السبت، 18 مارس 2017

قصة قصيرة بعنوان//ليلة الحناء//بقلم الكاتب الاديب الراقي//الشاعر جمعه يونس/الفريد الوحيد

ليلة الحناء
........
قصة قصيرة
بقلم // جمعه يونس //
مصر العربية
كم من النهارات مرت ....
وكم من المساءات وأنا لم أكن أدرى بها ..........
اتعلق دائما بصدر أمى ..أصحو وأنام على زراعيها ...ألهو أتنقل من أيدى أمى الى أيدى أبي ..حتى أنام وأنا لا أدرى الليل من النهار ..أتنقل كالعصفور الاخضر الذى يغرد فى عشه .. وأمه التى تحوم حوله وقريبا منه وهى تراقبه دون أن يدرى ..!!
شيئا فشيئا بدأ العصفور يخرج من عشه الصغير ...!! وعيناه ترى مدارات وأفق أوسع ..!! بدء العصفور يتقافز حول العش ..!!.وأنا بدأت أخطو مستنداُ على الجدار حتى الباب المطل على العالم الكبير الذى أذهلنى اتساعه ..فعدت أدراجى مسرعاً لأحضان أمى من جديد ...!!
هنا فقط بدأت الاشياء تتشكل أمامى ..وأن عالمى الصغير سوف يتغير بمرور الوقت ..!!
.بدأت أخطو دون مساعدة من الجدران ..!! .أطل على العالم الكبير وأتحرك فيه رويداً رويداً ...أخذتنى أقدامى الى بيت الجيران ...من هنا بدأت فى أختيار أصدقائى ... ولسانى الذى بدأ ينطق الكلمات بتلعسم ..وأنا أراقب حركات شفاة أمى وأبى وأخواتى وهم يتحدثون فيما بينهم كى أتعلم منهم الكلام ..هاهى عيناى الصغيرة تتنقل من فم هذا الى ذاك الى هذه ..!!
وهم يتحدثون دون أن يدرون أن عيناى تراقبهم بشغف بالغ ...!!
أتذكر عندما بلغت عامى الرابع .. صحوت صباحا وجدت نقوش الحناء الجميلة الزاهية على كفوفى وأقدامى...عندما رأتها أمى فرحت كثيراً...لانها هى لم تفعل ذلك... وأن الملائكة هى من قامت بذلك ...!!!.فأشترت لى ملابس جديدة بيضاء تشبه كثيراً ملابس العريس .!!.تلبسنى أياها كل مساء ..!!وعندما أصحو فى الصباح تنظر بخلسة الى بين أفخاذى..!! تحزن قليلا لان شىء ما لم يتغير ... ومازال الامل يراودها عامين كاملين ..!! ولم يتغير شيئا !!..
عندما حان دخولى الى المدرسة كان لابد من أجراء العملية التى لم تقم بها الملائكة ..!!!
فى ليلة جميلة كانت كل النساء وبنات الجيران فى دارنا يغنون ويرقصون وأنا بينهم فرحا كعريس صغير ويضعون فى يدى الصغيرة نقود كثيرة لم أكن احلم بها يوما ....بينما أمى توزع الحلوى والشربات طوال الليل وأنا أتقافز سعيدا بينهم .. لاأدرى متى غفوت
فى الصبا ح وجدت العجل الصغير الذى كنت الهو معه ويلهو معى فى حوش الدار قد تم ذبحه ..وهم يطهون لحمه الان ..ورجال كثيرة... كل الاهل والجيران جاءوا..يتناولون الطعام ثم يمنحونى نقوداً كثيرة ..!! ويمضوا الى الخارج ..ثم تأتى طائفة أخرى وأخرى يتنابون على الطعام وفى كل مرة تزداد النقود بجيبى ..وأنا ماخود قليلا أترقب الاحداث بخوف
فى الضحى جاء رجلان لم أكن أعرفهم من قبل .ولم أكن أدرى أنهم جاءوا كى يقوموا بأجراء العملية التى لم تقم بها الملاءكة...!! لان أمى أفشت بالسر الى أحدى نساء الحى ..!!...فقام رجل غليظ القلب بحملى بين يديه وقام تكتيفى من الخلف والامام ......وجاء الرجل الاخر وبدء عمله بين افخاذى وسط صراخى الشديد ... والنساء يغنون ويرقصون فوق صراخاتى المجنونة ودموعى ..
عندما قام الرجل الاخر بقطع الجلدة الزائدة من الامام . أمام أنظارى وبكائى وأنظار وضحكات هؤلاء الرجال اللذين لم يشفقوا على صراخى فما كان منى الا أن تبولت فى وجه حتى أغرقته ...هدأت نفسى قليلا عندما رأيته مبلولا مكسوفا أمام الرجال وكل من فى الدار يضحك عليه ...!! ثم عاد كى يكمل ربط الجرح ...ثم دثرونى بملابسى بعدما وضعوا شاش كثيراً حتى لا أتالم ..
وضعونى وسط النساء والبنات التى مازالت تغنى وترقص .وأمى تبكى بحرقة وتأخذنى منهم برقة حنونة
تعلوا وجهها شبه أبتسامة باهتة بين الدموع ..أجلسونى على أقدامها .. وبدأت تطعمنى الكبدة والحلوى ..وتسرى عنى بأبتسامتها الجميلة .. والجميع حولى يحاول أسعادى ويلهون معى...فى المساء وضعتنى أمى فى الماء الساخن ومطهر أحسست بالالم قليلا.. .. ثم سهروا يغنون ويرقصون حتى غفوت ...!!
فى ضحى اليوم التالى جاء الرجل الذى تبولت عليه بالامس فأخذت أضحك بشدة وسط أستياؤه ... تذكرت وجه عندما غرق بماء بولى وهو يرمش بعينيه وفمه يطلق السباب .. فأخذتنى نوبة من الضحك الهستيرى على هيأته وهو غارق بينما يدة التى كانت ملوثة بدمائى تتلقى النقود ....!!
منحته امى نقودا ..!!
أخذ فى عمله بأن وضعنى فى الماء الساخن وأنا خائف ..حتى تشبعت قطعة الشاش بالماء والمطهر وسقطت بمجرد أن لمسها ...ثم قام بتطهير الجرح وربطه من جديد ..ثم مضى
.وأنا سعيد بأن كل الالام قد زالت ...
وسعيد أيضا بأننى رأيت أنكسارالرجل غليظ القلب ...!!
أمام الناس...!!
وأمامى ..!!
......تمت ...........................................................................
بقلم // جمعه يونس //
26 / 10 / 1993
مصر العربية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق