الأحد، 27 أغسطس 2017

عظمةإبداع العراقيين/بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع د.صالح العطوان الحيالي 22.8.2017

عظمةإبداع العراقيين في البناء تتجلى في بناء "قصر العاشق في سر من رأى "
ـــــــــــــــــــــ د.صالح العطوان الحيالي 22.8.2017
تميزت مدينة سامراء التي بناها الخليفة العباسي المعتصم بالله [ القرن الثاني الهجري] بجمال بنائها ، حتى أصبحت في زمانها سيدة مدن العالم وبذلك تحققت تنبؤات بعض الرهبان آنذاك ، عما سيكون للمدينة التي تنشأ في هذا المكان من مستقبل عظيم .
هناك ثمانية قصور للخلفاء في سامراء والتي كانت دهشة الناظرين وأعجابهم وأتسعت المدينة التي سميت " سُرَ من رأى " لدقة هندستها وجمال بنيانها خلال مدة قصيرة من الزمن ، حتى بلغ طول المدينة [ حوالي 17 ميل] ،يقطعها نهر دجلة وفروعه بمياهه العذبة وتتوسطها شوارع رئيسية عظيمة . رغم قصر مدة حكم العباسيون في سامراء، حوالي النصف قرن ،ولكنهم بنوا ثلاثين قصراً للخلفاء وقوادهم مع الملحقات الأخرى،وعرفت هذه القصور ببراعة هندستها ودقة بنائها ( الحمد لله لم يكن في ذلك الزمان شركات أجنبية للبناء! حتى نسوي عقود وياهم!) ، يعني كلها بنيت بأيدي العراقيين وتفننهم في البناء ،وأشهر تلك القصور في سامراء هو ..قصر العاشق . ويقابل قصر العاشق ..قصر العامة للخليفة المعتصم بالله ويفصل بينهما نهر دجلة ..وقد ذكر الكثير من المؤرخون والرحالة عن " قصر العاشق " في كتبهم ( مخطوطاتهم) كياقوت الحموي ، وإبن جبير ، وإبن بطوطة ،وسمي بالمشوق وصفاً لحسن بنائه وجماله ،ولكن أسمه تحول بين الناس مع الزمن الى ... العاشق .
قصر العاشق
------------- القصر الذي أتخذه الخليفة المعتمد بالله بن المتوكل ،مقراً لخلافته سنة 256/ هجرية وحتى سنة 279/ هجرية ، ويتكون القصر من طابقين ( الطابق الأرضي لم يكتشف منه كاملاً ) سوى خمسة أبواب وقسم من الاواوين وبقايا سلم مما يُرجح أن هذا الطابق يحتوي على عدد من الغرف والاواوين التي أستخدمت للسكن أيام الصيف ..كسراديب الى جانب عدد من الآبار ، بعضها والتي تحوي المياه العذبة النقية ،والتي كانت ترفع منها المياه الى الطابق الثاني بواسطة الدلاء ( الدلو) والبكرات،وبعضها الآخر كان يستخدم لتصريف المياه الآسنة المستعملة في الحمامات والمرافق بواسطة شبكة أنابيب مفخورة تعد غاية في التطور والتقدم آنذاك ( لعد ..شبيهم هسه !! ).
في الطابق الثاني يتصدر مجلس الخليفة أضافة الى مجموعة بيوت الجند وحرس الخليفة التي تتكون من رحبة واسعة مستطيلة/ مربعة يحيط بها عدد من غرف السكن وتتوسطه ساحة كبرى تقوم على نفق سري يبلغ طوله ( 24 متراً) وعرضه متران ونصف وأرتفاعه متران ( همزين المحتلين الجدد ... ما لگوا بيه الخليفة !!
أما سور القصر ..فهناك جدار عال بسمك مترين و60 سنتيمترا والداعم لهذا السور ( 22 برجاً) على شكل نصف دائري أو أسطواني ،ويبلغ قطر الواحد 4 أمتار، ويحيط بالسور خندق واسع كان يستمد مياهه من قناة جوفية تنحدر من عيون أراضي الجزيرة الغربية .
والصعود أو الوصول الى مرافق القصر العليا ، من خلال ممر من الجهة الشمالية ،وهو مشيد من الآجر والحصى ، على شكل يشبه السلم ولكن بأنحدار دون وجود درجات فوقه ، على شكل حلزوني وتتخلل الجدران فتحات على شكل نوافذ عديدة لغرض الأضاءة والتهوية .
تم ترميم هذا القصر من قبل دائرة الآثار والتراث / التابعة لوزراة الثقافة والأعلام من خلال أعمال الصيانة والترميم ضمن خطتها لتطوير مدينتي سامراء والمتوكلية التي تقع على بعد خمسة عشر كليومتراً شمال مدينة سامراء أي في الجانب الغربي من نهر دجلة ،ومن خلال عمليات الصيانة ، تم العثور في العام 1986 على كنز ذهبي يحتوي على عشرات القطع من العملة العباسية الذهبية والعملات الفضية والبرونزية التي سكت في سامراء أيام الخلافة العباسية .
يحظى "قصر العاشق"، أحد أشهر قصور مدينة سامراء 120 كلم شمال بغداد، بزيارة السياح العراقيين والأجانب، فأية زيارة للعراق لا تكون كاملة من دون الوقوف أمام هذا الأثر العباسي الخالد الذي بناه الخليفة العباسي المعتمد في أواخر أيام حكمه على الجانب الغربي من نهر دجلة. واختلفت الروايات في اسم الشخص الذي كلفه الخليفة ببناء هذا القصر الذي تتراءى أطلاله للمواطن الذي يقصد سامراء من تكريت. ويشير ياقوت الحموي الى أن الذي كلف بهذا الأمر هو علي بن يحي المنجم، ويذكر أيضاً أن معز الدولة بدأ بتشييد القصر سنة 350 هجرية وان الأمير عماد الدولة أبا العلاء رافع بن يمين الدولة كتب قصيدة عنه جاء فيها: "مررت على المعشوق والدمع سائح على صحن خدي ما يطيق له رداً".
وعلى رغم ما أصاب السياحة العراقية من تدهور بسبب انهيار الوضع الأمني، إلا أن قصر العاشق ظل مكاناً مستحباً لدى كثير من العراقيين الذين فقدوا روح الاستجمام والتنزه بسبب مآسي الاحتلال وما خلفته من جو نفسي ضاغط على الفرد العراقي. ويقول المواطن علاء كامل: "ان الظروف السيئة التي نعيشها من جراء الاحتلال افقدتنا رغبة القيام بالسفرات أو التنزه". ولكنه يضيف: "أما إذا فكرت بالأماكن السياحية فأختار قصر العاشق لقربه من المدينة، ولكونه مكاناً جميلاً وآمناً".
احد السياح يقول "ان ما أصاب العراق جعلنا لا نفكر بالسياحة إلى أي مكان. ومع ذلك فإن الأماكن الأثرية هي الأفضل في عراق اليوم، لا سيما قصور الخلافة العباسية التي تذكرنا بعظمة الدولة العباسية. وقصر العاشق هو أحد القصور التي أزورها بين الحين والآخر".
ويذكر أن بناء القصر في منطقة نائية من سامراء كان مدعاة لحمل بعضهم على التماس عذر لذلك، فقد أشار الرواة إلى أن الخليفة تزوج إمرأة بدوية من نجد وكان كثير الشغف بها شديد الميل إليها، غير أنها كانت تبدو على الدوام كئيبة وحزينة وحين سألها عن بواعث ذلك على رغم كل أسباب الراحة والنعيم المتوافرة لديها أجابت: "لا يساوي هذا ما كنت أعيشه في بيتي البسيط وما أسمعه من أصوات الغنم ورغاء الإبل وحياة البادية البسيطة". فعجب المعتمد منها وعزم على بناء قصر لها غربي دجلة في منطقة نائية، وأمر البدو بأن يرسلوا أغنامهم وجمالهم حول القصر. وعندما شاهدت الأعرابية ذلك تذكرت أهلها وحنت إلى مهدها، فأجهشت بالبكاء وأنشدت تقول: "وما ذنب إعرابية قذفت بها صروف النوى من حيث لم تك ظنت". فلما سمع المعتمد قولها رق لها وأرسلها إلى أهلها في البادية ولم يقطع علاقته بها .
إلا أن خبراء الآثار ينفون هذه الرواية ويؤكدون عدم صحتها. واختلف الرواة في تسمية القصر الذي يعرف عند العامة بالعاشق ويسميه المختصون المعشوق، وهو بناء مستطيل الشكل يتكون من طابقين، الاول تحول الآن إلى سراديب وأقبية. ويدور حول القصر خندق واسع كان يستمد مياهه من قناة جوفية تنحدر من العيون الموجودة في أراضي الجزيرة الغربية المرتفعة فتفضي إلى خندق القصر الذي كان مرتفعاً بالنسبة إلى منسوب نهر الاسحاقي بالقرب منه.
يطلق عليه عند الحديث عنه بــ ( قصر العاشق والمعشوق) وفي حكايات جدي وجدتي روي إنه كان أحد الأمراء يعشق اميرة تعيش في الجهة المقابلة من مكان اقامته فبنى هذا القصر الكبير وكان يراقبها من هناك والمسافة بعيدة جداً ( قد شاهدتها بنفسي) ثم قام بخطبتها ووافق والدها فأهداها القصر مهراً لها
ولم يتبق من القصر إلا بقايا جدران
قبل الاحتلال كان قصر العاشق مركزاً سياحياً وعندما تزوره وتصعد الى الطابق العلوي تجد شيء كالمتاهة وعندما سألت عن السبب عرفتُ انها كانت عبارة عن غرف عديدة إلا انها تعرضت إلى سقوط السقوف فبقيت الجدران ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق