الاثنين، 24 يوليو 2017

حتى لا يقول قائل///بقلم الكاتب الاديب الراقي/الشاعر المبدع د. صالح العطوان الحيالي 23 . 7.2017

حتى لا يقول قائل: جاعت الطيور في بلاد المسلمين
----ــــــــــــ
قصة لم تقع في عصرنا المتحضر الذي ارتفع صوت المادة فيه على كل صوت، وكادت اللمسات الإنسانية والمودة والرأفة والرحمة والتراحم بين المسلمين وبعضهم البعض وبينهم وبين غير المسلمين تكون مجرد تعبيرات في القاموس اللغوي فقدت مفهومها الذي فطر الله الخلق عليها.
قصة اليوم هي وقفة مع الزمن المشرق، من خلالها يتراءى على الفور للذهن ما يحدث حولنا في أيامنا التي نحياها والتي لم يشهد التاريخ مثلها، من رؤساء يزهقون أرواح بريئة ويستلبون أرزاق شعوبهم ويجوعونهم من أجل دنيا فانية.
لا أستوعب ولا كنت أجرؤ ولو في خيالي تأليف رواية تروى ما حدث وما كان؟ فرد واحد أو فرد وأسرته المعدودة الأفراد يأكلون في بطونهم طعام شعب كامل.
ويرتدون ما يكاد ثمنه يستر آلاف الأجساد العارية، ويسكنون القصور، والمساكين يسكنون القبور، وتئن بهم جدران العشوائيات وتنهار فوق رؤوسهم الصخور.
القصة الأخيرة حدثت في عهد خليفة كانت مدة حكمه بضعًا وثلاثين شهرًا، كانت أفضل ممن حكم ثلاثين عاما! فتقوى القلوب هي الحاكم بين الناس وليس جبروت الأشخاص.
حاكم نشر العدل والأمن والأمان والإيمان والطمأنينة والرضا بين محكوميه، إنه الخليفة المسلم، عمر بن عبد العزيز، وقد فوجئ بشكاوى من جميع الأمصار المفتوحة.
"مصر الشام أفريقيا" والشكوى واحدة من عدم وجود مكان لتخزين الخيرات والزكاة، ويسألون: ماذا نفعل؟
فيجيب عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه-: أرسلوا مناديا ينادي في ديار الإسلام: أيها الناس: من كان عاملا للدولة وليس له بيتٌ يسكنه فَليُبنَ له بيتٌ على حساب بيت مال المسلمين.
يا أيها الناس: من كان عاملا للدولة وليس له مركَبٌ يركبه فَليُشتَرَ له مركبٌ على حساب بيت مال المسلمين.
يا أيها الناس: من كان عليه دينٌ لا يستطيع قضاءه، فقضاؤه على حساب بيت مال المسلمين.
يا أيها الناس: من كان في سن الزواج ولم يتزوج، فزواجه على حساب بيت مال المسلمين.
فبُني بيت لمن لا بيت له، وصُرف مركب لمن لا مركب له، وقُضي الدين عن المدينين وتزوج
الشباب الأعزب!!.
فبالله عليكم –إخواني- أسمعتم يوما ما في أي حضارة أو دولة من الدول على مر الأزمنة حدث ما حدث في عهد عمر بن عبد العزيز-رضي الله عنه-؟
والأغرب في القصة: ما زالت الشكوى مستمرة بعدم وجود أماكن لتخزين الأموال والخيرات فيرسل عمر -رضي الله عنه- إلى ولاته: "عودوا ببعض خيرنا على فقراء اليهود والنصارى حتى يَسَتكفُوا". فأُعطوا جميعا والشكوى مازالت قائمة، فقال: وماذا أفعل؟ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
خُذوا بعض الحبوب وانثروها على رؤوس الجبال فتأكل منه الطير وتشبع.
حتى لا يقول قائل: "جاعت الطيور في بلاد المسلمين"!.
خليفة مسلم لا مكان لأهوائه، ولا لمصلحة خاصة، ولا تعلق قلبه بالحياة بالدنيا.
لم يتطلع لمُلك ولا جاه، ولم يطمع في مال، فقد جعل نصب عينيه الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل، وأفنى نفسه لغاية استقرت في ضميره كانت دستورا استلهمه لتطبيق شرع الله.
فيا أيها المسلمون: خذوا الصدقات ووزعوها في بقاع الأرض، وفي الصومال حتى لا يقول قائل: "جاعت البطون في بلاد المسلمين"!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق