من ملك البلاد عليه ان يسهر لحمايتها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د.صالح العطوان الحيالي
استقر الحاجب المنصور في إحدى غزواته بمدينة سالم وهو الثغر الذي بناه هو على حدود الدول النصرانية في الشمال، وخطرت له خاطرة تدل على مدى ذكائه وحسابه وتوقعاته، فاستدعى أحد فرسانه في ليلة شديدة البرد، كثيرة الأمطار، وكلّفه أن يخرج إلى مكان من المضيق سمّاه قرب هذه المدينة، وقال له: من مرّ بك في هذه الليلة تأتي به إلي ّكائنا ًمن كان. فاستغرب الفارس- في نفسه بالطبع- ومن يخرج في مثل هذه الليلة؟ البرد القارس والمطر الغزير. نفذ الفارس الأمر، وبقي يرصد الطريق يرجف من البرد تحت وابل المطر، وإذا بشيخ كبير من النصارى الذين كانوا يعيشون في هذه المدينة من أهل الذمة، على دابة ومعه آلة الحطب من فأس وحبل، فسأله الفارس بعد أن استوقفه: إلى أين أيها العجوز في مثل هذا الوقت؟ وماذا تفعل؟
قال العجوز: أريد حطباً لأهلي ليستدفئوا، فتركه الفارس يواصل مسيره، لكنه تذكر أمر الحاجب المنصور وحزمه، فأوقف العجوز قائلاً: لابد أن تأتي معي إلى الأمير، قال: وماذا يريد الأمير مني؟ دعني أتابع سيري. إلا أن الفارس أجبره على المثول بين يدي الحاجب، فأمر بتفتيشه وتحري ملابسه فما عثروا على شيء مريب، لكن المنصور أمر بتحري بردعة الحمار، وبعد تحريها وجدوا فيها خطاباً من بعض النصارى القاطنين في جهة من هذه المدينة يدلون العدو على عورة من عورات المسلمين كاتبين: أن هجموا على مدينة سالم وعلى جيش المنصور من الجهة الفلانية-مكان سمّوه- ونحن سنساعدكم على تلك المباغتة. تملكت الدهشة الحارس، واستفهم من أميره: وكيف عرفت أن هذا الجاسوس سيمر في تلك الليلة؟ فقال: وهل تنتهز العيون (الجواسيس) إلا أمثالها؟ ومن ملك البلاد عليه أن يسهر لحمايتها وحفظه، ويعرف مداخل المتربصين به، فلما كان الصباح جمع أولئك الطابور الخامس، فأمر بضرب أعناقهم وكذلك عنق ذلك العجوز الحطاب الكذاب!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د.صالح العطوان الحيالي
استقر الحاجب المنصور في إحدى غزواته بمدينة سالم وهو الثغر الذي بناه هو على حدود الدول النصرانية في الشمال، وخطرت له خاطرة تدل على مدى ذكائه وحسابه وتوقعاته، فاستدعى أحد فرسانه في ليلة شديدة البرد، كثيرة الأمطار، وكلّفه أن يخرج إلى مكان من المضيق سمّاه قرب هذه المدينة، وقال له: من مرّ بك في هذه الليلة تأتي به إلي ّكائنا ًمن كان. فاستغرب الفارس- في نفسه بالطبع- ومن يخرج في مثل هذه الليلة؟ البرد القارس والمطر الغزير. نفذ الفارس الأمر، وبقي يرصد الطريق يرجف من البرد تحت وابل المطر، وإذا بشيخ كبير من النصارى الذين كانوا يعيشون في هذه المدينة من أهل الذمة، على دابة ومعه آلة الحطب من فأس وحبل، فسأله الفارس بعد أن استوقفه: إلى أين أيها العجوز في مثل هذا الوقت؟ وماذا تفعل؟
قال العجوز: أريد حطباً لأهلي ليستدفئوا، فتركه الفارس يواصل مسيره، لكنه تذكر أمر الحاجب المنصور وحزمه، فأوقف العجوز قائلاً: لابد أن تأتي معي إلى الأمير، قال: وماذا يريد الأمير مني؟ دعني أتابع سيري. إلا أن الفارس أجبره على المثول بين يدي الحاجب، فأمر بتفتيشه وتحري ملابسه فما عثروا على شيء مريب، لكن المنصور أمر بتحري بردعة الحمار، وبعد تحريها وجدوا فيها خطاباً من بعض النصارى القاطنين في جهة من هذه المدينة يدلون العدو على عورة من عورات المسلمين كاتبين: أن هجموا على مدينة سالم وعلى جيش المنصور من الجهة الفلانية-مكان سمّوه- ونحن سنساعدكم على تلك المباغتة. تملكت الدهشة الحارس، واستفهم من أميره: وكيف عرفت أن هذا الجاسوس سيمر في تلك الليلة؟ فقال: وهل تنتهز العيون (الجواسيس) إلا أمثالها؟ ومن ملك البلاد عليه أن يسهر لحمايتها وحفظه، ويعرف مداخل المتربصين به، فلما كان الصباح جمع أولئك الطابور الخامس، فأمر بضرب أعناقهم وكذلك عنق ذلك العجوز الحطاب الكذاب!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق