♠♠♠♠ القصة القصيرة ♠♠♠♠♠ ♠♠♠ أنا والشتاء والبرد ♠♠♠ ♠♠
عندما يأتي الشتاء ، يتجه البصر الي أهلنا اللاجئين في الخيام ، والي من
يعيش في العشوائيات في بيوت من صفيح أو من مواد لا تقي من البرد ، وبطل
القصة يعرف ماذا تعني كلمة البرد ، فهو عندما كان يدرس الماجستير في
إنجلترا ، عاش شتاء لندن ، ولولا الثقيل من الملابس لهلك الإنسان برداً ،
كذلك التدفئة المركزية ، التي تجعل من البيت دفئً ، وعندما كان يدرس
الدكتوراه فى أمريكا ، حدث يوماً أنه خرج من باب الجامعة يوم ٢٣ ديسمبر
قبل احتفالات الكريسمس عند الغربين ، فإذا الجو يومها في بوسطن لا يحتمل ،
حتى أنه لم يذهب إلى موقف السيارات لأخذ سيارته ، من شدة البرد ، فهو خارج
لتوه من الجامعة ذات التدفئة المركزية ، ووجد نفسه يجري فى الشارع إلى
منزله ، الذى يطل على نهر ألبرت والذى تجمد منذ شهر أكتوبر ، كاكل عام ،
وبيته يبعد حوالي ٧٠٠ مترا فقط عن الجامعة ، ودخل إلى بيته مسرعاً حيث هو
دافئ أيضاً مركزياً ، دار هذا الشريط أمامه وهو يرى مشهد لا يصدق ، إمرأة
متوسطة العمر تجلس على رصيف في هذا البرد ، وتخرج ثديها لتطعم صغيرها الذي
يبكي جوعاً ، وطفلان صغيران أدخلتهم تحت جلبابها حتى يأخذوا بعض الدفئ من
جسدها ، وهي ترتعش برداً ويبدو هذا على شفاه زرقاء اللون من البرد ، وفجأة
تقف سيارة ، وتنزل منها سيدة ذات ملابس راقية ، وتدفع الي الأم وأولادها
الثلاثة ، ببطانية أخرجتها لتوها من كيس بلاستك كانت فيه ، إرتسمت إبتسامه
على وجه الأم ، لم أرى في حياتي أصدق منها ، وأندفع بطل قصتنا الي السيدة
قبل أن تركب سيارتها ، وسألها عما فعلت ، قالت: له وإبتسامة هادئه تعلو
وجهها ، إنني كل شتاء أشتري عشرة بطاطين ، وأخرج بسيارتي ليلاً ، فإذا
صادفت أحد ينام في العراء ، دفعت اليه بواحدة ، تملك بطلنا الذهول
والإنبهار معاً ، وترك لها تليفونه ليتواصل معها ، حتى يطوروا هذا العمل
الراقي ، وفعلاً إتصلت به في اليوم التالي ، شكرها على إتصالها وعرض عليها
فكرة ظلت بخاطره من الأمس بعد أن رأها ، وذلك لتطوير هذا العمل الخيري
الرائع ، وهذه الفكرة هي لماذا لا يرسل لها طالبات من الجامعة لمساعدتها في
تجهيز شراب ساخنه وليكن عدس أصفر مثلاً ، والذي يحبه المصرين ، أو غيره
ويقمن بتعبئته لها في عبوات من مادة الفوم تحفظ الحرارة ، وتوزعه كما
البطاطين ، والجامعة تتولي كل التكاليف ، شكرته برقة ومن يومها ، تم دعوة
كل قادر على فعل أي شئ ، لمن لا يملك أمام البرد إلا الدعاء ، وأن يسأل
الله سبحانه وتعالى وهو أرحم بعباده منا ، أن يعطيهم دفئً من عنده ، كتب
بطلنا هذه القصة ، عندما كان يجلس مع عائلته وحولهم الدفيات الزيتية ،
التي تشع حرارة ، وعندها كانت الأرصاد الجوية تعلن أن الطقس فى مصر هذا
العام ، لم يحدث من ١٢٣ عاما .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق