غاندي الاسطورة صناعة بريطانية للوقوف بوجه النفوذ الاسلامي في الهند
ــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي -العراق-25.8.2018
كم من أشخاص ومقامات وعلامات في التاريخ قد غفلنا عنها، بل الأحرى أنها قد عظمت من قبلنا بسبب سوء الرؤية وغموض الحالة ونقص التاريخ. مما لا شك فيه أن تاريخنا يزخر بالكثير من المعلومات المغلوطة والأفكار المحرفة والشخصيات المزيفة، ولا عجب في ذلك فكاتب التاريخ منتصر وليس للمنتصر سوى ما يريد.
مهاتما غاندي المفكر الحر والثائر من أجل الوطنية والحرية والاستقلال، ذلك ما نعرفه عنه وذلك ما وصل إلينا حول آرائه وأفكاره ومعاناته من أجل الحرية، ولكن في الحقيقة إنه كالسم في العسل فلا هو قائد ولا معلم ولا ثائر. إنه بلغ مقامًا عاليًا عندنا جميعًا مسلمين ومسيحين وهندوك مفكرين وفلاسفة علماء وملاحدة، الجميع يقدره بل وصل في بعض الأمر إلى حد التقديس، وسنستعرض الآن حقيقة تلك الشخصية الاسطورة .
غاندي سارق الحركة الوطنية من المسلمين ..... الهندوسي الذي أخفى هندوسيته البغيضة وراء المغزل والشاه ... كانت فلسفة غاندي التي استقاها من تولستوي ولقنوها لنا في الشرق، هي التعامي عن أفعال المستعمر مهما حدث ومحاولة المهادنة معه في كافة المجالات والوضعيات، كان المسلمون أول من نادوا إلى الوقوف ضد الاحتلال البريطاني ومطالبته بالاستقلال، ولكنه اي غاندي قد أسلم كل شيء للهندوك بكل مكر وخبث ولننظر إلى القصة من البداية.بعد الثورة التي قادها المسلمون في الهند كان همه الشاغل ألا يتحقق للمسلمين السيطرة على الهند....في البداية قاطع المسلمون معاهد الاستعمار في «لاهور» و«لكنؤ» ثم اتجهوا لإقامة الجمعية الإسلامية لتحرير الهند، وكان في نفس الوقت الهندوك قد أقاموا المؤتمر الوطني لمساعدة الاستعمار ولمحاربة المسلمين.
سنة 1916 تنبهت الحكومة البريطانية لتلك الحركة، فتم القبض على ممثليها مثل أبو الكلام أزاد، وحسرت مهاني، وظفر الله خان ثم قاموا بعمل هدنة مع الاحتلال عام 1918 وفي عام 1919 قاموا بفك أسر المسجونين فأعادوا تشكيل جمعية «إنقاذ الخلافة من أيدي الطامعين» بقيادة مولاي عبد الباري رئيس علماء إفرنجي محل وفي 11 فبراير 1920 تم تكوين الجمعية رسميًا بقيادة غلام محمد فتو، وميامن حاجي خان ومن هنا بدأ دور هذا «الغاندي» لم يكن أحد يعرفه كان متطوعًا في تمريض الجنود فاتجه إلى الانضمام إلى تلك الحملة ووافق المسلمون تيمنًا به رغم تحذير المولدي «خوجندي» وذلك ما قاله السيد عبدالعزيز الثعالبي الزعيم التونسي الأشهر في تقريره للأزهر الشريف 1937.
واندس غاندي ضمن الجمعية وكان في تلك الفترة على اتصال بالاستعمار، وكذلك الهندوك وبرغم أن المسلمين قد وثقوا به ولكنه أقنعهم بالدخول في المؤتمر الوطني الذي نظمه الاستعمار، وكان لملاحقة المسلمين وذلك بسبب الثقة المفرطة فيه حتى إنه طلع خطيبًا يقول: «إن اتحاد الهنادكة مع المسلمين يبقى متينًا طالما لم يشرع المسلمون في مناوأة الحكومة» أي ثائر إذا وأي وطني كان يهادن الاستعمار وتأجيل الاستقلال مهما كان.
وفي ذلك الوقت شرع المسلمون في مقاطعة الاحتلال وعدم دفع الضرائب والإضراب عن العمل تنديدًا بالاحتلال وأعدوا الرتب والنياشين إلى الحكومة وأحرق التجار المسلمون البضائع الإنجليزية، وزادت الاعتقلات حتى إنه كان يقبض على ألف من المسلمين صباحًا ويُفرج عنهم ليلًا، لأن السجون لم تعد تسع المعتقلين حتى أن اللورد ريدينج الحاكم العام في كلكتا قال:
" إني في حيرة شديدة من أمري ولا أعرف ماذا أفعل "
ومن ثم أعلن المسلمون الاستقلال التام عن الحكومة البريطانية وأقاموا الولايات ولم يعترفوا بالقضاء البريطاني ومن هنا ظهر دور هذا الغاندي مرة أخرى، حيث طلبه الحاكم وأمره بعمل وفاق بين الحكومة والشعب الهندي حيث قال له:
إن مصدر الحركة الاستقلالية في الهند هم المسلمون وأهدافها بأيدي زعمائها ألا ترى أننا لو أجبنا طلباتكم فإن مصير البلاد آيل للمسلمين فماذا يكون حال الهنادكة بعد ذلك؟ هل تريدون الرجوع إلى ما كان قبل الاحتلال البريطاني إذا أردتم أن تحفظوا لأنفسكم باستقلال الهند فعليكم أولا كسر شوكة المسلمين، ولن يتأتى ذلك إلا بمهادنة الحكومة البريطانية والسعي وراء تدمير المسلمين.
ثم أوعز إليه الحاكم محاولة تهدئة الأمر مرة أخرى وعقد مهادنة، حتى أنه طلب من غاندي أن يطلب من محمد علي أن يكتب خطابًا وأنه سيكون سريًا بين محمد علي والحاكم فقط وكتبه محمد علي تحت تاثير سحر غاندي وما لبث أن صدح به في كافة أرجاء الهند «إن محمد علي تقدم إلى الحكومة يطلب العفو على الهفوة التي ارتكبها» فأي ثائر إذًا من يتآمر مع الاحتلال ضد وطنيته.
غاندي واجتماع الكونجرس
أغسطس 1920 أعلنت الخلافة مصادمة الحكومة وليس الموالاة في مؤتمر الخلافة في كراتشي، ومن هنا بدأت الاعتقالات للزعماء أمثال شوكت علي، وكثار أحمد، وبير غلام محمد وآخرين ورفضوا الاعتراف بالحكومة وبهيبة المحكمة ولكن الحكومة أدانتهم بمجرد الاتهام وحكمت عليهم بالحبس لمدة سنتين، وبعدها أصدر محمد علي وسيف الدين كنشلو خطابًا لتهدئة الشعب.
ووعدهم بأن الزعماء سيحضرون الاجتماع في مدينة أباد سواء رضيت الحكومة أم لا عتقادهم بأن المؤتمر سيعلن الاستقلال، ولكن كان لغاندي رأي آخر والحكومة كانت متأكدة من عدم انعقاد اجتماع الكونجرس نظرًا لتلك السياسة وتلك الاعتقالات، ولما عقد الاجتماع ديسمبر 1920 خطب هذا الغاندي قائلًا: «بما أن الزعماء يعتقلون ولا سبيل للمداولة معهم في شؤون المؤتمر، أقترح عليكم تعييني رئيسًا للمؤتمر وتخويلي السلطة المطلقة لتنفيذ ما أراه صالحًا من الإجراءات وتم تسليم مؤتمر «الخلافة» إلى الحكيم أجمل خان ومؤتمر «مسلم ليك» إلى حسرت مهاتي.وبعدها أقنع غاندي وقال للحكيم أجمل خان أن يقول:
" إن إعلان الاستقلال في الظروف الراهنة غير مناسب."
ثم صدح هو في مؤتمره بأن الاستقلال لا يصلح الآن وأنه يجب مهادنة المستعمر مهما يكن ولكن حسرت مهاتي رفض ذلك في مؤتمره ومن ثم تم الحكم عليه بالسجن لعشر سنوات وتم تخفيفها إلى سنتين.
هذا هو غاندي في حقيقته التي لم تعرف في بلادنا ولا بلاد المشرق التي أخفيت من قبل الاستعمار ومن ثم ظهر المصريون معجبون بغاندي والذي كان يدعو إلى الخضوع والخنوع والاستسلام تلك الأفكار التي استقاها من تولستوي. لذلك يجب ألا تخدعنا الصور البراقة والأوهام الخادعة التي تزين صورة ذلك المجرم الذي كان هو وابنه نهرو أشد عنفًا على المسلمين وغير المسلمين في الهند، فما هو إلا سارق للحركة الوطنية ومانع لقيام حكومة حرة وطنية. يجب أن تتكسر تلك التماثيل وتلك الأكاذيب فغاندي ما هو إلا أكذوبة في واقع مليء بالأكاذيب
كان الزعيم الهندي غاندي من الزعماء القلائل الذين نالوا شهرة واسعة في هذا العصر ، وحيثما ذكر نجد الثناء العطر يرافق سيرته ، وأنه بطل المقاومة السلمية التي يحرص الغرب على تصديرها إلى العالم الإسلامي ، وتذكيرهم بها في كل مناسبة.. فيا ترى ما سر هذا الرجل الذي ظهر فجأة على المسرح السياسي في الديار الهندية ؟
علينا العودة إلى القرن 16م ، الذي شهد الانطلاقة الحديثة للحروب الصليبية. لقد كان هدف الموجة الجديدة من الحروب الصليبية الأوربية في القرن 16م هو الالتفاف حول العالم الإسلامي من الخلف لخنقه اقتصادياً ، من أجل إضعاف الدولتين المملوكية والعثمانية ، لكن أوربا فوجئت بأن العمق الإسلامي يمتد في وحدة دينية فريدة وخطيرة حتى يصل إلى جزر الفلبين ، ماراً بالهند ، التي أثارت لوحدها شهية الأوربيين بشكل عجيب ، لكونها من أعظم المراكز الاقتصادية الإسلامية في ذلك الوقت ، هذا وقد استغل الأوربيون سماحة السلطان المغولي المسلم (جها نكير) فبدأوا بالتسلل إلى الهند كتجار ، حتى تمكن الإنجليزي (وليم هوكنز) من مقابلة السلطان (جها نكير) في عام (1017هـ / 1608م) بصفته مبعوثاً من الملك الانجليزي (جيمس الأول) ، وقد حاول (وليم هوكنز) استثمار مقابلته للسلطان (جها نكير) بأن يأخذ منه خطاب مجاملة إلى الملك (جيمس الأول) لكن الوزير الأول في بلاط السلطان رد عليه قائلاً : (إنه مما لا يناسب قدر ملك مغولي مسلم أن يكتب كتاباً إلى سيد جزيرة صغيرة يسكنها صيادون !).
لقد عرف الإنجليز أن وجود الحكم الإسلامي في الهند كفيل بتعطيل أحلامهم الصليبية لذا فقد اكتفوا بما كان من تأسيسهم لشركة الهند الشرقية للتجارة الإنجليزية في الهند والأقطار المجاورة في عام (1009هـ /1600م). ومع الوقت كانت شركة الهند الشرقية تتوسع وتزداد فروعها في أرجاء الهند ، ومع الوقت بدأت حقيقة هذه الشركة وفروعها تتكشف فلم تكن إلا قواعد عسكرية إنجليزية ، وبؤر تجسسية كان هدفها تجنيد المنافقين من أبناء المسلمين ، والعملاء من أبناء الهندوس ، والسيخ.
وفي عام (1170هـ / 1757م) وفي إبان الغزو الشيعي الصفوي الإيراني للهند قام الجيش البريطاني التابع لشركة الهند الشرقية باستغلال هذا الظرف الحرج فتمكن من هزيمة المسلمين في منطقة البنغال في معركة (بلاسي) التي تعد أول المعارك الحاسمة بين الطرفين ، وقد تم لهم ذلك بمساعدة المنافقين والعملاء الذين تم تجنيدهم عبر عشرات السنين ، إلا أن احتلال الإنجليز للهند لم يتم إلا بعد قرن من الزمان وبعد معارك طاحنة بين الطرفين ، انتهت بعزل (بهادر شاه) آخر السلاطين المسلمين ونفيه إلى بورما حيث توفي عام (1279هـ / 1862م) لذلك فقد قامت بريطانيا في عام (1275هـ /1858م) بضم الهند إلى التاج البريطاني رسمياً ، لتصبح درة التاج البريطاني منذ ذلك التاريخ.
تقريب الهنود
------------ لقد عرف الاحتلال البريطاني أنه من المستحيل أن يقبل المسلمون في الهند الرضوخ لسياسة الأمر الواقع وفي ذلك يقول (النبرو) الحاكم البريطاني في الهند : (إن العنصر الإسلامي في الهند عدو بريطانيا اللدود ، وإن السياسة البريطانية يجب أن تهدف إلى تقريب العناصر الهندوسية إليها ، لتساعدهم في القضاء على الخطر الذي يتهدد بريطانيا في هذه البلاد).
وفي عام (1303هـ / 1885م) قامت بريطانيا بتأسيس حزب المؤتمر الوطني الهندي ، ومن خلال هذا الحزب تم إحياء القومية الهندوسية الوثنية القديمة ، لتكون عوناً لبريطانيا في محاربتها للإسلام والمسلمين في شبه القارة الهندية.
سياسة بريطانيا تجاه المسلمين :
------------------- لقد كانت بريطانيا تعلم أن بقاءها في الهند لن يكتب له الاستمرار في ظل مقاومة إسلامية صلبة ترفض الذوبان والانبطاح والتوسل للمحتل ، لذا فقد لجأت إلى تنفيذ سلسلة من الخطوات الرامية إلى خلخلة هذه المقاومة وكسرها ، ومن ذلك :
1- إقامة المذابح للمسلمين في كل مكان ، وفي ذلك يقول أحد الكتاب الإنجليز : (إن ما ارتكبه جنودنا من ظلم ووحشية ، ومن حرق وتقتيل ، لا نجد له مثيلاً في أي عصر).
2- زرع العصبية الجاهلية داخل المجتمع المسلم ، حيث قسموا المسلمين إلى طوائف اجتماعية ، وأجبروهم على تسجيل أنفسهم رسمياً حسب هذا التقسيم الطائفي.
3- العبث بمناهج التعليم لتخدم سياسة الاحتلال البريطاني ، مما جعل المسلمين ينفرون من المدارس العلمانية خوفاً على عقيدة أبنائهم.
4- نشر الانحلال والمجون والإباحية والفساد.
5- تأسيس الحركات الهدامة التي تتسمى باسم الإسلام مثل القاديانية ، التي نفت مبدأ ختم النبوة ، ونبذت الجهاد ومقاومة المحتل ، ودعت إلى طاعة الإنجليز والقبول بسياسة الأمر الواقع.
6- تزوير التاريخ الجهادي للأمة المسلمة عن طريق نشر الكتب والمؤلفات التي تنبذ الجهاد والمقاومة ، ومن ذلك كتاب المستشرق ، تومس آرنولد : الدعوة إلى الإسلام.
7- إبعاد العلماء وعزلهم عن قيادة وتوجيه الجماهير المسلمة.
8- إيجاد زعامات قومية إسلامية ، تفتخر بقوميتها على حساب انتمائها إلى دينها وإسلامها ، وقد كان هؤلاء ممن تخرجوا من المدارس والكليات العلمانية.
صناعة غاندي :
----------- عندما توفي السلطان العثماني محمد الفاتح رحمه الله (886هـ) وهو يحاصر روما دعا بابا الفاتيكان في روما النصارى في أوروبا إلى الصلاة شكراً لله ابتهاجاً بوفاة محمد الفاتح.
هذه الحالة من الرعب والفزع لم تكن لتغيب عن أوروبا الصليبية في نظرتها إلى العالم الإسلامي ، لذا فقد كان أخطر عمل قامت به بريطانيا هو إلغاء الخلافة الإسلامية وإسقاط الدولة العثمانية وتفتيت العالمين العربي والإسلامي ، حتى لا تضطر أوربا لإقامة صلاة الشكر مرة أخرى.
لقد أدى قيام بريطانيا الصليبية بإلغاء الخلافة الإسلامية إلى إذكاء روح المقاومة الإسلامية في الهند ، ومن ذلك تأسيس المسلمين جمعية إنقاذ الخلافة في عام (1920م) ، وقاموا بجمع (سبعة عشر مليون روبية) لأجل هذا الغرض.
وهنا طفا على السطح فجأة شخص هندوسي اسمه (غاندي) وقام بالتقرب إلى جمعية إنقاذ الخلافة وطرح عليهم فكرة التعاون مع حزب المؤتمر الوطني الهندي ، فرحب المسلمون بذلك ، ولما عقد أول اجتماع بين الطرفين ، طرح المسلمون شعار استقلال الهند عن بريطانيا ، بدلاً عن فكرة إصلاح حالة الهند التي كانت شعار المؤتمر الوطني ، لكن (غاندي) عارض هذا المقترح وثبط الهمم ، وفي عام (1921م) عقد الطرفان اجتماعاً مهما تمكن فيه المسلمون من فرض شعار الاستقلال عن بريطانيا وقاموا بتشكيل حكومة وطنية لإدارة البلاد. هذا التطور الخطير لم تكن بريطانيا لتسمح له بإفساد فرحتها بإسقاط الدولة العثمانية وتقسيم العالم الإسلامي ، لذا فقد قام (ريدينج) الحاكم البريطاني للهند بالاجتماع (بغاندي) وقال له : (إن مصدر الحركة الاستقلالية في الهند هم المسلمون ، وأهدافها بأيدي زعمائهم ، ولو أجبنا مطالبكم ، وسلمنا لكم مقاليد الحكم ، صارت البلاد للمسلمين ، وإن الطريق الصحيح هو أن تسعوا أولاً لكسر شوكة المسلمين ، بالتعاون مع بريطانيا ، وحينئذ لن تتمهل بريطانيا في الاعتراف لكم بالاستقلال ، وتسليم مقاليد الحكم في البلاد إليكم). وبناء على التنسيق والتفاهم الذي تم بين (ريدينج) و (غاندي) قامت بريطانيا بالقبض على الزعماء المسلمين المنادين بالاستقلال ، فأصبح الطريق ممهداً أمام (غاندي) الذي طلب من هيئة المؤتمر الإسلامي الهندوسي ، بأن تسلم له مقاليد الأمور بصفة مؤقتة نظراً لقبض بريطانيا على الزعماء المسلمين ، وعندما عقد أول اجتماع برئاسة (غاندي) نفذ ما تم الاتفاق عليه مع الحاكم البريطاني (ريدينج) وأعلن أن الوقت لم يحن بعد لاستقلال الهند.
وفي الفترة من (1921- 1948م) نجد أن بريطانيا قد طبقت في الهند ما طبقته في فلسطين مع الصهاينة ، حيث قامت بتسليح الهندوس وتدريبهم ، والتنسيق معهم لإقامة المذابح للمسلمين ، أما غاندي الذي أصبح كل شيء بعد تلميعه في مسرحية نفيه المؤقت إلى جنوب أفريقيا فقد قام بمذبحة ثقافية بشعة للحضارة الإسلامية في الهند ، وفي ذلك يقول الأستاذ أنور الجندي رحمه الله : (لقد كانت دعوة غاندي إلى ما سماه اكتشاف الروح الهندي الصميم ، والرجوع إلى الحضارة الهندية ، هو بمثابة إعلان حرب على الحضارة الإسلامية التي عاشت على أرض الهند أربعة عشر قرناً ، وغيرت كل مفاهيم الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، بل إنها قد غيرت مفاهيم الهندوكية نفسها).
وعندما اطمأنت بريطانيا على مقدرة الهندوس على حكم الهند قامت بترتيب الأمور لاستقلال الهند.
لقد كان عام (1948م) الفصل الأخير من مسرحية غاندي وبريطانيا حيث سلب الحق من أهله بإعلان استقلال الهند عن بريطانيا في تلك السنة ، لكن مسرحية المقاومة السلمية التي قام غاندي فيها بدور البطل لا تزال تعرض إلى يومنا هذا. بقي أن نشير إلى أن من يطلق شرارة الحقد والكراهية لا بد أن يكتوي بنارها ، فقد مات غاندي مقتولاً عند استقلال الهند ، ثم تبعه في عام 1978م آخر حاكم بريطاني للهند حيث قتل على أيدي الثوار الإيرلنديين ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
" د. صالح العطوان الحيالي"
ــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي -العراق-25.8.2018
كم من أشخاص ومقامات وعلامات في التاريخ قد غفلنا عنها، بل الأحرى أنها قد عظمت من قبلنا بسبب سوء الرؤية وغموض الحالة ونقص التاريخ. مما لا شك فيه أن تاريخنا يزخر بالكثير من المعلومات المغلوطة والأفكار المحرفة والشخصيات المزيفة، ولا عجب في ذلك فكاتب التاريخ منتصر وليس للمنتصر سوى ما يريد.
مهاتما غاندي المفكر الحر والثائر من أجل الوطنية والحرية والاستقلال، ذلك ما نعرفه عنه وذلك ما وصل إلينا حول آرائه وأفكاره ومعاناته من أجل الحرية، ولكن في الحقيقة إنه كالسم في العسل فلا هو قائد ولا معلم ولا ثائر. إنه بلغ مقامًا عاليًا عندنا جميعًا مسلمين ومسيحين وهندوك مفكرين وفلاسفة علماء وملاحدة، الجميع يقدره بل وصل في بعض الأمر إلى حد التقديس، وسنستعرض الآن حقيقة تلك الشخصية الاسطورة .
غاندي سارق الحركة الوطنية من المسلمين ..... الهندوسي الذي أخفى هندوسيته البغيضة وراء المغزل والشاه ... كانت فلسفة غاندي التي استقاها من تولستوي ولقنوها لنا في الشرق، هي التعامي عن أفعال المستعمر مهما حدث ومحاولة المهادنة معه في كافة المجالات والوضعيات، كان المسلمون أول من نادوا إلى الوقوف ضد الاحتلال البريطاني ومطالبته بالاستقلال، ولكنه اي غاندي قد أسلم كل شيء للهندوك بكل مكر وخبث ولننظر إلى القصة من البداية.بعد الثورة التي قادها المسلمون في الهند كان همه الشاغل ألا يتحقق للمسلمين السيطرة على الهند....في البداية قاطع المسلمون معاهد الاستعمار في «لاهور» و«لكنؤ» ثم اتجهوا لإقامة الجمعية الإسلامية لتحرير الهند، وكان في نفس الوقت الهندوك قد أقاموا المؤتمر الوطني لمساعدة الاستعمار ولمحاربة المسلمين.
سنة 1916 تنبهت الحكومة البريطانية لتلك الحركة، فتم القبض على ممثليها مثل أبو الكلام أزاد، وحسرت مهاني، وظفر الله خان ثم قاموا بعمل هدنة مع الاحتلال عام 1918 وفي عام 1919 قاموا بفك أسر المسجونين فأعادوا تشكيل جمعية «إنقاذ الخلافة من أيدي الطامعين» بقيادة مولاي عبد الباري رئيس علماء إفرنجي محل وفي 11 فبراير 1920 تم تكوين الجمعية رسميًا بقيادة غلام محمد فتو، وميامن حاجي خان ومن هنا بدأ دور هذا «الغاندي» لم يكن أحد يعرفه كان متطوعًا في تمريض الجنود فاتجه إلى الانضمام إلى تلك الحملة ووافق المسلمون تيمنًا به رغم تحذير المولدي «خوجندي» وذلك ما قاله السيد عبدالعزيز الثعالبي الزعيم التونسي الأشهر في تقريره للأزهر الشريف 1937.
واندس غاندي ضمن الجمعية وكان في تلك الفترة على اتصال بالاستعمار، وكذلك الهندوك وبرغم أن المسلمين قد وثقوا به ولكنه أقنعهم بالدخول في المؤتمر الوطني الذي نظمه الاستعمار، وكان لملاحقة المسلمين وذلك بسبب الثقة المفرطة فيه حتى إنه طلع خطيبًا يقول: «إن اتحاد الهنادكة مع المسلمين يبقى متينًا طالما لم يشرع المسلمون في مناوأة الحكومة» أي ثائر إذا وأي وطني كان يهادن الاستعمار وتأجيل الاستقلال مهما كان.
وفي ذلك الوقت شرع المسلمون في مقاطعة الاحتلال وعدم دفع الضرائب والإضراب عن العمل تنديدًا بالاحتلال وأعدوا الرتب والنياشين إلى الحكومة وأحرق التجار المسلمون البضائع الإنجليزية، وزادت الاعتقلات حتى إنه كان يقبض على ألف من المسلمين صباحًا ويُفرج عنهم ليلًا، لأن السجون لم تعد تسع المعتقلين حتى أن اللورد ريدينج الحاكم العام في كلكتا قال:
" إني في حيرة شديدة من أمري ولا أعرف ماذا أفعل "
ومن ثم أعلن المسلمون الاستقلال التام عن الحكومة البريطانية وأقاموا الولايات ولم يعترفوا بالقضاء البريطاني ومن هنا ظهر دور هذا الغاندي مرة أخرى، حيث طلبه الحاكم وأمره بعمل وفاق بين الحكومة والشعب الهندي حيث قال له:
إن مصدر الحركة الاستقلالية في الهند هم المسلمون وأهدافها بأيدي زعمائها ألا ترى أننا لو أجبنا طلباتكم فإن مصير البلاد آيل للمسلمين فماذا يكون حال الهنادكة بعد ذلك؟ هل تريدون الرجوع إلى ما كان قبل الاحتلال البريطاني إذا أردتم أن تحفظوا لأنفسكم باستقلال الهند فعليكم أولا كسر شوكة المسلمين، ولن يتأتى ذلك إلا بمهادنة الحكومة البريطانية والسعي وراء تدمير المسلمين.
ثم أوعز إليه الحاكم محاولة تهدئة الأمر مرة أخرى وعقد مهادنة، حتى أنه طلب من غاندي أن يطلب من محمد علي أن يكتب خطابًا وأنه سيكون سريًا بين محمد علي والحاكم فقط وكتبه محمد علي تحت تاثير سحر غاندي وما لبث أن صدح به في كافة أرجاء الهند «إن محمد علي تقدم إلى الحكومة يطلب العفو على الهفوة التي ارتكبها» فأي ثائر إذًا من يتآمر مع الاحتلال ضد وطنيته.
غاندي واجتماع الكونجرس
أغسطس 1920 أعلنت الخلافة مصادمة الحكومة وليس الموالاة في مؤتمر الخلافة في كراتشي، ومن هنا بدأت الاعتقالات للزعماء أمثال شوكت علي، وكثار أحمد، وبير غلام محمد وآخرين ورفضوا الاعتراف بالحكومة وبهيبة المحكمة ولكن الحكومة أدانتهم بمجرد الاتهام وحكمت عليهم بالحبس لمدة سنتين، وبعدها أصدر محمد علي وسيف الدين كنشلو خطابًا لتهدئة الشعب.
ووعدهم بأن الزعماء سيحضرون الاجتماع في مدينة أباد سواء رضيت الحكومة أم لا عتقادهم بأن المؤتمر سيعلن الاستقلال، ولكن كان لغاندي رأي آخر والحكومة كانت متأكدة من عدم انعقاد اجتماع الكونجرس نظرًا لتلك السياسة وتلك الاعتقالات، ولما عقد الاجتماع ديسمبر 1920 خطب هذا الغاندي قائلًا: «بما أن الزعماء يعتقلون ولا سبيل للمداولة معهم في شؤون المؤتمر، أقترح عليكم تعييني رئيسًا للمؤتمر وتخويلي السلطة المطلقة لتنفيذ ما أراه صالحًا من الإجراءات وتم تسليم مؤتمر «الخلافة» إلى الحكيم أجمل خان ومؤتمر «مسلم ليك» إلى حسرت مهاتي.وبعدها أقنع غاندي وقال للحكيم أجمل خان أن يقول:
" إن إعلان الاستقلال في الظروف الراهنة غير مناسب."
ثم صدح هو في مؤتمره بأن الاستقلال لا يصلح الآن وأنه يجب مهادنة المستعمر مهما يكن ولكن حسرت مهاتي رفض ذلك في مؤتمره ومن ثم تم الحكم عليه بالسجن لعشر سنوات وتم تخفيفها إلى سنتين.
هذا هو غاندي في حقيقته التي لم تعرف في بلادنا ولا بلاد المشرق التي أخفيت من قبل الاستعمار ومن ثم ظهر المصريون معجبون بغاندي والذي كان يدعو إلى الخضوع والخنوع والاستسلام تلك الأفكار التي استقاها من تولستوي. لذلك يجب ألا تخدعنا الصور البراقة والأوهام الخادعة التي تزين صورة ذلك المجرم الذي كان هو وابنه نهرو أشد عنفًا على المسلمين وغير المسلمين في الهند، فما هو إلا سارق للحركة الوطنية ومانع لقيام حكومة حرة وطنية. يجب أن تتكسر تلك التماثيل وتلك الأكاذيب فغاندي ما هو إلا أكذوبة في واقع مليء بالأكاذيب
كان الزعيم الهندي غاندي من الزعماء القلائل الذين نالوا شهرة واسعة في هذا العصر ، وحيثما ذكر نجد الثناء العطر يرافق سيرته ، وأنه بطل المقاومة السلمية التي يحرص الغرب على تصديرها إلى العالم الإسلامي ، وتذكيرهم بها في كل مناسبة.. فيا ترى ما سر هذا الرجل الذي ظهر فجأة على المسرح السياسي في الديار الهندية ؟
علينا العودة إلى القرن 16م ، الذي شهد الانطلاقة الحديثة للحروب الصليبية. لقد كان هدف الموجة الجديدة من الحروب الصليبية الأوربية في القرن 16م هو الالتفاف حول العالم الإسلامي من الخلف لخنقه اقتصادياً ، من أجل إضعاف الدولتين المملوكية والعثمانية ، لكن أوربا فوجئت بأن العمق الإسلامي يمتد في وحدة دينية فريدة وخطيرة حتى يصل إلى جزر الفلبين ، ماراً بالهند ، التي أثارت لوحدها شهية الأوربيين بشكل عجيب ، لكونها من أعظم المراكز الاقتصادية الإسلامية في ذلك الوقت ، هذا وقد استغل الأوربيون سماحة السلطان المغولي المسلم (جها نكير) فبدأوا بالتسلل إلى الهند كتجار ، حتى تمكن الإنجليزي (وليم هوكنز) من مقابلة السلطان (جها نكير) في عام (1017هـ / 1608م) بصفته مبعوثاً من الملك الانجليزي (جيمس الأول) ، وقد حاول (وليم هوكنز) استثمار مقابلته للسلطان (جها نكير) بأن يأخذ منه خطاب مجاملة إلى الملك (جيمس الأول) لكن الوزير الأول في بلاط السلطان رد عليه قائلاً : (إنه مما لا يناسب قدر ملك مغولي مسلم أن يكتب كتاباً إلى سيد جزيرة صغيرة يسكنها صيادون !).
لقد عرف الإنجليز أن وجود الحكم الإسلامي في الهند كفيل بتعطيل أحلامهم الصليبية لذا فقد اكتفوا بما كان من تأسيسهم لشركة الهند الشرقية للتجارة الإنجليزية في الهند والأقطار المجاورة في عام (1009هـ /1600م). ومع الوقت كانت شركة الهند الشرقية تتوسع وتزداد فروعها في أرجاء الهند ، ومع الوقت بدأت حقيقة هذه الشركة وفروعها تتكشف فلم تكن إلا قواعد عسكرية إنجليزية ، وبؤر تجسسية كان هدفها تجنيد المنافقين من أبناء المسلمين ، والعملاء من أبناء الهندوس ، والسيخ.
وفي عام (1170هـ / 1757م) وفي إبان الغزو الشيعي الصفوي الإيراني للهند قام الجيش البريطاني التابع لشركة الهند الشرقية باستغلال هذا الظرف الحرج فتمكن من هزيمة المسلمين في منطقة البنغال في معركة (بلاسي) التي تعد أول المعارك الحاسمة بين الطرفين ، وقد تم لهم ذلك بمساعدة المنافقين والعملاء الذين تم تجنيدهم عبر عشرات السنين ، إلا أن احتلال الإنجليز للهند لم يتم إلا بعد قرن من الزمان وبعد معارك طاحنة بين الطرفين ، انتهت بعزل (بهادر شاه) آخر السلاطين المسلمين ونفيه إلى بورما حيث توفي عام (1279هـ / 1862م) لذلك فقد قامت بريطانيا في عام (1275هـ /1858م) بضم الهند إلى التاج البريطاني رسمياً ، لتصبح درة التاج البريطاني منذ ذلك التاريخ.
تقريب الهنود
------------ لقد عرف الاحتلال البريطاني أنه من المستحيل أن يقبل المسلمون في الهند الرضوخ لسياسة الأمر الواقع وفي ذلك يقول (النبرو) الحاكم البريطاني في الهند : (إن العنصر الإسلامي في الهند عدو بريطانيا اللدود ، وإن السياسة البريطانية يجب أن تهدف إلى تقريب العناصر الهندوسية إليها ، لتساعدهم في القضاء على الخطر الذي يتهدد بريطانيا في هذه البلاد).
وفي عام (1303هـ / 1885م) قامت بريطانيا بتأسيس حزب المؤتمر الوطني الهندي ، ومن خلال هذا الحزب تم إحياء القومية الهندوسية الوثنية القديمة ، لتكون عوناً لبريطانيا في محاربتها للإسلام والمسلمين في شبه القارة الهندية.
سياسة بريطانيا تجاه المسلمين :
------------------- لقد كانت بريطانيا تعلم أن بقاءها في الهند لن يكتب له الاستمرار في ظل مقاومة إسلامية صلبة ترفض الذوبان والانبطاح والتوسل للمحتل ، لذا فقد لجأت إلى تنفيذ سلسلة من الخطوات الرامية إلى خلخلة هذه المقاومة وكسرها ، ومن ذلك :
1- إقامة المذابح للمسلمين في كل مكان ، وفي ذلك يقول أحد الكتاب الإنجليز : (إن ما ارتكبه جنودنا من ظلم ووحشية ، ومن حرق وتقتيل ، لا نجد له مثيلاً في أي عصر).
2- زرع العصبية الجاهلية داخل المجتمع المسلم ، حيث قسموا المسلمين إلى طوائف اجتماعية ، وأجبروهم على تسجيل أنفسهم رسمياً حسب هذا التقسيم الطائفي.
3- العبث بمناهج التعليم لتخدم سياسة الاحتلال البريطاني ، مما جعل المسلمين ينفرون من المدارس العلمانية خوفاً على عقيدة أبنائهم.
4- نشر الانحلال والمجون والإباحية والفساد.
5- تأسيس الحركات الهدامة التي تتسمى باسم الإسلام مثل القاديانية ، التي نفت مبدأ ختم النبوة ، ونبذت الجهاد ومقاومة المحتل ، ودعت إلى طاعة الإنجليز والقبول بسياسة الأمر الواقع.
6- تزوير التاريخ الجهادي للأمة المسلمة عن طريق نشر الكتب والمؤلفات التي تنبذ الجهاد والمقاومة ، ومن ذلك كتاب المستشرق ، تومس آرنولد : الدعوة إلى الإسلام.
7- إبعاد العلماء وعزلهم عن قيادة وتوجيه الجماهير المسلمة.
8- إيجاد زعامات قومية إسلامية ، تفتخر بقوميتها على حساب انتمائها إلى دينها وإسلامها ، وقد كان هؤلاء ممن تخرجوا من المدارس والكليات العلمانية.
صناعة غاندي :
----------- عندما توفي السلطان العثماني محمد الفاتح رحمه الله (886هـ) وهو يحاصر روما دعا بابا الفاتيكان في روما النصارى في أوروبا إلى الصلاة شكراً لله ابتهاجاً بوفاة محمد الفاتح.
هذه الحالة من الرعب والفزع لم تكن لتغيب عن أوروبا الصليبية في نظرتها إلى العالم الإسلامي ، لذا فقد كان أخطر عمل قامت به بريطانيا هو إلغاء الخلافة الإسلامية وإسقاط الدولة العثمانية وتفتيت العالمين العربي والإسلامي ، حتى لا تضطر أوربا لإقامة صلاة الشكر مرة أخرى.
لقد أدى قيام بريطانيا الصليبية بإلغاء الخلافة الإسلامية إلى إذكاء روح المقاومة الإسلامية في الهند ، ومن ذلك تأسيس المسلمين جمعية إنقاذ الخلافة في عام (1920م) ، وقاموا بجمع (سبعة عشر مليون روبية) لأجل هذا الغرض.
وهنا طفا على السطح فجأة شخص هندوسي اسمه (غاندي) وقام بالتقرب إلى جمعية إنقاذ الخلافة وطرح عليهم فكرة التعاون مع حزب المؤتمر الوطني الهندي ، فرحب المسلمون بذلك ، ولما عقد أول اجتماع بين الطرفين ، طرح المسلمون شعار استقلال الهند عن بريطانيا ، بدلاً عن فكرة إصلاح حالة الهند التي كانت شعار المؤتمر الوطني ، لكن (غاندي) عارض هذا المقترح وثبط الهمم ، وفي عام (1921م) عقد الطرفان اجتماعاً مهما تمكن فيه المسلمون من فرض شعار الاستقلال عن بريطانيا وقاموا بتشكيل حكومة وطنية لإدارة البلاد. هذا التطور الخطير لم تكن بريطانيا لتسمح له بإفساد فرحتها بإسقاط الدولة العثمانية وتقسيم العالم الإسلامي ، لذا فقد قام (ريدينج) الحاكم البريطاني للهند بالاجتماع (بغاندي) وقال له : (إن مصدر الحركة الاستقلالية في الهند هم المسلمون ، وأهدافها بأيدي زعمائهم ، ولو أجبنا مطالبكم ، وسلمنا لكم مقاليد الحكم ، صارت البلاد للمسلمين ، وإن الطريق الصحيح هو أن تسعوا أولاً لكسر شوكة المسلمين ، بالتعاون مع بريطانيا ، وحينئذ لن تتمهل بريطانيا في الاعتراف لكم بالاستقلال ، وتسليم مقاليد الحكم في البلاد إليكم). وبناء على التنسيق والتفاهم الذي تم بين (ريدينج) و (غاندي) قامت بريطانيا بالقبض على الزعماء المسلمين المنادين بالاستقلال ، فأصبح الطريق ممهداً أمام (غاندي) الذي طلب من هيئة المؤتمر الإسلامي الهندوسي ، بأن تسلم له مقاليد الأمور بصفة مؤقتة نظراً لقبض بريطانيا على الزعماء المسلمين ، وعندما عقد أول اجتماع برئاسة (غاندي) نفذ ما تم الاتفاق عليه مع الحاكم البريطاني (ريدينج) وأعلن أن الوقت لم يحن بعد لاستقلال الهند.
وفي الفترة من (1921- 1948م) نجد أن بريطانيا قد طبقت في الهند ما طبقته في فلسطين مع الصهاينة ، حيث قامت بتسليح الهندوس وتدريبهم ، والتنسيق معهم لإقامة المذابح للمسلمين ، أما غاندي الذي أصبح كل شيء بعد تلميعه في مسرحية نفيه المؤقت إلى جنوب أفريقيا فقد قام بمذبحة ثقافية بشعة للحضارة الإسلامية في الهند ، وفي ذلك يقول الأستاذ أنور الجندي رحمه الله : (لقد كانت دعوة غاندي إلى ما سماه اكتشاف الروح الهندي الصميم ، والرجوع إلى الحضارة الهندية ، هو بمثابة إعلان حرب على الحضارة الإسلامية التي عاشت على أرض الهند أربعة عشر قرناً ، وغيرت كل مفاهيم الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، بل إنها قد غيرت مفاهيم الهندوكية نفسها).
وعندما اطمأنت بريطانيا على مقدرة الهندوس على حكم الهند قامت بترتيب الأمور لاستقلال الهند.
لقد كان عام (1948م) الفصل الأخير من مسرحية غاندي وبريطانيا حيث سلب الحق من أهله بإعلان استقلال الهند عن بريطانيا في تلك السنة ، لكن مسرحية المقاومة السلمية التي قام غاندي فيها بدور البطل لا تزال تعرض إلى يومنا هذا. بقي أن نشير إلى أن من يطلق شرارة الحقد والكراهية لا بد أن يكتوي بنارها ، فقد مات غاندي مقتولاً عند استقلال الهند ، ثم تبعه في عام 1978م آخر حاكم بريطاني للهند حيث قتل على أيدي الثوار الإيرلنديين ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
" د. صالح العطوان الحيالي"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق