السبت، 25 نوفمبر 2017

القصة القصيرة/ واﻷبناء وجهة نظر/بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع بروفسير ا.د/ محمد موسى

القصة القصيرة
واﻷبناء وجهة نظر
كانوا أربعة بنات أتوا الي الدنيا واحدة تلو الأخرى ، وظل الأب يصر على وجود الولد ، وكذلك الأم فهي تحمل عاماً بعد عام ، حتى شرف الولد الأُمنية ، وتمتع بدلع الكل وهذا الدلع من النوع الذي يفسد وتصور أن كل من في الدنيا خدماً له ، وكانت الأم تحقق له كل شئ وكذلك الأخوات وكبر وتخرج من الجامعة ، وعين مدرساً في إحدى المدارس القريبة من البيت ، وجعلته الأم أمام الناس هو رقم 1 قبل الجميع ، تمتع بحنان جعله ينظر من أعلى للجميع ، حتى لأمه ، فهو مدلل ولا ترد له أي طلبات ، ولا تقبل الأم من المحيطين أي ملاحظات عليه ، فهو البيه كما كانت تطلق عليه ، وكانت الأخت الأكبر له قد عملت في إحدى الدول العربية ، وفي كل أجازة لها كانت الأم تصر على أن تجد له فرصة للسفر معها ، وتحقيق أمله في كونه يريد تكوين ثروة ، ووجدت له شقيقته فرصة وذهب الي تلك الدولة العربية ، وظن أنه سيلاقي ذات المعاملة المتميزة التي تعود عليها في مصر ، إلا أنه وجد غير ما تعود علية فاﻻم غير موجودة ، وكذلك المعاملة الخاصة ﻻ تتوفر له في ذلك البلد ، حتى أصابه الإكتأب ، ثم سرعان ما عاد الي مصر ، ولكن بشخصية أخرى عانت منها الأم الكثير ، وأصبح مصدر إزعاج ، وليس مصدراً للسعادة كما كانت تمني نفسها ، وتمر السنوات وهي في فراش الموت ، وقبل أن تموت وصت إحد بناتها وزوجها عليه ، وبعدها بقليل مات الأب ولكن وقبل أن يموت الأب وصى ذات البنت عليه ، وقد ذهب بعض عقل هذا الإبن ، وأخذ أجازة من عمله للعلاج ، وأقام مع شقيقته ، ولما ساءت حالته تنقل من مستشفى للعلاج النفسي الي أخرى ، وفي كل مرة يعود الي بيت شقيقته ، والغريب أنه لم يعرف بموت أمه وأبوه سنوات ، أو أنه لم يصدق ، حتى وصل الي الستين من العمر وهنا واجهه الجميع ان امه واباه ماتا وظل يعيش مع من واصاها الأبوين عليه ، وهي تتعرض وزوجها الي الإهانه منه ، وكذلك إبنها الذي تخرج من الجامعة ، وعمل في وظيفة جيدة ، ورغم هذا العبء كانت دائمة القول أن أباها وامها أوصاها عليه ، حتى أنها قالت مرة صراحةً للزوج وللإبن ، من لا يستطيع العيش معي وهو في البيت فاليغادر هذا البيت ، ولن أفرط في وصية أمي وأبي ، وتحملت منه ما لا يطاق والأخوات جميعاً يرفضن ، أن يعيش هذا المعتوه عند أحدهم ، فكل زوج لا يتحمل وجوده ، إلا زوج هذه الشقيقة الذي تعود على معاشرته وسماع الإهانه منه ، ثم تعرضت لضغط من إبنها الذي أضرب عن الزواج ، خشية أن يعلم أهل زوجته ، أن في العائلة مخبول ، والشقيقة تصمت ، ثم إنفجرت في أخواتها أنها وحدها وزوجها وإبنها تحمولوه كل هذه السنوات ، والحمل هنا ليس مادياً أبداً لأنه له دخل كبير تنفق الأخت منه عليه ، فهي تعطية مصرف كبير كل يوم يأخذه ليشتري أشياء لا تنفع ، أو ينفقه على رواد مقهى يجلس عليه يومياً ، وهم عرفوا أنه غير سوي فكانوا يستغلوه في دفع المشاريب مثلاً ، وكما قلنا الحمل ليس مادياً بل هو عبأً من النوع الذي لا يجعل من يعيش معه يتمتع بالإستقرار ، تذكرت هذه القصة عندما أخبرني دكتور زميل لي في الجامعة وهو تلميذ لي ، أن أهله في بلدته في الصعيد يطالبوه بالزواج بأخرى ، لأن زوجته أنجبت له بنتان ولم تأتي بالولد كرغبة أبويه ، قصصت عليه هذه القصة ، وأيضاً كتبت هذا لكل أسرة ، أن تكون أولاً على قناعة أن البنت كما الولد هبه من الله يستحق سبحانه الرضا والشكر عليها ، كما يجب أن يعرف الأبوين أن هناك بنات رفعن شأن أبويهن بكونهن متفوقات في أعمالهن في الوقت الذي فيه بعض الأبناء من الذكور قد فشلوا ، ولعل الأباء يعتدلوا في التعامل مع الأبناء ذكوراً كانوا أو إناث ، حتى لا يأتي وقت يكون الثمن فيه أكبر من قدرة الجميع.
ا.د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق