الأربعاء، 16 سبتمبر 2020

قصيدة بعنوان(حكاية بكلمتين)بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع/كرم الدين ارشيدات


 

حكاية بكلمتين
لكرم الدين يحيى ارشيدات
هي
كانت كزهرة نيسان
مخملية الاحساس
مقبلة على الحياة بحيوية
قلبها ينبض حبا
تفيض من جوانحها الاشواق
وهو
كان حساسا بعواطفه
جعلها أميرة اشواقه
عشقها
ولم يرى من النساء الا هي
جمعهما الاحساس
وربطهما برباط ود وحب لا ينقطع
هو وهي
مكملين بعضهما البعض
لا غنى لاحد عن الآخر
لو همست
بينها وبين نفسها
لسمعها
وهو ايضا
لو قال حبيبتي بينه وبين نفسه
لقالت اسمعك يا منى عيني
هم عشاق بالفطرة
عشاق
حلمهما ببيت بحجم علبة كبريت
يجمعهما
هي اصبحت بدمه
وهو كل امانيها
لا اتكلم عن زمن قيس وليلى
ولا اتحدث عن زمن الاطلال
اتحدث عن سنوات قليلة مضت
اتحدث عن زمنه هو
وايامها هي
اتحدث عن مشاعر ولدت مع اشراقة
شمس نيسان
ومع قطرات ندى صباح صيفي
اتحدث عن حلمهما
عن ايقاعات ارواح لم تعرف الا الايثار
اتحدث عن التخاطر بالنداءات
التخاطر بحديث الاشواق
اتحدث عن حلم واحد مقسم
لنصفين
يعيش كل واحد نصفه بكل احساس
اتحدث عن الحب بزمن اللاحب
واوشك الحلم ان يتلاشى
ويصيح حقيقة
واصبحت ليلة الزفاف هي الحلم الذي لا ينقطع
هي كانت تغمض عيناها لترى نفسها بثوب الزفاف
الذي طرز بتنهيدة شهقت
معها روحها
وهو الذي كان حلمه هي
نعم هي حلمه
ابتسامتها حلمه
صوتها
خوفها عليه وخوفه عليها
حلمه بباب يغلق عليهما
بيت مملوء بالحب والسكينة
كله مودة ورحمة
ولكن
اصبحت الضوضاء والضجيج
تدخل بكل شيء بحياته
سمع صوتها وهي تناديه
ذهب ملبيا النداء
ولكنها غير موجودة
البيت الذي كانت تسكنه
خال من سكانه
اين هي
اين هم
مالذي يحدث
سمع صوت الهدم في رأسه
انهار عالمه وتهدم في لحظة
هو لم يستوعب الذي حدث بعد
صوته يدوي كالرعد مناديا
ولا يوجد رد لندائه
يبكي دون ان يدري
ولا يدري لم تستغيث روحه
يسأل هنا وهناك عنها
عنهم
اين هي
اين هم
ولا اجابة
فراغ كبير وضع به
وسؤاله الدائم
مالذي حدث
كنا موشكين على الزواج
وبلحظة اختفى كل شيء
نداءاتها برأسه تأبى الزوال
انينها برأسه يدوي كعاصفة هوجاء
لا يدري ماذا يفعل
حزنه
اوقعه طريح فراشه لأيام
لا زاد ولا ماء
الطعام يأبى ان يدخل جوفه
نفسه لا تتقبل اي شيء
هي فقط نداءات ضعيفة
تطلقها روحه مستغيثة
لمن يغيثها
تريد ان تعرف
مالذي حصل
قتل الفرح في نفسه
ونذر الحداد عليها وعلى نفسه
ظن انها الخيانة
ظن انها تخلت عنه
في اول زوبعة فنجان
او انها اجبرت على غيرة
ولكن السؤال
ابعد كل هذا الحب
تتلاشى الاحلام وكأنها لا شيء
ومر اليوم والشهر
فقط هي الدموع التي تتحدث عنه
تتحدث عن روحه التي ازهقت بدم بارد
تتحدث عن ايام الحداد التي يعيشها
ولا يدري ان كان حدادا على من تواروا تحت جنح الظلام
ام حدادا على نفسه
التي يظن انها خدعت
لا ادري كيف اصفه
وبم اصفه
ولكني اقول بأنه شاب
زهد الحياة
اكتفى بالصمت والدموع
ظانا انه المغدور بعد حب عظيم عصف بحياته
شاب
بثيابه السوداء
بذقنه الذي اطلقه
انسان نفسه زاهدة من كل شيء
حتى عن الكلام
فقط دموعه هي التي تتحدث عنه
عند باب بيتها
اغلقت ابواب الحياة عنده
صلبت روحه عند عتبات بيتها
وقتلت كل امانيه
ومرت الايام وقد مضى على اختفائها اكثر من سنتين
رحل وترك اهله ومدينته
لا يريد العيش بأرض قتلت بها اشواقه
يريد ان يبتعد عن كل ما يذكره بها
يريد ان يترك ذكرياته خلف ضهره
ولكن السؤال
هل يستطيع
هل يستطيع ان ينسى
مجرد ان يدير ضهره
هل تتوارى العواصف والاحزان من حياته
هناك صوت
صوت يناديه
من بعيد
صراخ انثى يناديه
ينظر حوله
ايعقل بأنه هو المقصود
ابعد كل الذي حدث لي
مازال هناك من يذكرني
واقتربت منه
وعيناها مليئة بالدموع
تسأله
هل انت فلان
وتعيد السؤال وقلبها يكاد ان ينفطر
بالله عليك هل انت فلان
هز برأسه نعم
وامسكت به واحتضنته
وهي تبكي
امعن النظر بمن تحتضنه
واذا هي والدتها
لم يستطع الكلام
واكتفى السؤال بالاشارة
يسأل عنها
اين هي
يسأل عن التي ظن انها قاتلته
ولم فعلت به ما فعلت
صرخت المرأة
بعد عمري
ابني حبيبي
ابعد الشكوك من نفسك
هي ولآخر لحظة في حياتها
لم يكن على لسانها الا اسمك
تمنت ان تودعك
هي ما كانت الا لك
كانت مسماه على اسمك
كنت معها
بمرضها
بألمها
بنومها باحلامها
تمنت ان تكون بحضنك وروحها تفارق جسدها الطاهر
يا ابني
الميت لا تجوز عليه الا الرحمة
هي الان الى جوار ربها
صرخ وهو يبكي
بعد مرور اكثر من عامين على صمته
اين هي
ردت الام
انتقلت الى رحمة ربها
منذ سنة ونصف السنة
اكتشفنا مرضها وهو في مرحلة متأخرة
هي لم ترد ان توجع قلبك معها
رحلنا ملبين رغبتها
لأنها لم تكن لتحتمل دمعة تذرفها
عيونك
زلزال هدم كل اركانه
وهو في حضنها
لأنها كانت مدركة انه اضعف
من ان يحتمل وقع الخبرعلى نفسه
صرخ بأعلى صوته
ياااااااا الله
ياااااااا الله
تزاحمت الناس لترى مالذي يحدث
هو
خارت قواه
فوقع على الارض مغشيا عليه
وكأنه جثة هامدة
مسكين هذا الانسان
نفسه لم تعد تحتمل
انهار ما قد تبقى من عالمه
ونعود قليلا للوراء
نعود الى والدته
التي هو عونا وسندا لها ولاخته
ام مسكينة تلوعت على فلذة كبدها
لا تدري ماذا حصل له
واخته التي تمزق قلبها حزنا على اخيها
مسكينة تلك الام وتلك الاخت
عندما كان يقام حفل زفاف لأحد معارفهم
يكون حال البيت وكأنه هناك مأتم عندهم
اما والدتها هي
اخذت تصرخ مستغيثة
لمن يأتي ويسعف التي خرت قواه
مغميا عليه
وعندما افاق
حاول ان يربط الامور ببعض
حاول ان يصدق الذي يسمعه
هل هي حقيقة تحت التراب
تحت رحمة ربها
بتلك اللحظة اطبقت الدنيا على صدره
هل يلومها على فعلتها
ام يلوم نفسه التي ظنت بها السوء
ونظر الى السماء وقال
انما اشكوا بثي وحزني الى الله
عجيب امر هذا الانسان
عنده طاقة احتمال عجيبة
وصمودة وسط عواصف الحزن اكثر عجبا
واخذ يردد كلمات باللهجة العامية
قائلا
آويها يا عيد الموت انهش امانينا
آويها فاجعة الموت والقدر سكنت اراضينا
آويها يا موت الله يبليك مثل ما ابتلينا
كلمات قالها
عجزن كل نائحات الارض عن قولها
كيف لا وهو المفجوع بحبيبته
والتي يفديها بحياته لو علم بأنها كانت تحتضر
هي
عز عليها ان ترى دموع حبيبها
وهو يبكيها حزنا
عز عليها ان تراه منكسرا امام مرضها
ارادته قويا
لم تدرك بأنه انسان هش امام حبها
وامام ضعفها
لم تدرك ماذا كانت هي بالنسبة له
ماذا كانت تعني هي له
هي روحه التي سكنت نفسه
وهو الان جسد بلا روح
توقف كل شيء
الزمن وعقارب الساعة
وشمسه توقفت في مكانها
وقد حل بها الخسوف
لا هي متحركة
ولا القمر مفارق مكانه
احس وكأنها فارقته بتلك الحظة
واحس بها موجودة بين الناس
تتفقده
احس بروحها
تحاكي روحه
ولكن ذاك المسكين
الذي ابتدأت لتوها عنده امام الحداد على روحها
الحكاية بكلمتين
هو وهي
كرم الان يحيى ارشيدات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق