الحيالي
١٠ ساعات · tagإضافة موضوعات
عبدالله الفاضل المزيد " المعروف بساري العبدالله "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د.صالح العطوان الحيالي -العراق- 7-8-2018
هو عبدالله بن فاضل بن حمد بن محلم المزيد ولد في شبة الجزيرة العربية قبل هجرة فخذ الحسنة من عنزة الى بلاد الشام وعند قدوم المنابهة من شمال شبه الجزيرة العربية الى بلاد الشام كان عبدالله شاباً في مقتبل العمر وكانت رئاسة عشيرة الحسنة لأبيه فاضل المزيد وبعد أن استقر بهم المقام في بادية الشام وأصبحت لهم السيادة عليها تقدموا شمالآ حتى ضفاف الفرات واستلم عبدالله الفاضل رئاسة العشيرة بعد ابيه وكان فارساً وشاعراً ,ولا تعرف المدة التي بقى فيها شيخاً
الشيخ والشاعر عبدالله فاضل ولقبه ( ساري ) من قبائل عنزه عاش وترعرع في بادية العراق ابتلى بمرض الجدري ( مرض مخفي ومستعصي علاجه آنذاك )ً ومن عادات العرب اذا حصل مثل هذا المرض يامرون المريض بترك القبيلة ويتوجه الى ارض أخرى حتى يتشافى من مرضه او يموت .
ولكونه شيخ قومه وله مكانته بين القبيلة صعب الامر عليهم ان يامروا ساري العبدالله بالرحيل عنهم فقرروا ان يرحلوا هم ويتركوه طريح الفراش حتى لا يشعر بالعقوبة له فعاقبوا انفسهم بالرحيل عنه بدل من ان يرحل هو لذلك كان اغلب شعره يمدح اهله اينما سار ونزل وكلمة ( هلي ) ملازمة لجميع شعره حين رحلوا عنه تركوا له زاد يكفي له وماء وفراش وخيمة وكلبه الذي سماه "شير"وهي كلمة غير عربية بمعنى اسد
..بقى يصارع المرض وحده حتى حضرت له جماعة من عشيرة "صلبة "التي كان لها باع طويل بمزاولة مهنة الطب الشعبي فشفى من مرضه بفضل الله وتلك الجماعة ولكن المرض ترك بصماته على وجه فطفق يبحث عن عمل ليعيش فأتجه الى احد كبار الجزيرة انذاك وكان يدعى ( تمر باش ) فعمل عنده يقدم لضيوفه القهوة وفي ليلة ومن سياق الحديث في احد مجالس الشيخ (تمرباش ) وجه الشيخ كلمة نابية للشاعر عبدالله فاضل ( ساري ) تركت في نفسه اثرا ولكنه لم يتصرف بشيء
العتابا الذي اشتهر بها
وهكذا كلما أفاق من سكره الحمى واستطاع الكلام تفجرت على لسانه أبيات العتابا الحزينة التي يصف بها حاله وحال شير ويعاتب فيها اهله وعشيرته ويشاء القدر أن يمر به رجل من عشيرة الصلبه وكان من عادة هذه العشيرة الاعتناء بمن يجدونه مريضاً في باقي العشائر ويهدون من يجدونه ضالاً الى الطريق فأقام الرجل عند عبدالله الفاضل يعتني به ويداويه حتى تماثل وأخذت صحته تعود اليه شيئاً فشيئاً ولما استطاع السير حمل ربابته ونادى كلبه وجال في ديار العشيرة مودعاً مرابط الخيل ومبارك الإبل ومجالس الرجال في الربعة وحفرة دلال القهوة ..الخ
وحين هدأ الليل ونام الناس قرا أشعارا من العتابه يذكر فيها محاسن اهله وعشيرته فأنتبه لذلك الشيخ تمرباش والح عليه بالسؤال عن اهله وعشيرته فأجاب الى ذلك لكن الشيخ تمرباش اراد ان يتحقق بالامر فأرسل جماعة ليقتصوا اخبار اهله وعشيرته فوجدوهم كما وصفهم باشعاره فاعتذر منه الشيخ تمر باوش و سمع بأخبار اهله وعشيرته فرحل يطلبهم وسكن بمنطقة قريبة منهم ببادية حمص وحماة وحين وصلت اخباره الى اهله وعشيرته وتيقنوا انه حي
بداء رحلة العودة
وبدأ رحلة العودة متنقلاً من عشيرة الى عشيرة سائلاً عن أهله متصياً أخبارهم. وفيعلم طول الجهد الى نجع الحسنـة وقبل ان يدخل الحي وقف على مكان مرتفع وأجال النظر في البيوت المتراصة على امتداد السهل وكان المنظر ذا شجون بالنسبة الى عبدالله الفاضل فقد تعود أن يطل مثل هذه الاطلالة اما عائداً من غزوة منتصر اً فيها يطلق الأغاني خلف المكاسب والخيل تلعب بالفرسان وإما عائداً من الطلب في إثر غارة للأعداء واستعاد الابل منهم على مثل هذه الصورة كان يعود عبدالله الى النجع أما الآن فقد أختلف الامر كثيراً وعاد عبدالله لايحمل سيفاً ولايركب فرساً ولا تحيط به الفرسان من كل جانب لقد عاد وحيداً عارياً من السلاح بنعلين قديمين وثياب رثة وبربابة عتيقة تحت ابطه ووجه طمس الجدري معالمه واطفا بريقه لم يجد عبدالله صعوبة في معرفة بيوت الحي فبدت له وكأنه تركها لوقته فذاك بيت فلان وذا بيت فلان وذاك بيت أبيه فاضل المزيد يرتفع شامخاً وسط النجع استغرقت تلك الوقفة دقائق طويلة من وقت الشيخ الشاعرر استعاد فيها كل ذكريات الماضي منذ نشأته الأولى في هذه العشيرة وطفولته وشبابه وقيادته لها الى ان اصيب بالجدري فتركته في ديارها وارتحلت عنه وعذابه ومعاناته في مرضه وتنقله بين القبائل شاعراً مغموز النسب وما عاناه في هذه الرحلة الطويلة من جوع وتعب وحرمان فتفجر الحقد في صدره وقال في نفسهlبئس العشيرة أنت وبئس القوم قومي هؤلاء الذين باعوني بلاثمنا.وحدث نفسه: هل يكتفى بهذه النظرة عن بعد ويعود من حيث أتى ليواصل الرحلة من جديد ؟ أم يدخل وسط الحي فيرى الناس عن كثب وينظر الى الوجوه التي طال اشتياقه أليها ؟
قرار صعباً
كان القرار صعباً على القريب العائد الى الأهل بعد طول غياب وتردد كثيراً قبل أن يخطو الى الامام وأخيرا تقدم ودخل الحي وكلما مرَ امام بيت عرف أصحابه الى أن توقف في النهاية أمام ربعة بيت أبيه فاضل المزيد فوجدها ملأى بالرجال الذين يعرفهم جيداً واحد واحداً وفي وسط المجلس حفرت حفرة كبيرة أوقدت فيها النار وصفت فيها دلال القهوة
سمعنا الربابة ياشاعر
ويقف عبدالله أمام الربعة ويلقي السلام على الرجال فيرد بعضهم السلام وبعضهم لايرد واربفع صوت العبد قائلاً اجلس ساشاعر العرب ولكن أيجلس الشاعر الشيخ ولم يفسح أحد له في المجلس إنها المرة الاولى التي يدخل فيها عبدالله هذه الربعة ولا يقام له ويعترية الغضب ويوشك أن يصرخ في الثوم قائلاً ويحكم لماذا لاتقومون؟ أنا شيخكم عبدالله ولكنه ابتلعها بصبر وألم حزين .ولو أنه يريد المقام في العشيرة ويريد أن يعرفوه لقالها ولكنه عقد العزم على التخلي عنهم كما تخلوا عنه, وهو يعلم أنه سيغادرهم بعد وقت قصير فجلس حيث كان واقفاً تحت شفا البيت وتوسد النثيلة ووضع ربابته الى جانبه.وبعد استراحة قصيرة قال له أحد الحضور أسمعنا صوت ربابتك أيها الشاعر وردد عبدالله العبارة بينه ةبين نفسه وكان وقعها عليه ثقيلاً فهو بالأمس القريب كان سيداً في هذا المجلس ينشده الشعراء ويأتي اليه ذوو الحاجات ويتودد اليه كبار القوم وهو الآن دون ذلك بكثير انه الآن شاعر مجهول يطلب اليه أن يدخل السرور على قلوب الحاضرين بغنائه على ألحان ربابته ولم يرفض عبدالله الطلب فاستوى في جلسته متربعاً وأمسك القوس بيد والرباة بيد وأمر القوس على الوتر ولاعبت أنامله الوتر بمهارة ودقة فجاء لحنا جملاً عذباً شدّ اليه انتباه الحاضرين وأمسك من كان يتكلم عن الكلام واتجهت الانظار نحو هذا الشاعر مشدوهة بعزفه الفريد الذي لم يسمعوا مثله منذ زمن طويل وهنا يسمع عبدالله صوت أبنته الصغيرة (درجة) في الطرف الآخر من البيت تنادي أمها فارتفع صوته معانقاً صوت الربابة وقال
سمعنا بالمجالس حس درجـا ........ لعين ال حجلها على الساق درجـا
ولا من يقول يا مسكين درجا........ تقدم عـــــــــــالوسادة عن التراب
خيّمت على المجلس سحابة
خيّمت على المجلس سحابة من السكون والصمت العميق وبينما القوم على هذه الحال ينظرون مشدوهين الى الشاعر وربابته وارتفع في الطرف الآخر من البيت زغرود امرأة جميل مزق السكون الذي خيّم على المجلس فقام أحد الرجال يسأل عن السبب الذي من أجله زغردت المرأة فأجابته أن هذه الشاعر هو الشيخ عبدالله الفاضل المزيد فاستل الرجل سيفه في وجهها وقال لها:عشقتي الشاعر ايتها الحمقاء فأقسمت بأنه الشيخ عبدالله الفاضل المزيد وأنها تتحمل النتائج اذا كانت كاذبة وساد الهرج والمرج في المجلس وتراكض بعض أهالي الحي القرييبين من البيت الشيخ فاضل نحوه وكل يحاول أن يتعرفه على طريقته الخاصة:فهذا يرفع منديله وذاك يسأله أحقاً انت عبدالله؟ وآخر يقترب منه ويفحص جيداً وجهة وعينه والحقيقة أن الجسم جسم عبدالله والصوت صوته واليدان يداه ولكن الوجه ليس وجهه ولا العينان عيناه وهنا تكلم الشاعر وقال لهم : اجلسوا في أماكنكم وأنا اقول لكم الحقيقة فا متثل القوم للأمر وأنتظم المجلس كما كان وانتظر الجميع بأعصاب مشدودة ماذا يقول الشاعر ؟ وتكلم الشاعر قال أنا عبدالله الفاضل المزيد ومصداق قولي أنني اعرفكم جميعاً فذاك فلان وذاك فلان وانت فلان وسمّاهم كلهم بأسمائهم والمرأة التي زغردت هي زوجتي فلانه والطفلة التي أسمع صوتها في الركن الآخر من البيت عي ابنتي (درجـه) ولما لم يترك كلام الشاعر مجالا للشك في أنه حقاً عبدالله أندفع الرجال نحوه يقبلونه وعلت زغاريد النساء واجتمع اهل الحي ضغاراً وكباراً فرحين ومهنئين بعودة شيخهم وفارسهم الذي طال غيابه وظنوه فارق الحياة وها هو الآن بينهم بلحمه ودمه شامخاً بقامته الفارعة وفي غمرة هذا الفرح والابتهاج يحمل عبدالله ربابتع ويخرج من البيت معلناً أنه عقد عزم على عدم العيش معهم وأنه سيتخلّى عنهم كما تخلوا عنه ولكن شتان بين الحالين فهو الآن يرحل عنهم وهم اقوياء اصحاء في أهلهم وعشيرتهم وهم تخلوا عنه وهو ضعيف وحيد بين الموت والحياة وتمسك به الرجال من كل جانب يشدونه ويتوسلون اليع ليبقى بينهم وهو يدفعهم ويتفلت من بين ايديهم والنساء يميين خلفع وينادينه قائلات لاتتركنا ياعبدالله ولكن الكلام القوم والحاح نسائهم ورجالهم لم يمح ماخلفته المحنه في صدر عبدالله الفاضل ولم ينسه عذابه ومعاناته فأصم السمع عم كل ما يقال وشد نفسه من أيدي الرجال واندفع بخطوات سريعة خارجاً من الحي غير عابئ بما يسمع من توسلات وصحيات ولما عجز القوم عن صدّه عن عزيمته وقفوا ينظرون اليه حتى غاب عنهم في الأفق البعيد
ضل يجد السير
ويقال أنه ظل يجد السير حتى صل الى دمشق وسكن فيها وعبثاً حاول الحسنة استرشاءه واعادته اليهم ولما أعيتهم الحيلة ساروا اليه ومرروا الأظعان أمام منزله والفرسان تلاعب الخيل أمامها وتركوا ظعنه في المؤخرة تبدو عليه سمات الفقر والحزن فلا زينة على هوادج النساء ولا حاد يحدو الظعن والنساء يسرن خلفه حافيات وجزينات ولما رأى عبدالله ماوصل أليه أهل بيته من ذل ومهانة أهتر كيانه واستجاش المنظر كوامن عاطفته كذالك فان منظر الفرسان تلعب بالقنا على ظهور الخيل , وصحيات الحرب التي يطلقونها وعمليات الكر والفر التي مثلها فرسان الحسنة أماه ليغروه بالانضمام اليهم أثارت في نفسه الشوق الى هذه الألعاب المحببة البه فا نضم الى الظعن وقاده أثر القافلة ولما رأى الحسنة أن عبدالله قد انضم اليهم عاد اليه السيف فرحين مهنئين وأعطوه فرساً وسيفاً وسار في مقدمة الخيل وسط أهازيج الفرسان وحدائهم وعاد كما كان شيخاً للعشـيرة وعقيداً لخيلها ولكنه عقد العزم أن يذهب بهذه العشيرة كل مذهب وينهكها بالغزوات حتى يقلل عددها ويشتت شملها فأخذ يعزو بها كل فخذ على حده نحو قوم لا طاقة لهذا الفخذ بهم بيعود من الغزو وليس معه الا القليل منهم ثم يغزو بفخذ آخر قبيلة آخرى وهكذا ظل يفعل بهم حتى كادت تفنيهم الحروب والغزوات وأصبحوا أقل عشائر عنزة عدداً وسواء أكانت هذه القصه حقيقة أم لا فانه من المؤكد أن سبب قلة عدد عشيرة الحسنة هو حروبهم التي لم تنقطع مع خصومهم ومقارعتهم الاعداء المحيطين بهم من كل جانب .
ارسلوا اليه جماعة من وجهاء القوم والعشيرة لغرض مصالحته والاعتذار منه وان يعود بينهم معززا مكرما لكنه ابى ان يرجع معهم لعزة نفسه فلما يأسوا منه بالرجوع معهم اشارة احدهم ان يعرضوا عليه الضعن امامه عسى ان يحن ويرجع معهم فرحلت قبيلته ومرت من امامه بفرسانها وهم يلعبون على ظهور الخيل والابل تتمايل بالهوادج ورأى زوجته ثريا بهودجها وارخت لثامها فهاجت نفسه بالذكريات وتذكر الطفولة والبادية والفتوة فقال شعره البيت
ثريا تلوح والدنيا مسجبة
مطر وظعون خلاني مسج به
عجاج الظعن عنبر والمسج بي
اخير من القرايا المعطنات
فعاد معهم
من أشعاره الاخرى
هلي عز النزيل وعز منزال
ودوم الهم على الدربين منزال
عشوب الناس تنبت وهلي من زل
خضر ما يبسو بارح هوا..
هلي بالدار خلوني وشالوا
وخلوني جعود بطن شالو
على حدب الظهور اليوم شالو
وحايل دونهم كور وسراب..
هلي بالدار خلوني رميماي
مثل حيد معقل برميماي
يامحي لعظام وهي رميماي
توصلني على حي الاحباب..
هلي نزالت المشرع وهل ماي
واهل خيل رمق سبق وهل ماي
تعالوا ياحمايلنا واهل ماي
وشوفو حال من فارق احباب..
هلي للشاذري طاحون يصحون
دواهيج لعظم الضد يصحون
هلي ما قلطوا ميدات بصحون
خنادقهم تحفر من عشا..
هلي عوج المناسف مندل الهم
ودرب الكرم سابج من دليلهم
كروم الناس تشرب من دلالهم
هلي بالكون عيين الطلاب..
هلي بالدار خلوني طريحاي
الفرش ياجرح دلالي طري حي
نحل جسمي بقى طاري حي
تلج الروح بين ضلعي والحشا..
هلي لوشح قوت الناس عدنا
كرام واليتيم يعيش عدنا
عقب ما كنا ذرا للناس عدنا
انتذرى بالذي مالو ذرا..
هلي يهل المحمس والبريجي
ويقهوة غيرهم حنظل بريجي
هلي مثل الزواعج والبريجي
ارتمت منها الزلازل ولطواب..
هلي سمح الطرايج وشملوهن
يعود الحور عالي وشملوهن
هلي عوج المناسف وشملوهن
حميس الضان بسنين الغلا..
هلي يهل المراتب والدواوين
وعلى قلوب العدى نصبو دواوين
اسيل الدار وين اهل الدواوين
قالت غدو ياحسرتي حدر التراب..
هلي رايات بالدنيا بيض الهم
كرام ويمن الخايف بظلهم
يتيه الغيهب المسما بظولهم
هلي باشات عالشدو طناب..
هلي مالبسو خادم سملهم
وعلى قلوب العدى بايت سم الهم
الناس ارض واهلي سما الهم
١٠ ساعات · tagإضافة موضوعات
عبدالله الفاضل المزيد " المعروف بساري العبدالله "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د.صالح العطوان الحيالي -العراق- 7-8-2018
هو عبدالله بن فاضل بن حمد بن محلم المزيد ولد في شبة الجزيرة العربية قبل هجرة فخذ الحسنة من عنزة الى بلاد الشام وعند قدوم المنابهة من شمال شبه الجزيرة العربية الى بلاد الشام كان عبدالله شاباً في مقتبل العمر وكانت رئاسة عشيرة الحسنة لأبيه فاضل المزيد وبعد أن استقر بهم المقام في بادية الشام وأصبحت لهم السيادة عليها تقدموا شمالآ حتى ضفاف الفرات واستلم عبدالله الفاضل رئاسة العشيرة بعد ابيه وكان فارساً وشاعراً ,ولا تعرف المدة التي بقى فيها شيخاً
الشيخ والشاعر عبدالله فاضل ولقبه ( ساري ) من قبائل عنزه عاش وترعرع في بادية العراق ابتلى بمرض الجدري ( مرض مخفي ومستعصي علاجه آنذاك )ً ومن عادات العرب اذا حصل مثل هذا المرض يامرون المريض بترك القبيلة ويتوجه الى ارض أخرى حتى يتشافى من مرضه او يموت .
ولكونه شيخ قومه وله مكانته بين القبيلة صعب الامر عليهم ان يامروا ساري العبدالله بالرحيل عنهم فقرروا ان يرحلوا هم ويتركوه طريح الفراش حتى لا يشعر بالعقوبة له فعاقبوا انفسهم بالرحيل عنه بدل من ان يرحل هو لذلك كان اغلب شعره يمدح اهله اينما سار ونزل وكلمة ( هلي ) ملازمة لجميع شعره حين رحلوا عنه تركوا له زاد يكفي له وماء وفراش وخيمة وكلبه الذي سماه "شير"وهي كلمة غير عربية بمعنى اسد
..بقى يصارع المرض وحده حتى حضرت له جماعة من عشيرة "صلبة "التي كان لها باع طويل بمزاولة مهنة الطب الشعبي فشفى من مرضه بفضل الله وتلك الجماعة ولكن المرض ترك بصماته على وجه فطفق يبحث عن عمل ليعيش فأتجه الى احد كبار الجزيرة انذاك وكان يدعى ( تمر باش ) فعمل عنده يقدم لضيوفه القهوة وفي ليلة ومن سياق الحديث في احد مجالس الشيخ (تمرباش ) وجه الشيخ كلمة نابية للشاعر عبدالله فاضل ( ساري ) تركت في نفسه اثرا ولكنه لم يتصرف بشيء
العتابا الذي اشتهر بها
وهكذا كلما أفاق من سكره الحمى واستطاع الكلام تفجرت على لسانه أبيات العتابا الحزينة التي يصف بها حاله وحال شير ويعاتب فيها اهله وعشيرته ويشاء القدر أن يمر به رجل من عشيرة الصلبه وكان من عادة هذه العشيرة الاعتناء بمن يجدونه مريضاً في باقي العشائر ويهدون من يجدونه ضالاً الى الطريق فأقام الرجل عند عبدالله الفاضل يعتني به ويداويه حتى تماثل وأخذت صحته تعود اليه شيئاً فشيئاً ولما استطاع السير حمل ربابته ونادى كلبه وجال في ديار العشيرة مودعاً مرابط الخيل ومبارك الإبل ومجالس الرجال في الربعة وحفرة دلال القهوة ..الخ
وحين هدأ الليل ونام الناس قرا أشعارا من العتابه يذكر فيها محاسن اهله وعشيرته فأنتبه لذلك الشيخ تمرباش والح عليه بالسؤال عن اهله وعشيرته فأجاب الى ذلك لكن الشيخ تمرباش اراد ان يتحقق بالامر فأرسل جماعة ليقتصوا اخبار اهله وعشيرته فوجدوهم كما وصفهم باشعاره فاعتذر منه الشيخ تمر باوش و سمع بأخبار اهله وعشيرته فرحل يطلبهم وسكن بمنطقة قريبة منهم ببادية حمص وحماة وحين وصلت اخباره الى اهله وعشيرته وتيقنوا انه حي
بداء رحلة العودة
وبدأ رحلة العودة متنقلاً من عشيرة الى عشيرة سائلاً عن أهله متصياً أخبارهم. وفيعلم طول الجهد الى نجع الحسنـة وقبل ان يدخل الحي وقف على مكان مرتفع وأجال النظر في البيوت المتراصة على امتداد السهل وكان المنظر ذا شجون بالنسبة الى عبدالله الفاضل فقد تعود أن يطل مثل هذه الاطلالة اما عائداً من غزوة منتصر اً فيها يطلق الأغاني خلف المكاسب والخيل تلعب بالفرسان وإما عائداً من الطلب في إثر غارة للأعداء واستعاد الابل منهم على مثل هذه الصورة كان يعود عبدالله الى النجع أما الآن فقد أختلف الامر كثيراً وعاد عبدالله لايحمل سيفاً ولايركب فرساً ولا تحيط به الفرسان من كل جانب لقد عاد وحيداً عارياً من السلاح بنعلين قديمين وثياب رثة وبربابة عتيقة تحت ابطه ووجه طمس الجدري معالمه واطفا بريقه لم يجد عبدالله صعوبة في معرفة بيوت الحي فبدت له وكأنه تركها لوقته فذاك بيت فلان وذا بيت فلان وذاك بيت أبيه فاضل المزيد يرتفع شامخاً وسط النجع استغرقت تلك الوقفة دقائق طويلة من وقت الشيخ الشاعرر استعاد فيها كل ذكريات الماضي منذ نشأته الأولى في هذه العشيرة وطفولته وشبابه وقيادته لها الى ان اصيب بالجدري فتركته في ديارها وارتحلت عنه وعذابه ومعاناته في مرضه وتنقله بين القبائل شاعراً مغموز النسب وما عاناه في هذه الرحلة الطويلة من جوع وتعب وحرمان فتفجر الحقد في صدره وقال في نفسهlبئس العشيرة أنت وبئس القوم قومي هؤلاء الذين باعوني بلاثمنا.وحدث نفسه: هل يكتفى بهذه النظرة عن بعد ويعود من حيث أتى ليواصل الرحلة من جديد ؟ أم يدخل وسط الحي فيرى الناس عن كثب وينظر الى الوجوه التي طال اشتياقه أليها ؟
قرار صعباً
كان القرار صعباً على القريب العائد الى الأهل بعد طول غياب وتردد كثيراً قبل أن يخطو الى الامام وأخيرا تقدم ودخل الحي وكلما مرَ امام بيت عرف أصحابه الى أن توقف في النهاية أمام ربعة بيت أبيه فاضل المزيد فوجدها ملأى بالرجال الذين يعرفهم جيداً واحد واحداً وفي وسط المجلس حفرت حفرة كبيرة أوقدت فيها النار وصفت فيها دلال القهوة
سمعنا الربابة ياشاعر
ويقف عبدالله أمام الربعة ويلقي السلام على الرجال فيرد بعضهم السلام وبعضهم لايرد واربفع صوت العبد قائلاً اجلس ساشاعر العرب ولكن أيجلس الشاعر الشيخ ولم يفسح أحد له في المجلس إنها المرة الاولى التي يدخل فيها عبدالله هذه الربعة ولا يقام له ويعترية الغضب ويوشك أن يصرخ في الثوم قائلاً ويحكم لماذا لاتقومون؟ أنا شيخكم عبدالله ولكنه ابتلعها بصبر وألم حزين .ولو أنه يريد المقام في العشيرة ويريد أن يعرفوه لقالها ولكنه عقد العزم على التخلي عنهم كما تخلوا عنه, وهو يعلم أنه سيغادرهم بعد وقت قصير فجلس حيث كان واقفاً تحت شفا البيت وتوسد النثيلة ووضع ربابته الى جانبه.وبعد استراحة قصيرة قال له أحد الحضور أسمعنا صوت ربابتك أيها الشاعر وردد عبدالله العبارة بينه ةبين نفسه وكان وقعها عليه ثقيلاً فهو بالأمس القريب كان سيداً في هذا المجلس ينشده الشعراء ويأتي اليه ذوو الحاجات ويتودد اليه كبار القوم وهو الآن دون ذلك بكثير انه الآن شاعر مجهول يطلب اليه أن يدخل السرور على قلوب الحاضرين بغنائه على ألحان ربابته ولم يرفض عبدالله الطلب فاستوى في جلسته متربعاً وأمسك القوس بيد والرباة بيد وأمر القوس على الوتر ولاعبت أنامله الوتر بمهارة ودقة فجاء لحنا جملاً عذباً شدّ اليه انتباه الحاضرين وأمسك من كان يتكلم عن الكلام واتجهت الانظار نحو هذا الشاعر مشدوهة بعزفه الفريد الذي لم يسمعوا مثله منذ زمن طويل وهنا يسمع عبدالله صوت أبنته الصغيرة (درجة) في الطرف الآخر من البيت تنادي أمها فارتفع صوته معانقاً صوت الربابة وقال
سمعنا بالمجالس حس درجـا ........ لعين ال حجلها على الساق درجـا
ولا من يقول يا مسكين درجا........ تقدم عـــــــــــالوسادة عن التراب
خيّمت على المجلس سحابة
خيّمت على المجلس سحابة من السكون والصمت العميق وبينما القوم على هذه الحال ينظرون مشدوهين الى الشاعر وربابته وارتفع في الطرف الآخر من البيت زغرود امرأة جميل مزق السكون الذي خيّم على المجلس فقام أحد الرجال يسأل عن السبب الذي من أجله زغردت المرأة فأجابته أن هذه الشاعر هو الشيخ عبدالله الفاضل المزيد فاستل الرجل سيفه في وجهها وقال لها:عشقتي الشاعر ايتها الحمقاء فأقسمت بأنه الشيخ عبدالله الفاضل المزيد وأنها تتحمل النتائج اذا كانت كاذبة وساد الهرج والمرج في المجلس وتراكض بعض أهالي الحي القرييبين من البيت الشيخ فاضل نحوه وكل يحاول أن يتعرفه على طريقته الخاصة:فهذا يرفع منديله وذاك يسأله أحقاً انت عبدالله؟ وآخر يقترب منه ويفحص جيداً وجهة وعينه والحقيقة أن الجسم جسم عبدالله والصوت صوته واليدان يداه ولكن الوجه ليس وجهه ولا العينان عيناه وهنا تكلم الشاعر وقال لهم : اجلسوا في أماكنكم وأنا اقول لكم الحقيقة فا متثل القوم للأمر وأنتظم المجلس كما كان وانتظر الجميع بأعصاب مشدودة ماذا يقول الشاعر ؟ وتكلم الشاعر قال أنا عبدالله الفاضل المزيد ومصداق قولي أنني اعرفكم جميعاً فذاك فلان وذاك فلان وانت فلان وسمّاهم كلهم بأسمائهم والمرأة التي زغردت هي زوجتي فلانه والطفلة التي أسمع صوتها في الركن الآخر من البيت عي ابنتي (درجـه) ولما لم يترك كلام الشاعر مجالا للشك في أنه حقاً عبدالله أندفع الرجال نحوه يقبلونه وعلت زغاريد النساء واجتمع اهل الحي ضغاراً وكباراً فرحين ومهنئين بعودة شيخهم وفارسهم الذي طال غيابه وظنوه فارق الحياة وها هو الآن بينهم بلحمه ودمه شامخاً بقامته الفارعة وفي غمرة هذا الفرح والابتهاج يحمل عبدالله ربابتع ويخرج من البيت معلناً أنه عقد عزم على عدم العيش معهم وأنه سيتخلّى عنهم كما تخلوا عنه ولكن شتان بين الحالين فهو الآن يرحل عنهم وهم اقوياء اصحاء في أهلهم وعشيرتهم وهم تخلوا عنه وهو ضعيف وحيد بين الموت والحياة وتمسك به الرجال من كل جانب يشدونه ويتوسلون اليع ليبقى بينهم وهو يدفعهم ويتفلت من بين ايديهم والنساء يميين خلفع وينادينه قائلات لاتتركنا ياعبدالله ولكن الكلام القوم والحاح نسائهم ورجالهم لم يمح ماخلفته المحنه في صدر عبدالله الفاضل ولم ينسه عذابه ومعاناته فأصم السمع عم كل ما يقال وشد نفسه من أيدي الرجال واندفع بخطوات سريعة خارجاً من الحي غير عابئ بما يسمع من توسلات وصحيات ولما عجز القوم عن صدّه عن عزيمته وقفوا ينظرون اليه حتى غاب عنهم في الأفق البعيد
ضل يجد السير
ويقال أنه ظل يجد السير حتى صل الى دمشق وسكن فيها وعبثاً حاول الحسنة استرشاءه واعادته اليهم ولما أعيتهم الحيلة ساروا اليه ومرروا الأظعان أمام منزله والفرسان تلاعب الخيل أمامها وتركوا ظعنه في المؤخرة تبدو عليه سمات الفقر والحزن فلا زينة على هوادج النساء ولا حاد يحدو الظعن والنساء يسرن خلفه حافيات وجزينات ولما رأى عبدالله ماوصل أليه أهل بيته من ذل ومهانة أهتر كيانه واستجاش المنظر كوامن عاطفته كذالك فان منظر الفرسان تلعب بالقنا على ظهور الخيل , وصحيات الحرب التي يطلقونها وعمليات الكر والفر التي مثلها فرسان الحسنة أماه ليغروه بالانضمام اليهم أثارت في نفسه الشوق الى هذه الألعاب المحببة البه فا نضم الى الظعن وقاده أثر القافلة ولما رأى الحسنة أن عبدالله قد انضم اليهم عاد اليه السيف فرحين مهنئين وأعطوه فرساً وسيفاً وسار في مقدمة الخيل وسط أهازيج الفرسان وحدائهم وعاد كما كان شيخاً للعشـيرة وعقيداً لخيلها ولكنه عقد العزم أن يذهب بهذه العشيرة كل مذهب وينهكها بالغزوات حتى يقلل عددها ويشتت شملها فأخذ يعزو بها كل فخذ على حده نحو قوم لا طاقة لهذا الفخذ بهم بيعود من الغزو وليس معه الا القليل منهم ثم يغزو بفخذ آخر قبيلة آخرى وهكذا ظل يفعل بهم حتى كادت تفنيهم الحروب والغزوات وأصبحوا أقل عشائر عنزة عدداً وسواء أكانت هذه القصه حقيقة أم لا فانه من المؤكد أن سبب قلة عدد عشيرة الحسنة هو حروبهم التي لم تنقطع مع خصومهم ومقارعتهم الاعداء المحيطين بهم من كل جانب .
ارسلوا اليه جماعة من وجهاء القوم والعشيرة لغرض مصالحته والاعتذار منه وان يعود بينهم معززا مكرما لكنه ابى ان يرجع معهم لعزة نفسه فلما يأسوا منه بالرجوع معهم اشارة احدهم ان يعرضوا عليه الضعن امامه عسى ان يحن ويرجع معهم فرحلت قبيلته ومرت من امامه بفرسانها وهم يلعبون على ظهور الخيل والابل تتمايل بالهوادج ورأى زوجته ثريا بهودجها وارخت لثامها فهاجت نفسه بالذكريات وتذكر الطفولة والبادية والفتوة فقال شعره البيت
ثريا تلوح والدنيا مسجبة
مطر وظعون خلاني مسج به
عجاج الظعن عنبر والمسج بي
اخير من القرايا المعطنات
فعاد معهم
من أشعاره الاخرى
هلي عز النزيل وعز منزال
ودوم الهم على الدربين منزال
عشوب الناس تنبت وهلي من زل
خضر ما يبسو بارح هوا..
هلي بالدار خلوني وشالوا
وخلوني جعود بطن شالو
على حدب الظهور اليوم شالو
وحايل دونهم كور وسراب..
هلي بالدار خلوني رميماي
مثل حيد معقل برميماي
يامحي لعظام وهي رميماي
توصلني على حي الاحباب..
هلي نزالت المشرع وهل ماي
واهل خيل رمق سبق وهل ماي
تعالوا ياحمايلنا واهل ماي
وشوفو حال من فارق احباب..
هلي للشاذري طاحون يصحون
دواهيج لعظم الضد يصحون
هلي ما قلطوا ميدات بصحون
خنادقهم تحفر من عشا..
هلي عوج المناسف مندل الهم
ودرب الكرم سابج من دليلهم
كروم الناس تشرب من دلالهم
هلي بالكون عيين الطلاب..
هلي بالدار خلوني طريحاي
الفرش ياجرح دلالي طري حي
نحل جسمي بقى طاري حي
تلج الروح بين ضلعي والحشا..
هلي لوشح قوت الناس عدنا
كرام واليتيم يعيش عدنا
عقب ما كنا ذرا للناس عدنا
انتذرى بالذي مالو ذرا..
هلي يهل المحمس والبريجي
ويقهوة غيرهم حنظل بريجي
هلي مثل الزواعج والبريجي
ارتمت منها الزلازل ولطواب..
هلي سمح الطرايج وشملوهن
يعود الحور عالي وشملوهن
هلي عوج المناسف وشملوهن
حميس الضان بسنين الغلا..
هلي يهل المراتب والدواوين
وعلى قلوب العدى نصبو دواوين
اسيل الدار وين اهل الدواوين
قالت غدو ياحسرتي حدر التراب..
هلي رايات بالدنيا بيض الهم
كرام ويمن الخايف بظلهم
يتيه الغيهب المسما بظولهم
هلي باشات عالشدو طناب..
هلي مالبسو خادم سملهم
وعلى قلوب العدى بايت سم الهم
الناس ارض واهلي سما الهم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق