الاثنين، 20 أغسطس 2018

الصحابي معاوية بن حديج/بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع/د.صالح العطوان الحيالي الحيالي

ابطال الفتح الاسلامي في افريقية " الصحابي معاوية بن حديج "
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي -العراق- 11-8-2018
نُبوءة فتح المغرب في المُعتقد الإسلامي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يُؤمن المُسلمون بأنَّ الرسولَ مُحمَّداً تنبأ وبشَّر بِفتح المغرب قبل حُصول هذا الأمر بِسنواتٍ عديدةٍ، ووردت في ذلك عدَّة أحاديث، ومن ذلك حديثٌ رواه الإمام مُسلم بن الحجَّاج في صحيحه عن جابر بن سمُرة عن نافع بن عُتبة عن الرسول أنَّهُ قال: «تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللهُ»، ومن المعروف أنَّ المغرب كان جُزءًا من بلاد الروم. كذلك، تفرَّد المُؤرِّخ المغربي أبو العبَّاس أحمد بن خالد الناصري بِذكره نُبوءة مُخصصة تتناول فتح المغرب وحده في مُؤلَّفه حامل عنوان «الاستقصا لِأخبار دول المغرب الأقصى»، فأورد قصَّةً مفادها أنَّ الرسول مُحمَّدًا تنبَّأ بفتح المغرب وإسلام البربر واشتراكهم مع سائر المُسلمين في التمكين للدين الجديد، فقال أنَّه خلال خلافة عُمر بن الخطَّاب، وبعد تمام فتح مصر، أتى ستَّةٌ من البربر مُحلِّقين الرُؤوس واللحى إلى عمرو بن العاص وقالوا له أنهم رغبوا في الإسلام لأنَّ جُدودهم أوصوهم بذلك، فوجههم عمرو إلى عُمر في المدينة المُنوَّرة، ولمَّا أتوه تحدثوا معه عن طريق تُرجمان كونهم لا يعرفون العربيَّة، فسألهم: «مَن أَنْتُم؟»، قالوا: «نَحنُ بَنو مَازِيَغ»، فقال عُمر لِجُلسائه: «هَل سَمِعْتُمْ قَطّ بِهِؤُلَاء؟» فقال شيخٌ من قُريش: «يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَؤُلَاءِ البَربَرِ مِن ذُرِّيَّة بِر بنُ قَيسٍ بنُ عِيلَان خرج مُغَاضِبًا لِأَبِيهِ وَإِخْوَتهِ فَقَالُوا "بِر بِر" أَي أَخذ الْبَريَّة»، فسألهم عُمر: «مَا عَلَامَتِكُم فِي بِلَادكُمْ؟» قالوا: «نُكْرِمُ الْخَيلَ وَنُهِينُ النِّسَاء»، فقال لهم عُمر: «أَلَكُم مَدَائِن؟» قالوا: لا، قال: «أَلَكُم أَعْلَامٌ تَهْتَدُونَ بِهَا؟» قالوا: لا. فقال عُمر: «وَالله لَقَد كُنْتُ مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بعض مَغَازيهِ فَنَظَرتُ إِلَى قِلَّةِ الْجَيْشِ وَبَكَيتُ فَقَالَ لي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَا عُمَر لَا تَحْزن فَإِنَّ الله سَيُعزُّ هَذَا الدّينَ بِقَومٍ مِنَ الْمَغرِبِ لَيْسَ لَهُم مَدَائِنُ وَلَا حُصُونٌ وَلَا أَسْوَاقُ وَلَا عَلَامَاتٌ يَهْتَدُونَ بِهَا فِي الطُّرُق"؛ فَالْحَمْد لله الَّذِي منَّ عَليَّ بِرُؤيَتِهِم»
نسبه
ــــــــــ
معاوية بن خديج بن جفنة بن قتيرة التجيبي الكندي ويكنى بأبي نعيم قائد عسكري حليف لبني أمية. صحابي على قول الأكثرين شهد فتح مصر، وهو الذي وفد إلى عمر بفتح الإسكندرية
شهد معركة اليرموك سنة 15 هـ، ثم شهد فتح مصر سنة 20 هـ. وشهد كذلك مع عبد الله بن سعد بن أبي السرح قتال البربر وولي حروبا كثيرة في بلاد المغرب وكان أمير وقائد الكتائب في فتح إفريقيا وغزا النوبة فأصيبت عينه هناك وأصبح أعورا . شن هجوما مفاجئا على صقلية سنة 44 هـ وولي على برقة سنة 47 هـ
أهم ملامح شخصية معاوية بن حديج :
ـــــــــــــــــــــــــــــ ظهرت على معاوية بن حديج رضي الله عنه صفات حميدة، وهو جدير رضي الله عنه أن يتخلَّق بها ومنها:
الشجاعة والإقدام فقد شهد فتح مصر وذهبت عينه في غزوة النوبة مع ابن أبي السرح وغزا المغرب مرارًا آخرها سنة خمسين .
وغزا معاوية بن حديج السكوني إفريقية سنة أربع وثلاثين وكان عاملاً على مصر فغزاها, ونزل جلولاء وقاتل مدد الروم الذي جاءها من قسطنطينية لقيهم بقصر الأحمر فغلبهم وأقلعوا إلى بلادهم وافتتح جلولاء وغنم وأثخن .
واتصف رضي الله عنه بالجرأة في الحق والوقوف في وجه الفساد والظلم ومن الأمثلة على ذلك ما حدث مع ابن أخت معاوية عبد الرحمن بن أم الحكم عندما أرسله معاوية ليكون واليًا على مصر. فقد ولاه معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه مصر فلما سار إليها تلقاه معاوية بن حديج على مرحلتين من مصر فقال له: ارجع إلى خالك معاوية فلعمري لا ندعك تدخلها فتسير فيها وفينا سيرتك في إخواننا أهل الكوفة فرجع ابن أم الحكم إلى معاوية ولحقه معاوية بن حديج وافدًا على معاوية فلما دخل عليه وجد عنده أخته أم الحكم وهي أم عبد الرحمن الذي طرده أهل الكوفة وأهل مصر..
فلما رآه معاوية قال: بخ بخ هذا معاوية بن حديج، فقالت أم الحكم: لا مرحبا به تسمع بالمعيدي خير من أن تراه فقال معاوية بن خديج: على رسلك يا أم الحكم أما والله، لقد تزوجت فما أكرمت وولدت فما أنجبت أردت أن يلي ابنك الفاسق علينا فيسير فينا كما سار في إخواننا أهل الكوفة، فما كان الله ليريه ذلك ولو فعل ذلك لضربناه ضربًا يطأطئ منه رأسه، أو قال: لضربنا مصاصًا منه وإن كره ذلك الجالس، فالتفت إليها معاوية بن أبي سفيان، فقال: كفي
فهذا درس يجب على المسلمين أن يتعلموه، قول الحق ولو كان مرًّا، والأمر بالمعروف
حملة معاوية بن حديج على إفريقية سنة45هـ:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
توقفت الفتوحات الإسلامية في إفريقية عدّة سنوات بسبب فتنة مقتل الخليفة عثمان بن عفّان ثم الصراع بين علي ومعاوية بن أبي سفيان حول الخلافة، ولم تتجدد الفتوحات مرّة أخرى إلاّ بعد استقرار الأمر لمعاوية سنة 41هـ/662م الذي يسّمى بعام الجماعة.
وعلى أيّة حال بعد أن توّلى معاوية بن أبي سفيان الخلافة الأموية قرر إعادة فتح إفريقية ومواصلة حركة الفتوحات الإسلامية في بلاد المغرب، وعهد بتلك المهمة إلى قائده معاوية بن حديج سنة 45هـ/666م، وتقدم ابن حديج بجيوشه واتّخذ من موضع يسّمى قمونية ( جنوب قرطاجنة) معسكرا ثابتا له، ومن هناك أخذ يوّجه السرايا إلى مراكز البيزنطيين بإفريقية، ومنها تلك السرية التي قادها عبد الله بن الزبير إلى المدن الساحلية واستولى فيها على قابس وبنزرت وسوسة وفي هذا الميناء الأخير (سوسة) كان الأسطول البيزنطي قد أنزل جيشا بقيادة بطريق يدعى نقفور لمهاجمة المسلمين، فقام ابن الزبير بمهاجمتهم بمن معه فتراجع الروم مهزومين إلى سفنهم ، وسرية أخرى أرسلها ابن حديج بقيادة الأمير الأموي عبد الملك بن مروان إلى حصن جلولاء-وهو من الحصون البيزنطية الهامة- فحاصره عبد الملك واستولى عليه بعد قتال عنيف.
استقر معاوية بن حديج في جبل القرن، وجعله مقرا له مدّة ثلاثة سنوات، فبنى بناحية القرن مساكن سمّاها قيروان واحتفر بها آبار تسّمى آبار حديج.ويعتبر معاوية بن حديج أوّل من فكّر في إقامة حاميات ومناطق دائمة للمسلمين بإفريقية وهذا طبعا بعد داهية العرب عمرو بن العاص وما شيّده في مصر (الفسطاط) وبعد معاوية بن حديج أخذت الفتوحات تأخذ منحى أخر أكثر تنظيما.
ولم يلبث أن أمر الخليفة معاوية بن أبي سفيان بعزل ابن حديج عن ولاية إفريقية وول عليها القائد التابعي المشهور عقبة بن نافع الفهري، وبتوليته تبدأ مرحلة الفتح النظم لبلاد المغرب.
الوفاة
ــــــــــ لما أخذ معاوية بن أبي سفيان مصر أكرمه (يعنى أكرم معاوية بن حديج) ثم استنابه بها بعد عبد الله بن عمرو بن العاص فانه ناب بها بعد أبيه سنتين ثم عزله معاوية وولى معاوية بن خديج فلم يزل بمصر حتى مات بها سنة اثنين وخمسين. قال ابن يونس مات بمصر في سنة اثنتين وخمسين وولده إلى اليوم بمصر
د. صالح العطوان الحيالي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق