خرائط الريس بيري لأمريكا حيرت العالم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي- العراق- 31-5-2020
خرائط " بيري" التي أذهلت العلماء، هي مجموعة من الخرائط التي تم العثورعليها - بمحض الصدفة ، فلم يكن بيري ريس معـروفا قبل اليوم التاسع من– تشرين الأول/ أكتوبر عام 1929م.، حتى أكتشفها العالم الألماني جوستاف "أدولف ديسمان".
وأعتبر "جوستاف " إنه عثر على كنزا ملاحيا فريدا، يعود إلي القرن السادس عشـر الميلادي، وهذا الكنز هو عبارة عن هذه الخـرائط المتهالكة المرسومة علي جلد الغزال، و أن ما بين يديه كنز ملاحي مجهول عثر عليه بمساعدة من مدير المتاحف الوطنية التركية (خليل أدهم). الذي وكّل لإجراء عملية تصنيف للمحتويات الموجودة بمكتبة قصر الباب العالي (Topkapı Sarayı).
وهذا الكنز هو عبارة عن خارطتين متهالكتين مرسومتين بتسعة ألوان علي جلد الغزال للشواطئ الغربية لإفريقيا , والشواطئ الشرقية للأمريكيتين , والحدود الشمالية لليابسة في القارة القطبية الجنوبية ( أنتاركتيكا )
وتم رسم هذه الخرائط بواسطة البحَّار، وراسم الخرائط العثماني “أحمد محيي الدين بيري”، المعروف باسم “الريِّس بيري” أو“الرئيس بيري".
أحمد محيي الدين بيري (بالتركية: Ahmet Muhiddin Piri) الشهير بالتركية بـ «بيري رئيس» (بالتركية: Piri Reis) (ولد ما بين 1465 و1470 وتوفي ما بين 1554 و1555) هو قبطان بحري وراسم خرائط عثماني مسلم وينسب له أنه مكتشف أمريكا الحقيقي بعد الكشف عن خرائط له تقر بذلك.
مع اشتداد وطأة الهجمة البرتغالية على كافة البلدان الإسلامية في مطلع القرن السادس عشر، اهتم العثمانيون بالجغرافيا البحرية، واستطاع البحارة العثمانيون آنذاك أن يصلوا إلى المحيط الأطلسي ويبلغوا بحر الهند، ورسموا خرائط السواحل (بورتلان). وأول من برز في ذلك المجال كان بيري رئيس.
وإذا علمنا أنه كان ربانا على إحدى السفن في معركة مودون البحرية عام 1500م، وكان عمره آنذاك بين 30 - 35 عاما لأمكننا أن نتوقع أنه ولد خلال 1465 - 1470. نشأ بحاراً، واشترك مع عمه كمال رئيس (المتوفي في 16 شوال 916 هـ / 16 يناير 1511 م) في بعض المعارك البحرية، ثم جرى تعيينه قائدا على أسطول السويس، واستطاع الاستيلاء على مسقط عام 1551 م، واشتبك في البصرة مع الأسطول البرتغالي وهُزم في تلك المعركة، ثم عاد إلى مصر، ونتيجة لدسائس والي البصرة قباد باشا تم إعدامه في مصر عام 960 هـ (1552 م) أو عام 962 هـ (1555 م) حسب بعض المصادر الأخرى
هو القائد البحري الذي عرف في الأدب العثماني والغربي باسم بيري ريس، وقد شغل منصب قائد الأسطول المصري في العهد العثماني، وكان مقر قيادته في ميناء السويس.
ولد بيري في غاليبولي، وكانت هذه المركز الإداري للبحرية العثمانية، وإشترك مع عمه الريس كمال في الحروب العثمانية ضد البندقية في 1498م حتى 1502م ، وكان قبل ذلك بحارة يعمل لحسابه فيما سماه المستشرقون بالقرصنة، وسماه المسلمون بالمجاهدين الذين كانوا يغيرون على الإسبان الذين كانوا يحاربون مسلمي الأندلس وشمالي إفريقيا، وكان أهالي غرناطة قد طلبوا في عام 1486م من الدولة العثمانية النصرة على العدو الإسباني فإشترك الريس بيري في نصرتهم وتوجه في 1487م مع عمه كمال إلى غربي البحر الأبيض المتوسط، وصار يغير على العدو، وعندما إحتل الإسبان الأندلس أنقذ هؤلاء المجاهدون السفن التي تحمل الهاربين من الظلم الإسباني، ولما توفي كمال خلفه خير الدين بربروس فصار كبير القراصنة، واستولى على سفينة كبيرة للفرنسيين أهداها للسلطان العثماني وأرسلها مع الريس بيري فأعجب بها السلطان، كما جاهد بيري في سواحل الخليج العربي ضد البرتغاليين.
وكان مهندسا بارعا في رسم الخرائط، وقد خلف خريطتين هامتين أولاهما لإسبانيا وغربي إفريقيا والمحيط الأطلسي والسواحل الشرقية من الأمريكتين، وقدمها إلى السلطان سليم الأول في مصر عام 1517م، وهي الآن في متحف طوبقو في إستانبول -60 × 85 سم- وعليها توقيع الريس، والأخرى لسواحل المحيط الأطلسي من جرونلاند إلى فلوريدا -68×69سم- وهي الآن في متحف طوبقو بإستانبول أيضا.
والجدير بالذكر أن الخريطة الأولى التي رسمها الريس بيري لأمريكا هي أقدم خريطة لها، وعدت إكتشافا خارقا للعادة كما ذكرت آنفا.
وكان الريس بيري على معرفة بوجود أمريكا قبل إكتشافها، وقد سماها أنتيليا، أوهكذا كانت تسمى قبل إكتشافها.
مقاتل وملاح رسم خريطة العالم
التحق بيري ريس رسمياً بعد ذلك بالبحرية العثمانية، وتولى قيادة إحدى سفن الأسطول العثماني في معارك عام 1494 البحرية التي جرت بين الإمبراطورية العثمانية وإمارة البندقية.
وذاع صيته خلال المعارك البحرية التي خاضها في الفترة من عام 1499 إلى 1502، وكان أبرزها معركة مودون التي هزم فيها العثمانيون أسطول البندقية هزيمة ساحقة.
وعندما توفي عمه ومعلّمه كمال ريس في حادث بحري مفاجئ وقع عام 1511، عاد بيري ريّس إلى غاليبولي حيث شرع في العمل على خرائطه وكتابه عن الملاحة.
وأثمر عن اعتكافه خريطةُ العالم التي انتهى من رسمها عام 1513 وأهداها إلى السلطان العثماني سليم الأول، كما أتم واحداً من أهم الكتب في مجال الملاحة، والذي سماه "كتاب البحرية".
هديته لسليمان القانوني
في عام 1517، أصبح بيري ريس أميرالاً في حملة السلطان سليم الأول المصرية، وعندما ذهب إلى الديار المصرية، والقاهرة، أتيحت له الفرصة لرسم خريطة تلك المنطقة ونهر النيل.
وكما قاد بيري ريس معارك بحرية مهمة في عهد بيازيد الثاني وخليفته السلطان سليم الأول، أتم ريس مسيرته في الفتوحات التي قادها السلطان سليمان القانوني والتي شكلت حقبةً مهمةً في تاريخ الإمبراطورية العثمانية.
فقد شارك بيري ريّس في حصار رودس في عام 1522 والذي أسفر عن فتح العثمانيين لجزيرة رودس، وكلّف بعد ذلك بقيادة أسطول بحري توجّه في مهمة إلى مصر، برفقة الصدر الأعظم إبراهيم باشا الفرنجي.
وأثناء تلك المهمة نشأت صداقة بين بيري ريس وإبراهيم باشا الذي أعجب بآراء بيري واكتشافاته، وفي العام 1525 أهدى بيري ريس أعظم إنجازاته "كتاب البحرية" إلى سليمان القانوني عن طريق إبراهيم باشا.
في 26-8-1956 عقد في جامعة جورج تاون في الولايات المتحدة الأمريكية ندوة إذاعية حول خرائط الريس بيري، وإتفق الجغرافيون المشاركون فيها على أن خرائط الريس بيري لأمريكا هي اكتشاف خارق للعادة.
ويقول بيري الريس في كتابه الذي صنفه في 1521م ثم وسعه وأضاف إليه في 1525م وقدمه إلى السلطان سليمان القانوني: إن بحر المغرب ويقصد به المحيط الأطلسي بحر عظيم يمتد بعرض 2000ميل تجاه الغرب من بوغاز سبتة، وفي طرف هذا البحر العظيم توجد قارة هي قارة أنتيليا.
وتعبيره -قارة أنتيليا- هي الدنيا الجديدة، أو أمريكا، وقد كتب الريس أن هذه القارة إكتشفت عام 870 / 1465م ولعله يشير إلى اكتشاف الفتية المغرورين لها الذين ورد ذكرهم في كتب الرحلات الإسلامية مثل مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، وكان ذلك قبل إكتشاف كولومبس لها بحوالي 27 سنة.
ومن الجدير بالذكر أن -رودريكو- خادم الريس كمال عم بيري الريس خدم كريستوفر كولمبس، وعندما أقنع هذا الملك فرديناند وزوجته إيزابيلا في إسبانيا على مساعدته على الوصول إلى الهند أرض التوابل من طريق الغرب وكان فيما يبدو يرغب في التأكد من المعلومات العثمانية التي نقلها إليه رودريكو أبحر معه رودريكو في المحيط الأطلسي، وعندما ثار البحارة الذين رافقوهما وخافوا أخطار المحيط المظلم أقنعهم رودريكو بصحة ما يقوله خريستوفر كولمبس، وذكر لهم أنه تعلم هذا من العلماء العثمانيين الذين كان يثق بهم ثقة مطلقة وقال: لابد أن تكون في هذه المياه أرض لأني تعلمت هذا في إستانبول، ومن الكتب البحرية العثمانية، وأثق أننا لابد أن نصل من هنا إلى الأرض التي نبحث عنها، ذلك لأن البحارة العثمانيين لا يقدمون معلومات خاطئة، وهم لا يكذبون.
وبعد ثلاثة أيام من هذا الحديث عثروا على الأرض المنشودة، وقد قال الراهب جزويتي مدير مركز الأرصاد في ويستون: خرائط الريس بيري صحيحة بدرجة مذهلة للعقل وهي تظهر بوضوح أماكن لم تكن قد إكتشفت حتى أيامه في القرن السادس عشر الميلادي، وقد رسم جبال أنتاركتيكا -القارة السادسة- بتفاصيلها فيما رسمه من خرائط مع أن هذه الجبال لم يكن أحد قد تمكن من إكتشافها إلا في عام 1952م أي في القرن العشرين، وبمقارنة صور الأرض التي التقطت من مركبات الفضاء في القرن العشرين بالخرائط التي رسمها القائد البحري العثماني في البدايات المبكرة للقرن العاشر الهجري السادس عشر الميلادي إتضح التشابه المذهل بين صور مركبات الفضاء وبين خرائط بيري.
عاش بيري ريس حياته متنقلاً في البحار وسجل خلال رحلاته العديد من الملاحظات والمعلومات التي أهلته لكتابة واحد من أهم الكتب في مجال الملاحة: "كتاب البحرية" الذي انتهى في العام 1521.
يعتبر هذا الكتاب واحداً من الأعمال الرائدة في علم الجغرافيا ورسم الخرائط التاريخية في التاريخ العثماني والعالمي.
ويتناول مواضيع مثل أهمية علوم الملاحة للبحارة، وأسماء الرياح والعواصف، ومقدمة في الخرائط، وعلامات الخرائط، وأسماء البحار.
كما يحوي الكتاب معلومات قيمة عن بحر الصين، والمحيط الهندي، والخليج العربي، وسواحل الحبشة في إثيوبيا وجزر القمر، والبحر الأبيض المتوسط، ومضيق هرمز، وجزر الأنتيل، واكتشاف أمريكا، والبحارة البرتغاليين الذين أبحروا إلى المحيط الهندي.
ويصف بيري ريس في بداية الجزء الثاني بحر إيجه، واليونان، وسواحل البحر الأدرياتيكي، وسواحل البحر الأبيض المتوسط في إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وشمال إفريقيا ومصر، وساحل شرق المتوسط، وقبرص وموانئ ساحل الأناضول المطلة على بحر إيجه.
ويختتم الكتاب بالحديث عن خليج ساروس، الذي يقع إلى الشمال من غاليبولي.
وصف المؤرخون هذا الكتاب بأنه عمل عظيم ودليل إرشادي للتاريخ البحري. ومازال كتاب البحرية وألغاز خرائط بيري ريس موضع نقاش حتى عصرنا هذا.
مصادر
ـــــــــ
1- أكمل الدين إحسان أوغلي: الدولة العثمانية - تاريخ وحضارة.
2- محمود شاكر : التاريخ الإسلامي. العهد العثماني. المكتب الإسلامي، بيروت.
3- حكاية المكتشف الحقيقي لأمريكا "بيري رئيس"
4- كيف اكتشف المسلمون أمريكا قبل كولومبس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي- العراق- 31-5-2020
خرائط " بيري" التي أذهلت العلماء، هي مجموعة من الخرائط التي تم العثورعليها - بمحض الصدفة ، فلم يكن بيري ريس معـروفا قبل اليوم التاسع من– تشرين الأول/ أكتوبر عام 1929م.، حتى أكتشفها العالم الألماني جوستاف "أدولف ديسمان".
وأعتبر "جوستاف " إنه عثر على كنزا ملاحيا فريدا، يعود إلي القرن السادس عشـر الميلادي، وهذا الكنز هو عبارة عن هذه الخـرائط المتهالكة المرسومة علي جلد الغزال، و أن ما بين يديه كنز ملاحي مجهول عثر عليه بمساعدة من مدير المتاحف الوطنية التركية (خليل أدهم). الذي وكّل لإجراء عملية تصنيف للمحتويات الموجودة بمكتبة قصر الباب العالي (Topkapı Sarayı).
وهذا الكنز هو عبارة عن خارطتين متهالكتين مرسومتين بتسعة ألوان علي جلد الغزال للشواطئ الغربية لإفريقيا , والشواطئ الشرقية للأمريكيتين , والحدود الشمالية لليابسة في القارة القطبية الجنوبية ( أنتاركتيكا )
وتم رسم هذه الخرائط بواسطة البحَّار، وراسم الخرائط العثماني “أحمد محيي الدين بيري”، المعروف باسم “الريِّس بيري” أو“الرئيس بيري".
أحمد محيي الدين بيري (بالتركية: Ahmet Muhiddin Piri) الشهير بالتركية بـ «بيري رئيس» (بالتركية: Piri Reis) (ولد ما بين 1465 و1470 وتوفي ما بين 1554 و1555) هو قبطان بحري وراسم خرائط عثماني مسلم وينسب له أنه مكتشف أمريكا الحقيقي بعد الكشف عن خرائط له تقر بذلك.
مع اشتداد وطأة الهجمة البرتغالية على كافة البلدان الإسلامية في مطلع القرن السادس عشر، اهتم العثمانيون بالجغرافيا البحرية، واستطاع البحارة العثمانيون آنذاك أن يصلوا إلى المحيط الأطلسي ويبلغوا بحر الهند، ورسموا خرائط السواحل (بورتلان). وأول من برز في ذلك المجال كان بيري رئيس.
وإذا علمنا أنه كان ربانا على إحدى السفن في معركة مودون البحرية عام 1500م، وكان عمره آنذاك بين 30 - 35 عاما لأمكننا أن نتوقع أنه ولد خلال 1465 - 1470. نشأ بحاراً، واشترك مع عمه كمال رئيس (المتوفي في 16 شوال 916 هـ / 16 يناير 1511 م) في بعض المعارك البحرية، ثم جرى تعيينه قائدا على أسطول السويس، واستطاع الاستيلاء على مسقط عام 1551 م، واشتبك في البصرة مع الأسطول البرتغالي وهُزم في تلك المعركة، ثم عاد إلى مصر، ونتيجة لدسائس والي البصرة قباد باشا تم إعدامه في مصر عام 960 هـ (1552 م) أو عام 962 هـ (1555 م) حسب بعض المصادر الأخرى
هو القائد البحري الذي عرف في الأدب العثماني والغربي باسم بيري ريس، وقد شغل منصب قائد الأسطول المصري في العهد العثماني، وكان مقر قيادته في ميناء السويس.
ولد بيري في غاليبولي، وكانت هذه المركز الإداري للبحرية العثمانية، وإشترك مع عمه الريس كمال في الحروب العثمانية ضد البندقية في 1498م حتى 1502م ، وكان قبل ذلك بحارة يعمل لحسابه فيما سماه المستشرقون بالقرصنة، وسماه المسلمون بالمجاهدين الذين كانوا يغيرون على الإسبان الذين كانوا يحاربون مسلمي الأندلس وشمالي إفريقيا، وكان أهالي غرناطة قد طلبوا في عام 1486م من الدولة العثمانية النصرة على العدو الإسباني فإشترك الريس بيري في نصرتهم وتوجه في 1487م مع عمه كمال إلى غربي البحر الأبيض المتوسط، وصار يغير على العدو، وعندما إحتل الإسبان الأندلس أنقذ هؤلاء المجاهدون السفن التي تحمل الهاربين من الظلم الإسباني، ولما توفي كمال خلفه خير الدين بربروس فصار كبير القراصنة، واستولى على سفينة كبيرة للفرنسيين أهداها للسلطان العثماني وأرسلها مع الريس بيري فأعجب بها السلطان، كما جاهد بيري في سواحل الخليج العربي ضد البرتغاليين.
وكان مهندسا بارعا في رسم الخرائط، وقد خلف خريطتين هامتين أولاهما لإسبانيا وغربي إفريقيا والمحيط الأطلسي والسواحل الشرقية من الأمريكتين، وقدمها إلى السلطان سليم الأول في مصر عام 1517م، وهي الآن في متحف طوبقو في إستانبول -60 × 85 سم- وعليها توقيع الريس، والأخرى لسواحل المحيط الأطلسي من جرونلاند إلى فلوريدا -68×69سم- وهي الآن في متحف طوبقو بإستانبول أيضا.
والجدير بالذكر أن الخريطة الأولى التي رسمها الريس بيري لأمريكا هي أقدم خريطة لها، وعدت إكتشافا خارقا للعادة كما ذكرت آنفا.
وكان الريس بيري على معرفة بوجود أمريكا قبل إكتشافها، وقد سماها أنتيليا، أوهكذا كانت تسمى قبل إكتشافها.
مقاتل وملاح رسم خريطة العالم
التحق بيري ريس رسمياً بعد ذلك بالبحرية العثمانية، وتولى قيادة إحدى سفن الأسطول العثماني في معارك عام 1494 البحرية التي جرت بين الإمبراطورية العثمانية وإمارة البندقية.
وذاع صيته خلال المعارك البحرية التي خاضها في الفترة من عام 1499 إلى 1502، وكان أبرزها معركة مودون التي هزم فيها العثمانيون أسطول البندقية هزيمة ساحقة.
وعندما توفي عمه ومعلّمه كمال ريس في حادث بحري مفاجئ وقع عام 1511، عاد بيري ريّس إلى غاليبولي حيث شرع في العمل على خرائطه وكتابه عن الملاحة.
وأثمر عن اعتكافه خريطةُ العالم التي انتهى من رسمها عام 1513 وأهداها إلى السلطان العثماني سليم الأول، كما أتم واحداً من أهم الكتب في مجال الملاحة، والذي سماه "كتاب البحرية".
هديته لسليمان القانوني
في عام 1517، أصبح بيري ريس أميرالاً في حملة السلطان سليم الأول المصرية، وعندما ذهب إلى الديار المصرية، والقاهرة، أتيحت له الفرصة لرسم خريطة تلك المنطقة ونهر النيل.
وكما قاد بيري ريس معارك بحرية مهمة في عهد بيازيد الثاني وخليفته السلطان سليم الأول، أتم ريس مسيرته في الفتوحات التي قادها السلطان سليمان القانوني والتي شكلت حقبةً مهمةً في تاريخ الإمبراطورية العثمانية.
فقد شارك بيري ريّس في حصار رودس في عام 1522 والذي أسفر عن فتح العثمانيين لجزيرة رودس، وكلّف بعد ذلك بقيادة أسطول بحري توجّه في مهمة إلى مصر، برفقة الصدر الأعظم إبراهيم باشا الفرنجي.
وأثناء تلك المهمة نشأت صداقة بين بيري ريس وإبراهيم باشا الذي أعجب بآراء بيري واكتشافاته، وفي العام 1525 أهدى بيري ريس أعظم إنجازاته "كتاب البحرية" إلى سليمان القانوني عن طريق إبراهيم باشا.
في 26-8-1956 عقد في جامعة جورج تاون في الولايات المتحدة الأمريكية ندوة إذاعية حول خرائط الريس بيري، وإتفق الجغرافيون المشاركون فيها على أن خرائط الريس بيري لأمريكا هي اكتشاف خارق للعادة.
ويقول بيري الريس في كتابه الذي صنفه في 1521م ثم وسعه وأضاف إليه في 1525م وقدمه إلى السلطان سليمان القانوني: إن بحر المغرب ويقصد به المحيط الأطلسي بحر عظيم يمتد بعرض 2000ميل تجاه الغرب من بوغاز سبتة، وفي طرف هذا البحر العظيم توجد قارة هي قارة أنتيليا.
وتعبيره -قارة أنتيليا- هي الدنيا الجديدة، أو أمريكا، وقد كتب الريس أن هذه القارة إكتشفت عام 870 / 1465م ولعله يشير إلى اكتشاف الفتية المغرورين لها الذين ورد ذكرهم في كتب الرحلات الإسلامية مثل مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، وكان ذلك قبل إكتشاف كولومبس لها بحوالي 27 سنة.
ومن الجدير بالذكر أن -رودريكو- خادم الريس كمال عم بيري الريس خدم كريستوفر كولمبس، وعندما أقنع هذا الملك فرديناند وزوجته إيزابيلا في إسبانيا على مساعدته على الوصول إلى الهند أرض التوابل من طريق الغرب وكان فيما يبدو يرغب في التأكد من المعلومات العثمانية التي نقلها إليه رودريكو أبحر معه رودريكو في المحيط الأطلسي، وعندما ثار البحارة الذين رافقوهما وخافوا أخطار المحيط المظلم أقنعهم رودريكو بصحة ما يقوله خريستوفر كولمبس، وذكر لهم أنه تعلم هذا من العلماء العثمانيين الذين كان يثق بهم ثقة مطلقة وقال: لابد أن تكون في هذه المياه أرض لأني تعلمت هذا في إستانبول، ومن الكتب البحرية العثمانية، وأثق أننا لابد أن نصل من هنا إلى الأرض التي نبحث عنها، ذلك لأن البحارة العثمانيين لا يقدمون معلومات خاطئة، وهم لا يكذبون.
وبعد ثلاثة أيام من هذا الحديث عثروا على الأرض المنشودة، وقد قال الراهب جزويتي مدير مركز الأرصاد في ويستون: خرائط الريس بيري صحيحة بدرجة مذهلة للعقل وهي تظهر بوضوح أماكن لم تكن قد إكتشفت حتى أيامه في القرن السادس عشر الميلادي، وقد رسم جبال أنتاركتيكا -القارة السادسة- بتفاصيلها فيما رسمه من خرائط مع أن هذه الجبال لم يكن أحد قد تمكن من إكتشافها إلا في عام 1952م أي في القرن العشرين، وبمقارنة صور الأرض التي التقطت من مركبات الفضاء في القرن العشرين بالخرائط التي رسمها القائد البحري العثماني في البدايات المبكرة للقرن العاشر الهجري السادس عشر الميلادي إتضح التشابه المذهل بين صور مركبات الفضاء وبين خرائط بيري.
عاش بيري ريس حياته متنقلاً في البحار وسجل خلال رحلاته العديد من الملاحظات والمعلومات التي أهلته لكتابة واحد من أهم الكتب في مجال الملاحة: "كتاب البحرية" الذي انتهى في العام 1521.
يعتبر هذا الكتاب واحداً من الأعمال الرائدة في علم الجغرافيا ورسم الخرائط التاريخية في التاريخ العثماني والعالمي.
ويتناول مواضيع مثل أهمية علوم الملاحة للبحارة، وأسماء الرياح والعواصف، ومقدمة في الخرائط، وعلامات الخرائط، وأسماء البحار.
كما يحوي الكتاب معلومات قيمة عن بحر الصين، والمحيط الهندي، والخليج العربي، وسواحل الحبشة في إثيوبيا وجزر القمر، والبحر الأبيض المتوسط، ومضيق هرمز، وجزر الأنتيل، واكتشاف أمريكا، والبحارة البرتغاليين الذين أبحروا إلى المحيط الهندي.
ويصف بيري ريس في بداية الجزء الثاني بحر إيجه، واليونان، وسواحل البحر الأدرياتيكي، وسواحل البحر الأبيض المتوسط في إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وشمال إفريقيا ومصر، وساحل شرق المتوسط، وقبرص وموانئ ساحل الأناضول المطلة على بحر إيجه.
ويختتم الكتاب بالحديث عن خليج ساروس، الذي يقع إلى الشمال من غاليبولي.
وصف المؤرخون هذا الكتاب بأنه عمل عظيم ودليل إرشادي للتاريخ البحري. ومازال كتاب البحرية وألغاز خرائط بيري ريس موضع نقاش حتى عصرنا هذا.
مصادر
ـــــــــ
1- أكمل الدين إحسان أوغلي: الدولة العثمانية - تاريخ وحضارة.
2- محمود شاكر : التاريخ الإسلامي. العهد العثماني. المكتب الإسلامي، بيروت.
3- حكاية المكتشف الحقيقي لأمريكا "بيري رئيس"
4- كيف اكتشف المسلمون أمريكا قبل كولومبس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق