الأربعاء، 8 ديسمبر 2021

شَهْوَةُ العَيْنَيْنِ. بقلم الكاتب صالح سعيد / تونس الخضراء

 شَهْوَةُ العَيْنَيْنِ.

عَيْنَاكِ صَاحِيَتَانِ كَنَشْوَةِ الوِصَالِ أَوْ سَاعَةِ سَحَرْ،
عَيْنَاكِ كَالمَدَى، تُسَافِرَانِ فِي تُخُومِي، وَتُعْلِنَانِ تَوَهُّجَ القَمَرْ.
عَيْنَاكِ، يَا بَدِيعَةَ الدُّهُورِ، إِنْ تُهْتُ فِي بَحْرَيْهِمَا أُغَالِبُ القَدَرْ،
أُطَاعِنُ رِمْشَيْهِمَا بِمُدْيَةِ العِنَاقِ وَشَهْوَةِ النَّظَرْ،
تَرِقُّ لِي مَوَاجِعِي وَتَضْحَكُ السَّمَاءُ فِي عِلْيَائِهَا وَيَرْقُصُ الضَّجَرْ.
................
يَا مُدْيَةَ افْتِرَاسِي،
عَيْنَاكِ جَمْرَتَان تُبَدِّدُ أَنْفَاسِي،
إِنْ قِلْتُ فِي ظِلَّيْهِمَا يَشْتَاقُنِي نُعَاسِي،
أُسَافِرُ فِي رِحْلَةٍ عَمِيقَةٍ أُلاَمِسُ التَّجَلِّي فِي شُحْنَةِ انْغِمَاسِي.
...................
عَيْنَاكِ حِينَ تَسْقُطُ الثُّلُوجُ فِي الشّمَالِ،
ويَبْرُقُ الصّقِيعُ فِي مَرَافِئِ أَوْصَالِي،
يُجَمِّدُ دِمَائِي، يُقَطِّعُ حِبَالِي،
أَرَاهُمَا شَمْسَيْنِ تُشْرِقَانِ فِي أَدْغَالِي،
تُبَدِّدَانِ مِحْنَتِي، وَتَلْفَحَانِ مَوْجَةَ الصَّقِيعِ فِي اللَّيَالِي،
بِهَبَّةِ الهَجِيرِ فِي الجَنُوبِ، فَتَسْتَوِي أَحْوَالِي..
..................
عَيْنَاكِ بَحْرُ حُبٍّ، أَمْوَاجُهُ عَنِيدَة،
تَأْخُذُنِي فِي رِحْلَةٍ مِنْ دِجْلَةَ لِطَنْجَةَ فِي مَرْكَبِ القَصِيدَة..
أُجَدِّفُ بِأَحْرُفٍ مِنْ سِحْرِ نَاظِرَيْكِ تَجْعَلُكِ أُنْشُودَة،
تُذِيبُ رُوحَ سَكْرَةِ الوُجُودِ فِي مِحْجَرِ أَنْغَامِكِ... أَخُطُّكِ فَرِيدَة.
فَأَكْتُبُ اكْتِوَائِي، وَأطْرُبُ لِسَفْرَتِي فِي مُقْلَةِ حَسْنَائِي،
أُجَدِّفُ وَحُسْنُكِ فِي عمْقِي فِي أَحْشَائِي،
يَهُزُّنِي لِمَرْفَإِ الإغْوَاءِ،
فَأَلْحَظُ فِي غَوْرِكِ عَشْتَارَ، تَمُوجُ فِي هَوَاهَا كَفَارِسٍ مِغْوَار.
أَرَاكِ كلِيوبَتْرا تَنُوسُ بَيْنَ أَضْلُعِي كَهَجْمَةِ التَّتَّار.
أَشُمُّكِ عُبَيْلةَ، وَعَنْتَرُ القَصِيدَة يَصُولُ فِي الأَغْوَار.
أَذُوقُكِ سُلاَفَةَ الدُّهُورِ فِي دِمَائِي كَيْ يُشْرِقَ نَهَارِي.
أَسْمَعُكِ كَوَحْيِ الأَنْبِيَاءِ فِي سَالفِ الأَزْمَانِ، كَيْ يَحْلُوَ إِيمَانِي.
أَدُسُّكِ فِي مُقْلَتِي بُثَينَةَ وَلَيْلَى لِأُدْرِكَ تَفَتُّحَ الأَزْهَار،
إِنْ جَاسَهَا الرَّبيعُ بِلَقْحَةِ الرِّيَاحِ وَلَفَّهَا بِوَقْعَةِ الأَمْطَار.
................
يَا بَهْجَةَ عَيْنَيَّ،
تَدَافَعِي بِسِحْرِ نَاظِرَيْكِ لِعُمْقِ مُقْلَتَيَّ،
وَجَدِّفِي فِي مَوْجَتِي الطَّرِيَّة،
كَيْ أَجْعَلَ مِنْ لَمْعَةِ عَيْنَيْكِ أُنْشُودَةً صِينِيَّة.
تُكَسِّرُ قَوَاعِدَ الخَلِيل،
تُدَنْدِنُ بِسِحْرِكِ الجَلِيل،
تُبَعْثِرُ تَكَلُّسَ الأَعْرَابِ، وَشَوْكَةَ الأَدْيَانِ وَتَرْسُمُ مَرَاقِيَ الرَّحِيل،
لِعَالَمٍ لاَ أَعْرِفُ مَا كُنْهُهُ، يُقَال "مُسْتَحِيل".
صالح سعيد / تونس الخضراء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق