الاثنين، 25 ديسمبر 2017

قلعة مصياف السورية/بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع د. صالح العطوان الحيالي 25 - 12-2017

قلعة مصياف السورية.. معلم أثري لحضارات متعاقبة.. تنــــوع عمــــراني فــــريد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي 25 - 12-2017
مصياف هي مدينة سورية تقع جنوب غرب مدينة حماة على مسافة 48 كم. ترتفع المدينة عن سطح البحر بما يقارب الـ 450 متراً وهي تقع على تقاطع خط الطول 36 شرقا مع خط العرض 35 شمالاُ تحيط بالمدينة مجموعة جبال أهمها جبل المشهد بارتفاع يبلغ 1027م تقريباً وجبل عين (الخنازير) بارتفاع 779 م تقريباً.وتاخذ المدينة موقعاً متوسطا بين الجبال الساحلية والسهول الداخلية من سوريا. وتشتهر بوجود سرعه عاليه للرياح فيها (هواء قوي). وكان يطلق على مصياف اسم مصياد (لكثرة الصيد فيها) ومصيات وباللهجة العامية حاليا مصييت
ارتبط اسم المدينة باسم قلعتها التي تربض في وسطها على كتلة صخرية امتدت من الشمال إلى الجنوب وتعود إلى المرحلة الرومانية والبيزنطية وقد بنيت كقاعدة عسكرية لتأمين الطرق العابرة من الساحل إلى الداخل عدى عن تأمينها شبكة مواصلات ومسالك كانت هامة بالنسبة للرومان والبيزنطيين فهي تؤمن الطريق إلى طرابلس الشام مروراً بوادي النصارى وحصن سليمان وبرج صافيتا ثم إلى أنطاكية مروراً بقلعة أبو قبيس وحارم وإلى البقاع اللبناني عبر قلعة عكار وإلى حمص عبر قلعة بعرين وسهل حمص وإلى حلب عبر برج جرجرة وحماه فمعرة النعمان وهذه الطرق والمسالك كانت تعبرها أيضاً القوافل التجارية وهذا أعطى القلعة أهمية اقتصادية بالإضافة إلى أهميتها العسكرية. ويزنر القلعة سور دفاعي ما زالت معظم أجزائه موجودة من الجهة الشرقية أما بقية الأ تجاهات فقد اختلط فيها مع البناء وله أبواب ارتبطت تسميتها بالاتجاهات الأربعة. لم يبق منها سوى باب واحد ما زال يحتفظ بشكله.أما غرب المدينة وعلى قمة جبل يجاور جبل(المشهد) فتقع قلعة أخرى هي قلعة (القاهر)
وقد بنيت في عهد سنان راشد الدين الذي تميزت فترته بالاستقرار وقد استقطبت مصياف العديد من الفلاسفة والشعراء والدعاة : مزيد الحلي – نور الدين أحمد – محمد الرفني – حسن البزاعي – ومنها خرجت
ومصياف حصن عربي أقيم على طراز عمارة القلاع البيزنطية, هو الآن عبارة عن أطلال قلعة أثرية في مدينة مصياف, شيدت فوق مرتفع صخري مهيمن على المدينة وينتهي عند سور المدينة، تميزت بتنوع أسلوبها المعماري على اختلاف العصور والحضارات التي مرّت عليها ,ويظهر ذلك التنوع في طبقاتها الست التي تعود للقرن الخامس الميلادي.
بنيت كقاعدة عسكرية لتأمين الطرق العابرة من الساحل إلى الداخل إضافة إلى تأمينها شبكة مواصلات ومسالك كانت هامة بالنسبة للرومان, وموقعها الاستراتيجي المهم أعطاها نفس الأهمية لدى البيزنطــيين لتاميــن الطريــق بيــن إنطاكيــة والمناطق الجنوبية حيث يمر هذا الطريق من قلعة برزية (ميرزا) فأبو قبيس ثم مصياف, ولهذا نالت القلعة الاهتمام الزائد نظراً لموقعها المتميز وإستراتيجيتها عسكرياً وتجارياً.‏
أهمية اقتصادية وعسكرية‏
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ : ارتبط اسمها باسم المدينة (مصياف) التي تقع جنوب غرب مدينة حماة على مسافة 48 كم ,ترتفع المدينة عن سطح البحر بما يقارب الـ 450 متراً, وتتربع القلعة في وسطها على كتلة صخرية امتدت من الشمال إلى الجنوب تعود إلى المرحلة الرومانية والبيزنطية, وقد بنيت لتأمين الطرق العابرة من الساحل إلى الداخل عدى عن تأمينها شبكة مواصلات ومسالك كانت هامة بالنسبة للرومان والبيزنطيين فهي تؤمن الطريق إلى طرابلس الشام مروراً بوادي النصارى وحصن سليمان وبرج صافيتا ثم إلى أنطاكية مروراً بقلعة أبو قبيس وحارم والى البقاع اللبناني عبر قلعة عكار والى حمص عبر قلعة بعرين وسهل حمص والى حلب عبر برج جرجرة وحماه فمعرة النعمان, وهذه الطرق والمسالك كانت تعبرها أيضاً القوافل التجارية وهذا أعطى القلعة أهمية اقتصادية بالإضافة إلى أهميتها العسكرية.‏
القلعة عبر التاريخ‏
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ : يعود تاريخ البناء لعام 44 ق .م ,إلى الفترة الرومانية التي شهدت اهتماما كبيراً منهم في بناء التحصينات والمواقع العسكرية وذلك للسيطرة على الطرق الرئيسية للبلاد, وكان أشهرها ما توضع على سلاسل الجبال الغربية , كما ذكر المؤرخ (فينر) و أهمها قلعة عكار ,الخوابي ,القدموس ,المينقة ,صلاح الدين (صهيون ), و قلعة مصياف , حيث يذكر فينر أن البيزنطيين وجدوا قلعة مصياف قائمة من العهد الروماني الأسبق عندما ركزوا جهودهم في بلاد الشام معتمدين على مراكز عسكرية كالقلاع و الحصون.‏ يعتبر العهد البيزنطي عهد تدعيم لوجود القلاع واستمرارها نظراً للإستراتيجية التي اعتمدتها الدولة البيزنطية بعد الانفصال عن روما الأم باتجاهها إلى تدعيم وجودها في آسيا الصغرى (تركية) وفي بلاد الشام وحتى مصر,فقد اهتمت بالقلاع وزاد من اهتمامها محاولة السيطرة على البحر الأبيض المتوسط بجزأيه الأوسط والشرقي وامتداده في البر داخل البر الآسيوي والأفريقي والأوروبي بمراكز دفاعية هجومية كانت القلاع مادتها الأولى.‏
مراحل تطور القلعة في العهد الإسلامي‏
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ : لم يهتم العرب المسلمون في البدء بالقلاع ولم يولوها رعاية باعتبارهم تجاوزوها بفتوحاتهم، ولم تشكل أهمية خاصة بدولهم المتعاقبة من العهد الراشدي ثم الأموي، ولكن في العهد العباسي بعد الخليفة “المعتصم” في القرن الثاني للهجرة ظهرت بوادر الضعف في الدولة العباسية مما أدى لانسلاخ أجزاء عن جسم الدولة الأمر الذي وجه رؤساء دول الطوائف المنقطعة عن الدولة العباسية للعودة إلى المراكز العسكرية المحصنة، فظهرت الاهتمامات بالقلاع وتحصيناتها، كما ذكرها الباحث التاريخي “ميشيل لباد” بقوله: كانت قلعة مصياف بعد الفتح العربي الإسلامي تابعة لمدينة حمص خلال الحكم الأموي، لكنها تبعت الطولونيين في مصر خلال حكم أحمد بن طولون، ومن ثم ظهرت أهميتها في عهد الإخشيديين والحمدانيين إذ احتدمت المنافسات من القوى الحاكمة في بلاد الشام ومصر مما أعاد لقلعة مصياف أهميتها الإستراتيجية. ‏امتلكها الحمدانيون سنة 967 م في عهد الأمير سيف الدولة , وسيطر عليها البيزنطيون الجدد عام 969 م تحت قيادة ( عقفور فوكاس ) ثم آلت إلى الفاطميين في عهد المعز لدين الله, وسيطر عليها بنو مرداس حتى عام 1029 م , بعدما أنشؤوا دولتهم في حلب ثم استعادها الفاطميون وتبعت بعدها لبني المنقذ أمراء شيزر سنة 1081 م.‏استولى عليها المغول سنة 1258 م أثناء اجتياحهم سورية لبعض الوقت , واسترجعها الإسماعيليون بعد انتصار المماليك بقيادة قطز في معركة عين جالوت عام 1260 م, ثم استلمها الظاهر بيبرس عام 1270 م , وقد طرأت على القلعة عدة تغيرات خلال العهد المملوكي.‏ وفي الفترة العثمانية شغلتها حامية عثمانية وذلك من النصف الثاني في القرن السادس عشر الميلادي حيث أصبحت مركز نيابة , وأقامت فيها حامية فرنسية خلال فترة الانتداب الفرنسي من عام 1920 م حتى 1947 م.‏
أعمال الترميم عبر العصور‏
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ : أن ما بناه الرومان والبيزنطيون قد تداخلت فيه العديد من الترميمات التي جاءت في العهد الإسلامي نظراً لتعاقب الزلازل، وتهديم الحواشي السائبة غير المرتكزة على القاعدة الصخرية التي بنيت عليها القلعة أصلاً، وقد جاءت هذه الترميمات مخالفة لفن البناء الروماني، كما أنها تعددت في أنواعها وأساليب بنائها حسب العصور المتعاقبة التي كان يقوم بها ساكنو القلعة للمحافظة عليها قوية يمكن الالتجاء إليها للاحتماء فيها من الأخطار الوافدة إبان العصور المتلاحقة.‏
وهناك جزآن أساسيان من القلعة قد بنيا في العهد الروماني وامتداد العهد البيزنطي وهما:‏
1- الأقبية السفلية المستندة على القاعدة الصخرية‏
2- البناء الخارجي المستند إلى حافة النتوء الصخري، والذي يحتوي على الأبراج الخارجية المتصلة بالبوابة والأقبية الشرقي والغربي والممرات وسور الشرفة الأولى الذي لم يبق منه إلا الجزء المتوضع قبالة بوابة القلعة من الجهة الجنوبية ، وكذلك سور الشرفة الثانية ومن الملاحظ أن بوابة القلعة قد رممت في السبعينيات من القرن.‏
وصف القلعة‏
ــــــــــــــــــــــ : تبدو القلعة كبرج ضخم تنحدر البيوت الحديثة على سفح منه، وفي الطرف الآخر الخالي من البيوت تكسو سفحه أشجار وبساتين التين والرمان واللوز والتوت، مدخلها حصين بين برجين مربعين يعلوه مكان الحراس مع فتحات الرمي، وما زال هذا القسم من البناء في حالة جيدة, وفي الداخل مازالت بعض الأعمدة التي تحمل على الاعتقاد أن هذه القلعة أنشئت فوق أنقاض قلعة سالفة.‏
اختار البناة الأوائل مكان القلعة الاستراتيجي المتميز على شبكة الطريق الواصلة بين الشمال والجنوب والداخل والساحل , فاختاروا هضبة صخرية تشكل القاعدة وهي قاعدة بيضوية, وتم تشذيب أطرافها لتصبح أكثر حدة وتساير الأسوار الخارجية للقلعة , وقد بنيت الأقبية ومستودع الماء الرئيسي في سوية القاعدة الصخرية عن طريق حفر هذه القاعدة الصخرية واستخدامها كقواعد للأقبية السفلية والتي تشكل الطابق الأول في القلعة ويعود بناء هذه الأقبية إلى الفترة الأولى من تاريخ بناء القلعة , و استعملت الأقواس الدائرية في حمل القبو والتي تستند إلى الأكتاف الصخرية من الداخل وعلى جدار السور من الخارج .‏
مدخل القلعة‏
ــــــــــــــــــــــ : من الجهة الجنوبية الشرقية وهي الجهة الأضعف في القاعدة الصخرية من حيث إمكانية الوصول, أما وضعه الحالي فيأخذ شكلاً منكسراً حيث يُصعد إليه بدرج كان يتقدم ببرج متقدم لزيادة القدرة الدفاعية ثم يدخل إلى بهو عبر باب يفضي إلى ممر يصل إلى الطابق الأول من القلعة ودرج يقود إلى الداخل ، وقد زود الباب ببرج مؤلف من ثلاث طبقات وشرفة طلاقات في أعلى الباب لحمايته.
‏أما الطابق الثاني في القلعة فيشمل عدداً من الأقبية المبنية فوق سطح الطابق الأول والجزء السفلي من الأبراج الداخلية والمؤلفة بأغلبها من الطابقين الثاني والثالث.‏
الأبراج الخارجية‏
ـــــــــــــــــــــــــــــ : إن أبراج القلعة غير متشابهة فبعضها له شكل مربع يرتفع إلى ثلاث طبقات وبعضها مضلع ومرامي السهام في القلعة ذات صفات ومقاسات متعددة حيث يظهر جلياً أعمال التدعيم والتقوية التي طرأت على هذه التحصينات ومن الجهة الشمالية هناك برجان مربعان نحت القاعدة الصخرية تحتهما بينما يناسب مع تصميمها وهما يحميان باباً صغيراً يؤدي إلى القلعة والأسوار الخارجية والأبراج مزودة بشرفات لرمي السهام في أكثر من مكان.‏
القــسم الداخلــــي‏
ــــــــــــــــــــــــــــ : بني هذا القسم اعتماداً على مخطط القلعة البيزنطية التي يعود تاريخها إلى نهاية القرن العاشر الميلادي حيث تم تحويره وتقوية جدرانها فارتفعت الأبراج الداخلية .‏ويحوي هذا الجزء الطابق الرابع من القلعة والأول من هذا الجزء وقد بني على أعلى جزء من الكتلة الصخرية حيث توجد أبراج تطل على الممرات الداخلية للقلعة ويحوي عددا من الغرف والمستودعات وقد تم تغيير مواصفاته , فزود بمدخل يناسب الفترة الأيوبية بشكل منكسر يفضي إلى ما يفيد أن يكون الطابق الأول من قصر القائد وقد أرخت كتابة الباب هذه الإضافة في عام 1228 م .
‏أما الجزء الشمالي الغربي من القلعة البيزنطية يتألف من ثلاثة أبراج مربعة فقد تداخلت مع السور الخارجي للقلعة وشكلت نواة لأبراج مضلعة ثلاث ذات الصبغة المعمارية المملوكية أما ما بقي من الطابق الخامس فهو أجزاء من الجدران العالية.‏
التنقيبات الأثرية‏
ــــــــــــــــــــــــ : عثرت بعثة التنقيب الوطنية خلال قيامها بسبر لبعض النقاط الأثرية في القلعة في التنقيبات الأخيرة على نقد أثري فريد مصكوك من معدن البرونز يعود إلى العهد العثماني 1223 هجرية.‏ وحسب المديرية العامة للآثار والمتاحف أن القطعة النقدية ضربت بالقسطنطينية ونقشت عليها كتابات ورسوم تؤرخ لأحد السلاطين العثمانيين وأن هذا النقد يضاف إلى مجموعة من القطع النقدية الأثرية التي تم اكتشافها في القلعة خلال المواسم التنقيبية الماضية ليصل مجموع عددها إلى 350 نقداً.‏
تعتبر هذه المجموعة النقدية من أهم وأندر النقود التي اكتشفت في مختلف المواقع الأثرية في سورية وهي تنطوي على قيمة حضارية هامة كونها تمثل فترات وحقبا تاريخية مختلفة لأشهر الملوك والسلاطين الذين حكموا المنطقة من بينهم هولاكو و نور الدين زنكي وصلاح الدين يوسف بن أيوب الملقب بصلاح الدين الأيوبي والملك الظاهر غازي ملك حلب إضافة إلى سلاطين المماليك والعثمانيين, والتي ساعد اكتشافها في معرفة المزيد من الأسرار التاريخية التي جرت في المنطقة على خلفية علاقات مصياف بالممالك الأخرى , وبفترات زمنية مختلفة.‏
وتم العثور على مجموعات متكاملة من الفخار التي تنوعت بين جرار كاملة وصحون وكؤوس تعود في مجملها إلى العصر الأيوبي والمملوكي والعثماني إضافة إلى مجموعة من الفخار المستورد من محافظات دمشق والرقة و حماة والتي تدل على وجود علاقات سكانية قوية بين هذه المناطق خلال تلك العصور كما عثر على لقى معدنية وعظمية تشير إلى الحياة اليومية في القلعة خلال مراحل تاريخية مختلفة.‏
الــــــوصــــول إلى القلعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ :‏ يسير عبر طريق إسفلتي يمر من مدينة مصياف إلى الطريق التي تصل إلى مصياف من الساحل والداخل والغابة ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق