Amr Anwar
(القصر المسجور) (عمرو أنور)تركت يدي , وغابت عن عيني,
أسرعت تعدو , كما الغزلان,
بحثت عنها في كل مكان, لا أثر حتى في الجنان,
لم أجد إلا عنقودا , معلقا بين ألاغصان,
نظرت حولي, فوجدت دخان,
وكوخ من الخوص, على ربوة فى المكان,
وعيون إلي ناظرة, ليست كعيني إنسان,
إقتربت من الكوخ, وطرقت الباب,
سمعت صوتاً, يشبه صوت الجان,
إرتعدت فرائصي, وأنا أقف بالمكان,
قال من بالباب, أجب ولك ألأمان,
أبحث عنها طوال, عقود وأزمان,
ولما وجدتها, هربت كالغزلان,
دُلني على المكان, فما أنا بشيطان,
أيقظ صرير الباب, كائنات تعج بالمكان,
كان عجوزاً أشيب الأهداب, واللحية تطاول الأقدام,
قصير القامة محني الظهر, من مصائب الأيام,
الفم كبير , خالي الاسنان,
الأنف معقوف, لا شبيه له فى إنسان,
تجاعيد الوجه قالت, يتحدى الزمان,
رث الملبس, من فعل الأيام,
يتكىء على غصن شجرة, ذبل من الأحزان,
أشار إلى جبل وقال, إبحث فى قلعة النسيان,
قادتنى قدماى , إلى درج من البلور والمرجان,
صعدته فوجدت, أسوارا تحيط بالمكان,
عتيقة البناء, شاهقة البنيان,
وباب القلعة, قديم قدم الزمان,
وأبراج تزين الأسوار, خالية من إنسان,
علا صوتى فاهتزت, الأرجاء من النداء,
جاءنى صوت كفحيح الافعى, إن اقتربت أحرقنا المكان,
هذه القلعة لم , تدنسها الأقدام,
عُد من حيث أتيت, فالأرواح تكره الفتيان,
إستدرت عائدا إلى , حيث كوخ العجوز كان,
بوجه باسم أشار بعصاه, إلى مغارة تخترق الوديان,
وقال إتبعنى أدُلُك , على واحة الأمان,
بها سرداب يفضى, إلى القصر بأمان,
دلفنا إلى السرداب, وأنا أواصل الكلام,
قال اصمت , فللأرواح أذان,
كان السرداب غارقا , فى مياه الوديان,
وكان ضيقا حرجا, لايكاد يعبره إنسان
ورفات وعظام , فى كل مكان,
وجيف حيوانات, إلتهمتها الجرذان,
وجثث موتى, أكلتها الديدان,
أشار لىً العجوز, فتقدمت للأمام,
وقال إذهب مصحوبا, بدعوات السلام,
أما أنا فأعوذ , بالله من الشيطان
عاد العجوز من حيث أتى, وواصلت أنا الزحف فى السرداب,
رأيت ضوءً خافتا, أتى ليبدد الظلام,
ولما وصلت إليه , رأت عينى الجنان,
حدائق ورود وياسمين, وزهور وريحان,
والنخل باسقات, وأشجار التين والزيتون,
وعناقيد العنب تتدلى, لتعانق أشجار الرمان,
يتوسطها قصر منيف, مشيد من الياقوت والمرجان,
وأضواء خافتة, والضباب ينتشر فى سماء المكان,
وقباب تخطف, الابصار والألباب ,
وحور عين تسبح, فى بحيرات إمتلأت بدموع الأحباب,
وجوارى تلهو , بخطابات العُزاب,
وينابيع المياه القرمزية, بلون دماءالخُطاب,
تحيط بتماثيل من الذهب, ترفع أكف الضراعه للوهاب,
ورجال الأسوار مشغولون, بالحراسة جيئة وذهاب,
وعيون تراقبنى, لا هى لإنس ولا لجان,
إقتربت من الباب, فأشار حارسان,
سرت فى دهليز, به حجرات مُغًلًقة الأبواب
أفضى بى إلى مكان, حسبته أمان,
سمعت صراخا وعويلا, وأصواتا تصم الأذان,
إنها لقلوب المحبين, إنها أنات الحرمان,
قلوب العاشقين, حبيسة المكان,
عانت من الهجر , عبر الزمان,
تطوف فى الأركان, تطلب الغفران,
أدرت المزلاج, وبلطف فتحت الباب ,
جلست هى بجانب الشرفة, على مقعد هزاز,
وبيدها عصى صغيرة, دائمة الإهتزاز,
تنظر لبلورة , أمسكتها بإعتزاز,
قالت بصوت واهن, لا يخلو من الإعزاز,
جميلة الرسم, بالغة الحسن,
طويلة الأهداب, واسعة العينان,
إزدان الكحل بعينيها, وراود العشاق شفتيها,
عيونها لماحة, وعطور جسدها فواحة,
بيضاء الوجه, سوداء الشعر,
الأنف صغير, والوجه مستدير,
ورود الخد, عليك تنادى,
الخصر نحيل, والقد منسجم,
تتهادى فى سيرها, حالمة فى صوتها,
طرق الحب الباب , فى مطلع الشباب,
حبيسة مقعدى من سنوات, أراقب أسوار القصر والأبواب,
عله يأتى من بعيد, مازال هو أعز الأحباب,
أمسكت بحفنة من البخور, وألقت بها فى التنور,
فتعالى الدخان, فى سماء المكان,
نظرت إلى البلورة وقالت, عليك بالأغراب,
أراها تعدو, ومن ورائها الذئاب
داخل أسوار القلعة, وعلى يسار الأبواب,
كان يقام كل صباح سوق, يباع فيه ما يخطر على الألباب,
يشترى منه الناس, من التوابل إلى الأخشاب,
يأتى إليه الباعة, من كل حدب وصوب,
ويبيع الناس فيه ويبتاعون, من الجوارى والعبيد الشباب,
قال أبى لن أرتدى, ملابس الملوك بل أرق الثياب,
سأغدو بين الناس فى السوق, لأنصت للغة الخطاب,
أطمئن على رعيتى, لأقيهم شر الدواب,
وأشار لكبير حراسه, ويدعى مهاب,
للخروج سويا من سرداب, مغطى بالأعشاب,
تنكر الملك فى زى حطاب, وحارسه فى زى قصاب,
وإنطلقا مسرعين فى , إتجاه سوق الأخشاب,
كان الحارس مفتول العضلات, ثاقب النظرات,
على إستعداد, للنزال فى لحظات,
أهداه أبى سيفا, خالصا من الذهب,
لما أنقذ حياتى, من الموت على أيدى الذئاب,
ولما وصل أبى إلى السوق, سأل عن الحطاب,
أشاروا لعجوز, يصنع الأبواب,
مالى أراك شيخا , وعملك يحتاج إلى جهد الشباب,
يذهب ولدى إلى التلال, لإصطياد الظباء والذئاب,
وأنا أجلس فى السوق, أبيع الأخشاب,
وما إسم ولدك, قال شهاب,
أجزل الملك له العطاء, وعاد إلى القصر بزى الحطاب,
إنطلق الفرسان يستبقون, لبلوغ المكان,
والكلاب بسرعة تعدو, قادمة من الوراء,
وعندما إقتربوا من , بحيرة مليئة بالماء,
قال خادم الملك سنبدأ, فى الصباح البحث عن الظباء,
إنصبوا الخيام إستعدادا للمساء, وأطلقوا الخيول ترعى فى العراء,
جلست مربيتى على الرمال, وأنا ألهو فى البحيرة بالماء,
ومن بين الأشجار تراقبنا, عيون ذئب فى الخفاء,
أخذ يعدو فى إتجاهها, وصراخى يهز الأرجاء,
وأطبق بفمه على عنقها, فسقطت غارقة فى الدماء,
وبعد أن صرعها, نظر إلىً بعيون حمراء,
أدركت ما أنا فيه من عظيم إبتلاء,
وإذا بفتى يخرج من بين الأشجار, وبيده رمح يصطاد به الظباء,
ووقف بينى وبينه, ملوحا برمحه فى الهواء,
هجم الذئب عليه وأنا , أردد حانت ساعة القضاء,
حاول الذئب قتله, وهو يقاوم بشجاعة وفداء,
غرس الذئب أنيابه , فى كتف الفتى وسحبه للوراء,
فى لمح البصر حضر الملك, والحراس والحاشية والنبلاء,
قتل كبير الحراس مهاب, الذئب بسيفه دونما عناء,
نزف الفتى الكثير , والكثير من الدماء,
نظر إليه أبى وقال, إحضروا الأطباء,
لن يتحمل الإنتظار يا أبتى, سيصاب حتما بالإعياء,
سأصحبه إلى القصر, لأنقذه من نوبة الإغماء,
صاح خادم الملك..........
سابقوا الريح إلى القصر, وإستدعوا كبير الأطباء,
على الخدم تجهيز , جناح الأمراء,
لإستقبال جريح, سلك سلوك النبلاء,
وأنقذ حياة , الأميرة علياء,
وضعوا الفتى فى عربة, تجرها خيول بيضاء,
وأنا أضع يدى , على كتفه لأمنع نزيف الدماء,
إنطلقت الخيول فى سباق , مع الريح لإنقاذه من البلاء,
كان الفتى يئن , بصوت مكتوم فى كبرياء,
مالذى دفع به, لتحمل هذا العناء,
ثاقب النظر, حاد الزكاء,
شعره بنى, وبشرته سمراء,
عريض الجبهه , وعيون زرقاء,
متناسق الجسم, طويل البناء,
خصره مغطى بجلد نمر, وكتفه بجلود الظباء,
يحمل على ظهره جراب, مصنوع من جلد حرباء,
به سهام مصنوعة من, عظام ثعالب الصحراء,
يصطاد فرائسه, فى سرعة ودهاء,
إنه فتى الفتيان, كما جاء فى كتب العظماء,
عندما وصلت أخبار حادث, الأميرة علياء,
إصطف العامة فى الطريق, ما بين السوق وجناح الأمراء,
للإطمئنان على صحة , الأميرة الحسناء,
وصلنا إلى القلعة بسرعة, كأنما هبطنا من السماء,
كان كل شىء حاضرا, من الأعشاب إلى الأطباء,
قال طبيب الملك, نزف كثيرا من الدماء,
علينا التحوط لأنه, سيدخل فى نوبة إغماء,
إن عاش للغد, سيكون قد عاد من فناء,
فى الصباح أفاق الفتى, وقدم للطبيب الثناء,
ونظر إلىً وقال, أعتذر عن الشقاء,
وبعد أيام تعافى, وبدأ التريض فى الخلاء,
عاد أبى من رحلة الصيد, وأجزل له العطاء,
أُعجب به أبى كثيرا, لما أظهره من أخلاق النبلاء,
وأوكل إلى الحارس مهاب, تدريبه على قتال الأعداء,
كنت أراقبه من شرفتى, وهو يقاتل ببسالة وفداء,
أقام شهاب , فى جناح الأمراء,
جمعنى وشهاب, اكثر من لقاء,
هو إبن حطاب يعيش , على صيد الذئاب والظباء,
يبيع لحومها , فى السوق للغرباء,
ويصنع من جلودها ملبسا, ليقى والديه برد الشتاء,
بينما كنت مع أبى فى جناحه, طلب رئيس الوزراء اللقاء,
مملكة الشيطان ستشن, علينا حربا شعواء,
يريدون إحتلال القلعة, والسيطرة على موارد الغذاء,
ونهب ثروات شعبنا, وحرمانه من الرخاء,
ومتى سيبدأون الهجوم, يا رئيس الوزراء ؟
عيوننا هناك تؤكد أنهم, بدأوا تجهيز أولى الحملات,
فى كل حملة قاذف, لكرات لهب تحمله البغال,
عربات المؤن, تجرها الحمير والجمال,
وسلالم عملاقة, وكميات هائلة من الحبال,
وسيوف ورماح, فى مئات السلال,
وعلى رؤؤس الجند خوذات, وفى الأقدام من الجلود نعال,
وعلى صدورهم دروع, لصد السهام والنبال,
ويقود كل فيلق من , الجند فارس وخيًال,
والقادة يركبون , الأفيال,
وأسود ونمور فى أقفاص, لترويع الشيوخ والأطفال,
تُرى هل سيكون النصر, عزيز المنال,
إجتمع مجلس الحرب, بالكامل فى الحال,
وفى الإجتماع قال الملك, دوام الحال من المحال,
عم السلام فى المملكة, فترات طوال,
على سكان المملكة, الإستعداد للقتال,
علينا تدريب الجنود, على فنون النزال,
وتزويد العامة, بالكثير من النبال,
وتهيئة الشباب, على الصبر والإحتمال,
ربما يفرضون علينا, حصارا من اليمين والشمال,
وشراء الشعير والدقيق, من الممالك المجاورة بالمال,
وتقييد المتاجرين بأقوات, الناس بالأغلال,
وتغليظ العقوبة, على السارق والمحتال,
قطع يد المرتشين, ومختطفى الأطفال,
تحسنت صحة إبن , الحطاب شهاب,
وتبادل هو والأميرة, مشاعر الأحباب,
وشارك الجنود التدريبات, والفوز بالألقاب,
أوكل إليه وزير الأمن, الإشراف على الأبواب,
كان يرى أوجه القصور, ويعالج بنفسه الأسباب,
وبينما هو فى إجتماع, مجلس وزراء الحرب,
أذن له الملك بالكلام, نحفر خندقا خارج الأبواب,
بينه وبين الأسوار, أمتار ونغطيه بالأعشاب,
وعندما يبدأ هجوم الأعداء, نرميهم بالأحجار والأخشاب,
ومن يعبر الخندق نسكب, عليه الزيت المغلى من الأبواب,
ومن يتسلق الأسوار , نقضى عليه بالحراب,
وأثناء إنسحابهم يخرج جندنا, من بين أغصان اللبلاب,
يتعقبونهم فى الأحراش, ويقتلونهم بنبال الغاب,
وبذلك نكون قد طوقناهم, من الوسط والأجناب,
أثنى الملك عليه وأمر وزير, الأمن بتنفيذ خطة شهاب,
فى صباح أحد الأيام, جلس الشاب,
فى غرفته يدرس, ويراجع خطط الحرب,
وإذا بحمامة بيضاء, تسقط فى غرفته بدون أسباب,
فى إحدى قدميها, أنبوب بداخله خطاب,
مكتوب فيه , الحرب على الأبواب,
أدرك فى الحال, أن الخائن ينتظر الجواب,
أمسك الحمامة البيضاء, وقدم لها الأكل والشراب,
أسرع إلى الملك وهو, يقول سنأخذ بالأسباب,
أسرع شهاب إلى قصر , الملك يطلب اللقاء,
وبيده دليل خيانة , أحد الوزراء أو النبلاء,
ولما أذن الملك له بالكلام, بدأ حديثه بإعلان الولاء,
مولاى الملك, هذه الحمامة البيضاء,
ساقها الله إلينا , من السماء,
علينا أن نحررها, ونطلقها فى الهواء,
ونراقب تحليقها, فى الفضاء,
وعلى أى شرفة , تهبط من علياء,
ومن سيتلقى الرسالة , سيكون من الجبناء,
خائن لمولاى ولشعبنا, الصابر على البلاء,
متآمر على المملكة, وعلى الفقراء,
حاقد على, النبلاء والأمراء,
لم يرحم , السيدات البسطاء,
غليظ القلب , على الأطفال الضعفاء,
أمر الملك الحراس, بالإنتشار فى الأنحاء,
ومراقبة تحليق , أسراب الحمام فى السماء,
وما أن أطلق شهاب, الحمامة البيضاء,
حتى حلقت فوق , أحد قصور الوزراء,
وهبطت على سور إحدى , الشرفات السوداء,
وفى سرعة امتدت إليها الأيدى, وأمسكتها وعادت بها للوراء,
وانتزعت من قدميها, الرسالة وتوارت فى الخفاء,
وبعد ثوان عادت وأطلقتها, مرة أخرى فى الهواء,
قصر من هذا, إنه لرئيس أمن الوزراء,
أخيرا إكتشفنا, تفاصيل المؤامرة,
حاصروا القصر, وإلقوا القبض على من فيه,
الخائن بيننا, وجزاؤه المقصلة,
عليكم إصطياد الحمامة, وإحضار الرسالة,
مولاى: إن أصبناها, لن تنتهى المسألة,
لماذا لا نتركها تعود, بالمعلومة الخاطئة,
ونستبدل خطط , الدفاع عن القلعة,
نحفر أنفاق وسراديب, إلى خارج المملكة,
يبيت فيها الجند, ليلة المعركة,
وحينما يقترب الأعداء , من الأسوار,
نفاجئهم من الخلف, ونحكم عليهم الحصار,
أشار الملك بالإيجاب, إنها أفضل الأفكار,
إقبضوا على الخائن, وتيقنوا مما قاله من إسرار,
علقوا رأسه , على أحد الأسوار,
وإلقوا بجثته, فى الأغوار,
جزاء الخائن, هو الكى بالحديد والنار,
إنطلق سرب الحمام, محلقا بلا إنتظار,
تاركا القلعة, حاملا الأسرار,
وأوكل الملك إلى شهاب مهمة , الحفاظ على البلاد من الأشرار,
فبدأ بإختيار مساعديه, من الشباب الأخيار,
رفع شهاب شعار, الموت أو الإنتصار,
لاحت نذر الحرب , فى السماء,
لم يترك شهاب طريقا , إلا وسلكه للنيل من الأعداء,
إلى جانب تدريب الجند, كان الحديث مع النبلاء,
إن لم تساعدوا المملكة, سيُكتب عليكم الفناء,
عليكم بالحد من مظاهر , البذخ ,ومساعدة الفقراء,
كلنا لحظة هجوم الأعداء , سنكون سواءًاً بسواء,
إلى جانب حفر السراديب, كان حديثه للأمراء,
عليكم الهبوط , من علياء,
ستدفعون أموالكم, لقتال الأعداء,
وسيضحى البسطاء, لدرء البلاء,
عاد سرب الحمام, إلى مملكة الأعداء,
يحمل أسرارا باتت, هامة للأغبياء,
إجتمع قادة جيش الأعداء, لتحديد ساعة اللقاء,
وإحتفلوا مبكرا, بالإنتصار على العظماء,
ولم يتحسبوا لقدرات, منافسهم أو للدهاء,
وإصطحبوا معهم كل, نفيس وغالى حتى النساء,
وأحضر الأمراء, حيواناتهم بما فى ذلك الجراء,
غرتهم قدراتهم ونسوا, أن للمجتهد نصيب من العطاء,
وإعتقدوا أنها نزهة, خلوية فى العراء,
كان صوت عشرات, ألألاف من جنود الأعداء,
يحدث دويا ترتجف, له القلوب فى الأرجاء,
وتقشعر له الأبدان, فى الأنحاء,
أمر زعيم قبائل الشيطان, الجنود بالتوقف قبل بلوغ الأسوار,
والقيام بتحركات متعددة, من اليمين إلى اليسار,
لإستعراض قوة الجيش, أمام المملكة وتوجيه إنذار,
بينما مجلس حرب المملكة, فى حالة تأهب لعقاب الأشرار,
كان شهاب يطمئن , على حال الجند قبل الإختبار,
حيث كان الألاف فى السراديب, ينتظرون الأخبار,
والمئات منهم يمسكون, بمشاعل من نار,
وعشرات الفرسان, فى حالة إستنفار,
وحراس الأسوار, بالزيت المغلى فى الإنتظار,
أرسل زعيم قبائل الشيطان, رسالة حملها أحد الأشرار,
سنهدم القلعة على, من فيها ولكم الإختيار,
وشهاب يراقب من البرج, إسلوب الأعداء فى الإنتشار,
أشار زعيم قبائل الشيطان, فاندفع الجند نحو الأسوار,
فقال شهاب, بالصبر يكون الإنتصار,
ورفع علما أبيض فتحرك, عشرات الألاف من الأخيار,
نحو الأعداء فى شجاعة , وقوة وإصرار,
ثم رفع علما أحمر , فحمل الجنود مشاعل النار,
ثم رفع علما أسود ففتحوا , أبواب القلعة من اليسار,
وخرج منها المئات, فى إتجاه الأشرار,
إلتحم عشرات الألاف, فى معركة مليئة بالأسرار,
فُتحوا باب القلعة , فكان نصر الله للأخيار,
وبحلول الظلام بدأ, جند الأعداء فى الإنهيار,
سقط الألاف جرحى, من جراء القتال,
وسقط المئات قتلى, من إصابات بالنبال,
وبدأ جنود المملكة, فى دفن الموتى فى الرمال,
وإخلاء الجرحى, وعلاجهم فى الحال,
وتقييد الأسرى, بالحبال والأغلال,
وغلق أقفاص الإسود, والنمور بالأقفال,
ومع إنسحاب جند الأعداء, إلى ما وراء الجبال,
طلب شهاب من الملك, مطاردتهم فى التلال,
وفى الصباح أشرف بنفسه, على مطاردة الأفيال,
وبينما هو على فرسه, يطارد الإسود والأشبال,
تعثر جواده فى فخ, مُعد لإصطياد الغزال,
ورفع قوائمه الأمامية , فسقط شهاب فى الحال,
أحاط به جنود الأعداء, وهم يحملون النبال,
إستل شهاب السيف, من غمده وبدأ القتال,
أصابه الإعياء مما بذله, من جهد فى النزال,
إقتاده جند الأعداء, بعد أن قيدوه بالحبال,
وضعوا القيود فى قدميه, وربطوه فى أحد الجمال,
وسحلوا جسده, على الرمال,
وصلوا إلى مملكة, الشيطان وفى يده الأغلال,
ينزف الدماء من جسده , العارى إلا من سروال,
فُتح باب القلعة, فسقط المطر وذادت الأوحال,
كان حارس الأبواب, عملاقا كأنه من نسج الخيال,
دميم الصورة منتفخ, الأوداج ورأس كالبغال,
عيون جاحظة بياضها, إحمرار كعيون الجمال,
أنف طويل يتحرك, كأنوف الأفيال,
الأذن تنفث الدخان, جهه اليمين والشمال,
الشعر طويل, ومجدول بالحبال,
أشار بيده لطريق, يشق الجبال,
على جوانبه جثث, تأكلها الأسود والأشبال,
فى نهايته بحيرة, مليئة بدماء الغزال,
تسبح فيها ساحرات, مقيدات بالأغلال,
والسحرة جالسون, كأنما يحملون الأثقال,
ورجال طاعنون فى السن, يبدون كالأطفال,
وأشجار نخيل, تسقط منها النعال,
وتماثيل سوداء , لنساء يغوين الرجال,
ودخان وروائح كريهة, تصل لأميال,
وأسياد يضربون العبيد, لشد الرحال,
وإماء يضربن النساء, ليرفعن الأحمال,
وأطفال يبحثون فى القمامة, عن لقيمات صعبة المنال,
والأرض تهتز, كأن بها زلزال,
ألقى الحراس بشهاب, على الأرض فى الأوحال,
ثم إقتادوه إلى زعيم قبائل, الشيطان فى الحال,
فأمر بجلده بالسياط, أيام وليال,
وكيه بالحديد والنار, أسابيع طوال
غاب شهاب شهورا, طوال عن الأميرة علياء,
عاد القادة إلى القلعة, إلا هو وثلاثة أشقاء,
إنتظرت هى سنوات, عله يأتى ويكون اللقاء,
إمتنعت عن الأكل والشراب, وإعتزلت الأصدقاء,
ذبل وجهها ونحل , جسمها من البكاء,
كان الحزن أقوى , من تعاليم الأطباء,
وفراق الحبيب, أشد وطأة من الدواء,
وحديثه معها, أبلغ من كلام الحكماء,
حار الأطباء , فى علاج الأميرة الحسناء,
قال طبيب الملك, وكبير الأطباء,
أن الأميرة , لا تتطلع للشفاء,
هى لا تشكو, من مرض أو داء,
إلا داء القلب, الذى يحار فيه العلماء,
ولما رأى الملك, إبنته الأميرة علياء,
عاجزة عن الكلام, وفى طريقها للفناء,
رصد مكافأة لمن, على يديه يكون الشفاء,
وقال إئتونى بكبير, السحرة وما له من نساء,
ولما مثلوا أمامه قال, عليكم فى القصر البقاء,
إلى أن تشفى , الأميرة علياء,
قال كبير السحرة, ربما كان شهاب من الشهداء,
سيخبرنا كبير العرافين, إن كان من الأحياء,
نعم مولاى, حيا, ومازال , فى قلعة الأعداء,
إقترب الملك من, الأميرة علياء,
كانت طريحة الفراش, وعيناها تنظران للسماء,
جلس إلى جانبها, وحدثها عن الشفاء,
ودموعها تسيل, على الوسادة البيضاء,
قبَل جبينها, وقال كفانا بكاء,
فما زال الأمير , شهاب من الأحياء,
كبير العرافين يقول, أنه ليس من الشهداء,
وأنه مازال حيا, فى قلعة الأعداء,
سأصدر أمرا, للأمير بهاء,
بتجهيز حملة, لإنقاذ شهاب من العناء,
سنجده ولو كان, فى كهف فى الصحراء,
هوت دمعة من, عين الملك على يد علياء,
فرفعت يدها بلطف, ومسحت دموع البكاء,
فقبل الملك يدها وقال, غدا ستسمعين أنباء,
أعلن نفير الحراس, عن تحرك حملة الأمير بهاء,
لإنقاذ الأمير شهاب, من قلعة الأعداء,
قال الجند هو قائدنا, وسنلبى النداء,
سنحرره من الأسر , ونرفع عنه البلاء,
أرواحنا ستكون, له فداء,
وسنشق بسيوفنا, القلوب وسنجوب الصحراء,
قال الملك لا, تتعرضوا للنساء,
لا تقتلعوا الزروع , ولا تقتلوا الأبناء,
عليكم تحرير شهاب, من قبضة الأعداء
أهدى كبير السحرة , بلورة للأميرة علياء,
كى ترى فيها, شهاب كل مساء,
كلما نظرت فيها, رأت عيونه الزرقاء,
مكبلا بالأغلال, فى قلعة الأعداء,
فى سرداب أو دهليز, أو بئر مملوء بالماء,
يجلده الحراس بالسياط, صباح مساء,
ويمنعون عنه الأكل والشراب, ويسكبون على رأسه الماء,
وهو يئن من آلام, الجلد فى كبرياء,
ويقول سآتى , حتما يا علياء,
سآتى ويكون , بيننا لقاء,
تماثلت الأميرة , الجميلة للشفاء,
وتجدد أملها , فى الحياة والبقاء,
كانت تجلس , كل مساء,
تحادث شهاب, وهى تنظر للبلورة البيضاء,
وتقول ما أجمل هذه, العيون الزرقاء,
أنقذتنى من الموت, يوما ومن الفناء,
من ذئب حاول , علىً القضاء,
سأنتظرك مهما, بلغ بىً العناء,
قال كبير السحرة, سيعود الجمال للأميرة علياء,
ما أن تراه ماثلا, أمامها ذات مساء,
أنا أنتظره الأن يا ولدى, أنا الأميرة العزباء,
وحبى له سيكون , عنوان الوفاء,
(القصة بالكامل موجودة على الصفحة الرسمية(الفنان عمرو أنور)
(نلتقى بمشيئة الله وقصة أخرى من قصص( القصر المسجور)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق