♠♠♠♠ القصة القصيرة ♠♠♠♠ ♠♠♠ سهرة مع العلماء والفن والدين ♠♠♠ ♠♠
من جمال الحياة ، أنك تتبادل في الحياة الأفكار والأراء ، مع من لهم
نصيباً كبيراً في هذه الدنيا من العقل والعلم ، وبطل قصتنا تعود أن يجتمع
كل مدة ، مع من يشاركوه في نفس نوع عمله ، وفي إحدى الأمسيات إجتمع مع
زملاء له في الجامعات المصرية ، وكلهم إشتركوا في أنهم يسكنون في منطقة
واحدة وهي مصر الجديدة ، وأيضا إشتركوا في الإجتماع كل فترة في حديقة فيلا
أستاذاً منهم ، وفي كل سهراتهم ، يقوم أحدهم وهو يجيد العزف على آلة العود ،
ويتمتع بصوت شجي ، في العزف والغناء لألحان تداعب عواطف المصرين ، مثل
عنابي وشباك حبيبي يا خشب الورد ، ويا رايحين الغورية هاتوا لحبيبي هدية ،
الي جانب جميل أغاني المرحومه بإذن الله أم كلثوم ، وكذلك أغاني المرحوم
بإذن الله محمد عبد الوهاب ، وعادة تكون ليلة الجمعة سهرتهم ، وتستمر هذه
السهرة الي ما بعد منتصف الليل ، وفي نقاشات مرة علمية ومرة فنية ومرة
دينية ، حيث أن من بين الحاضرين بإستمرار ، أستاذاً في العلوم الإسلامية في
واحدة من أهم الجامعات المصرية ، الي جانب الإشتراك معاً في الغناء ، بدأت
سهرة ليلتهم بنقاش في مواضيع علمية قد لا تهم البعض ، وأنتقل الحديث الي
الدين ، قال أستاذ الدين لهم ، عندما يخلق الله سبحانه وتعالى الخلق ،
فلابد أن يعرف هذا الخلق لماذا خُلق ، ويعمل لما خُلق ، ثم يجيد العمل حتى
يرضى صاحب هذا الملك عليه ، ويكون جزائه الجنه إن شاء الله ، وإذا إعتقد أي
مخلوق أنه يمكن أن يشارك الخالق في إدارة شئون الخلق ، فهو ضال ومضل ،
مهما لبس من لباس ، وأطال ذقنه ، وكبرت في وجه علامة للصلاة ، فالخوارج
أيام سيدنا علي بن أبي طالب رضى الله عنه ، وعندما أرسل لهم إبن عباس
لإقناعهم بالرجوع الي جماعة المسلمين ، عاد إبن عباس بعد رجوعه دون إقناعهم
، ووصفهم للإمام علي رضي الله عنه ، بأن إيديهم كخُف الجمال ، وفي وجههم
زبيبة كحافر الشاة من أثر طول سجودهم لله ، هنا صدق رسول الله صلى الله
عليه وسلم عندما وصفهم ، وقال تحقرون صلاتكم أمام صلاتهم ، وكذلك صيامهم
وقراءة القرأن ، تنبأ بهم رسول الله ، ( يأتي في آخر الزمان ، قوماً حُدثاء
الأسنان ، سُفهاء الأحلام ، يقولون من قول خير البرية ، يقتلون أهل
الإسلام ، ويدعون أهل الأوثان ، كُث اللحية ، مقصرين الثياب ، محلقين
الرؤوس ، يحسنون القيل ، ويسيئون الفعل ، يدعون إلى كتاب الله ، وليسوا منه
في شيء ) ، فلما سالت الدماء بين المسلمين ، كما نرى الأن ، فهذه الدماء
فى رقبة من يوم القيامة ؟، وقد تعلمنا أن أول ما يقام يوم القيامة هو ميزان
الدم ، فكيف تسفك الدماء بأيادى تقول الله أكبر ؟، وتسب لله دينه ، أي أن
رسول الله صل الله عليه وسلم ، يقول كلاماً كأنه بيننا هذه الأيام ، ونحن
رأينا أكثر الناس حزنا على ما حدث للمجمع العلمى المصرى هم من يعرفون قيمة
ما فيه ، وعندما نتكلم فى الجامعة عن هذه الكارثة وكيف إحترق أكثر من 75%
من المحتويات علماً أنه لم يوثق من تلك المحتويات إلا حوالى 25% ، قال
أحدنا يوم حرق هذا المجمع شعرت أن الماجستير والدكتوراه التى تغربت من
أجلهما تحرقان أمامى هى وسنوات دراستى ، وختم آخر كلامه ببيت الشعر فى
قصيدة مصر تتحدث عن نفسها ، ( أنا إن قدر الإله مماتى ... لا ترى الشرق
يرفع الرأس بعدى ) ، ثم إنتقل الحديث إلي موضوع آخر أثاره وأحد من أكثر
أساتذة الجامعة عشقاً للفلسفة قال ليس معنى أنك تحمل بضاعة جيدة أن نبيعها
وتربح ، فهناك من يحمل بضاعة أقل من بضاعتنا جودة ويبع ويربح ، أكثر منا ،
ذلك لانه يعلم كيف يخاطب الناس ، ويجيد فن التجارة ، فالميديا من الخطورة
بأنها تستطيع أن تجمل القبيح جميلاً ، وتقبح الجميل وتجعله الأكثر قبحاً ،
فالتاجر الشاطر هو من يملك القدرة على أن يقنع من أمامه بجودة بضاعته ،
على غير الحقيقة ، وأعتقد أن من يدعون للإسلام ، إقتنعوا أخيرا بأنه ليس كل
من له ذقن طويله وزبيبه كبيرة ، ويخرج على الناس ويتكلم بكلام هو قد يؤدي
الي أن ينفر الناس منه ومما يقول ، ففي أسواق تعمها الفوضى ، الكل ينادى
على سلعته ، عسكرين وملتحين وغير ملتحين ، هذا هو وصف الإعلام المصرى ، لا
يفرق العسكرين بين الحديث الى جنود ليس لهم إلا السمع والطاعة ، وبين
جماهير الحوار معها له شكل آخر وهم قد لا يعرفونه ، ولا يفرق الملتحين بين
الحديث على المنابر لمصلين جاءوا يلتمسوا طريقاً الى الجنة ، وبين الحديث
فى وسائل الإعلام لجماهير تريد لقمة العيش أولاً، وآخرين همهم الأول
الترويج لما يعتقدون أنه المخرج ويتوهمون أنهم من لديهم الحقيقة ، فوضى
منتشرة والدين يقول إما أن تقول خيراً أو أن تصمت ، وهم لا يقولون الخير
ولا يريدون أن يصمتوا ، سهرة كانت ممتعة إنتهت بصوت أكثرنا جمال وهو يغني
لنا على العود أخي جاوز الظالمون المدى . ♠♠♠ ا.د/ محمد موسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق