الأحد، 1 أبريل 2018

آخر الكلام ...بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع ا. د/محمد عبد الرحمن موسى

آخر الكلام ...
( ماذا تعرف عن الحب ) ، كلمات الحب تداولها الإنسان منذ كان على الأرض ، وعاشت في الصدور حتى وثقها الإنسان في السطور ، ويِروي لنا التاريخ قصصاً في الحب ، سطرتها تجارب إنسانية مثل قصة قيس وليلى التى قال فيها قيس من الوجد : مررت على الديار ديار ليلى .. أُقبل ذا الجدار وذا الجدار
وما حب الديار شخفنا قلبي .. ولكن حب من سكن الديار
وقصة عنتر وعبلة التي تحدى فيها الحب كل مظاهر التميز العنصري من حيث اللون والأصل ، وفي الأدب العالمي قصص لا تقل في الرومانسية عن القصص العربية مثل قصة روميو وجوليت مثلا ، وقدمت السينما العربية قصصا في الحب وكذلك فعلت السنيما العالمية ، لتوثيق هذه المشاعر الراقية ، فمن منا لا يذكر قصة حب Love Story أو الفيلم الفرنسى الحياة للحياة Viver pour Viver ، وعشرات القصص التى مازالت في الوجدان ، وأنفردت السينما الهندية بقصص الحب الجميلة ، القريبة إلي الخيال ، وأذكر عندما كنت فى لندن ، قامت صداقة بيني وبين موظفة إنجليزية تعمل فى مكتبة فى أول شارع إكسفورد ، القريب من الأوتيل الذي كنت أنزل فيه كلما حضرت إلي لندن ، وهذه المكتبة تحتوي على الجرائد العربية والكتب العربية التي تأتي وتنشر في لندن ، وكنت كل أسبوع عندما أأتي إلي لندن من ويلز ، أول ما أفعله أذهب اليها لكي أطالع الجديد من الكتب العربية التى وصلت لندن ، وهناك وجدت الكنز ! ، في مرة من المرات ، هذا الكنز يتمثل فى قصيدة فى ديوان شعر للراحل مأمون الشناوى كنت فى مصر قرأتها وفقدتها هي والديون ولا أعرف هل أعرته لأحد الأصدقاء ونسيت ، أم ماذا وملخص هذه القصيدة أن أن صديقين توفى أحدهما فعاتبه الأخر لماذا تركتني وحدي ورحلت ، عنوان هذه القصيدة "عتاب إلي صديق" تقول بعض أبياتها:
يا صديقي أرى المصائب شتى .. وعجيب بين المصائب أنتَ
صنت عهد الوداد حينا فلما .. صدمتني حوادث الدهر خنتِ
كنت أبكي إن غبت عني يوماً .. وإن غبت عنك يوماً بكيتَ
وأرني أصبحت أحمل وحدي .. وجد قلبينا بعدما أن هجرتَ
وهكذا كان الحب يسود بين الناس ، فى البيت الواحد كان يعم الود بين السكان مسلمين ومسيحين ويهود ، لا يعرف الشعب المصرى الكراهية ، وتحضرني هنا واقعة عندما غادر اليهود مصرعام 1956 بعد العدوان الثلاثي ، روى لي صديق دكتور في جامعة الأسكندرية ، كان يقيم في محرم بك ، أن عائلة يهودية وهم يغادرون الأسكندرية إلى اليونان ، أن الأم ظلت تبكي وتمسكت بباب الشقة التي كانت تقيم بها ولا تريد مغادرة مصر ، ويدفعها الأبناء دفعاً وهي تصرخ وتقاوم وتنادي على الجيران حتى لا يجعلوا الأبناء يأخذوها خارج الأسكندرية ، وفى أدبيات الشعب المصري أمثلة لا تجد نظير لها في أى من لغات العالم ، كلمات يفوح منها الود ، مثل " إختار الجار قبل الدار" ، ومثل " رب أخٍ لك لم تلده أمك" وهكذا ، وأذكر وعندما رحلت ام كلثوم إنتظرت ماذا سيكتب الشاعر أحمد رامى عنها ، فأنا قرأت كثيراً كم كان متيما بها ، فإذا به يكتب في ذكرى الأريعين لها أجمل ما كتب في الرثاء:
ما جال في خاطري أني سأرثيها .. بعد الذي صغته من أشجى أغانيها
كنت أسمعها تشدو فتطربني .. واليوم أسمعني أبكي وأبكيها
وهكذا عاش الحب ، قبل أن ينحصر الى ركن بعيد في حياتنا ، ويصبح علامة من علامات الضعف الإنساني ، وتصبح العلاقات تجارة ومصالح ، فإذا بنا نخسر جميعا.
ا. د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق