الخميس، 26 أكتوبر 2017

قصة قصيرة بعنوان/ناس من تحت/بقلم الكاتب الاديب الراقي /الشاعر المبدع إبراهيم فهمي المحامي 25/10/2017

إبراهيم فهمي
ناس من تحت / قصة قصيرة
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
خرج من منزله مخنوقا متألّماً وقد ضاقت الدنيا في وجهه وملّ من كثرة الإبتلاءات وسوء الحظ الذي يلاحقه كلما لحق بوظيفة ... وطلبات أولاده والدروس الخصوصية ومصاريف البيت ومصاريف السكن والعلاج ، ماذا يفعل ليواجه كل هذا ؟
ترك خلفه نداءات زوجته وتوسلاتها أن يظل معها حتي لا تقلق عليه لكنه كان يشعر في قرارة نفسه أنه ما عاد له جدوي في هذا البيت بل في هذه الحياه .
وتوجه بأقدام ثقيلة وعيون يملئها الغضب والحيرة والدموع إلي المقهي الذي إعتاد أن يجلس عليه وجلس في مكان متطرف بعيداً عن الناس وجاءه النادل بالشيشه وفنجان القهوه المتعود علي طلبهما وظل يشد الأنفاس بطريقة صعبة وكانه يشد معها كل الهم الثقيل الجاثم فوق صدره ثم ينفخ الدخان وكأنه ينفخ معه كل تعبه وهمه وحيرته
كذلك فنجان القهوه الذي كان يحتسيه ويرتشف رشفاته بتوجع وأنين
ماذا يفعل ؟
هذا هو السؤال الذي كان يتردد داخله كل لحظة .. كلما إلتحق بعمل وظن أنه العمل المناسب وارتضي بكل شروطه رغم أنها لا تناسبه ولا تناسب أحلامه وطوحه لفظه العمل كما يلفظ الإنسان بشئ كريه من فمه .
ألهذا الحد هو ليس مقسوما له أن يجني ربحا حلالا في هذه الدنيا وفي هذا البلد ؟
لم يعد شاباً ولم يعد في مقدروه الصبر أكثر من ذلك فطلبات البيت والأولاد لا تنتظر ولا ترحم وهو رجل متوازن أخلاقه الكل يشكر فيها وصلته بربه لا تنقطع ويحافظ علي صلواته وعباداته قدر المستطاع ولكن نصيبه أن تلاحقه البلايا أينما رحل
جاءه نادل عجوز يعمل بالمقهي ليغير له حجر الشيشه فاستغرب وجومه وحالته الظاهره فتجرّأ وسأله .. في ايه يا باشا مش عادتك دي ايه الحزن ده كله ؟
فرد عليه متثاقلا الله يكرمك سيبني دلوقت في حالي انا مش طايق نفسي
فتمادي النادل العجوز بحكم عشمه ومعرفته بالرجل متسائلا :
طب ممكن اقولك علي حاجه يمكن تريذحك شويه يا باشا ؟
أجابه الرجل بضيق وملل من ثرثرته : خير يا سيدي في ايه ؟
فأجاب النادل العجوز : أنا رجل كبير السن كما تري وأعمل في هذه المقهي منذ سنوات طويله وراتبي مضاف اليه البقشيش الذي يدفعه لي البعض لا يتجاوز 1600 جنيه أسكن في شقه صغيرة إيجارها 650 جنيه وعندي 4 أولاد منهم واحده في الجامعه وواحد في الثانويه واتنين في المرحلة الإبتدائية
نسينا شكل اللحوم والأسماك وطعم الصلصه ... ونسينا طعم الفاكهه واعتبرناها رفاهية ليست لنا وممنوع منعا باتا لأي أحد من أولادي أنه يطلب درس خصوصي في أي مرحلة وإبني وبنتي الكبار بيشتغلوا في الإجازه علشان يساعدوا ويجيبوا احتياجتهم الضروريه
النادل العجوز مستمرا في حديثه والرجل بدأ في التركيز والإهتمام واستغرب من حديث النادل الذي أشعره أنه يعرف قصته
ــ عارف يا باشا المشكله مش في كل ده المشكلة إن بنتي جالها عريس مناسب علي أدنا لكن مش عارفين نجهزها ازاي ولا نعمل معاها ايه علشان منكسرش بخاطرها
ومع ذلك كل يوم بقول هتفرج وربنا كبير ومبينساش حد وهو سبحانه أحن عليها من أبوها وأمها ... خليها علي الله يا باشا
فأدرك الرجل مغزي النادل العجوز ورسالته التي أراد توصيلها إليه وشعر بالخجل من نفسه ومن الرجل وقال صدقت أيها العجوز ونعم بالله لابد من فرج .. لابد من حل من عند الله ... ودوماً يأتي بعد المحنة منحة هكذا كنت أقرأها دائماً في أوراق النتيجه أسفل مواقيت الصلاة ز
وقام الرجل وقد هدأت نفسه وتوجه إلي منزله ليطيّب خاطر زوجته ويطمئنها ويذكّرها أنه لازال عنده عشم في خالقه لم ولن ينقطع .
تمت
بقلم / إبراهيم فهمي المحامي
25/10/2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق