الأحد، 3 نوفمبر 2019

حوارالصحابي //بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع/ د.صالح العطوان الحيالي

حوارالصحابي ربعي بن عامر ورستم
ـــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 2-11-2019
ربعي بن عامر بن خالد بن عمرو الأسيدي العمروي التميمي أحد قادة الفتح الإسلامي للعراق، قال النجاشي فيه مديح في نسبه إلى أمه وكانت من أشراف العرب:
ألا رب من يدعى فتى ليس بالفتى.....ألا إن ربعي ابن كأس هو الفتى
طويل قعود القوم في قعر بيته.....إذا شبعوا من ثفل جفنته سقى
من مواقفه بعد إسلامه
الصحابي الجليل ربعي بن عامر بن خالد بن عمرو الأسيدي التميمي، أحد الصحابة الذين شاركوا في عدد من الفتوحات الإسلامية، منها غزوة نهاوند وفتح الشام وفتح خراسان.
وأيضًا شهد معركة القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص والتي كانت أحد المعارك الشهيرة بين الفرس والروم والتي قضت على الدولة الفارسية الساسانية للأبد وكانت في عام 15 للهجرة.
أدرك ربعي بن عامر النبي (صلى الله عليه وسلم)، وشهد فتح دمشق ، وله ذكر أيضاً في غزوة نهاوند، وولاه الأحنف لما فتح خراسان على طخارستان، ثم خرج إلى القادسية مع هاشم بن عتبة. كما شهد فتوح خراسان وقال في ذلك شعرا، يقول :
نحن وردنا من هراة مناهلا.....روا من المروين إن كنت جاهلا
وبلخ ونيسابور قد شقيت بنا.....وطوس ومرو قد ازرنا القبائلا
انخنا إليها كورة بعد كورة.....نفضهم حتى احتوينا المناهلا
فلله عينا من رأى مثلنا معا.....غداة ازرنا الخيل تركا وكابلا
وقد قدم على أبي عبيدة كتاب عمر بن الخطاب بأن يصرف جند العراق إلى العراق وعليهم هاشم بن عتبة وعلى مقدمته القعقاع بن عمرو وعلى مجنبته عمير بن مالك وربعي بن عامر.
إن المؤمن بالله عز وجل لا يذل ولا يخنع لأي أحد سوى الله؛ لأنه يعلم علم اليقين أن الله تعالى هو المدبر لهذا الكون القائم بأمره .. إذا فلم يذل نفسه لغير الله بل يذل نفسه لبشر مثله ؟! حتى وإن كان في يد هذا البشر مظاهر القوة المادية إلا أنه ضعيف أمام الله عز وجل .
حيث إن : ربعي بن عامر رضى الله عنه يقف أمام رستم قائد الفرس وهو في زينته وبين جنوده وحرسه فلا يذل له بل يقف أمامه كالليث أمام فريسته
حوار ربعي بن عامر ورستم
ــــــــــــــــــــــــــ
انطلق ربعي على فرسه الصغير ذي الذيل القصير، وهذا شيء تُهَانُ به الخيولُ . وقد لجأ ” رستم ” إلى تزيين مجلسه بالنمارق ، وأظهر اللآلئ والياقوت والأحجار الكريمة ، ومدّ البُسط الطويلة في انتظار وفد المسلمين قبل أن يتفاجأوا برجل واحد فقط وأسلحة متواضعة على فرس صغير
دخل عليه وقد زينوا مجلسه بالنمارق المذهبة، والزرابي الحرير، وأظهر اليواقيت، واللآلئ الثمينة والزينة العظيمة، وعليه تاجه وغير ذلك من الأمتعة الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب،
ودخل ربعي بثياب صفيقة وسيف وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، وأقبل وعليه سلاحه ودرعه وبيضته على رأسه.
فقالوا له: ضع سلاحك.
فقال ربعي : إني لم آتكم، وإنما جئتكم حين دعوتموني فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت.
فقال رستم: ائذنوا له فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق فحرق عامتها.
فقالوا له: ما جاء بكم؟
فقال ربعي : الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لتدعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبدا حتى نفضي إلى موعود الله.
قالوا: وما موعود الله؟
قال ربعي : الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي.
فقال رستم: قد سمعت مقالتكم،
فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا؟
قال ربعي : نعم!كم أحب إليكم؟ يوما أو يومين؟
قال رستم : لا بل حتى نكاتب أهل رأينا رؤساء قومنا.
فقال ربعي : ما سن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نؤخر الأعداء عند اللقاء أكثر من ثلاث، فانظر في أمرك وأمرهم، واختر واحدة من ثلاث بعد الأجل.
فقال رستم : أسيدهم أنت؟
قال: لا، ولكن المسلمون كالجسد الواحد يجير أدناهم على أعلاهم.
فاجتمع رستم برؤساء قومه فقال:
هل رأيتم قط أعز وأرجح من كلام هذا الرجل؟
فقالوا: معاذ الله أن تميل إلى شيء من هذا، تدع دينك إلى هذا الكلب أما ترى إلى ثيابه؟
فقال رستم لقومه : ويلكم لا تنظرون إلى الثياب، وانظروا إلى الرأي، والكلام والسيرة، إن العرب يستخفون بالثياب والمأكل، ويصونون الأحساب.
هذا موقف " ربعي بن عامر " ـ رضي الله عنه ـ مع " رستم "، فهل رأيت قوة وبيان، وسرعة بديهة، ووضوح حجة، ورباطة جأش، وثبات موقف كهذا؟
إنه حدد غاية المسلم، وهي " إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد "، وحدد مصير المسلم، وهو " موعود الله بجنة الله "، وإن كل هذه الإغرءات من الحرير والذهب والنمارق والأرائك لم تهز شعرة منه، ولم تستطع أن تشغله عمَّا أعده الله له في موعوده، حيث له فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر
المصادر
ــــــــــ
البداية و النهاية
تاريخ الطبري
الإصابة في معرفة الصحابة
تاريخ دمشق
تاريخ سيف بن عمر
الاستيعاب في معرفة الاصحاب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق