الخميس، 29 مارس 2018

لولا المسلمون ما عرفت أوروبا النظام/بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع د.صالح العطوان الحيالي الحيالي

لولا المسلمون ما عرفت أوروبا النظام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ دزصالح العطوان الحيالي -العراق - 22-3-2018
ان فضل الحضارة الاسلامية على كافة الحضارات كفضل القمر على كافة الكواكب ففي الوقت الذي كانت تعيش فيه اوروبا في بحر الظلمات ، كانت الحضارة الاسلامية في اوجها .، كان للاندلس دور كبير في التاثير على اوروبا والممالك المجاورة لها وعند قيام الدولة الاسلامية في الاندلس كان يقصدها العديد من اوروبا للعلم ...ف مع الفتح الاسلامي للاندلس فتحت صفحة جديد لالتقاء ثقافتين مختلفتين هما العربية الاسلامية واللاتينية المسيحية .اتصلتا وتفاعلتا فتعرضتا للتاثير المتبادل عبر عصور التعايش المشترك والاعتقاد بوجود هذا التاثير هو الدافع الاول لاعمال الترجمة التي قامت بها شخصيات اسلامية ومسيحية وافنى فيها الكثير من الباحثين المشهورين قسطا من حياتهم في تحديد حجمها واهميتها محاولين معرفة النسب ودرجات هذا التاثير ..
عرفت الحضارة العربية الإسلامية ازدهاراً كبيراً في كافة الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية وقد كان للدين الإسلامي دور كبير في هذه الوضعية من خلال مبادئه التي تحث على العمل وتحصيل المعرفة والتدبر في الكون والحياة والبحث في القوانين الطبيعية كما أن الإسلام جعل من العلم فريضة على المسلم ورفع قدر العلماء وخاطب العقل ووجهه نحو التفكر والإبداع.
وعلى أثر الفتوحات الإسلامية وتوسع المبادلات التجارية احتك المسلمون بثقافات فعززوا معارفهم وأغنوها ثم شرعوا في نشر المعرفة حيث كان لهم السبق في مجال التعليم بإنشاء الجامعات في العواصم والحواضر الكبرى.
من جهة أخرى خلف العلماء المسلمون تراثاً غنياً في مجال الآداب والعلوم خاصة في الطب والرياضيات والفلك حيث تم استغلالها في تدبير الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمسلمين. أما فيما يخص فنون العمارة والزخرفة فقد اهتم المسلمون بتشييد المساجد والقصور وإقامة مدن جديدة بمختلف مرافقها، مستعملين في ذلك مختلف فنون الزخرفة والرسم والنقش.
بعض المستشرقين أنصفوا الإسلام وحضارة الإسلام حيث يحاول الكثير من الأوربيين طمس معالم الحضارة الاسلامية وإنكار فضل هذه الحضارة على الأوروبيين بصفة خاصة والعالم الإنساني بصفة عامة..
وفي الوقت الذي عرفت فيه الحضارة العربية الإسلامية ازدهاراً كبيراً، كانت أوروبا تعيش على انعدام الأمن خاصة بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية وتوغل القبائل الجرمانية وخضوع بعض المناطق للسيطرة العربية الإسلامية خاصة الأندلس وصقلية.
بعد سقوط الأندلس لجأ أكثر من150 ألف عربي ومسلم إلى جنوب فرنسا، بدأ في الوجود الإسلامي في أوروبا منذ أن وصل العرب في فتوحاتهم إليها حيث فتحوا مدينة ناربون الفرنسية عام 716م ومدينة تولوز عام 721م ومدينة ليون عام 726م ومدينة بوردو عام 731م ثم هزموا في مدينة بواتيه عام 736 الا أن الهزيمة لم تؤدي إلى جلاء كل المسلمين العرب عن فرنسا وهذا كان له أثر بالغ الأهمية في حياة المسلمين والاوربيين فهنا بدأ التلاقح وصار واضحاً أثر الثقافات الرصينة التي يحملها المسلمون مما أذهل الأوربيين بحضارة المسلمين وثقافاتهم
وضع المسلمون العرب في أوربا قواعد للإدارة الحديثة قائمة على المساواة بين المواطنين، وتقدير العامل في الدولة على أساس كفاءته وإنتاجه، مهما كان أصله أو وضعه الاجتماعي، وعلى ضوء الشريعة السمحاء حطموا الطبقية والعنصرية، وكانت إدارتهم تجمع بين أبناء العرب الأصليين وبين الصقلبي ( أي الروس أو مواطني أوربا الشرقية ) والإسباني والبرتغالي والرومي على السواء في خدمة الشعب تحت راية الإسلام تحقيقا للعدل الشامل.)) من كتاب " أثر العلماء المسلمين في الحضارة الأوربية
وإذا كان قد ألمحنا إلى تأثير الحضارة الإسلامية وفضل العرب صُنَّاع هذه الحضارة فى الشرق، فإن فضل الحضارة الإسلامية على الغرب أكبر أثرًا وأشد نصوعً، ذلك أن الحضارة الإسلامية قد أثرت فى العقلية الغريبة بدايةً، وأسهمت الثقافة الإسلامية فى إعادة تشكيلها بعد أن مُنِيَتْ بالجمود والتخلف قرونا عديدة، لم تصحُ ولم تستيقظْ إلا على أيدي الفكر الإسلامي الذي نشره العلماء المسلمون والمفكرون المسلمون فى أوربا.وإذا كان الشائع أن بيكون هو مؤسس المنهج العلمي الحديث فقد آن الأوان أن يُصَحَّح هذا الرأي، وأن يُعزَى الفضلُ إلى أهله،، وقد فَطِن إلى ذلك عدد من العلماء الأوربيين المحدثين ومنهم جوستاف لوبون صاحب كتاب " حضارة العرب " الذى يقول: "لم يلبث العرب بعد أن كانوا تلاميذ معتمدين على كتب اليونان، إذ أدركوا أن التجربة والترصد خير من ألف كتاب ".
ويضيف: ويعزى إلى "بيكون " على العموم أنه أول من أقام التجربة والترصد اللذين هما ركن المناهج العلمية الحديثة، ولكنه يجب أن يُعترَف اليوم بأن ذلك كله من عمل المسلمين وحدهم، وقد أيَّد هذا الرأي جميع العلماء، الذين درسوا مؤلفات العرب. ويقول "سيديو": ان أهم ما اتصفت به مدرسة بغداد فى البداءة هو روحها العلمية الصحيحة التى كانت سائدة لأعماله، وكان استخراج المجهول من المعلوم، والتدقيق فى الحوادث مؤديا إلى استنباط العلل من المعلولات وعدم التسليم بما لا يثبت بغير التجربة، مباديء قال بها أساتذة من العرب، وكان العرب فى القرن التاسع من الميلاد حائزين لهذا المنهاج المجدي الذى استعان به علماء القرون الحديثة بعد زمن طويل للوصول إلى أروع الاكتشافات.
أسهمت الحضارة الإسلامية إذن فى تشكيل العقلية الأوربية التي أقامت النهضة الأوربية، ولولا ذلك الدور المهم لعلماء الإسلام لتأخر قيام النهضة الأوربية لعدة قرون، ولما قامت الاكتشافات العلمية التي عرفتها أوربا مطلع العصر الحديث. والقضية المهمة التى يجب الالتفات إليها هى أنه فى عصر الازدهار الإسلامي والرقي العلمى والفكرى الذي حققه العرب. كانت أوربا تعيش عصور الظلام والتخلف والضعف والركود العقلي والروحي، وكان لسيطرة الكنيسة على الحياة العامة أثره فى ذلك الركود والتخلف، كما كان للصراع بين الكنيسة والإمبراطورية بالإضافة إلى التنافس على السلطة والنفوذ أكبر الأثر فيما وصل إليه المجتمع الأوربي من ضعف وتفكك.
ومن هنا كان المجتمع الأوربي متعطشا للنهضة الفكرية، والانفتاح على روافد جديدة للحضارة والتقدم، وكان في العلم والفن الإسلامي، وفي العربية والترجمات، وانتقال المعرفة الضالة المنشودة لذلك المجتمع... (( يقول برينولت في كتابه ( تكوين الإنسانية ):
" العلم هو أعظم ما قدمته الحضارة العربية الاسلامية إلى العالم الحديث عامة. والجدير بالذكر أنه لا توجد ناحية من نواحي النمو الحضاري إلا ويظهر للإنسان أثر الحضارة والثقافة العربية الاسلامية ، وإن أعظم مؤثر هو الدين الإسلامي الذي كان المحرك للتطبيق العملي على الحياة، وإن الادعاء بأن أوربا هي التي اكتشفت المنهج التجريبي ادعاء باطل وخالٍ من الصحة جملة وتفصيلا فالفكر الإسلامي هو الذي قال: انظر وفكر، واعمل، وجرِّبْ حتى تصل إلى اليقين العلمي " )) من كتاب لمحات من الحضارة العربية والإسلامية
ويعتقد الدكتور " سارتون" أن المسلمين كانوا أعظم معلمين في العالم، وأنهم زادوا على العلوم التي أخذوه، وأنهم لم يكتفوا بذلك، بل أوصلوها إلى درجة جديرة بالاعتبار من حيث النمو والارتقاء..
ويقول نيكلسون: " والمكتشفات اليوم لا تحسب شيئاً مذكوراً إزاء ما نحن مدينون به للرواد العرب الذين كانوا مشعلاً وضاءً في القرون الوسطى ولا سيما في أوروبا.."
ويقول دي فو: " إن الميراث الذي تركه اليونان لم يحسن الرومان القيام به، أما العرب فقد أتقنوه، وعملوا على تحسينه وإنمائه حتى سلموه إلى العصور الحديثة.. "..
ويقول سيديو: " كان المسلمون في القرون الوسطى منفردين في العلم والفلسفة والفنون، وقد نشروهما أينما حلَّتْ أقدامهم، وتسربت منهم إلى أوروب، فكانوا هم سبباً في نهضتها وارتقائها "..
كما يذهب إلى أن المسلمين هم في واقع الامر أساتذة أوروبا في جميع فروع المعرفة..
وأخيراً نقول كما قال السيد أمير علي: " وإن نجد المسيو سيديو، لا يعدو الواقع في قوله: إن الكنوز الأدبية العظيمة التي أوجدها العرب في ذلك العصر، ونتاج نبوغهم العلمي، واختراعاتهم الثمينة تنهض دليلاً على نشاطهم الفكري، وتؤيد الرأي القائل: بأن العرب هم أساتذتنا في كل شئ، إذ أنهم زودونا بمواد جليلة القيمة في تاريخ العصور الوسطى، وبأسفار مجيدة في التراجم، وتركوا لنا صناعة لا مثيل لها، وفناً معمارياً آية في الروعة والجمال، واكتشافات مهمة في الفنون والصناعات "..
وكما قال جميع العلماء السابقين فإننا نزيد عليهم أنه ما من أمة تستطيع أن تنجح في كل هذه المجالات دفعة واحدة دون أن تكون مصحوبة بإدارة قوية وحكيمة تستطيع أن تسير بالبلاد من نجاح إلى آخر..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق