منى السرتي
اللقاء الأول والأخير .. قصة قصيرة .. للأديب / أحمد بيومي ..
جمع بينهما الحب العذري .. كانت سليلة أسرة غنية .. وهو إبن رجل فقير يعمل باليومية ليلبي طلبات ابناء لا تنتهي .. ولكنه عشقها دون أن يدري ..
كان ينتظر عودتها كل يوم من المدرسة ليقف خلف شجرة توت عجوزة عند أول الكبري المؤدي إلى القرية .. يحمل كيسًا ورقيًا مليء بالتوت البري ينادي عليها لتشتريه فإذا أمرت السايس بالتوقف اهداه إليها دون أن يتقاضى منها ثمنه .. تعجبت في البداية من أمره ولكنها بفطرتها النقيه أدركت مدى حبه ووجده ..
لن أقول احبته ولكنها بالفعل قد اعتادت على رؤيته كلما مرت من نفس المكان شتاء أو صيفًا حتى سألته يومًا : إلا تذهب إلى المدرسة ..؟ فقال : بلى .. فأنا طالب بالصف الثالث الثانوي وأنتظر النتيجة وإن شاء الله سألتحق بإحدى الجامعات هذا العام .. فأزدادت تعلقًا به وتحول الاعجاب إلى حب دون أن تدري لم تجرؤ أبدًا أن تخبره رغم مرور أربعة أعوام كاملة أنهى خلالها دراسته الجامعية.. واستعد للسفر إلى الخارج ليكوّن نفسه مثل معظم أبناء الفقراء وحتى الطبقة الوسطى المصرية ..
ولكنه قبل السفر كتب إليها رسالة طويلة .. وفي نفس المكان انتظرها فجاءت تتهادى وحدها .. كانت تتوقع منه اعترافًا بالحب بعد أن أخبرت أمها بأمره ورغبتها فيه . .ولكنه قال لها : قد يكون هذا هواللقاء الأخير الذي يجمعنا وظل يتحدث ليقنعها بأنه ليس كفء لها وكان الحوار التالي هو نصًا ما دار .. قال لها وهو ينظر إلى الأرض : دعيني أعترف بأن حلمي بكِ .. فعلاً كحلم طفل فقير .. بإمتلاك لعبة باهظة الثمن .. يتردد كل يوم على متجر يبيعها .. يقف على واجهة المتجرِ متخيلاً تفاصيل شرائها .. امتلاكها .. اللعب بها و العناية بها .. يختلق كل يوم قصة تدور حولها .. و شجارات مع أصدقائه عليها .. إلى أن يلمس كتفه الواقع بأنامله الغليظة .. ليستيقظ من أحلامه الوردية .. ليمضي بعيدًا .. بإبتسامة مرسومة على الشفتين وقلب مفطور حزين لأنه يدرك تمامًا .. أنها لن تكون يومًا من ممتلكاته ..
آنسه إنجي .. أرجوكِ أن تقبلي مني هذا المنديل للذكرى ولا تفتحيه أبدًا إلى أن تنجبي طفلكِ أو طفلتك الأولى .. فوافقت والدمع يغرق وجنتيها وتركها وأنصرف ..
مرضت مرضًا غريبًا ولم تتزوج لسنوات عديدة حتى صار شعر رأسها مثل قمه جبل الثلج .. وفي إحدى الامسيات وبينما كانت تشاهد الأخبار شاهدت صورته وخبر عاجل إعدام الرهينة المصري في ليبيا على أيدي داعش ..شعرت بالصدمة .. وأخرجت المنديل وفتحته فوجدت فيه رسالة .. كتب فيها حبيبتى أجبرني والدكِ على ترك الصعيد والسفر خارج مصر .. وقبضت الثمن .. بضعة آلاف من الجنيهات ونهر من ألم وجرح كرامة وانهزام رجولة .. أبدًا لن يندمل .. تزوجتك حلمًا ومنحتكِ اطفالاً انتقينا اسمائهم معًا دون أن يمسسك بشر ودون أن أكون لكِ رجل .. فشهقت حزنًا وماتت .. تمت ..
اللقاء الأول والأخير .. قصة قصيرة .. للأديب / أحمد بيومي ..
#أحمد_بيومي
اللقاء الأول والأخير .. قصة قصيرة .. للأديب / أحمد بيومي ..
جمع بينهما الحب العذري .. كانت سليلة أسرة غنية .. وهو إبن رجل فقير يعمل باليومية ليلبي طلبات ابناء لا تنتهي .. ولكنه عشقها دون أن يدري ..
كان ينتظر عودتها كل يوم من المدرسة ليقف خلف شجرة توت عجوزة عند أول الكبري المؤدي إلى القرية .. يحمل كيسًا ورقيًا مليء بالتوت البري ينادي عليها لتشتريه فإذا أمرت السايس بالتوقف اهداه إليها دون أن يتقاضى منها ثمنه .. تعجبت في البداية من أمره ولكنها بفطرتها النقيه أدركت مدى حبه ووجده ..
لن أقول احبته ولكنها بالفعل قد اعتادت على رؤيته كلما مرت من نفس المكان شتاء أو صيفًا حتى سألته يومًا : إلا تذهب إلى المدرسة ..؟ فقال : بلى .. فأنا طالب بالصف الثالث الثانوي وأنتظر النتيجة وإن شاء الله سألتحق بإحدى الجامعات هذا العام .. فأزدادت تعلقًا به وتحول الاعجاب إلى حب دون أن تدري لم تجرؤ أبدًا أن تخبره رغم مرور أربعة أعوام كاملة أنهى خلالها دراسته الجامعية.. واستعد للسفر إلى الخارج ليكوّن نفسه مثل معظم أبناء الفقراء وحتى الطبقة الوسطى المصرية ..
ولكنه قبل السفر كتب إليها رسالة طويلة .. وفي نفس المكان انتظرها فجاءت تتهادى وحدها .. كانت تتوقع منه اعترافًا بالحب بعد أن أخبرت أمها بأمره ورغبتها فيه . .ولكنه قال لها : قد يكون هذا هواللقاء الأخير الذي يجمعنا وظل يتحدث ليقنعها بأنه ليس كفء لها وكان الحوار التالي هو نصًا ما دار .. قال لها وهو ينظر إلى الأرض : دعيني أعترف بأن حلمي بكِ .. فعلاً كحلم طفل فقير .. بإمتلاك لعبة باهظة الثمن .. يتردد كل يوم على متجر يبيعها .. يقف على واجهة المتجرِ متخيلاً تفاصيل شرائها .. امتلاكها .. اللعب بها و العناية بها .. يختلق كل يوم قصة تدور حولها .. و شجارات مع أصدقائه عليها .. إلى أن يلمس كتفه الواقع بأنامله الغليظة .. ليستيقظ من أحلامه الوردية .. ليمضي بعيدًا .. بإبتسامة مرسومة على الشفتين وقلب مفطور حزين لأنه يدرك تمامًا .. أنها لن تكون يومًا من ممتلكاته ..
آنسه إنجي .. أرجوكِ أن تقبلي مني هذا المنديل للذكرى ولا تفتحيه أبدًا إلى أن تنجبي طفلكِ أو طفلتك الأولى .. فوافقت والدمع يغرق وجنتيها وتركها وأنصرف ..
مرضت مرضًا غريبًا ولم تتزوج لسنوات عديدة حتى صار شعر رأسها مثل قمه جبل الثلج .. وفي إحدى الامسيات وبينما كانت تشاهد الأخبار شاهدت صورته وخبر عاجل إعدام الرهينة المصري في ليبيا على أيدي داعش ..شعرت بالصدمة .. وأخرجت المنديل وفتحته فوجدت فيه رسالة .. كتب فيها حبيبتى أجبرني والدكِ على ترك الصعيد والسفر خارج مصر .. وقبضت الثمن .. بضعة آلاف من الجنيهات ونهر من ألم وجرح كرامة وانهزام رجولة .. أبدًا لن يندمل .. تزوجتك حلمًا ومنحتكِ اطفالاً انتقينا اسمائهم معًا دون أن يمسسك بشر ودون أن أكون لكِ رجل .. فشهقت حزنًا وماتت .. تمت ..
اللقاء الأول والأخير .. قصة قصيرة .. للأديب / أحمد بيومي ..
#أحمد_بيومي

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق