♠♠♠♠ القصة القصيرة ♠♠♠♠ ♠♠♠ شارع محمد علي ♠♠♠ ♠♠
يعتبر شارع محمد علي من أشعر شوارع القاهرة ، بل هو الشارع الأشهر في
عالمنا العربي ، الذي تَجمع فيه أهل الطرب والعوالم ، والذين تخصصوا في
إقامة الأفراح والليالي الملاح ، ويبدء هذا الشارع العريق من ناحية ميدان
العتبة الخضراء ، وهو الميدان الأشهر في مصر ، حيث إجتمع فيه أهم معالم
القاهرة فعلى بعد خطوات كانت الأوبرا المصرية التى لا يوجد لها مثيل إلا في
أوربا ، والتي كان يقام عليها أرقى العروض المسرحية العالمية ، والتي بنيت
في بدايات القرن العشرين (و في عام 1972 تعرضت الي حريق بفعل فاعل ومكانها
الأن جراج متعدد الطوابق ) ، كذلك يوجد المسرح القومي المصري الذي كان
يقام عليه أرقى العروض المسرحية المصرية ، وكان مدرسة لتكوين الوجدان
المصري ، كذلك توجد إدارة البوسطة المصرية العريقة ( مبنى البريد المصري ) ،
والمركز الرئيسي لإدارة مطافئ القاهرة وبجوراه المبنى العتيق لقسم شرطة
الموسكي ، ثم شارع عبد العزيز الشهير بتجارة السلع الكهربية (هو الأن أشهر
شارع في القاهرة لوجود محلات تجارة الهواتف المحمولة ( بيعاً وشراء وتصليح)
ثم شارع محمد علي والذي يمتد حتى باب الخلق ، ويقطع هذا الإمتداد شارع
بورسيد الأشهر في القاهرة حيث يمينه الي مسجد السيد زينب رضى الله عنها
التى يلقبها المصريين ( بأم العواجز ) وشماله مدرية أمن القاهرة وأمامها
دار الكتب ( الكتب خانه ) وبجوارها المتحف الإسلامي وبعد خطوات شارع
المناصرة حيث تجارة الخشب والموبيليا ، ثم شارع الأزهر الذي ينتهي بمسجد
الحسين رضى الله عنه ويمتد شارع محمد علي حتى القلعة ، وكان يتميز الشارع
وأمتداده بأنه كان مبلط ببلاط من البازلت الأسود ، والذي يصنع مع خطوات حدو
خيول الحناطير ، وهو وسيلة المواصلات الراقية ذلك الوقت ، صوتاً وكأنه نغم
شجي ، وفي شارع محمد على مقاهي يجلس عليها في الأغلب الألاتية والفنانين
الذين يجلسون في النهار للتعاقد مع زبائن الأفراح والحفلات ، وفي الليل
يجتمعون لكي يتم الحساب بينهم ، وكذلك بيوت الفنانين من راقصات وعوالم هذا
الزمان ، ( هذه الصور إنتهت الأن وأصبح للشارع نشاطات إخرى من تجارة
الأختام وعمل الكروت وبعض محلات الموبليا ) ، وفي منتصف الشارع تقريباً
وعندما تنعطف شمالاً تجد سلالم تصعد بها فإذا البيوت يميناً وشملاً ،
يتصدرها بيتاً مكتوب على البلكون يافته طويلة بخط كبير وتضاء ليلاً ( سماسم
العالمه للأفراح والليالي الملاح ) ، والأسطى سماسم كما تلقب تدير فرقة من
عدد من الراقصات ومجموعة من الآلاتية ، وتجري البروفات للفرقة في بيتها في
الأيام التي لا يكون فيها شغل ، ولا يتضرر الجيران من الأصوات التي تنبعث
من البيت فكل البيوت هكذا ، وكل أسطى عندها صبي هو نصف رجل يقوم بمهمة
إطلاق البخور حتى يبعد العين والحسد عن الأسطى والفرقة ، ويصاحبها في
الأفراح ، ولا مانع في مساعدتها عندما ترتدي لباس الشغل ، وكذلك لكل أسطى
على المقهى مندوب يقوم بالتعاقدات مع الزبائن ، ويأتي لها بالشغل ، وبيت
الأسطى هو دائما بيت لكل الراقصات طعامهم ونومهم ، وفي يوم من الأيام جاء
مندوب الأسطى ليبلغها بوجود شغل في فيلا لكبير في العباسية الشرقية ، فرحت
الأسطى بهذا العرض حيث سيتم أخذ ثمن جيد ، وكذلك عشاء محترم ، وذهبت الفرقة
الي العباسية الشرقية في الميعاد ، وفي الحفل رأت الأسطى سماسم رجل كان
منذ 20 عام قد تعرف عليها عندما كانت راقصة صغيرة في فرقة سماسم الأم ،
نظرت له طويلاً وبادلها ذات النظرات ، وتذكرته عندما أغراها بالزواج
وطاوعته ، ثم عندما أخبرته أنها حامل هرب منها وقال لها القوله المأثورة
للأندال من الرجال إتصرفي ، ورمى لها بضع جنيهات ، فهذا لحم رخيص ، وذهبت
بها أمها يومئذ الي الداية التي عملت اللأزم وأسقطتها ، تذكرت هذه الأيام
وكم أسودت الدنيا في عينيها ولازمها البكاء فيها ، ومن يومها أصبحت تحذر كل
بنات الكار من الأعيب بعض الرجال ، وحتى لا يقعن ضحايا لمن يعتقد أن
الأعراض ثمنها بعض الجنيهات ، وإنتهت الليلة ، وبينما هم عائدون تحرك أمام
عينيها شريط هذه الأيام ونزلت من عينها دمعة وعلت شفتيها إبتسامه سخرية . ♠♠♠ ا.د/ محمد موسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق