الاثنين، 25 مايو 2020

قصيدة بعنوان/(التعامل مع اصحاب )/بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع/ د. صالح العطوان الحيالي

التعامل مع اصحاب الوجوه المتعددة
ــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي -العراق- 25-5-2020
الناس منذ خلقهم الله وهم مختلفوا الطبائع والرغبات والميول.كثرة في الاونة الاخيرة حالات الكذب والنفاق وعدم التصالح مع الانفس فكثير من الناس يحملون اكثر من وجه ويتعاملون مع الناس بعدة وجوه يمكن ان نطلق علي الواحد منهم (ذو الاوجه المتعدد) فتلقي الشخص يتعامل مع اهل بيته بوجه جاف و(مكرفس)ويتعامل مع الاخرون كل حسب مصلحته بالوجه الذي يناسبه (ضل دوم يرمي بعيد ) ويتعامل مع االجنس الاخر ( بوجه يختلف من تعامله بوجه اخر مع ابناء نوعه
فتضيع ملامح وجه الحقيقي بين تلك الاوجه حتي لا يكون له وجها واضح المعالم والتقاطيع عكس مايقال (وجهين لعملة واحدة ) تكون (وجوه لشخص واحد ........يتمكيج حسب متطلبات الشخص الذي يتحدث معه ) ... كيف لا يخطئ صاحب « الوجوه المتعددة « حين يبحث في جعبته المليئة بالوجوه عن وجه بالذات يتوجب ان يلبسه لمواجهة موقف يجد نفسه فيه ويقدر على ان يفعل هذا بسرعة وكفاءة ؟! تعدد « الوجوه « وكثرتها في حقيبته الا يربكه حين يستدعى موقف ما وجها ما من الوجوه ليغطي به وجهه الحقيقي ؟! ثم كيف هو هذا الوجه الحقيقي الذي يخفيه خلف الوجوه العديدة، التي يتعامل بها مع الآخرين ؟! التعددية صفه ايجابية حيثما ما كانت في بناء المجتمعات الانسانية، هناك اشخاص اكتشفوا ايجابياتها، فصنعوا وجوهاً متعددة، ظناً ان هذه الايجابيات تنطبق ايضا على تلونهم وهم يتعاملون مع الاخرين، تخيلوا ان وجوههم قادرة على تغطية الحقيقة فيهم، ليكتشفوا ان كل ما صنعوه كان وجوها زائفه ينكشف زيفها مع اول شعاع حقيقة، عند اول شروق شمس الصدق الذي يكشف حقيقتهم! في تعريف «متعدد الوجوه« او التعرف عليه، لم تكن صفة «المنافق» وحدها معبرة عن كل الحقيقة لتعريف هذا الشخص او التعرف عليه، كما لم تكن عبارة «المخادع» لترسم له صورة كاملة لتمكن من كشف هويته في حين اعتذرت كلمة «الانتهازي» عن ان تكون قادرة وحدها على توصيفه، اما صفة «الوصولي» فقد عجزت هي الاخرى عن ان تغطي كامل ما يقوم به متعدد الوجوه من افعال، هكذا اوصلنا البحث عن تعريف لمتعدد الوجوه الى انه هو الشخص «المنافق.. المخادع.. الانتهازي.. الوصولي.. الاناني» الذي لا تتقدم مصلحة على مصحلته الشخصية كل ذلك في اطار بنية ذاتيه استحكمت عندها امراض النفس التي تجعل الكون كله يتمحور حول الذات. اقبح الاشخاص من متعددي الوجوه، هو ذلك الذي يمارس لعبة التعدد هذه حتى على اهله الاقربين.
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الناس معادن كمعادن الفضة والذهب, خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا, والأرواح جنودٌ مجندةٌ, فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف" .
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض, فجاء بنو آدم على قدر الأرض, فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك, والسهل والحزن والخبيث والطيب" .وتمثل بعض الشعراء بهذا المعنى, فقال:
الناس كالأرض ومنها هُُمُ *** فمن خَشنِ الطبع ومن ليِّنِ
فجنـدلٌ تدمـى بـه أرجـلٌ *** وإثـمدٌ يـُوضـع في الأعـينِ
ويُعلم بداهةً أن معاملة هذه الاختلافات معاملةً واحدةً لا يستقيم. فما يلائم هذا لا يناسب ذاك، وما يحسُنُ مع هذا لا يجمل مع غيره. لذا قيل:(خاطبوا الناس على قدر عقولهم ).
فكان شأنه صلى الله عليه وسلم في تربية أصحابه وتعليمهم أن يراعي أحوال من يتعامل معهم وينزل الناس منازلهم.ففي فتح مكة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم المنادي أن يعلن في الناس أن من دخل المسجد الحرام فهو آمن, ومن دخل بيته فهو آمن, ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن..., ألا ترى أن دار أبي سفيان لم يكن لها ما يميزها عن دُور أهل مكة, وأن دخول هذه الدار أو غيرها سيّان ؟.
ومنها توزيعه صلى الله عليه وسلم بعض أموال الغنائم والفيء على أناسٍ دون أناس.وكذلك تقسيمه الأعمال والمهام على أصحابه كُلٌّ بحسبه، فما أوكل إلى حسان غير ما أوكل إلى معاذ ويصح ذلك مع أبي بكر وعمر و صهيب وخالد وبقية الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
إنها المعرفة بنفسيات الناس وما يطيقون وما يحبون ,ومعرفة الدخول إلى قلوبهم .
الإنسان كما هو معلومٌ مكونٌ من عدة قضايا ,فهو ليس آلةً من الآلات, وإنما هو إنسانٌ بروحه وجسمه وعقله ومشاعره وهو محتاجٌ لتغذية هذه الأمور كلها .وبعض الناس يخطئون عندما يتعاملون مع الإنسان في الجانب الدعوي مثلاً: إذ يتعاملون مع الفكر فقط أو الفعل فقط دون أن يهتموا بمشاعر الإنسان الذي يتعاملون معه. كأصحاب المصانع الذين يتعاملون مع الجسم: كم ينتج ؟ كم ساعة يعمل ؟, ويهملون جانب الفكر وجانب العقل وجانب المشاعر.
كثيرٌ من الناس يهملون جوانب وقضايا من قضايا التعامل مع الإنسان, ولكن لابد من التركيز عليها كاملةً حتى يكون التعامل مع الإنسان شاملاً ومؤثراً. هذا التعامل الذي أكتب عنه يختلف الأثر الناتج عنه بحسب محتوى الكلام, أو طريقة الكلام, أو السلوك المصاحب للكلام, فقد يقول إنسانٌ كلاماً معيناً تحس منه أن هذا الإنسان يقوله من قلبه, وآخر يقول الكلام نفسه غير أنك تحس أنه يقوله من فمه . شخصٌ يقول: جزاك الله خيراً. وثانٍ يقول: الله يجزيك الخي وثالثٌ يقول: جزاك الله خيراً
فستشعر أن الثاني والثالث يقولان الكلمة من قلبيهما, وهذا يحتاج إلى تدريبٍ و إلى ممارسةٍ, فإنسان يكلمك وهو ينظر إليك فـهو يحترمك ويقدرك, فهذا يختلف عن إنسانٍ يكلمك وهو ينظر إلى ورقة أمامه أو إلى مكان آخر, حتى إذا سكت عن الحوار قال لك : تفضل أكمل وهو ينظر إلى الأرض مثلاً. إن هذا غير مهتمٍ بك.
تلك أمثلةٌ متعلقةٌ بالسلوك المصاحب للكلام
يبتسم في وجهك , يعطيك دعما في جانب من الجوانب , يُحرك فيك العاطفة ؛ إما بسلب عطفك و تأييدك - و إن كان أمهر - فقد يدفعك إلى حبِّه والدفاع عنه و الوقوف في صفه ... وفي الجهة الأخرى فإنه يرسم حتفك على يديه بطريقةٍ لا تخلو من الخبث الذي يطعم في يدٍ عسلا وفي اليد الأخرى سماً قاتلا ؛ لا يفيدك في حينه أطنان العسل !هو الذي له في نفس اللحظة قولٌ مع كل قوم , وفي كل ساعةٍ له رأيٌ يؤيد فيه من يسمعه ..يقف بجانب الأقوى وإن لم يكن الحق ! مرحليٌّ في قناعاته و انتماءاته , يوما يكون لك فيه الصديق , ويوما تراه من يقود ويحرض من يُعاديك !
هو الذي قال فيه رسولنا المصطفى " تجدون الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، وتجدون خير الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهية، وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه "
إنه صاحب الوجهين المتلون المنافق , من قيل في وصفه " هو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها فيظهر لها أنه منها ومخالف لضدها، وصنيعه نفاق ومحض كذب وخداع وتحيل على الاطلاع على أسرار الطائفتين , يزيِّن لكل طائفة عملها ويقبحه عند الأخرى ويذم كل طائفة عند الأخرى "
قد لا يَذُمك أحيانا لكنَّه لا يمدحك , إن مدح كان في الخفاء و إن ذمَّ فإنه يجعلها في النور , يمدح في وقت لا يجوز فيه سوى المدح ويذم في وقت يحتاج فيه " المذموم " لأي قشةٍ يتعلق بها وتناصره !
لا شك أن بعض الناس المتلونين لن يحبوك مهما حاولت معهم , حتى وان أظهروا لك محبة ومودة في الظاهر والعلن أما في السر والخفاء فقلوبهم تتقاطر دما وغيظا وحقدا . فالانسان المتلون أو المتقلب أو كما يقال " أبو سبعة أوجه " لا يمكن أن تستقر تصرفاته على حال . فهو في داخله انسان عدواني وشرير محتال , ففي الظاهر يأتيك بلسان القديس الاوحد المتمسك بتعاليم الله , وبالخفاء يأتيك بقلب الانسان الشرير المحتال الذي لايحب في الدنيا غير المال . فهذا الانسان المتلون هو الذي يبحث عن الشر ومستعد أن يدفع الأموال الطائلة من أجل أن يشتري هذا الشر . ونحن نعلم أن الانسان من طبعه وفطرته حب الخير . ولكن الانسان المتلون الشرير هو من يبحث عن العكس . لذلك فقد تقرر منذ القدم بالحكمة البالغة والباحثة عن الانسان والخصائص التي فيه أن أحواله مختلفة . أعني أن كل مايدور عليه ومايحور إليه مقابل بالضد أو شبيه بالضد , كالحسن والقبيح , والصواب والخطأ , والخير والشر , والرجاء والخوف , والعدل والجور , والشجاعة والجبن , والسخاء والبخل , والحلم والسفاهة , والوقار والطيش , والعلم والجهل , والمعرفة والنكرة , والعقل والحماقة , والذكاء والغباء , والغبطة والحسد , والحق والباطل , والرشد والغي , والثقة والشك , والوقار والخلاعة , والتوقي والتهور , والألفة والكره , والصدق والكذب , والاخلاص والنفاق , والاحسان والإساءة , والنصح والغش , والمدح والذم , وقس على ذلك غيرها من الخصائص الاخرى . والانسان البصير العاقل هو الذي يقوم باتباع محمودها واجتناب مذمومها . أما الانسان المتلون المتقلب نراه يأخذ الكلمة الثانية من كل عبارة من الصفات السابقة فتجتمع فيه كل عوامل الشر . فهو لا يستريح ولا يستطيع العيش إلا بوجود الشر . فما أن تنتهي مشكلة إلا ويقوم بالبحث عن أختها ليشعلها من جديد , هكذا ديدنه وطبعه . ولذلك فإن التعامل مع هذه النوعية من البشر صعب للغاية إن لم يكن مستحيلا , لأنه كما قال الشاعر :
يعطيك من طرف اللسان حلاوة ........ ويروغ عنك كما يروغ الثعلب
ومن هنا يجب على الانسان أخذ الحيطة والحذر عند التعامل مع هؤلاء المتلونون . فلا يجب أن تبيح لهم بسر , ولا أن تناقش معهم موضوعات عامة أو خاصة يستفيد منها ويستغلها فيقلبها عليك . لأنهم أناس لا ضمير لهم , والانسانية منزوعة من قلوبهم فلا رحمة في صدورهم . فهم يتلذذون بشقاء الآخرين , فتراهم يضحكون في موطن البكاء ويبكون في موطن الفرح . ومن هنا أعود وأكرر القول بأخذ الحيطة والحذر والانتباه عند التعامل مع هؤلاء المتلونون . والأفضل أن تقلص العلاقة معهم إلى أدنى حد ممكن أو تنهيها , إلا إذا كان هناك مصلحة تتطلبها الظروف , إما لحثه على فعل الخير أو لردعه عن فعل الشر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق