الخميس، 7 يونيو 2018

الثقة بالنفس والغرور/بقلم الكاتب الاديب المبدع/الشاعر الراقي/ د. صالح العطوان الحيالي -العراق-6-6-2018

الثقة بالنفس والغرور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي -العراق-6-6-2018
الثقة بالنفس
ــــــــــــــــــ هي شعور الإنسان بالارتياح والاطمئنان والاعتزاز بنفسه وبقدرته على تحقيق أهدافه وما يريده في الحياة واحترام ذاته وتقديرها، ورؤية الشخص نفسه بأجمل صورة، الثقه بالنفس هى ايمان بالذات والقدرة على التقدم دون تقليل من شأن الأخرين الثقة بالنفس هي تقدير الإمكانات التي يمتلكها الشّخص نفسه، وحسن استخدامها لحل المشكلات بشكلٍ سليمٍ، وترتبط بهذه الثقة احترام وجهات نظر الآخرين، وأفكارهم، وآرائهم، واستخدام الطّرق الرّاقية في حل النّزاعات، وإقناع الطرف الآخر وللثقة بالنفس العديد من المظاهر التي تظهر على الشخص المتمتّع بثقة واضحة بنفسه، ومن هذه المظاهر: الشعور بالسعادة والتفاؤل والإيجابيّة، والاطمئنان في كافّة جوانب حياته. السرعة في اتّخاذ القرار لدى الشخص الواثق بنفسه. المبادرة والقياديّة والقدرة على حل المشاكل. النجاح والعزيمة للوصول لأيّ هدف مراد تحقيقه
الغرور
ــــــــــــــ هو حبّ الإنسان لنفسه بطريقة تزيد عن الحدّ الطبيعي، وهو شعور الشخص بالعظمة، وتوهّمه بأنّه وصل إلى الكمال، والذي ينتج عنه قيام الشخص بالعديد من التصرّفات غير الصحيحة كأن يُشعر الأشخاص من حوله بالنقص، وبأنّهم أقلّ مكانةً منه، وبأنّه أعلى وأرقى منهم، ويتفوّق عليهم بالكثير من الأمور، ولا يعود الغرور بالضرر إلّا على صاحبه فيصبح مكروهاً وغير مرغوب بوجوده بين الناس؛ لأنّه أشعر الناس بدونيتهم وقلّة مستواهم فمن الطبيعي أن يحصد نتيجة ذلك كراهيةً في نفوس الآخرين، ويعتبر الغرور مرضاً نفسيّاً في وقتنا المعاصر
أو الغرور فهو رفع شأن الذات حتى لو كان جاهل أو عاجز عن فعل شئ معين والتقليل من شأن الأخرين الغرور هو الشّعور بالعظمة والكمال وعدم وجود أي نقصٍ في شخصية الفرد، وطبعاً هذا كلام غير سليمٍ؛ فلا يوجد من يتصف بالكمال فهو لله تعالى وحده، وكل مخلوق في هذا الكون يعاني من نقصٍ ما يكمّله شخصٌ آخر يتصف بما يفتقره الأول، وطبعاً الشخص الثاني يعاني أيضاً من نقصٍ ما كذلك وهكذا.
إن الفرق بين الغرور والثقة بالنفس شعرةٌ، وكلما زادت الثقة بالنفس فإنّها تؤدي إلى الشعور بالغرور، فالشخص عندما يبدأ بالشعور أنّه قادرٌ على حل ما يتصدر أمامه من مواقف بشكلٍ صحيح فإنّ الشعور بالغرور يتسرّب إلى نفسه، وإذا لم يتنبه لنفسه سريعاً ستبدأ مرحلة الفشل لديه المرافِقة للشّعور بالغرور. قد ذهب البعض إلى تفسير الغرور أنّه فقدان الثقة بالنفس، حيث يحاول الشّخص المغرور تقديم شيء مغايرٍ لما يشعر به لأنّه لا يستطيع مواجهة نفسه وشعوره بعدم الثقة.
إن من المقومات النبيلة "الثقة بالنفس"، فكيف نفرق بينها وبين الغرور؟ إن الثقة بالنفس تعني اعتزاز الشخص بمواهبه وبنفسه، من ناحية المظهر ومن ناحية الجوهر ، وهذا يعينه على النجاح فى الحياة ، أما من يفقد الثقة بنفسه فإنه يتلعثم ويضطرب، وتتبخر منه المعلومات، وتضيع منه التعبيرات ،ولا يستطيع اتخاذ قرارات حياتة بصورة سليمة و تقدم فى طريق النجاح خوفا من الفشل ؛ لأن الحياة تحتاج إلى جرأة بالغة تسعفه عند المفاجآت، وتتيح له حل المشكلات. أما الغرور، فيدل على نفس غير سويه، وإيمان ضعيف، وقلب غير سليم، وجميع الاديان عامة تتطهر القلوب وتحس على القلب السليم الخالي من الإمراض وأهمها: الغل والحقد والحسد والكبر والغرور وحب الذات وبالبعد عن هذة الصفات تؤتي جهود الثقة بالنفس ثمارها المرجوة ونتائجها المرتقبة. ولا شك أن على من يريد النجاح ومعالجة انحراف الغرور الذى يتغلب على اى شخص فى لحظات النجاح ونشوة النصر، ان يتذكر دائما عظمة الله وعونه له . وان هذا النجاح من الممكن ان يتحول الى ابتلاء اذا لم تنقى قلبك من كل امراض القلوب .
الفرق بين الكبرياء والتواضع
الكبرياء هى ارتفاع فى القلب. هى حالة شخص يكبر فى عينى نفسه، ويريد بالأكثر أن يكبر فى أعين الناس. وهى على نوعين: احدهما عجرفة فى المظهر الخارجى: فى الملبس، فى الملامح، فى طريقة الكلام، فى المشى أو فى الجلوس. هى نفخة خارجية، كأن يتكلم بنوع من التعالى، أوينظر فى عظمة، أو يجلس فى عنجهية.. أو يتخير المكان البارز.. كلها كبرياء فى الظاهر. وإلى جوار هذه المظاهر، توجد كبرياء فى داخل النفس، يظن بها هذا الشخص أنه شئ! يرى أنه كبير، ويتطور إلى ما يجب أن يعامله به الغير كـ كبير، وما يتعامل به معهم مما يناسب عظمته!
فهو يكلم الناس من فوق، هذا اذا تنازل إلى الكلام معه.. وهو يعاملهم بمعاملة لا يقبل على نفسه أن يعاملوه بها. معتقداً أنه يوجد فارق كبير بينه وبينهم. فهو أرفع من الناس قدراً، أو هو أعمق منهم فكراً ومعرفة، أو هو أكثر شهرة أو أكثر نفوذاً. ويظن دائماً أنه على حق، وغيره على باطل. ولا يعترف مطلقاً انه قد أخطأ فى شئ. ويتطلب لوناً خاصاً من الاحترام، وأسلوباً معيناً من المعاملة.
فما هي أسباب هذه الكبرياء اذن؟
ربما يكبر الإنسان فى عيني نفسه من أجل مركزه، أو غناه، أو قوته، أو ذكائه، أو علمه، أو شكله وجماله، أو أناقته. أو قد يكون سبب كبريائه، ما حباه به الله من نعم أو مواهب، كالمواهب الفنية، أو القدرات الشخصية، أو بسبب مكانته العائلية. أوربما يكبر لأسباب دينية راجعة إلى تقواه، أو لجوء البعض إليه ثقة فى شفاعته!! العجيب أن غالبية المتكبرين هم من النوع الذى أحسن الله إليه!! فبدلاً من أن تقوده الموهبة إلى الشكر، ينحرف بها إلى الكبرياء!
ان الشجرة المحملة بالثمار تنحني أغصانها إلى أسفل بسبب ثقل ما تحمله من ثمر. أما الشجرة التى بلا ثمر، فإن الريح ترفع اغصانها إلى فوق بسبب خفتها.. وهكذا فالممتلئون يكونون دائماً متواضعين أما الفارغون فيرفعون! إن المفروض هو أن يتواضع أصحاب المواهب، يعلمون أن هذه المواهب هي من الله لهم، وليس منهم. انما هي موهوبة لهم من رب المواهب.. فواجبهم أن يرجعوا المجد إلى الله ولا ينسبوه إلى أنفسهم. فهكذا يقول المزمور" ليس لنا يارب ليس لنا. لكن لاسمك القدوس اعط مجدا" اذن المتضعون يشكرون الله على عطيته، ولا يمدحون أنفسهم
اذا افتخر إنسان بسبب موهبة أو تكبر، فما أسهل أن يرفعها الله منه، وتفارقه النعمة بسبب عجرفته. واذا تكبر أحد بسبب قوته أو قدرته، فإن الله قد ينزع منه القوة والقدرة، لأنه لم يعط المجد لله وإنما لنفسه.. لهذا قال سليمان الحكيم: قبل الكسر الكبرياء. وقبل السقوط: تشامخ الروح.
لذلك إن أعطى الله لإنسان موهبة، فأحيانا يمنحه إلى جوارها ضيقة أو تجربة، لكى تحميه، خوفاً عليه من أن تجرفه الموهبة إلى التعالى! وهكذا قيل ان الضيقات هى حافظة للمواهب من الكبرياء حقاً، ما أصعب المواهب! وما أكثر الذين لم يستطيعوا احتمالها! فقد يمنح الله بعض المواهب لإنسان، فلا يستطيع ان يحتملها، بل يمشى فى الأرض مرحاً، ويرتفع قلبه فى خيلاء، ولا تسعه الدنيا..
المتكبر يحب السيطرة والنفوذ، ويبحث عنهما. فإذا حصل على سلطة يستخدمها إلى آخر حدودها، أو يسئ استخدامها أو قد يتجاوز حدوده وحقوقه وسلطته، ويستخدم نفوذاً ليس له، ويتسلط، ويأمر وينهى فى عظمة وتعال.. أما المتواضع فلا يحب السيطرة. ولا يستخدم السلطة وهى فى يده.. ولا يحب أن يأمر كثيراً، وفى سلطانه الأمر.. وحينما يكون رئيساً لعمل، يعامل مرءوسيه فى رقة ولطف. وقد يكون حازماً، ولكن فى غير عنف. وفى طاعتهم لأى ارشاد، يشكرهم ويمتدح عملهم.
من مظاهر الكبرياء أيضاً: الأفتخار والحديث عن النفس: والمقصود هو أن يكسب الشخص مديح الغير واطراءهم. وفى الواقع أن من يتحدث عن فضائله ومزاياه، إنما يستخدم أسلوب أنصاف الحقائق.لأنه لو ذكر الحقيقة كاملة عن نفسه، لكان يلزمه أيضاً أن يذكر النواحى، السلبية فى حياته. أما فى ذكره الحسنات فقط من تصرفاته، فهو لا يكون فى ذلك كامل الصدق، ولا كامل العدل..! ومثل هذا الشخص قد يثير غيره، فيضطرهم أن يذكروا له عيوباً، لكى يقيموا توازناً بين مديحه لنفسه وحقيقة ذاته.. ولكنه فى محبته للمديح، لا يقبل النقد، فيدافع عن نفسه بجميع الطرق التى تقبل النقد أيضاً، ويدخل فى صراع.
أما المتواضع، فهو لا يتحدث عن نفسه، ولا يمتدح ذاته. لا يتحدث عن اعماله، إنما أعماله هى التى تتحدث عنه. وهو من جانبه يحاول أن يعمل الخير فى الخفاء، ولا يظهر ذاته بقدر امكانه! وإن مدحه الناس يهرب من ذلك فى إستحياء. وفى داخل نفسه يشعر أنه لا يستحق المديح، بسبب ما يعرفه عن ذاته من نقائص لا يعرفها الناس عنه.. يعرضعها أمام الله فى صلاته طالباً المغفرة – وإن كان فى مسؤلية، واضطر أن يتحدث عن إنجازات العمل، فإنه لا يركز الحديث على ذاته، إنما يخص بالأكثر المجهود الذى قام به العاملون معه، والمعونات الآخرى التى ساعدت على النجاح.
من مظاهر الكبرياء أيضاً: الأنانية وما تلده من أخطاء: المتكبر يقع دائماً فى الأنانية ومحبة الذات، فهو إنسان متمركز حول ذاته، لا يرى فى الدنيا سوى نفسه فقط . وكل من يصطدم بذاته هذه، ينبغى ان يحطمه، لتبقى ذاته وحدها وتكبر.. بينما نرى المتواضع يحب جميع الناس، ويفرح لهم إن نجحوا وكبروا.
أنانية المتكبر تقوده كذلك إلى الحسد والغيرة والمنافسة فالكبرياء هى أم الحسد.. وكل متكبر يمكن أن يكون حسوداً. والحسود يتغذى بمصائب الآخرين. لذلك فالمتكبر يثقل عليه أن يمتدح غيره، فى مجال يرى أن يكون فيه المديح له وحده. فمحبة الذات والأنانية تقوده إلى الحسد والغيرة. فلا يطيق أن يسمع مديحاً يقال فى غيره ! قال أحدهم: " افرحوا بكمال أخوتكم" ولكن المتكبر لا يفرح بكمال غيره. انه يريد ان يكون هو المتفوق البارز الوحيد ! أما الإنسان المتواضع، فلا يحسد غيره. لأنه لا ينافس أحدا فى الرفعة وهو- فى إتضاعه- يقدم غيره على نفسه فى الكرامة. ويفرح بنجاح الكل، ويهنئهم من كل قلبه.
نقطة أخرى.. وهى أن الكبرياء تلد التذمر، بعكس الأتضاع: فالمتواضع- اذا أخذ شيئاً قليلاً- يشكر عليه، ويعتبره أكثر مما يستحق. وحتى إن لم يأخذ شيئاً، يشكر على مجرد الحياة والصحة! لذلك فهو فى فرح دائم، وفى قناعة ورضا.. أما المتكبر فهو يتذمر مهما أخذ، يشعر، أنه يستحق أكثر وأكثر!! وهو على استمرار يشعر بالظلم، سواء من جهة الأخذ، أو من جهة التعامل. كل ما يناله، يدعى أنه أقل مما يستحق.. ومهما نال يسخط ويتذمر، لأنه دائماً يطلب المزيد، ولا يكتفى .. لذلك فى نفسيته مرارة نتيجة لكبرياء طموحاته. أعاذنا الله و إياكم الكِبر و الغرور ...
د. صالح العطوان الحيالي -العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق