة 1 هـ، والنبي محمد وقتئذ لا زال مقيمًا في قباء. فلما بلغ النبي أمر صهيب وما فعله مع أهل مكة قال: «يا أبا يحيى، ربح البيع، ربح البيع، ربح البيع»، وفي ذلك نزلت آية: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ . نزل صهيب في يثرب على سعد بن خيثمة، وقد آخى النبي بينه وبين الحارث بن الصمة.وبعد الهجرة، شهد صهيب مع النبي محمد غزواته كلها.
بعد وفاة النبي محمد، أقام صهيب بالمدينة المنورة، وكان محل إجلال بين المسلمين، وقد اختاره عمر بن الخطاب لمّا طُعن ليُصلّي بالمسلمين إلى أن يتفق أهل الشورى على خليفة جديد. ولما قُتل عثمان بن عفان، اختار صهيب أن يعتزل الفتنة التي وقعت بين المسلمين،إلى أن توفي في المدينة المنورة في شوال سنة 38 هـ، على خلاف في مقدار عمره وقت وفاته، فقيل 73 سنة، وقيل 84 سنة.وقيل 70 سنة،وقد دُفن صهيب في البقيع بعد أن صلى عليه سعد بن أبي وقاص.أما صفته، فقد كان صهيب رجلاً أحمر شديد الحمرة، ليس بالطويل ولا بالقصير، وهو إلى القصر أقرب، كثير شعر الرأس، وكان يخضب بالحناء.
مكانته
ــــــــــ روى أنس بن مالك عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قوله: «السّبّاق أربعة: أنا سابق العرب، وصهيب سابق الرّوم، وبلال سابق الحبشة، وسلمان سابق الفرس».وروى يزيد بن صيفي بن صهيب بن سنان عن أبيه عن جده قوله: «قال رسول الله : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليحب صهيبا حب الوالدة لولدها».وروى أسلم مولى عمر أنه خرج مع عمر بن الخطاب، فدخلا على صهيب في حديقة له، فلما رآه صهيب قال: «يناس يناس»، فقال عمر: «ما له، لا أبا له، يدعو الناس؟»، فنبهه أسلم أنه يدعو غلامًا له اسمه «يحنس»، وإنما قال ذلك لعجمة شديدة في لسانه لنشأته بين الروم، فقال عمر لصهيب: «ما فيك شيء أعيبه يا صهيب إلا ثلاث خصال، لولاهن ما قدّمت عليك أحدًا. أراك تنتسب عربيًا ولسانك أعجمي، وتكتني بأبي يحيى اسم نبي، وتبذر مالك»، فقال صهيب: «أما تبذيري مالي فما أنفقه إلا في حقه، وأما اكتنائي بأبي يحيى فإن رسول الله كنّاني بأبي يحيى، فلن أتركها، وأما انتمائي إلى العرب، فإن الروم سبتني صغيرًا، فأخذت لسانهم، وأنا رجل من النمر بن قاسط، ولو انفلقت عني روثة لانتميت إليها».وقد وصفه الذهبي في ترجمته له بقوله: «كان فاضلاً وافر الحُرمة، موصوفًا بالكرم، والسماحة».
أهم صفات الصحابي صهيب الرومي
عُرف عنه الجود والكرم، فكان معطاءاً، ينُفق ماله في سبيل الله ومساعداً للمحتاجين وإغاثة الفقراء،ويقدم الطعام لليتامي والمساكين والأسرى، حتى قال عنه عمر بن أبي الخطاب “أراك تُطعم كثيراً حتى أنك تُسرف”فرد عليه صهيب إنني سمعت رسول الله يقول “خياركم من أطعم الطعام ورد السلام” عاملاً بقول النبي الكريم.
إتسم صهيب بروح الدعابة والوجه السمّح الضحوك.
بعد وفاة النبي صل الله عليه وسلم بقي صهيب الرومي في المدينة المنورة، صاحب مكانة وتقدير بين المسلمين، ولما تعرّض عمر بن الخطاب إلى الطعن وهو يصلي، إختاره ليصلي بالمسلمين لحين اختيار خليفة جديد.
توفي الصحابي الجليل صهيب الرومي في المدينة المنّورة في شوال من العام الثامن والثلاثين الهجري، وكان عمره سبعون عاماً. .
من مواقف صهيب الرومي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يتحدث صهيب عن ولائه للإسلام فيقول: "لم يشهد رسول الله ضلى الله عليه وسلم مشهدًا قط، إلا كنت حاضره، ولم يبايع بيعة قط إلا كنت حاضره، ولم يسر سرية قط إلا كنت حاضره، ولا غزا غزاة قط، أول الزمان وآخره، إلا كنت فيها عن يمينه أو شماله، وما خاف -المسلمون- أمامهم قط، إلا كنت أمامهم، ولا خافوا وراءهم، إلا كنت وراءهم، وما جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين العدو أبدًا حتى لقي ربه".وكان إلى جانب ورعه خفيف الروح، حاضر النكتة، فقد رآه الرسول صلى الله عليه وسلم يأكل رطب، وكان بإحدى عينيه رمد، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم ضاحكًا: "أتأكل الرطب وفي عينيك رمد", فأجاب قائلاً: "وأي بأس؟ إني آكله بعيني الأخرى!!".
من مواقف صهيب الرومي مع الصحابة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موقف صهيب مع عمر بن الخطاب
روى البغوي من طريق زيد بن أسلم، عن أبيه خرجت مع عمر حتى دخلت على صهيب بالعالية فلما رآه صهيب قال: يا ناس يا ناس. فقال عمر: ما له يدعو الناس؟ قلت: إنما يدعو غلامه يحنس، فقال له: يا صهيب ما فيك شيء أعيبه إلا ثلاث خصال؛ أراك تنتسب عربيًّا ولسانك أعجمي، وتكنى باسم نبي وتبذر مالك. قال: أما تبذيري مالي, فما أنفقه إلا في الحق، وأما كنيتي فكنانيها النبي صلى الله عليه وسلم، وأما انتمائي إلى العرب فإن الروم سبتني صغيرًا، فأخذت لسانهم، ولما مات عمر أوصى أن يصلي عليه صهيب، وأن يصلي بالناس إلى أن يجتمع المسلمون على إمام.
- كانت حياة صهيب مترعة بالمزايا والعظائم، فإن اختيار عمر بن الخطاب إياه ليؤم المسلمين في الصلاة مزية تملأ حياته ألفة وعظمة.
فعندما اعتدي على أمير المؤمنين وهو يصلي بالمسلمين صلاة الفجر. وعندما أحس نهاية الأجل، فراح يلقي على أصحابه وصيته وكلماته الأخيرة ثم قال: "وليصلّ بالناس صهيب".
- لقد اختار عمر يومئذ ستة من الصحابة، ووكل إليهم أمر الخليفة الجديد.. وخليفة المسلمين هو الذي يؤمهم في الصلاة، ففي الأيام الشاغرة بين وفاة أمير المؤمنين، واختيار الخليفة الجديد، يختار من يؤم المسلمين في الصلاة..
إن عمر وخاصة في تلك اللحظات التي تأخذ فيها روحه الطاهرة طريقها إلى الله ليتأنى ألف مرة قبل أن يختار.. فإذا اختار، فلا أحد هناك أوفر حظًّا ممن يقع عليه الاختيار..
ولقد اختار عمر صهيبًا.. اختاره ليكون إمام المسلمين في الصلاة حتى ينهض الخليفة الجديد بأعباء مهمته.. اختاره وهو يعلم أن في لسانه عجمة، فكان هذا الاختيار من تمام نعمة الله على عبده الصالح صهيب بن سنان.
روايته للحديث النبوي
ـــــــــــــــــــــــ روى عن: النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب.
روى عنه: بنوه حبيب وحمزة وعثمان وصيفي وسعد وعباد وصالح ومحمد بنو صهيب وحفيده زياد بن صيفي وسعيد بن المسيب وكعب الأحبار وعبد الرحمن بن أبي ليلى وابن عمر وجابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام وعبيد بن عمير الليثي وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وأسلم مولى عمر وسليمان بن أبي عبد الله وشعيب بن عمرو بن سليم الأنصاري وعبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة ومجاهد بن شهاب النمري ومصعب بن سعد بن أبي وقاص.
" د.صالح العطوان الحيالي"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق